حبـل الـوريـد
ثرى وطننا الغالي هو الصدر الأطهر الذي يضم رفات شهدائنا الأبرار، يستقي نجيع فدائهم ويحفظ دفقات تضحياتهم ونبضات نخوتهم وكرامتهم..
جواؤه مسرح أحلامهم وأحلامنا المترعة بعشق الحرية والتحرير. وهذه المشاعر الصادقة الرائعة الحية عشتها بكل دقائقها وانتشائها على أرض جولاننا الأشم، سواءً عندما كنت في صفوف حماة الديار أواخر خمسينيات القرن الماضي، أو خلال عملي معلماً في إحدى مدارس قرى القطاع الشمالي عام 1964، يوم كانت القنيطرة عروس هضبة الجولان تقف صامدة تسطر ملحمة البطولة في وجه الغزاة الصهاينة، حيث عشت شموخ الأهل في تلك المواقع الأبية، أستنشق عبير بساتين تفاحها الممتد من قرية مجدل شمس إلى مسعدة، وأمتع العينين والقلب بمنظر مروجها في بانياس وزعوره وعين قنية وبقعاثا والمنصورة وعشرات القرى الشاخصة بأبصارها من ذرى الجولان إلى سهل الحولة.. جذبتني طبيعتها إلى أحضانها، وشدني أهلها الطيبون إلى خلالهم وسجاياهم الأصيلة حتى غدوت ابناً لتلك الديار الساحرة على سفوح
ويوم هوت الهضبة في حزيران 1967، ووطئت ترابها المقدس أقدام المحتلين.. هزتني المأساة وصدمتني كما صدمت كل شعبي تلك الفاجعة الرهيبة فقد كانت فوق التصور والتوقع..
ومنذ ذلك التاريخ المشؤوم وحتى يومنا الراهن لم أصدّق أن الجولان ما زال بأيدي المحتلين.. ومنذ ذلك التاريخ غصت الحلوق بالألم والمرارة.. كيف لا، وكل شبر من ثرى الوطن دونه حبل الوريد؟ إنه الهاجس الوطني الذي يقض مضجع الوطن والمواطنين.. من سنوات طويلة..
لقد آن الأوان لحشد كل الإمكانات لتحرير أرض جولاننا كاملة من براثن الأعداء الغاصبين، وتحقيق ذلك سداه ولحمته وأداته الفاعلة هي المقاومة الشاملة.. والمقاومة وحدها هي السبيل..