لجنة الحوار الوطني..
تشكلت الأسبوع الفائت لجنة الحوار الوطني بمرسوم رئاسي، وضمت اللجنة تسع شخصيات هي: فاروق الشرع، صفوان قدسي، ياسر حورية، هيثم سطايحي، حنين نمر، عبد الله الخاني، وليد إخلاصي، منير الحمش، إبراهيم دراجي..
وقد باشرت اللجنة أعمالها التي لم نر ظلالها على أرض الواقع حتى اللحظة، فما تزال الدماء تسيل، والعنف لا ينفك يتقدم ويتسع، وإن كانت الشخصيات السابقة في جملتها معروفةً بوطنيتها وبنزاهتها إلا أنها محصورة ضمن ما يصطلح اليوم على تسميته «موالاة»، والضد منها ليس المعارضة التي لم تتبلور بشكلها الوطني بعد، ولكن الطرف الآخر الواجب إشراكه ووجوده ضمن الحوار، هو ممثلو الحركة الشعبية الجارية..
يحق لصاحب الرأي القائل إن الشارع لم ينتخب أحداً يمثله حتى الآن أن يعترض على فكرة الحوار مع شخصيات بعينها دون أخرى، لكن جانباً ظاهره تقني، وباطنه أعمق من ذلك بكثير، قد يغير المعادلة، وهو علنية الحوار، ونقله عبر الإعلام الرسمي لكي يتسنى للمعنيين بالحوار أن يفرزوا قياداتهم وممثليهم بأسرع وأصوب صورة ممكنة، وإلا فإن الحوار و«لجنته» ستلاقي المصير نفسه الذي لاقته غيرها من اللجان والهيئات السابقة، مثل هيئات مكافحة الفساد، والرقابة والتفتيش، وغيرها.. والتي لم تستطع فعل شيء على أرض الواقع سوى أنها أجلت حل المشاكل التي تشكلت لتقضي عليها، حيث كان المشترك بين كل هذه الأشكال أنها غيبت أصحاب المصلحة الحقيقية بالحل، وعملت وفق عقلية بيروقراطية عاجزة، وكانت هياكل وأشكالاً أكثر من كونها مؤسسات فاعلة ووظيفية وصاحبة إرادة فعل..
والسؤال الأبرز هنا هو: الحوار بين من ومن؟
يفترض بالحوار أن يكون حواراً بين الأفكار المتباينة في الخندق الواحد، لا بين الأعداء.. فبين الأعداء لا توجد سوى الحرب بأشكالها المختلفة، وهنا ينبغي على لجنة الحوار وهي تقترح المتحاورين ألا تضلل بالشعارات التي يدّعي الكثيرون تجاوزها، وهم في الحقيقة ليسوا أكثر من مضللين إزاءها، فشعار الرأي والرأي الآخر مثلاً، والذي يساق كشكل من أشكال الديمقراطية في بعض المنابر والمحافل، يطبق بحيث يقف الفلسطيني بوجه «الإسرائيلي»، والسوري في وجه الأمريكي.. الخ.. وبحيث يقدم كل منهم «رأيه»، وأما الحقيقة فهي في مكان آخر!، والمقصود بذلك أن الحوار الوطني لا يكون وطنياً إلا إذا كان بين الوطنيين، فلا مكان للإلغائيين بغض النظر عن إيديولوجياتهم في هذا الحوار، ولا مكان للمرتبطين مع الخارج المعادي والمؤتمرين بأمرهم في حوار وطني حقيقي.. وأيضاً لا مكان لمن أراق الدماء السورية البريئة في هذا الحوار مهما كانت ذريعته، فمن لا يحترم الدم الوطني لا يحترم الرأي الوطني، وبالتالي لا يستطيع، بل ولا يرغب، ولا يمتلك إرادة احترام الوحدة الوطنية..