عرفات: جولة «جنيف» المقبلة ستبحث عملياً عن طرح يؤمن «الانتقال»

عرفات: جولة «جنيف» المقبلة ستبحث عملياً عن طرح يؤمن «الانتقال»

استضافت إذاعة «ميلودي FM» عصر الاثنين 16 أيار 2016، الرفيق علاء عرفات أمين حزب الإرادة الشعبية، وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، للوقوف على رأيه في التجاذبات الحاصلة عشية اجتماع فيينا، وفي مسار الحل السياسي للأزمة السورية عبر جنيف.

جولة نيسان من جنيف3: بدأ الجد

حول أسباب الشد والجذب في المشهد السياسي السوري خلال الجولة الأخيرة من جنيف3 قال عرفات: «بهذه الجولة تبين من خلال النقاشات أن موضوع المرحلة الانتقالية أصبح قيد البحث. الأطراف المختلفة وضعت وجهات نظرها، وكانت تشير الأمور إلى أنه يمكن للسوريين أن يتفقوا على مرحلة انتقالية أو جسم انتقالي، خلافاً لما يتحدث به الإعلام. هنا بدأ يظهر- دعني أقول- الاستهجان للمواقف المطروحة. بمعنى وفد الرياض الذي يطالب بهيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية، ويقوم بوضع شرط أن لا يكون الرئيس الأسد طرفاً فيها. وهذا الطرح ليس له نصيب في التطبيق لأكثر من سبب، السبب الأول: أنه يوجد شرط مسبق، والسبب الثاني هو أن هذا الاقتراح فيه نوع من الضبابية لأن نمطه على نمط ما نسميه بحالة الانقلابات العسكرية أو مجالس قيادة الثورة التي لا تستوي والوضع السوري الآن، وهي معقدة بالمعنى الدستوري. والطرح الثاني هو الطرح الحكومي الذي يقول: بحكومة موسعة فيها بضعة وزراء من المعارضة. أيضاً هذا الطرح لا يستوي لأن المطروح عملياً في 2254 وفي بيان جنيف1 هو موضوع التفاوض، أي محاولة الاتفاق على تطبيق هذا القرار».

وأوضح عرفات أنه في الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف «سيجري البحث عملياً عن طرح يؤمن الانتقال، ولا يكون فيه تحقيق برنامج أحد الأطراف مثلاً. يعني لا يحلم أحد بالمفاوضات السورية أنه سيحضر برنامجه ويحققه، لأن الذي يريد أن يحقق برنامجه يفترض أن يكون انتصر، والذي يذهب إلى المفاوضات يقر عملياً أنه لم ينتصر أو أن الانتصار غير ممكن أساساً بالمعنى العسكري، بالمعنى المسلح». 

السقوف أمام تركيا

ورداً على سؤال آخر أجاب عرفات: «لا يمكن أن أقول أن وفد الهيئة العليا علّق وجوده فقط لأنه رأى أن برنامجه لن يمر. هو عملياً يتحجج بأن الوفد الحكومي لم يوافق على طروحاته. وهذا طبيعي أيضاً، فهم لم يوافقوا على طروحات الوفد الحكومي. وبالتالي الحجج هنا غير قابلة لأن يأخذ المرء بها. والحقيقة أن وفد الهيئة العليا جرى سحبه وتعليق نشاطه تحت ضغوط إقليمية، بالدرجة الأولى وبالذات خصوصاً، ضغوط تركية. كان الأتراك يظنون أن بمقدورهم سحب الوفد ويأخذوا قراراً بالانسحاب، ولكن هذا لم ينجح. أقصى ما استطاعوا الوصول إليه هو موضوع تعليق المشاركة، وبالتالي هنا يوجد تطور لم يعد يستطع أحد الآن أن يجرؤ على الحديث عن انسحاب أو إيقاف مفاوضات، لأن هذا في النهاية أصبح قراراً دولياً واجب التنفيذ». 

وعن ذرائع وفد الرياض في تعليق مشاركته قال عرفات: «انظر إلى هذا الطرح الغريب: وفد الهيئة العليا يريد أن ينسحب من المفاوضات لأن الهدنة مخترقة، والناس تموت، هكذا صار الحديث حينها مثلاً. حسناً، حين انسحب زاد خرق الهدنة، وأكثر من ذلك أحد أعضاء وفد الرياض أعطى تعليمات بخرق الهدنة وزاد الدم. وهذا يعني أنه علق وجوده لأن الهدنة خُرقت، فذهب إلى موقع أخر فيه خرق للهدنة أكثر وفيه مقتلة للسوريين أكثر. وبالتالي هذا الطرح، وهذا التكتيك، تكتيك التفاوض الخاص ببعض أطراف وفد الهيئة العليا لم يعد مقبولاً، واعتقد أنه يجري الآن في فيينا وضع قواعد لهذا المجال، بأنه لا يوجد انسحاب والذي ينسحب سيخسر».

اقتراح «منصة موسكو»

وعن موقف وفد منصة موسكو مما يحدث ومن مجمل المواقف التي فندها، قال عرفات: «قلت أن هذه المواقف المطروحة غير قابلة للتحقيق عملياً، ولا يمكن أن تؤدي إلى حل، ولا بد من البحث عن حل وسط». وأضاف: «نحن تقدمنا باقتراح جرى شرحه مفاده أنه استناداً للدستور الحالي القائم يمكن الذهاب إلى حل، بأن يكون هنالك خمسة نواب لرئيس الجمهورية باختصاصات متعددة، اثنان من النظام واثنان من المعارضة وواحد مستقل. ويكون لدى كل واحد منهم مجلس حسب اختصاصه يقود أو يدير منه خلال المرحلة الانتقالية العمل من أجل تنفيذ القرار 2254 والوصول إلى نهاية المرحلة الانتقالية. هذا هو الاقتراح، ويمكن تطويره ويمكن أن يكون له صياغات، ولكن هذه فكرة أساسية مبدئية أوليّة. وأعتقد أن الاقتراحات سوف تكون من هذا النمط في المرحلة المقبلة حتى نتمكن من الوصول إلى حل في المرحلة المقبلة».

تفنيد الذرائع.. وتأطير المعارضات

وأوضح: «لا بد من المطالبة بفك الحصارات، لا بد من موضوع الإغاثة، وإذا سبق هذا الشيء المفاوضات أو سار بالتوازي معها، فهذا شيء جيد جداً. وفي الحقيقة هنالك تقدم في هذا المجال بشكل جدي. لكن المهم أن هنالك أطرافاً تريد أن تستخدم ذرائع، بعضها حقيقي بشكل كلي، وبعضها حقيقي بشكل جزئي، وبعضها غير حقيقي أبداً، من أجل وقف المفاوضات».

وتساءل عرفات: «دعونا نسأل أنفسنا لماذا تحصل المجزرة؟ هناك من يقوم بمجزرة من أجل أن يستدعي ردود فعل. أي يقومون بمجزرة من أجل أن يقوم أحد بالرد عليه، بمجزرة أخرى، وتسير قصة المجازر، ويتوقف الحل، ونعود مثلما كنّا للعمل العسكري الصرف». وشدد: «هذه المسألة بحاجة لانتباه. لا شك أن من قاموا بهذه العملية ينبغي الضرب على أيديهم وإيقافهم عند حدودهم، وإنهاء هذا العمل الشنيع الذي يقومون به، ولكن لا يجب أن نخطئ ونحقق لهم ما يريدون. المفروض أن نضعهم عند حدهم دون أن نحقق لهم غاياتهم السياسية».  

وحول إمكانية تأطير المعارضات السورية في وفد واحد غير موحد أوضح عرفات: «وضع المعارضة السورية هو أنها معارضات مختلفة بالبرامج وبالتوجهات، ولكن هذه المعارضات يمكن أن تتوافق على حد أدنى من القضايا، وتجلس إلى طاولة التفاوض مقابل الوفد الحكومي مادام ما يجري العمل على تطبيقه هو قرار مجلس الأمن 2254. وبالتالي هنالك نقطة توافق أساسية يمكن العمل على أساسها. وعندما نختلف هنالك نص، قرار قانوني يمكن الاحتكام له، وبالتالي نريد ونرى أن من الممكن تشكيل وفد واحد ولكنه غير موحَّد له تمثيل متساوي وصلاحيات متماثلة. وهذا يعني أن هذا الوفد ليس بقيادة «الهيئة العليا للمفاوضات» وأيضاً ليس بقيادة منصة موسكو. هنالك تماثل وتساوي بالصلاحيات والتمثيل، على أن يضم أكبر تمثيل ممكن في صفوفه وعلى قدم المساواة».

المعيشة.. وأمراء الحرب

وعن الضغوط الحاصلة على المواطن السوري وهل لها علاقة مباشرة بما يحصل أم هي أزمة داخلية فحسب، قال عرفات: «الأزمة السورية ذاهبة نحو حل قد لا يكون مناسباً لبعض الأطراف والقوى، وخاصة الذين استفادوا من فترة الأزمة وما قبلها. وبالتالي الانهيارات بالعملة والطلب على الدولار ليس فقط لها علاقة بالاستيراد. لها علاقة على ما يبدو بأشياء أخرى. فالذين لديهم عملة سورية يقومون برميها ليحصّلوا الدولار ولا أعلم أين يذهبون به. وبالتالي بعض القوى الاجتماعية والمستفيدة بظل الأزمة يشعرون بأن الأزمة بشكلها الحالي الذي استفادوا منه لن يستمر، فيحاولون ترتيب أمورهم، وأحياناً أمور البلد، بما يناسبهم للمرحلة المقبلة. وبالتالي هذا الذي يجري عملياً يجري بفعل فاعل وليس كما يرّوج بأنه ضغط وإقليمي ودولي. بالدرجة الأولى هو قوى بالداخل هي التي تقوم بهذا، وهي تحديداً قوى الفساد والنهب الكبرى». 

أدوار إقليمية ودولية

وحول الأدوار الإقليمية المختلفة أوضح عرفات أن «السعوديين يعلنون شيئاً، وتحت الطاولة يفعلون شيئاً آخر. ولكن مع الوقت وبالتدريج نلاحظ بأن هذا ينخفض، ودعنا نأخذ اليمن مثلاً»، مشيراً من جانب آخر إلى استقالة (رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو)هي تأخير في الاستدارة التركية، لأن أوغلو عملياً هو رجل الأمريكيين كما يصنف(...) وهو غير موافق على التشدد الذي يبديه أردوغان».

وحول ما قاله المضيف عن وجود ما يشبه الصمت الإيراني حالياً حيال الأزمة السورية والتحركات الإيرانية الأخيرة مع روسيا بهذا الصدد، قال عرفات: «ليس بالضرورة أن تكون الأطراف التي تعمل بنمط تحالفي متطابقة. فمن الممكن أن يمتلك الإيرانيون تصورات هنا وهناك لا تتطابق مع الروس، وأحياناً لا تتطابق حتى مع الحكومة السورية». 

وحول هل يمكن القول بأن روسيا خاسرة في موضوع عدم اعتبار جيش الإسلام وأحرار الشام منظمات إرهابية، إضافة إلى عدم تمكنها من إشراك حزب الاتحاد الديمقراطي في جنيف، قال عرفات: «لا بالعكس. فمجرد وضع موضوع جيش الإسلام وأحرار الشام على الطاولة فهذا يعني بأنه على طريق الحل، فهناك قضايا لا تحل مباشرة(..) وعندما تقوم بالتأثير على طرف مسلح أو سياسي وتدفعه باتجاه حل سياسي وتغير اتجاهاته فهل هذا يُسمى هزيمة! بالطبع لا فهذا من أكبر طرق التحكم. أما فيما يتعلق بموضوع حزب الاتحاد الديمقراطي، فالمانع الأساسي أمام مجيء وتمثيل هذا الحزب هم الأمريكيون والحجة هي الأتراك ومن المؤكد أن الأتراك لا يريدون تمثيله ولكن وزنهم لا يسمح لهم بمنع مجيء حزب الاتحاد الديمقراطي وبالتالي فالأمريكيون يلعبون هذه اللعبة عن طريق وضع لغم بالتمثيل الناقص للأكراد السوريين مما يثير استياءهم».