جميل: تقدمنا باقتراحات تجسر الهوة بين أطراف «جنيف».. وتحقق «2245» بالاستناد للدستور الحالي
استضاف «نادي الشرق» في وكالة «ريا نوفوستي» الروسية بعد ظهر الجمعة 29 نيسان 2016، مؤتمراً صحفياً للدكتور قدري جميل، أمين حزب الإرادة الشعبية، والرئيس المشارك لوفد الديمقراطيين العلمانيين (منصتا موسكو وأستانا) إلى مؤتمر جنيف3.
شرح جميل في افتتاح المؤتمر بشكل موسع رؤية «الإرادة الشعبية» لمختلف مجريات الجولة، وكذلك للتصعيد الميداني الذي رافقها، وانتقل بعد ذلك للإجابة عن أسئلة الصحفيين، وفيما يلي نعرض مقتطفات من المؤتمر..
حول التصعيد الأخير
بدأ د. جميل حديثه بالقول: «الهدنة كانت في خطر. وجرى نقاش بيننا وبين السيد دي ميستورا حول هذا الموضوع. هو سألنا رأينا حول ما يجري، وكيفية معالجته، وقلنا له أن معالجته تجري بالمزيد من السير نحو الأمام في مفاوضات الحل السياسي في جنيف، لأن خروقات الهدنة تهدف، بالدرجة الأولى، إلى إفشال مفاوضات جنيف، وعلى الأقل إلى عرقلته. ولذلك، فإن الإجراء الحقيقي الجذري في مواجهة احتمال انهيار الهدنة هو السير باتجاه الحل في جنيف، وهذا طبيعي، لأن خروقات الهدنة هي نتيجة لسبب أكبر هو بدء جنيف، واستمراره، واحتمال أن يحقق تقدماً جدياً في المستقبل المنظور».
وأضاف: «هناك قوى لا تريد للحل السياسي أن يظهر ويتثبت على الأرض في سورية. وهذه القوى موجودة في الأطراف كلها، المحلية والإقليمية والدولية. لذلك لم يكن هذا أمراً مستغرباً».
وفيما يخص تطور الأوضاع مؤخراً، قال: «الهدنة تتعرض لمؤامرة منذ بدء جنيف. القصف الغريب الغامض الذي جرى لمعرة النعمان، بعد ذلك مباشرة أصدرت حركة «أحرار الشام» بياناً في 16/4/2016 طالبوا عملياً بإيقاف العملية السياسية، وبعد ذلك، وفد الرياض يتغيب ويعلق مشاركته في جنيف، بعد ذلك، جرى تصعيد في حلب، وبعدها، حملة إعلامية شرسة. التصعيد في حلب جرى من قبل الطرفين، ليس المهم من البادئ ومن الذي رد، بل المهم أن هناك تصعيداً».
«الهدنة ستسترجع
خلال 48 ساعة»
وتابع: «أعتقد أنه لدى الشعب السوري ما يكفي من الإرادة لاستمرار الهدنة وإعادتها. وهناك إرادة دولية، اليوم سمعنا الملامح الواضحة لها في الاتفاق الذي جرى حول التهدئة في ريف اللاذقية وريف دمشق وحلب. هذا هام كثيراً، واستنتاجنا: هناك سيناريو مرسوم بدقة للعرقلة للوصول إلى إجهاض جنيف بنتائجها التي يعلق عليها الشعب السوري آمالاً كبيرة. هذا هو الهدف. لذلك، يجب فعلاً الحفاظ على الهدنة، واسترجاعها. وأعتقد أننا خلال الساعات الثماني والأربعين القادمة سنرى شيئاً كثيراً من عملية استرجاع الهدنة هذه. وهذا أمر ضروري».
الاقتراحات المقدمة لدي مستورا
وبالانتقال إلى مجريات الجولة الثانية من جنيف3، أوضّح جميل: «التقينا مع السيد دي ميستورا كوفد منصات موسكو- أستانا- القاهرة أربع مرات، مرتان منها خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة. جدول الأعمال كان الانتقال السياسي. ونحن قدمنا أفكاراً واقتراحات واضحة، هدفها تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254. على الطاولة كانت هناك جملة من الاقتراحات أريد أن أجملها:
الاقتراح الأول: هو اقتراح حكومة موسعة وهو اقتراح الوفد الحكومي.
الاقتراح الثاني: هو اقتراح وفد الرياض الذي يقول بهيئة انتقالية.
وما بينهما، هنا وهناك، يلوح في الأفق أحياناً اقتراح «مجلس وطني»
اقتراح
«الديمقراطيين العلمانيين»
وأما اقتراح الديمقراطيين العلمانيين، فعبر عنّه جميل بالقول: «تهدف اقتراحاتنا وتسعى، بالدرجة الأولى، إلى تنفيذ كامل قرار مجلس الأمن 2254 من خلال الدستور الحالي. لأن الاقتراحات الأخرى كلها في المعارضة تعمل على تغيير الدستور أو إعلان دستوري. والدخول في عملية تغيير الدستور حالياً أو تعليق دستور هو دخول إلى المجهول. فما هو اقتراحنا؟
ألا يقول بيان جنيف1 بجسم انتقالي مع صلاحيات؟ قرار مجلس الأمن 2254 ألا يقول بجملة من المهام منها هذه المهمة؟ نحن نقول أنه ضمن الدستور الحالي، فإنّ للرئيس كامل الصلاحيات بأن يفوض صلاحيات إلى نوابه. لذلك، فالجسم الانتقالي ممكن أن يكون نواباً للرئيس، وهذا لا يحتاج إلى تعديل في الدستور، بل يحتاج إلى توافق واتفاق وإرادة، وهؤلاء النواب يمكن أن يتم انتقائهم كما قال بيان جنيف1 بالتراضي والتوافق بين الطرفين، بشكل أن يكون هناك موالاة وأن يكون هناك معارضة ويكون هناك حتى مستقلين في هذه التركيبة».
وأضاف: «الصلاحيات التي يجب نقلها يجب أن يجري النقاش والحديث والتوافق حولها. رأينا أن الصلاحيات التي يجب أن تنقل إلى نواب الرئيس- والدستور الحالي يسمح بذلك- يجب أن تكون كافية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، وهذا الأمر يحتاج إلى الجلوس إلى الطاولة مباشرة وجهاً لوجه، وأن يجري الحديث في التفاصيل. وهذه القضية لا يستطيع حلها، لا الروس، ولا الأمريكان، ولا القوى الإقليمية. هذه القضية يحلها فقط السوريون أنفسهم، وغيرهم لا يستطيع أحد أن يحل هذه القضية».
«الحكومة الموسعة»
وبما يتعلق باقتراح الحكومة الموسعة كتفسير للجسم الانتقالي أوضّح جميل: «إذا كنا متفقين على المبدأ الذي هو قرار مجلس الأمن 2254، ومتفقين على تشكيل ذلك الجسم الانتقالي الذي كل طرف يفسره بطريقة، فنحن قدمنا اقتراحاً يجسر الآراء. لأن اقتراح الوفد الحكومي حول «حكومة موسعة»، يقصد فيه إدخال المعارضة في الحكومة، لكن هنا يوجد إشكال أن بيان جنيف1 يقول عملياً أن هذا الجسم الانتقالي يجب أن يكون بالتساوي وبالتراضي. وكلمة موسعة نخشى أن تفهم بأنها: «هذه حكومتنا وبتشرفوا (بتتفضلوا) عليها»، بينما هنا نتعامل بين سوريين أنداد لبعضهم البعض. لذلك، فكلمة موسعة في حد ذاتها يمكن أن ترضي البعض، لكنها حكومة من؟ هل هي حكومة التوافق والاتفاق بين السوريين على حل الأزمة على أساس قرار مجلس الأمن 2254؟ لذلك كلمة موسعة ممكن أن تثير لبساً وغموضاً وإشكالاً، أكثر من أن تحل القضايا المطلوب حلها».
«الهيئة الانتقالية»
أما بخصوص اقتراح «الهيئة العليا للمفاوضات»، والذي يقول بهيئة انتقالية. فبيّن جميل: «ماذا تعني الهيئة الانتقالية؟ من أين أتت؟ من اخترعها؟ ما علاقتها بالبنى الموجودة دستورياً؟ أنا أظن أن الذي يقترح هذا الاقتراح هناك في خلفيته وعقله الباطن يستند إلى تجارب البلدان العربية في الخمسينيات والستينات والسبعينات، حينما كانت تجري انقلابات عسكرية ويتشكل مجلس قيادة ثورة. وهذا المجلس يصدر البيان رقم(1) وهكذا.. ما هي الهيئة الانتقالية؟ إنهم يطالبون عملياً بتسليم الحكم، وهذا يعني الانقلاب. بينما في الواقع فهناك عملية أخرى نهائياً. العملية المطلوبة هي التوافق والاتفاق بين السوريين على الخروج من الأزمة بإحداثياتها الإنسانية، والإرهاب، والتغيير الديمقراطي المطلوب الذي يجب أن يتم بالتوافق والنقاش بين السوريين. لا يمكن إقصاء أو إبعاد جزء من السوريين عن عملية بناء سورية القادمة، ولا يجوز ذلك لأنها لن تبنى هكذا».
خمسة نواب للرئيس
ولتوضيح اقتراح الديمقراطيين العلمانيين أكثر قال جميل: «اقتراحنا يقول بتعيين خمسة نواب لرئيس الجمهورية، اثنان موالاة، واثنان معارضة، وواحد مستقل. تنقل إليهم الصلاحيات المختلفة لتنفيذ قرار مجلس الأمن للحفاظ على الاستقرار في البلاد، وعملية الانتقال السياسي من نظام سياسي إلى نظام سياسي آخر يتم الاتفاق عليه. الانتقال المقصود الذي نقول عليه ليس الانتقال من رئيس إلى رئيس، به هو الانتقال من نظام سياسي اقتصادي اجتماعي إلى نظام سياسي اقتصادي اجتماعي آخر».
«كفى مزاودات»
وتساءل جميل: «أليس لدينا ما يكفي من الحكمة والعقل والاتزان لنفهم هذه الحقيقة ونذهب بها بسرعة إلى الحل ونجنب السوريين ويلات وآلام الحرب؟ هل من الضروري أن نضاعف عدد القتلى لنفهم أنه لا يوجد مخرج سوى التوافق والحوار؟ وهل من الضروري أن نصل إلى المليون قتيل (لحتى تعند أطراف معينة) وتصر على برامجها السياسية وليس على شيء آخر؟ البرامج السياسية علمياً هي تعبير مكثف عن الاقتصاد، والبرامج السياسية تعني مصالح اقتصادية، أي أن النخب التي تعرقل جنيف تخفي في شعاراتها السياسية مصالح اقتصادية ضيقة محددة لا علاقة لها بمصالح الشعب السوري نهائياً (حاج يزاودوا علينا بالشعارات الطنانة والرنانة) لكل الذين يرفعونها و«حارتنا ضيقة ونعرف بعض» ونعرف ما يخفيه كل شخص لكي لا يظهر على السطح، ونعرف المصالح المادية الضيقة التي يدافعون عنها بالشعارات الطنانة والرنانة، ويذهب الشعب السوري بمئات ألوفه المؤلفة ضحية لهؤلاء الذين يريدون استمرار سرقة لقمته وكرامته. وهذه الحال اليوم، لذلك الهدنة لا نقاش فيها ويجب أن تستمر والإرادة الدولية كافية بهذا الاتجاه»
حول رسالة راتني
وحول رسالة مايكل راتني، (المبعوث الأمريكي الخاص لسورية)، الأخيرة إلى المعارضة السورية، قال جميل: «اطلعوا عليها (الرسالة)، فقد أضيف إليها نقطة جديدة وهامة يطالب بها فصائل المعارضة المسلحة أن تنأى بنفسها عن جبهة النصرة. منذ متى ونحن نتحدث عن هذا الكلام من على هذه الطاولة؟ ما المقصود بأن تنأى بنفسها؟ تنأى بنفسها جغرافياً وتبتعد مئة متر لأن القرارات الدولية لا تمنع، بل تطلب محاربة الإرهاب واستمراره واستمرار قصف جبهة النصرة وداعش»
وتابع: «ولكن من يتعاون مع جبهة النصرة وجالس معها في خندق واحد (ذنبه على جنبه وبدو ياكلها)، لذلك راتني يقول لهم انأوا بأنفسكم، ويقصد بقوله أن يبتعدوا عسكرياً وميدانياً وسياسياً. وهكذا نحل مشكلة القائمة السوداء والقائمة البيضاء في نهاية المطاف، وهي تحل عملياً على الأرض وفي الحقيقة قدمت لنا حلاً غير متوقع فيما يخص هذا الموضوع ومن هنا أقول أن احتمال انهيار الهدنة، الأرجح منه هو استمرارها وتعزيزها وتقويتها، وسنعيش ونرى خلال اليومين القادمين أن المسار سيجري في هذا الاتجاه».
بشأن الجولة اللاحقة
وحول ما جرى في اللقاءات مع دي مستورا، قال جميل: «طلبنا من دي ميستورا للجولة القادمة الأمور التالية:
أن يعلن بسرعة عن موعدها.
أن يعلن أنها ستبدأ من حيث انتهت في الجولة الماضية (يعني يلي حرد وزعل وبطل وراح على البيت) هو الخاسر لأن هناك أموراً قد نوقشت وتعمق النقاش بها، وهو لم يكن موجوداً وخسر.
نريد مفاوضات مباشرة، أي وجهاً لوجه مع وفد النظام، ولمعلوماتكم أننا في الجولة التي سبقت الجولة الماضية كنا قد رفعنا رسالة إلى رئيس وفد الرياض ورئيس وفد الجمهورية العربية السورية نقترح فيها لقاءً مباشراً وغير رسمي لبحث إمكانية المفاوضات المباشرة، وإلى هذه اللحظة وأنا أتكلم معكم لم يردوا علينا (لا بالحق ولا بالباطل).
طالبنا بوفد واحد، وليس وفد موحد، لأطراف المعارضة كلها، لأنه من العبث الحديث مع وفد النظام بوفود عدة. بهذه الطريقة القائمة الآن لن نصل إلى نتيجة بالسرعة الكافية، وتشكيل وفد واحد هو من صلاحيات دي مستورا على أساس قرار مجلس الأمن 2254 من المنصات كلها، هو أمر ضروري ولا أعتقد أنه يجب الاعتماد على آراء واقتراحات الوفود نفسها لأنه (كل واحد بده يشد اللحاف لنفسه) والوصول إلى اتفاق فيما بين الوفود هو أمر مستحيل لأن برامجها مختلفة وعلى المجتمع الدولي أن يرى الشكل الأمثل لإيجاد وفد واحد للمعارضة وهذا أفضل حل.
اقترحنا على دي مستورا أن يجمل الجولة السابقة التي عنوانها المرحلة الانتقالية، أن يضع رأيه ويطرحه علينا لكي نبدأ في الجولة القادمة، الثالثة والأخيرة، النقاش النهائي التنفيذي لموضوع المرحلة الانتقالية، في الجسم الانتقالي، ما هو، وصلاحياته ماهي، وشكله النهائي لهذا الجسم.
راتني يطلب لقاءً سرياً!
وحول النشاط الروسي والأمريكي المرافق لمباحثات جنيف، قال جميل: «أخيرا أريد أن أنوه إلى أن وفود المعارضة جميعها، ما عدا الرياض، كانت تتواصل بمبادرة من السيد بارادافكن مع الممثلية الروسية في جنيف وتقدم السيد بورودافكين (ممثل روسيا الدائم لدى مقر الأمم المتحدة في جنيف) إلى وفود المعارضة جميعها القاهرة وموسكو وأستانا وبعض الشخصيات، باقتراحات ملموسة من أجل تقريب وجهات النظر بين هذه الوفود، ووفود المعارضة الأخرى، ووفد حكومة الجمهورية العربية السورية. وهذه الاقتراحات نحن نظرنا إليها بشكل إيجابي وتمنينا أن ينجح في مساعيه، وقلنا له أننا ندعمه في هذا الاتجاه. واللافت للنظر أن الجهة الوحيدة التي لها علاقة مع وفود المعارضة كلها، وتقوم بمبادرات هي الجهة الروسية، وهذا أمر جيد من جهة، وغير جيد من جهة أخرى، لأن الآخرين ليس لديهم نشاط كهذا. وسأكشف سراً، إن أمكن، بأن السيد راتني بعث إلي بخبر، عبر ممثل دولة أخرى، ليعقد اجتماعاً معي وقال: أنا آسف لا يمكنني أن ألتقي معك هنا لأن هذا يسبب حساسية لوفد الرياض بل سألتقي بك في موسكو. وقلت له (عبر الممثل ذاته): لماذا؟ فأنا في جنيف الآن، وبإمكانه أن يراني في جنيف، ولماذا يجب أن يراني سراً؟ ولا يجوز أن تجري الأمور بهذا الشكل، وقد التقيت سابقاً بالمبعوثين الأمريكيين فورد وروبنشتاين، وكان الأمر علنياً، ولكن أن يبلغ الأمر بالأمريكيين أن يحسبوا حساسية وفد الرياض بلقائهم مع أطراف أخرى من المعارضة، فقد أصبح أمراً غير مفهوم نهائياً. وأعتقد أني بذلك أرضيت لدى الصحفيين غريزة حب الاطلاع بهذه الخبرية الأخيرة، وأنا تقصدت ذلك لكي لا يعيدها راتني مرة أخرى، ويعرض علينا عروضاً ويلتقي معنا بلقاءات غير معلنة، ونحن لا يوجد لدينا شيء سري، وكل ما نفعله هو على الطاولة، ولا نستحي من مواقفنا، ولا من خطنا السياسي».