قولوا الحقيقة.. فالسوريون هم من يدفع الثمن
لم تستطع المعركة الإعلامية الهزلية التي خاضها وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف أن تمنع «العلوج» الأمريكان من غزو العراق وتفتيته، فالمعركة الإعلامية عامل مساعد وهام، لكن من المستحيل أن تكون عاملاً حاسماً في صراع ما، والعدو يعرف ذلك جيداً، ويسره لذلك أن تعطى «الحرب الإعلامية» وزناً زائداً.
ولئن كان الظرف الدولي قد وضع النظام السوري في موقع الداعم لمحور المقاومة بحكم التاريخ والجغرافيا، فإن التحالفات وحدها لا تصنع موقفاً مقاوماً ومتجذراً في المقاومة، ولا الخطابات قادرة على ذلك بطبيعة الحال..
لا يزال الفاسدون في النظام يتعاملون مع الأزمة التي تمر بها البلاد كأنهم في سوق البورصة، فيرى بعض أركان النظام أنه من غير المعقول أن يعترفوا للناس بالوضع المتردي الذي وصلت إليه البلاد في أمور يلمسونها كل يوم في حياتهم اليومية كالاقتصاد مثلاً، متذرعين بالخوف من أن يؤثر ذلك على قيمة الليرة السورية! وكان آخرها الهجوم الشرس الذي شنوه على النائب الاقتصادي لأنه تحدث صراحة عن النتائج التي أوصلتنا إليها سياسات الحل الأمني البحت الأحادية غير المترافقة مع حل سياسي شامل، وما يزالون يرددون أن «سورية بخير» وهم قد أتعبوها أشد التعب.
إن من الضروري لإنقاذ سورية أن يعرف الناس الأمور على حالها وكما هي بالضبط، لأن التجربة أثبتت أنه لا يمكن ائتمان نظام على هذه الدرجة من الفساد على مستقبل البلاد ليحل أزمتها، ولأن القوى النظيفة داخل جهاز الدولة لا يمكنها أن تتحرك دون دعم حقيقي من الناس، ولأن قوى الفساد داخل النظام باتت تشكل خطراً قاتلاً يوازي ويكمل دور عملاء الصهيونية والبترودولار، وهي إذ تدعي أن كل ما تفعله هو لمصلحة البلاد ودعماً للموقف الوطني، فإن الموقف الوطني سوف لن تقوم له قائمة عندما تدمر كل البنى التحتية ويدمر النسيج السوري..
كان الأجدر بالنظام السوري أن يتعلم أن للمعركة الوطنية أسساً يصبح دونها أي خطاب عن الوطنية موضع تساؤل، فالأسس الموضوعية للموقف الوطني لا بدّ أن تستند إلى عوامل عدة أساسها الشروط الاقتصادية التي يجب أن تحققها الدولة المعنية، والحفاظ على البنى التحتية وتطويرها بدل استسهال تدميرها في سياق الحل الأمني! ودولة كسورية في موقع يضعها في مواجهة مباشرة مع العدو الصهيوني لا يمكن لهــا إلا أن تكون مقاومة و ذات اقتصاد مقاوم يعتمد على المقدرات الداخلية، ويستبعد المتلاعبين بلقمة الناس ويحاسبهم حساب الخونة والعملاء الآن ودون تأجيل بحجة المعركة، فبهم كانت الأزمة، وباستمرار وجودهم تستمر!
إن تثبيت الموقف الوطني للشعب والدولة السورية ضرورة لاستمرار دولة على تخوم الكيان الصهيوني، كسورية.. ولا بد لتثبيت هذا الموقف من مصارحة الناس ومكاشفتهم، ليعرفوا أعداءهم الحقيقيين سواء كانوا في النظام أو خارجه، فهم في النهاية من يقدمون أبناءهم شهداءً للوطن وهم دائماً من يدفع الثمن..