تنفيس «هاداف»!
انتهى «العرس الديمقراطي» والحمد لله، خرجت النتائج المبشرة والأحوال هادئةٌ تماماً كما كانت! النظام ومعارضته يواصلان «قصفنا» بكل سلاحهم البري والبحري والجوي والاعلامي والتشريعي وكل ما ألفت أيديهم ووجوهنا من الصفعات، هيروشيما.. هيروشيما.. كما يقول محمود درويش في مديحه للظل العالي..
أطلت علينا وجوه مذيعي الإعلام الرسمي المحببة جداً على قلوبنا، لتخبرنا كم وكم كانت العملية شفافة إلى درجة أننا رأينا من خلالها بؤسهم مجسداً وواضحاً كل الوضوح..
مرةً أخرى، قائمة الجبهة الوطنية التقدمية التي لم تغير شيئاً سوى اسمها، وبقيت عقليتها دون أي تغيير، فهي اليوم قائمة الوحدة الوطنية وبكلام آخر فهي قائمة كل شيء وطني، قائمة (نحن الوطن)، التجار يرون الوطن أوسع قليلاً لا لشيءٍ إلا لكي يتسع لهم، فيضمون أنفسهم إلى الوحدة الوطنية ويزجون اسمين من الجبهة الشعبية في قائمتهم كجائزة ترضية، ولسان حالهم يقول: أحسنتم، هذه حدودكم، عليكم أن تتوافقوا مع القديم وتعملوا تحت راياته، وإلا فلا مكان لكم في دولتنا، ولسان حالنا يقول كما قال مظفر: «على مضض يا عبد اللّه، يقبلك المنقرضون لتصبح منقرضاً، إدفعهم يا عبد اللّه، طهر وجهك من رؤيتهم»..
يشترك النظام وحواشيه باعتقادهم أن الحل والمخرج حكرٌ عليهم، وهم إذ ينتمون بمستواهم المعرفي وبروحهم «الثورية» إلى زمان مضى، فليس مأمولاً منهم أكثر من ذلك، وإن كان هذا يتناقض فعلياً مع مصالح كثيرين منهم، يتناقض مع مصالح البسطاء الذين تتلبسهم العقلية الأمنية وهم فعلياً أول المتضررين منها، ولا ينفع معهم استجداءُ مظفر: «هل أنقصت مرتبك الشهري؟، سابقتك في طابور الخبز؟، لا تكتب تقريراً يا سيد» ينفع معهم فقط أن تقول لهم الحقيقة كاملةً، بكل قباحتها ورداءتها..
النظام الانتخابي الحالي لا يسمح للناس حتى في اختيار ناهبيهم، وإذا نسف هذا النظام وذهبنا نحو دائرة واحدة نسبية، فتلك ستكون البداية فقط، فالمعركة طويلة، وللناهبين أنياب ومخالب لن يكفي تقليمها للخروج بالبلاد والعباد من المحرقة، ولكن نسف أداتهم (قانون الانتخابات الحالي) سيؤمن شروطاً أفضل للمعارك اللاحقة..
يضيع النظام الفرصة تلو الأخرى، ويستمر كثير من البسطاء في وضع ثقتهم فيه على أمل أن يخرجهم من الأزمة الراهنة، ولكن: «لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، فالنظام بشكله الحالي، بعقليته وبعنجهيته، غير قادر على إخراج البلاد من الأزمة، وإيهام الناس باشراك الجديد في العملية لن يجدي نفعاً ما دامت المنظومة المتخلفة تعيد إنتاج نفسها دون توقف، فالشعب حقيقةً يريد نظاماً جديداً.. نظاماً يسمع صوتهم ويكفكف جراحاتهم ويضرب على أيدي مستغليهم، وليس نظاماً يطلق الشعارات ليل نهار ولا يتقدم خطوة واحدة باتجاه الحل الحقيقي، فقط لأنه يداري مشاعر فاسديه ومصالحهم ولا يريد اغضابهم، الشعب السوري اليوم غاضب، وغضبه أعظم من غضب حثالة من الناهبين والفاسدين..
على الوطنيين داخل النظام وكي يساهموا في نجاة البلاد من أزمتها، عليهم أن يحذروا من غضب الشعب الذي ما يزال صابراً.. «حذار.. حذار، من جوعي ومن غضبي»..