مناظرة تلفزيونية بين الرفيق د.قدري جميل ود. خليل مشهدية
د. قدري: العدالة الاجتماعية مشروطة باجتثاث مراكز الفساد
ننشر فيما يلي محورين من المناظرة التي أجرتها فضائية nbn اللبنانية بين الرفيق د. قدري جميل ممثلا لقائمة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، ود. خليل مشهدية عن حزب البعث العربي الاشتراكي ..
التقرير الذي قدم في بداية البرنامج:
في ظل ما تشهده سورية من تغييرات في بنيتها السياسية والاقتصادية والتشريعية والمجتمعية باتت الانتخابات البرلمانية أنبوب اختبار حقيقي تبين مدى نجاعة الإصلاحات وانعكاسها على المشهد السوري، خاصة وأن هذه الانتخابات تختلف من حيث الشكل والمضمون، حيث كان ائتلاف هام يسمى الجبهة الوطنية التقدمية يحكم الحياة السياسية السورية بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي وعضوية تسعة أحزاب أخرى وهي/ الحزب الشيوعي السوري – جناح بكداش،الحزب الشيوعي السوري- جناح فيصل، الاتحاد الاشتراكي العربي،حزب الوحدويين الاشتراكيين، حزب الاشتراكيين العرب، الحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي، الاتحاد العربي الديمقراطي،حزب العهد الوطني، الحزب السوري القومي الاجتماعي – عصام محايري انضم في عام 2005. و مع القوانين الجديدة وخاصة ما يتعلق منها بالأحزاب، أصبح تشكيل أحزاب سياسية مستقلة أمراً واقعا فرض جواً انتخابياً جديداً يعتمد على شعبية الأحزاب والائتلافات الانتخابية لتحصل على أكبر عدد ممكن من المقاعد تحت قبة البرلمانً. دون أن يكون لأي حزب معين ميزات عن بقية الأحزاب بما فيها حزب البعث، وقد تم ترخيص عدد من الأحزاب الجديدة في سورية وهي: حزب الشباب الوطني السوري،حزب الشباب للتنمية والعدالة، حزب سورية الوطن، حزب الطليعة العربي الديمقراطي،حزب التضامن، الحزب الديمقراطي السوري، حزب الأنصار وفي خضم المعركة الانتخابية الجديدة تبرز للمرة الأولى قوائم للمعارضة.
المحور الاقتصادي:ماهو تقييمكم لسياسة السوق الاجتماعي ؟
د. خليل: هذا المحور يحتاج أكثر من الوقت المتاح لأن اجتزاء هذا الموضوع بالسرعة عمل سيخلق فوضى فكرية، إن سياسة اقتصاد السوق الاجتماعي ليست اختراعاً سورياً وهذه السياسة لم تأت ترفاً بالنسبة لسورية لتغيير نظام اقتصادي كان قائماً ، الدكتور قدري قال قبل قليل إن الاقتصاد أدى وظيفة معينة في مرحلة معينة حقيقة أدى الاقتصاد بالشكل حتى نهاية التسعينيات ضمن ظروف معينة وظيفة جدية في إنجاز ما هو مطلوب منه تجاه الشرائح الأوسع في المجتمع السوري وكان هناك مشكلة سواء على الصعيد العالمي أو الإقليمي على صعيد الصيغة الاقتصادية التي كانت قائمة استوجبت أن يكون هناك شكل جديد للاقتصاد ، وأنا أقول إنه لم تهيأ الظروف المناسبة سواء من ناحية التخطيط أو من ناحية التنفيذ لسياسة اقتصاد السوق الاجتماعي وهذه القضية كانت بصياغة اقتصادية جديدة توحد بين حاجات اجتماعية جدية تقوم بها الدولة وتدخلها الأساسي وبنفس الوقت تحرير الاقتصاد بحيث يستطيع أن يستقطب إمكانات اقتصادية على مستوى البلد وعلى مستوى استثمارات بشكل عام لأن المشاكل الاقتصادية لا يمكن أن توجد لها حلول إلا من خلال صيغة جديدة لواقع اقتصادي.
د. قدري: مصطلح اقتصاد السوق الاجتماعي هو محاولة توفيقية فاشلة بين شعارات حزب البعث العربي الاشتراكي حول الاشتراكية وبين الوضع العام الذي تصور البعض أنه يتطلب السير باتجاه السياسات الليبرالية، محاولة لجمع المجد من أطرافه والنتيجة العملية كانت رأسمالية مشوهة وهي في العالم الثالث مشوهة دائماً، أدت إلى ارتفاع مستويات الفقر والبطالة وانخفاض النمو والتأسيس للأزمة السورية الراهنة ومؤتمر حزب البعث لم يكن يقصد السياسات التي طبقت في عهد الفريق الاقتصادي الراحل، ولكن شعارات المؤتمر كانت كافية لكي يتغطى بها أصحاب المصلحة ليحولوها في التنفيذ إلى ما رأيناه، ولذلك فإن المطلوب اليوم هو تصحيح مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي، لأنه لم يحتو عملياً على أي شيء اجتماعي، كان فيه اللا اجتماعي قوياً جداً.. تراجع دور الدولة، وارتفع مستوى الفقر من 30% إلى 44% خلال الخطة الخمسية العاشرة الأمر الذي أثبت أن سياسة اقتصاد السوق الاجتماعي فشلت فشلاً ذريعاً، وما تثبته الحياة يتوقف النقاش حوله ويبقى أن نبحث عن مخارج جديدة مستفيدين من التجربة السابقة..
ما هي أولوية المرشح بما يتعلق بتطوير القطاعات الاقتصادية زراعة، صناعة، خدمات، تجارة؟
د. خليل: مراجعة السياسات الاقتصادية مسألة مهمة، ونحن لا نستحي من القول بأننا أخطأنا، ويجب أن تتحمل الجهات التي أخطأت في التطبيق مسؤوليتها كاملةً، فيما يتعلق بالقطاعات الاقتصادية بشكل عام، يجب ترتيب الأولويات بحيث يتبين أي القطاعات يجب دعمه بشكل أساسي، هنالك بداهةً تكاملٌ بين مختلف القطاعات، لكن الاقتصاد الزراعي والتصنيع الزراعي ودعم الإنتاج الزراعي وتأمين مستلزماته هو مسألة أساسية بالنسبة لسورية لأن تحقيق الأمن الغذائي يؤمن استقرار القرار السياسي والصمود، وبالنسبة للصناعة فنحن بحاجة لصناعات متوسطة ونحتاج أيضاً لصناعات ثقيلة تخدمها سوق عربية، بالنسبة للخدمات والتجارة فهي اقتصادات موازية منها السياحة التي تعتبر شكلاً من أشكال الدخل المستدام.
د. قدري: التجربة السابقة تقول إن تركيز التوظيفات الاستثمارية في القطاعات الخدمية على حساب قطاعات الاقتصاد الحقيقي يسبب مشكلة كبرى للاقتصاد الوطني ويؤدي إلى انخفاض النمو وارتفاع معدلات البطالة لأن القطاعات الخدمية تستوعب استثمارات كبيرة لكنها توظف عددا ضئيلاً من اليد العاملة وفي نهاية المطاف فهي ليست مصدراً للنمو، ولذا فإن خلاصة التجربة السابقة تقول بأن الحل هو في التركيز ثم التركيز ثم التركيز على قطاعات الاقتصاد الحقيقي الصناعة والزراعة، ويجب أن تذهب الاستثمارات بهذا الاتجاه لأن الثروة تنتج هناك فعلياً وفي القطاعات الخدمية يجري فقط إعادة توزيع لهذه الثروة بين مختلف فئات المجتمع، لذا فنحن في برنامجنا نقول بالتركيز على قطاعات الإنتاج الحقيقي والبحث عن تلك الفروع ذات الريعية الاقتصادية العالية استناداً إلى قضية جديدة يجب دراستها بشكل جدي من السوريين هي قضية المزايا المطلقة للاقتصاد السوري فالاقتصاد السوري تطور خلال الخمسين سنة الماضية اعتماداً على المزايا النسبية (نفط، فوسفات، قطن) بينما يوجد في سورية ميزات مطلقة تعطي احتكاراً سورياً على المستوى العالمي، إن أحد أهم ملامح النموذج الاقتصادي الجديد هو فكرة المزايا المطلقة..
هل أولوية المرشح/الحزب ستكون باتجاه تطوير القطاع العام أو دعم الاقتصاد الخاص؟
د. خليل: لا يمكن الفصل في هذه المسألة، بمعنى أن نكون إلى جانب هذا أو ذاك. لا شك أن القطاع العام مسألة أساسية وجوهرية في حياة البلاد وفي حياة الحزب وفي رؤاه وفي البرامج والخطط عبر سنوات طويلة، وما يزال القطاع العام بالنسبة لنا قطاعاً رائداً ومن الضروري تطويره وإعادة هيكلته وتوسيع الاستثمارات فيه شاقولياً وأفقياً، ولكن في الوقت نفسه وعلى التوازي لا بد من دعم القطاع الخاص ومساهمته في الاقتصاد الوطني وتدعيم المنافسة بالنسبة للإنتاج والصناعات السورية المختلفة، ولذلك فالمسألة هي في أولوية القطاع العام كونه يحمي القرار السياسي والتوازن والتدخل الايجابي للدولة في حياة المجتمع وهو الذي يوظف استثمارات أكبر ويوفر فرص عمل أكبر، ولكن بالنتيجة فإن دعم الإنتاج الوطني للقطاع الخاص الذي يستوعب بدوره فرص عمل مهمة وذات قيمة سواء كان قطاعاً خاصاً مغطى أو غير منظور هو أمر جوهري في العملية الاقتصادية في سورية، وهذه هي رؤيتنا وبرنامج حزبنا في هذا الشأن الذي ستطبقه الحكومات القادمة.
د. قدري: يجب بداية تصحيح المفاهيم، ظلم القطاع العام في الفترة الماضية فقد منعت عنه الاستثمارات، واستهلك نفسه ولم يجدد، وكان بحاجة لاستثمارات كبيرة لم توضع فيه. الذي دعم حقيقة في السنوات الماضية من خلال القوانين والتشريعات التي أصدرتها الحكومة السابقة هو القطاع الخاص غير المنتج الذي لا يعمل بالاقتصاد الحقيقي وجاء ذلك الدعم على حساب القطاع الخاص المنتج وعلى حساب القطاع العام، لذلك فإن المطلوب اليوم هو دعم القطاع العام على أساس خريطة استثمارية واضحة ومرتبطة بنموذج سورية المقبلة الاقتصادي، ودعم القطاع الخاص المنتج ضمن هذا المنظور العام، ولذا فأنا لا أرى تناقضاً بين دعم القطاع العام ولعبه دوراً رائداً وبين دعم القطاع الخاص المنتج لأنه سيبقى ضرورياً لفترة تاريخية طويلة جداً كمكمل ورديف للقطاع العام الذي لا بديل له.. القطاع العام سيستمر بالعمل في البنية التحتية، وفي الصناعات الاستراتيجية وفي الصناعات الاستخراجية وكل ما له علاقة بالثروات الطبيعية، وأمام القطاع العام اليوم مهمة جديدة هي البحث العلمي لاكتشاف المزايا المطلقة للاقتصاد السوري،
ما هي رؤية المرشح لتطبيق العدالة الاجتماعية التي نص عليها الدستور في مادته الثالثة عشرة في فقرته الثانية؟
د. خليل: العدالة الاجتماعية هي مرتكز لتحقيق كل ما يمكن أن يكون مطلباً للمواطن، وترتكز على مسألة زيادة معدلات النمو ووتائر التنمية، والتوزيع العادل للدخل الوطني وتكافؤ الفرص على جميع المستويات، والعدالة الاجتماعية هي جزء من برنامج الخط الذي ننتهجه على الصعيد الاجتماعي وعلى الصعيد السياسي وعلى الصعيد الاقتصادي. من الطبيعي أن تحقيق العدالة الاجتماعية يأتي في سياق عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي الجارية في سورية اليوم، ولا شك في أن تأمين فرص العمل وتوفير مستلزمات الانتاج هي جزء من منظومة تحقيق العدالة الاجتماعية التي يطمح الفكر الاشتراكي نحوها وتوفر تكافؤ الفرص على مستوى المجتمع ككل.
د. قدري: إن غياب العدالة الاجتماعية تعكسه علاقة الأجور بالأرباح في البلاد، وهي علاقة مختلة: (75% أرباح، 25% أجور)، في أمريكا «نص بنص» وفي أميركا أولئك الذين يأخذون 50% من الدخل الوطني هم 10% من السكان، و90% يأخذون النصف الباقي، لدينا في سورية 75% يأخذها 10% من السكان و90% يأخذون 25% من الدخل الوطني. وهذه المعادلة مختلة حتى من حيث المنطق الرأسمالي وهنا لا أتكلم عن العدالة الاجتماعية بل عن عقلانية رأسمالية.
نحن لدينا برنامج انتخابي مستند إلى وثائقنا الحزبية السابقة يقول:
إعادة توزيع الثروة بشكل عادل لمصلحة أصحاب الأجر. أي أننا سنسعى لرفع حصة الأجور من الدخل الوطني بحيث تصبح متعادلة مع الأرباح في المرحلة الأولى. وتسألني من أين؟ أقول: 30% من الدخل الوطني فساد يذهب خارج الدورة الاقتصادية، وإعادة تحويله نحو النمو والأجور، سيسمح بحل هذه المعضلة، والمورد الوحيد للنمو اللاحق ولتحسين الاستهلاك الشعبي هو اجتثاث الفساد الكبير الذي يأكل حوالي 1000 مليار ليرة سورية سنوياً، وهذه التقديرات المتواضعة للاقتصاديين السوريين.
ضمان حد أدنى حقيقي للأجور يتطابق مع الحد الأدنى لمستوى المعيشة
تأمين مجانية الشرائح الدنيا من الماء والكهرباء لذوي الدخل المحدود
حل مشكلة الفقر والبطالة والسكن خلال مدة تتراوح بين 5-7 سنوات
هذا هو برنامجنا وهو قابل للتطبيق وشرطه الضروري هو ضرب مراكز الفساد الكبير
ما هي رؤية المرشح للوضع الاقتصادي في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية الحالية؟
د. خليل: العقوبات والضغوط ليست مسألة جديدة على سورية، وهي مسألة أصبح عمرها طويلاً مورست خلاله الكثير من الضغوط الاقتصادية على سورية لأن الحقيقة أن المؤامرة على سورية مستمرة منذ فترة طويلة، وسياسة الاعتماد على الذات وتأمين مستلزمات الصمود الاقتصادي هي واحدة من العناوين الرئيسية، ولا شك أن سياسة التكامل الاقتصادي العربي واتفاقيات التجارة الحرة مع الدول الاقليمية كلها مسائل تلعب دوراً داعماً للاقتصاد السوري، ونحن لدينا مشكلة أن جزءاً من العالم يخضع لأزمة اقتصادية قبل بداية الأزمة في سورية، وهذه الأزمة تؤثر على كل دول العالم ومن بينها سورية ولكن سورية من خلال صيغة العلاقات الاقتصادية مع الدول الصديقة، ومع الدول التي يمكن أن يكون بينها تبادل اقتصادي بيني على المستوى الإقليمي أو الدولي، هذه العلاقات يمكن أن تدعم الاقتصاد السوري وبالنسبة للمرحلة الحالية فلا شك أن اقتصادنا يتأثر بالأزمة الراهنة لكن ليس بالقدر الذي كان يتوقعه الكثيرون لسورية، لأن الوعي الاجتماعي والجهود التي تبذل من أجل تخفيف تأثير هذه العقوبات السياسية والاقتصادية على سورية يدعم اقتصادنا على مستوى القطر.
د. قدري: الأزمة الاقتصادية العالمية تقدم لنا فرصة للقطع مع المأزومين والذهاب إلى أولئك الذين ينهضون، وحتى لم نجرؤ على اتخاذ خطوات جدية بالمعنى الاقتصادي، وإن كنا قد قمنا بها بالمجال السياسي، في الجانب الاقتصادي يبدو أن هنالك مصالح قوية مرتبطة بالسوق السابقة، ولها علاقة بالسوق السورية وبجهاز الدولة تصنع عوامل فرملة وكبح في وجه الانتقال من منظومة إلى منظومة جديدة.. هذا أولاً
ثانياً: أثبتت السياسات الاقتصادية المتبعة منذ 2005 فشلها في منطقها وفلسفتها وإحداثياتها الاجتماعية والاقتصادية، ونحن بحاجة للقطع معها أيضاً، وإحداث انعطاف جذري والذهاب إلى سياسات بديلة مناقضة لتلك التي كانت متبعة، وفي حال لم نقم بذلك فإن الوضع الاقتصادي سيتدهور أكثر في ظل الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، ولكي نتجنب ذلك فإن المطلوب هو إجراءات حازمة سريعة باتجاه تغيير نظام علاقاتنا الدولي الاقتصادي، الخروج من منطقة الدولار ومن منطقة اليورو، الارتباط أكثر بمنطقة الروبل والينو العملة الهندية بحيث يخف الضغط علينا، وهذا ممكن أن يكون مؤلماً ومضراً بالنسبة للبعض، ومقلقاً ومزعجاً بالنسبة للبعض الآخر داخل جهاز الدولة الميال إلى بقاء الأمور على حالها.
لدينا فرصة كبيرة يجب الاستفادة منها بحيث تسمح لسورية بالانطلاق إلى الأمام بسرعة كبيرة.
المحور الاجتماعي: ما هي الرؤية لمكافحة الفساد طبعاً هو عنوان عريض ولكن يحتوي على نقاط وتفاصيل متعددة.
د. قدري: يختصر برنامجنا ذلك بنقطتين وهما ضرب مراكز الفساد الكبرى، واستعادة الأموال المنهوبة، وقد توّصل الاقتصاديون السوريون إلى توافق وسط بأن الفساد عملياً يأكل 30% من الدخل الوطني السوري أي ما يعادل اليوم (1000) مليار ليرة سورية (1) تريليون، وهذه تذهب هدراً، تذهب فاقداَ اقتصادياً، كبيراَ يؤثر عمليا ً على عملية النمو اللاحقة وأقول لاحقة لأنه يخرج أموالاً كثيرة وموارد كثيرة من العملية الاقتصادية ويخرج أموالاً كثيرة كان من الممكن أن تذهب للاستهلاك الشعبي لذلك الطريق الوحيد اليوم لتأمين موارد للنمو وللعدالة الاجتماعية هو ضرب مراكز الفساد الكبرى، وأقولها كبرى لأنه يوجد فساد كبير وفساد صغير، والفساد الكبير يأكل 80% من كعكة الفساد وهم قلائل بحدود عدة مئات من الناس، أنا أعتقد أنه يجب القيام بخطوة جريئة بهذا الاتجاه، وحسب ما أعرف فإن هيئة الرقابة والتفتيش لديها ملفات كثيرة لفاسدين كبار وموضوعة في الأدراج، ومجلس الشعب المقبل عليه مسؤولية تاريخية فعليه أن يقدم بجرأة على فتح هذه الملفات ومحاسبة جميع الفاسدين الكبار على مرأى الشعب ومرأى الجمهور وبشكل علني وشفاف لكي يكونوا عبرة لمن يعتبر. إن ضرب مراكز الفساد الكبرى واجتثاثها اليوم هو قضية سياسية بامتياز، قضية وطنية بامتياز، قضية ستسمح بايجاد الموارد لحل القضايا الاقتصادية الاجتماعية المتعثرة في البلاد، ومن جهة أخرى أقول إن الفساد عملياً وخاصة الكبير منه إن كان موجوداً بجهاز الدولة أو في المجتمع هو السبب الأساسي للأزمة التي تعيشها البلاد اليوم لأنه هو الذي يريد تعقيد الأزمة ولا يريد إيجاد المخرج الآمن ، لذلك ضرب الفساد الكبير هو قضية سياسية واقتصادية واجتماعية بامتياز.
نوجه السؤال للدكتور مشهدية، ما هو رؤيتكم لمكافحة الفساد وللإصلاح في هذا المجال ورؤيتكم في مجلس الشعب الجديد؟؟
د. خليل: لا أختلف مع د. قدري بأن مشكلة الفساد هي مشكلة جدية على مستوى عملية النمو الاقتصادي في سورية ، على مستوى الإشكالات التي يمكن أن تكون هي واحدة من العوامل التي قد تكون سبباً من أسباب الأزمة في سورية ( بغض النظر عن الأرقام فهي تمثل وجهة نظر ) وأعتقد أن حل مشكلة الفساد يتضمن شقين، شق وقائي وشق علاجي. والشق العلاجي يكون في ضرب مراكز الفساد وفي المحاسبة على هذه المسألة سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى منظومة الفساد أياً كانت وفي أية جهة كانت، وفي المستويات كافة ولكن الشق العلاجي حقيقة هو إعادة المنظومة الأخلاقية للمجتمع أولاً ، إعادة التثقيف ومعالجة الفساد من البيت إلى المدرسة إلى الشارع إضافة لصياغة كل المنظومة التي تمنع هذا الفساد بدءاً من منع الاحتكاك بين المفسد والفاسد، تبسيط الإجراءات على مستوى الدولة، اللامركزية في الإدارة، التشريعات والقوانين التي تتيح معالجة هذه المسألة بشكل جذري ونهائي والشق العلاجي ضروري جداً وبوجود تواز بين القضيتين، لكن بالنتيجة الفساد هو مشكلة اجتماعية واقتصادية.
ما هو برنامجكم لاستثمار طاقات الشباب وكيف ستقومون باستثمار الطاقات الشابة في حال نجاحكم في المجلس؟
د. قدري: تكمن المشكلة في بطالة الشباب، فإذا كانت البطالة اليوم تشكل 20% من قوة العمل في سورية، هذا يعني إن 50% من الشباب وأكثر عاطلون عن العمل وهنا تلقي البطالة بثقلها على قطاع الشباب، وقد نشأ عندنا نوع جديد من البطالة خاصة عند الخريجين الذي لا يحصلون على العمل بعد تخرجهم، فاليوم توجد بطالة دائمة بين الشباب وعدم توفير فرص عمل لقطاعات واسعة من الشباب، وهذا أدى لحالة اجتماعية وسياسية خطيرة أدت إلى خلق ظاهرة المهمشين وهؤلاء المهمشون هم وقود جيد عند حدوث الاضطرابات الاجتماعية لذلك تأمين الموارد الضرورية للنمو يعني تأمين فرص عمل للشباب وهذا يتطلب من جهة تعليمهم أي حماية التعليم المجاني و توفيره لكل أبناء الشعب السوري ولمن لا يريد ذلك فلديه التعليم الخاص المأجور ولكن الدستور الجديد ضمن التعليم المجاني بكل مراحله، والعمل على مد إلزاميته ليشمل لاحقاً المرحلة الثانوية ، واعتقد ان سورية إذا احتلت اليوم مركزاً متقدماً بين الدول المجاورة فإنه سيكون بسبب التعليم المجاني الذي كان موجوداً فيها تاريخياً. ومن جهة أخرى يجب حل مشكلة السكن للشباب، ونحن لدينا حل لمشكلة السكن فيمكن أن يتم تخفيض تكاليفه بنسبة 60-70% بحيث لا يكلف الشاب أكثر من 10% إذا أصبح دخله حقيقياً.
د. خليل: أولاً يتجاوز المكون الشبابي في سورية 50%، فالمسألة يجب أن تؤخذ بالاعتبار في كل الخطط والبرامج، سواء من الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية. ويجب أن هذا الجيل رغم كل المعوقات أمامه ورغم كل المعطيات التي تحدث عنها الدكتور قدري، فيما يتعلق بكل المشاكل التي يعاني منها الشباب، وأبدى الشباب السوري وعياً عالياً في هذه الأزمة يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار من خلال تأمين كل المستلزمات لما يحتاجه هذا الجيل من الشباب مثل فرص العمل والسكن والطبابة والتعليم المجاني الذي تم تأكيده في الدستور الجديد وعلى مد التعليم الإلزاميين وفي كل هذه المسائل نتمنى أن يكون للشباب حظ. وهذا ما أكد عليه الحزب في الشباب والمرأة في وجودهم في قبة المجلس، وفي حال وصول الشباب للمجلس فهذا تفاعل بين جيل شاب رغم اعتقادي أن قضية الشباب تكمن في المبادرة وفي روح العطاء بغض النظر عن العمر، لكن هذا الجيل يحتاج منا إلى اهتمام جدي بقضاياه المختلفة بدءاً من الثقافي وانتهاءً بالسياسي والاقتصادي وتوفير كل مستلزمات العيش الكريم، والفرص السياسية والاقتصادية لهذا الجيل الشاب.
ما هي الخطة التي تتبنونها لمعالجة الجانب الاجتماعي للأزمة؟؟
د. قدري: سأتناول جانبين وهما السكن والكهرباء، فمشكلة السكن عند الشباب هي قضية مرتبطة بالعيش اللائق والكريم، وهي متعلقة بسن الزواج، فسن الزواج أصبحت مرتفعة، بسبب تكاليف المعيشة وبسبب قضية السكن، فاليوم للحصول على بيت متواضع يجب توفير دخله لعشرات بل لمئات السنين، لذلك هذه القضية غير منطقية. ففي السبعينيات كان من الممكن اقتناء بيت بسيط أو متواضع براتب سنة أو سنتين، لذلك الوضع تغير ونقول حل مشكلة السكن من 5-7 سنوات، استناداً للإجراءات التالية:
1. تصفير سعر الأرض، فالدولة يجب أن تؤمن أراضي مجانية للذين يريدون أن يبنوا بشكل فردي أو جماعي أو تقوم هي ببنائها. ووقتها ستنخفض الكلفة 60-70%
2. تأمين قروض عقارية، طويلة المدى لعشرين سنة بحيث لا يتجاوز القرض 10% من الدخل الفردي الحقيقي بعد تعديل الأجور للمواطن العادي، ولكن هذا يشترط قضية هامة منع بيع وشراء هذه البيوت، والاتجار بها وإخراجها من السوق العقارية، وجعلها فقط بيوتاً للاستخدام المباشر لصاحب العلاقة وذلك سيجعل كل سوق العقارات تنهار بأسعارها التي تشكل بقسم هام منها من المضاربة.
د. خليل: فهمت من السؤال كيف نحل الجانب الاجتماعي من تداعيات هذه الأزمة، ولا شك أن دور كل الجهات في المجتمع سواء المنظمات أو النقابات أو الأحزاب أو القوى المختلفة أو رجال الدين والمجتمع الأهلي له دور جدي في معالجة هذا الموضوع. فموضوع المصالحة أو التسامح في الجوانب المختلفة من الأزمة هو مسألة جوهرية، والذي ينطبق عليه بيت الشعر الذي يقول: ( وإن الذي بيني وبين بني أهلي لمختلف جداً فإن هم أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا ) هذا هو ديدن الإنسان السوري. حل الإشكالات الاقتصادية والسياسية ومحاربة الفساد وتوفير فرص العمل وتكافؤ الفرص وتوسيع الهامش الديمقراطي في المجتمع جميعها مسائل جوهرية لمعالجة تداعيات هذه الأزمة، على الصعيد الاجتماعي.
بما أن المواطن هو البوصلة، كيف ستكون آلية التواصل بينكم وبين المواطنين؟
د. قدري: سنبقى كما كنا نتواصل سابقاً، بالوسيلة الأساسية القديمة التجربة الصالحة دائماً وهي الصلة الحية مع الناس بتجمعاتهم وببيوتهم، وبأماكن عملهم وبأماكن دراستهم. هذه أهم صلة والصلة الثانية هي عبر الإعلام من خلال توفير كل الظروف لإعلامنا وللإعلام بشكل عام، أن يعكس بشكل حقيقي مشاكل المجتمع أي أن هذه القناة قناة الاتصال بين الدولة والمجتمع يجب أن تفعل بشكل كامل لأنها يمكن أن تأتي بكل ما فيه خير للبلد، والقناة الثالثة هي مجلس الشعب نفسه، فيجب تسليط الضوء على مجلس الشعب، وأنا لا أرى مانعاً لوجود قناة فضائية لنقل جلساته بشكل مباشر، فلندع الشعب يعرف (من هو هو)، ونرى كل عضو بالمجلس كم يعمل وكم يغيب وكم ينام وكيف يصوت هذا كله يجب أن يعرف به الشعب، الأولوية بالصلة الحية اليوم هي إجراء المصالحة الوطنية، التي تعني اليوم بالنسبة لنا:
1. إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الأحداث وهذا القرار متخذ من إجراء الاجتماع التشاوي الأول
2. إعادة المهجرين إلى مناطقهم، وبيوتهم بأسرع وقت ممكن.
3. التعويض المادي لكل المتضررين وفوراً وبدون عقبات بيروقراطية.
4. محاسبة كل من تلوثت يداه بالدم السوري، خلافاً للقانون.
هذه الإجراءات يمكن أن تؤمن المصالحة الوطنية، وهذا يتطلب العمل على الأرض وليس في الإذاعة، والتلفزيون. فالأحزاب والشخصيات والقوى يجب أن تقوم بجهد ملموس على الأرض والشعب يجب أن يكون له دور أساسي في المصالحة الوطنية.
د. خليل: وعوداً على بدء أنه كان يجب أن يكون لأخوتنا ورفاقنا وزملائنا أعضاء مجلس الشعب دور محوري في حل تداعيات الأزمة. ونتمنى في المستقبل أن يكون لهذا المجلس ويجب أن يكون وهذا ما سيكون دوراً أساسياً في معالجة تداعيات هذه الأزمة. وبالنسبة للتواصل وكون المواطن السوري هو البوصلة فإن التفاعل الحي مع هذا المواطن هو الأساس، واعتقد أن الوصول للمواطن في موقعه هو مسألة جوهرية، العلاقة الوثيقة بين عضو مجلس الشعب وبين المجالس المحلية، فمشكلة فردية قد تعرض على مجلس يمكن أن يكون لها صيغة على مستوى جماعي تؤدي إلى حل مشكلة جماعية كبيرة، حضور جلسات مجالس المحافظات، التعاون عبر كل وسائل التقنية المختلفة بدءاً من الايميلات والوسائل الأخرى ووسائل الإعلام، فأنا أعتقد أن بث جلسات مجلس الشعب القادم على الهواء مسألة جوهرية حتى يستطيع المواطن، أن يتجاوز ما نسمعه من الإخوة المواطنين من مختلف شرائحهم عن رؤياهم بمجلس الشعب وهذا يفيدنا في تصويب أدائنا مستقبلاً في حال تم وصول هذه القوائم لمجلس الشعب، طبعاً دور الأعضاء وزياراتهم لجميع المحافظات مسألة ضرورية حتى يفهموا متطلبات وهموم الناس في كل المحافظات، يعني هذا التواصل بكل أشكاله المختلفة، يفترض أن يتم عبر كل هذه الوسائل حتى نستطيع أن نحقق ما يطمح إليه المواطن.
في حال نجاحكم في الدور التشريعي المقبل ما هو دوركم لتنمية الريف؟؟
د. قدري: سورية هي واحدة من ريف ومدينة والنائب إذا نجح سوف يمثل كل الشعب السوري وليس فقط محافظته وفقاً للدستور، والمشكلة بالريف السوري هو أن أغنى مناطقه بالثروة هي أفقر المناطق من حيث الدخل بالمقارنة مع المناطق الأخرى، والمنطقة الشرقية دليل على ذلك، ومن هنا يجب إعادة التوازن بين النمو والتنمية بين المناطق السورية، فتوجد مناطق القسم الأكبر من الكعكة ومناطق ذات ثروة تأخذ حصة صغيرة، مما يزيد المشاكل ويزيد الاحتقانات، ويعطل التطور الطبيعي للاقتصاد السوري، ويعطل التطور الطبيعي للمجتمع السوري، وأعتقد أصبح من الضروري التفكير بمجمعات زراعية، صناعية تلعب دور قاطرة للتطور كله، حيث توجد ثروات كبيرة فيجب تصنيع المواد الخام الموجودة فوق وتحت الأرض، إلى الحد الأقصى وتشغيل كل السكان المحليين بمشاريع صغيرة ومتوسطة تقوم بها الدولة والقطاع الخاص بحيث أن يصبح معدل البطالة صفراً وبحيث يستطيع أن يكون لكل عامل ولكل صاحب أجر يكون لديه دخل لائق بكل معنى الكلمة. فالدخل اللائق يجب أن يكون الحد الأدنى له في ظروف سورية الملموسة على أساس مستوى الأسعار الحالي هو 30 ألف ليرة شهرياً للأسرة السورية الوسطية من خمسة أفراد بينما الحد الأدنى للأجر هو 11 ألف ليرة سورية، فالدستور السوري يقول الحد الأدنى للأجر يجب أن يكون مطابقاً لضرورات المعيشة والمجلس القادم يجب أن يضغط على الحكومة باتجاه أن تحدد سلماً حقيقياً للأجور، وهكذا تكمن المشاكل الكبيرة الموجودة بالدرجة الأولى بالريف لأن مستويات الدخل تكون منخفضة وكذلك بالمدن عند أصحاب الأجور المنخفضة.
د. خليل: إذا دخلنا في تحديد منشأ فهي قضية أخرى، وحقيقة فيما يتعلق بالأرياف بالنسبة لسورية خلال الفترة الطويلة الماضية كانت الرؤية الجدية لمعالجة مشاكل الريف، سواء منها مثل الهجرة من الريف إلى المدينة وطموحنا ان تكون هناك هجرة معاكسة هي وجود تنمية مستدامة على كل مستوى القطر وعدم تهميش الريف تحت أية صيغة من الصيغ، ولا يوجد شك أنه كان يوجد اهتمام جدي خلال الفترة الماضية، حتى من السيد الرئيس شخصياً وفي المحافظات الشرقية من خلال الاهتمام بقضاياه المختلفة سواء من خلال الزراعة أو المستوى الخدمي أو القضايا الاقتصادية، وحل مشكلات الريف تحتاج منا دعم الإنتاج الزراعي، والتسويق الزراعي، والتصنيع الزراعي لأن إيجاد فرص العمل من خلال دعم المشاريع المتوسطة مثل التربية الحيوانية والشق النباتي . كل هذه المسائل هي التي تردم الهوة حقيقة بين الريف والمدينة، لكن عملياً تقديم الخدمات المختلفة على مستوى الريف سواءً منها الصحية أو التعليمية والاهتمام بالبادية يوازي الاهتمام بالريف السوري، إذا اعتبرنا أن هناك فرقاً بين البادية والريف، فمسألة الاهتمام بالريف هي مسألة جوهرية، وهي مطروحة بقوة على مستوى الوطن، ليس لأنها سبب لأزمة ولكن هذه رؤية سياسية واقتصادية تتطلب منا أن نعالج هذه الإشكالات الموجودة.