لقاء سياسي في منظمة حلب
دعا حزب الإرادة الشعبية- منظمة حلب، إلى لقاء سياسي، ضم بعض ممثلي القوى السياسية في حلب، الأمانة العامة للثوابت الوطنية، الحزب الشيوعي الموحد، الحزب السوري القومي الاجتماعي، وبعض القوى الفلسطينية، كالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، حركة فتح، وممثلين عن قوى مجتمعية، وذلك في مكتب حزب الإرادة الشعبية في حلب، لمناقشة قراري مجلس الأمن 2253-2254 وأين تكمن مصلحة الشعب السوري فيهما؟.
وقد ألقت الرفيقة المهندسة، ريم سراج الدين، كلمة حزب الإرادة الشعبية التالية:
الحضور الكريم نلتقي بكم اليوم والأزمة السورية الكارثية تقترب من نهاية عامها الخامس، مستمرة بأبعادها العسكرية والإنسانية والسياسية، مع أعلى منسوب تدخل إقليمي ودولي، ونحن في حزب الإرادة الشعبية كنا السباقين في استشراف الأزمة، فكانت الرؤية الاستباقية والتحليلية لأسبابها، والنتائج الكارثية التي ستودي بنا إليها قائمة على عاملين:
العامل الأول: الأزمة الرأسمالية العالمية الشاملة والعميقة، التي تضرب بعمق أسس وجذور النظام الرأسمالي العالمي، ومركزه الأساس الولايات المتحدة الأمريكية.
العامل الثاني: السياسات الليبرالية في سوريا وخاصة بعد 2005، التي أدت إلى ضرب القطاعات الإنتاجية، وتغليب مصالح فئات من الأغنياء الكبار على حساب المصلحة الوطنية ومصالح الشعب السوري ومستقبله، ترافق ذلك مع منسوب متدني للحريات. هذان العاملان مع الواقع الموضوعي الدولي فيما يتعلق بالأزمة الرأسمالية، خلق التربة والمناخ لهذا الزلزال الداخلي الكبير، الذي دفع شعبنا بسببه آلاف الشهداء، غالبيتهم العظمى من المدنيين وأضعافهم من الجرحى والمعوقين، عدا عن النزوح الاضطراري في الداخل السوري، والهجرة القسرية خارج البلاد.
إن الأزمة وطريقة المعالجة التي تمت بها، والتدخلات الكبيرة وغير المسبوقة على المستوى الإقليمي والدولي، أوصلت سورية والشعب السوري إلى حالة المأساة، والتي وصفت بحق بأنها «أكبر كارثة بعد الحرب العالمية الثانية»، حيث تعدت الحاجات الطبيعية للإنسان من مسكن وملبس ومأكل ..إلخ، إلى الحياة نفسها، إذ لم يعد الإنسان السوري آمناً في بيته أو طريقه أو مدرسته أو مكان عمله، بل أصبح دريئة لكل أدوات القتل من الأطراف كلها ، وقد دخل الإرهاب الفاشي- مع الالتفات إلى كونه الممثل لرأس المال المالي العالمي (سلاح- مخدرات- رقيق أبيض) الأكثر قذارة- بشكله القبيح المجرم ليدمر ويحرق كل شيء، بما فيه التراث الإنساني من حضارة وفنون، خدمة للأرباح الخيالية التي تجبى من هكذا تجارة، وقد وصل به الأمر العودة إلى تجارة الرق وبيع البشر .
بعد انفجار الأزمة كانت المعالجة من قبل النظام ليست بمستوى ملاقاتها وتحويلها إلى فرصة تحول دون تحولها إلى كارثة، بل اقتصرت على إدارة الأزمة فقط دون حلها جذرياً- باتخاذ إجراءات اقتصادية اجتماعية ديمقراطية صادمة- وتجلت في الركض وراء الأحداث والمعالجات الجزئية، مترافقاً مع منسوب فساد أعلى مما كان عليه قبل ذلك، ما جعلها عاملاً إضافياً في تعميق الأزمة، فتم تضييع فرص عديدة وكثيرة تمثلت في الحلول الترقيعية، والتعامل بعقلية نكران الأزمة وعدم الاستفادة منها، كاللقاء التشاوري في تموز 2011- الانتخابات البرلمانية والمحلية– حكومة فيها معارضة وغيرها.
فالاقتصاد في البلاد في ظل هذه الأوضاع كان بحاجة لحكومة حرب، تؤمن اصطفاف الجيش والشعب في وجه أصحاب رؤوس الأموال وحملة السلاح غير الشرعي، من الأطراف كلها ، أي أنه بحاجة إلى حكومة مختلفة جدياً في الذهنية والبنية وفي الصلاحيات وفي البرنامج، حيث سيطرت الليبرالية الاقتصادية على عقلية إدارة الأزمة والتي تعتمد التجريب منهجاً، فكانت عقلية قاصرة تماماً عن النهوض بمهمات كبيرة أصبحت استحقاقاً وطنياً سيتوقف عليه مصير البلاد اللاحق ووجودها من عدمه. ما أدى إلى عجز الحكومة الحالية عن تلبية الحد الكافي من مطالب الناس على المستويات جميعها وخاصة المعيشية منها، وعدم قدرتها على تنفيذ برنامجها المقر في بيانها الحكومي، وهي التي أثبتت أنها لا تزال تعمل في ظروف الأزمة الحالية المعقدة والمركبة بعقلية ما قبل الأزمة، ليظهر أن سياسات ما كان يسمى بالفريق الاقتصادي السابق لاتزال سارية المفعول بقوة عطالة المرحلة الماضية، فحققت خلال الأزمة مالم تستطع تحقيقه قبلها، في الوقت الذي لا يوجد فيه فريق اقتصادي.
السبب في التذكير بهذه المعطيات كلها ، أردنا القول: بتقدم الأزمة ومستوى العسكرة العالي الذي حكمها، ومنسوب التدخلات الإقليمية والدولية، أوصلنا إلى مرحلة أن تكون هناك سورية أو لا تكون، رغم أن ميزان القوى الدولي اليوم هو ليس في مصلحة الأطراف التي تسعى لإحراق سورية، بل مع إمكانية خروجها من الأزمة، فمسار الحل السياسي استمر رغم التقدم البطيء دون أن ينقطع، حيث استطاع حاملوه مع أصدقائهم الدوليين أن يحققوا إنجازاً هاماً بالوصول إلى القرارين المذكورين آنفاً، اللذين وضعا حداً لحاملي الفكر التفتيتي والتقسيمي، فوصلوا إلى نقطة لا عودة عنها «سورية واحدة موحدة»، فحققت للمرة الثانية الأسبقية في الاستفادة من التغير العالمي لميزان القوى لمصلحة الشعوب. وقد تمثل هذا في مناحي عدة أبرزها: « الفيتو المزدوج من الصين وروسيا، في أكثر من مناسبة،– قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وأهمها جينيف 1 30/6/2012– القرارات المتعلقة بمكافحة الإرهاب– الاجتماعات التي جرت في موسكو 1+2– فينا 1+2- قراري مجلس الأمن 2253 المتعلق بالإرهاب و2254 المتعلق بحل الأزمة سياسياً، والتي سنضيئ عليها قليلاً، لنرى أن العمل الجدي والحثيث من القوى الوطنية كافة ، بغض النظر عن موقعها موالاة/معارضة، والاستفادة من هذه الفرصة لتغيير بوصلة الصراع، من المسلح إلى السياسي، وضرب مرتكزات الإرهاب والقضاء عليه، تمثل مصلحة لنا. فهل سنعرقل ونؤخر أو نضيع فرص أخرى؟ وندفع أثمان باهظة لا يعرف أحد حدودها!.
مما تقدم كله وبالانطلاق من الواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب السوري، والأنشطة التي تمت كلها ، بما فيها المرجعيات الدولية جنيف1، فينا 1+2، والقرارين 2254-2253 والحاجة المصيرية أن تبقى سورية لشعبها، والذهاب إلى سورية المستقبل التي تلبي مطامح الشعب السوري كافة، لذلك فإن حزب الإرادة الشعبية أيد القرارين واعتبرهما تاريخيين، باعتبارهما معبران عن مصالح ومطامح وآمال الشعب السوري للخروج من الكارثة الإنسانية التي يعانيها، والحفاظ على وحدة البلاد ومؤسساتها، ما يوصل إلى التغيير الجذري العميق والشامل، ويقضي على الإرهاب.
الدعوة اليوم للقوى الوطنية جميعها، الاجتماعية، السياسية، النقابية، المجتمع المدني والشعب كافة، بغض النظر عن موقعها الحالي أمام مسؤولية تاريخية مواتية لدفع العملية السياسية إلى الأمام، لقطع الطريق على أعداء سورية من الخارج، وأدواتهم في الداخل أينما وجدوا، من خلال ممارسة أوسع الضغوط على أطراف الصراع لإيقاف هذه الكارثة، وللسير قدماً على طريق سورية الجديدة التعددية، مع أعلى معدل نمو وأعمق عدالة اجتماعية، للوصول إلى كرامة الوطن والمواطن.
كما تقدم العديد من الضيوف بمداخلات حول ما طرح، أكدوا من خلالها على أهمية وحدة القوى الوطنية بمواجهة المشروع الفاشي للقوى العالمية الذاهبة نحو الأفول، بتعدد مواقعها ومسمياتها وأدواتها، مع التمسك بخيار الحل السياسي الشامل المرتكز على وحدة الأرض والشعب، من أجل بناء سورية المستقبل.