فرويد ومعارضة (لعم)!
يميز سيجموند فرويد بين المحاكاة باعتبارها حالةً صحية طبيعية وبين التوحد باعتباره حالة مرضية، في المحاكاة تقوم الأنا بتقليد الآخر وتمثل طريقة تفكيره وتصرفاته إزاء مواقف محددة بعينها، كأن يقوم أحدنا ولدى مروره بموقف صعب باستحضار شخص يثق بقدرته على تجاوز ذلك الموقف، ويحاكي طريقة تفكيره وتصرفه إزاءه، وهنا لا تضيع الأنا وتحافظ على استقلاليتها، أما في التوحد فإن تمثل الآخر يصل حد التماهي فيه وفقدان الأنا بخضوعها الكلي للآخر..
يصنف فرويد التوحد في نوعين: توحد أولي، وتوحد ثانوي. يظهر التوحد الأولي في المراحل المبكرة من النمو، حيث يتماهى الولد بأبويه ويتوحد بهما، ولا يرى فرويد في هذا النوع من التوحد مرضاً، ولكنه حالة طبيعية في سياق تشكل الأنا التي لما تستقل بعد، أما التوحد الثانوي فهو نكوص مرضي يظهر في مراحل متقدمة من العمر حيث تكون الأنا قد استكملت تشكلها واستقلالها ولكنها وتحت تأثير عوامل ضغط مختلفة تتوحد بآخر ما وتحاكي تصرفاته وأفعاله وطرق تفكيره، إلى الدرجة التي تصبح الأنا فيه مستلبة إلى حد أنها وأمام كل حدث جديد تعمل بشكل آلي وفق ما تعتقد أنه يناسب الآخر الذي يستلبها..
ويضيف فرويد أن للتوحد الثانوي أسباباً عدة، ولكن أهمها وأكثرها شيوعاً هو الخوف المرضي من معتدٍ حقيقي أو محتمل، إذ تلجأ الأنا وكآلية للدفاع إلى تمثل رغبات وطرق تصرف وتفكير المعتدي، بحيث :( يتحول الشخص المهدد إلى شخص يهدد)..
تعاني معارضة لعم (للتدخل الخارجي) السورية من مرض التوحد الثانوي، وهي تتوحد مع المعتدي الأساسي عليها، مجلس اسطنبول. تتمثل معارضة لعم في تصرفاتها وطرق تفكيرها مجلس اسطنبول، حتى أنه من الطبيعي أن رؤوس تلك المعارضة وأمام كل حدث جديد وقبل التفكير بالموقف الواجب اتخاذه، يفكرون بالموقف الذي سيصدره مجلس اسطنبول، ويضعونه أساساً لموقفهم الذي لن يختلف كثيراً إلا في بعض التفاصيل بما يمكنهم من الحفاظ على أنا ما مستقلة..
بعد أن اعتدي عليهم بالبيض وبالضرب، وبعد أن ضرب مجلس اسطنبول الاتفاق معهم بعرض الحائط، وبعد الجمعة التي سحب منهم التمثيل الإعلامي للشارع، تعزز توحدهم الثانوي مع مجلس اسطنبول.. ربما لا تكفي هذه الكلمات لتحليل نفسي دقيق لمعارضة لعم فهنالك إلى جانب التوحد الثانوي حالة الانكار الدفاعية المستمرة والمتأزمة، إلى جانب بعض أنواع الذهان والعصاب.. إذاً هي دعوة للتداعي الحر، عل وعسى نستطيع تشخيص كتلة الأمراض المتراكبة..