المؤتمر الاستثنائي للجبهة الشعبية للتغيير والتحرير: القوى التي أدارت الانتخابات تساهم موضوعياً في إدامة الأزمة وتعميقها
عقدت الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير يوم السبت 1252012 مؤتمرها الاستثنائي لتقييم العملية الانتخابية، وتحديد الموقف النهائي منها.
إن انعقاد المؤتمر في هذه الظروف دليل على الحيوية والديمقراطية الواسعة الموجودة بين صفوف أعضاء الجبهة الشعبية والتي هي بالضرورة بحاجة إلى وحدة رأي، وقناعات مشتركة، وقرارات ملموسة.
إن دخول الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير بالعملية الانتخابية كان جزءاً ونقطة انطلاق للعملية السياسية التي تريدها وتنشدها قيادة وكوادر، من هنا يمكن التساؤل حول: هل ما جرى خطوة إلى الأمام أم خطوة إلى الوراء؟ أم مراوحة في المكان؟!
إن أي جواب على هذا السؤال من الطبيعي أن يحدد السلوك اللاحق للجبهة الشعبية، لأن القرار الصحيح هو القرار الملموس في الظرف الملموس، خاصةً وأن الجبهة الشعبية أصبحت رقماً صعباً في المعادلة السورية منذ حدوث الأزمة من خلال الرفض التام لأي تدخل أجنبي، وعدم التعايش مع قوى الفساد والمال، وضرورة إقامة حكومة وحدة وطنية عبر حوار وطني شامل تضم أطراف الصراع كافة.
د.قدري جميل: إلغاء نتائج الانتخابات.. أو حل مجلس الشعب فوراً
شارك في المؤتمر وفود من جميع المحافظات إضافة إلى جميع مرشحي الجبهة الشعبية لانتخابات مجلس الشعب، وبعد إقرار جدول أعمال المؤتمر بالإجماع، وتشكيل هيئة لرئاسة المؤتمر من الرفاق عادل نعيسة، ود. قدري جميل ومحمد زهوة، ألقى الرفيق قدري جميل تقرير رئاسة الجبهة الذي أكد فيه على أهم منطلقات الجبهة الشعبية في المشاركة فقال:
دخلنا انتخابات مجلس الشعب انطلاقاً من قناعتنا بضرورة أن تكون نقطة انطلاق للعملية السياسية الشاملة للوصول إلى المخرج الآمن من الأزمة الشاملة التي تعيشها البلاد.
معروف موقفنا من النظام الانتخابي، وقد طلبنا حداً أدنى من الضمانات لنزاهة وشفافية الانتخابات، وتم التجاوب مع مطالبنا إلى حد ما...
خضنا العملية الانتخابية في طول البلاد وعرضها، وكانت مناسبة هامة لنا للاتصال بالناس وعرض سياستنا وإيصالها بمختلف الوسائل وقد تم ذلك إلى حد كبير.. وهذا الهدف يجب عدم التقليل من أهميته وهو بحد ذاته، بغض النظر عن النتائج. كاف لتبرير قرارنا بالمشاركة، ولكنه لم يكن الهدف الوحيد...
الهدف الثاني كان ممارسة تجربة ملموسة في تطبيق نموذج واقعي في العلاقة بين النظام والمعارضة في إطار تقديم تنازلات متبادلة، وهي تجربة غير مسبوقة في الواقع السوري والأولى من نوعها، وقد استطعنا في إطارها الحصول على ضمانات بتخفيض عدد المراكز الانتخابية في المدن الكبرى، وتخفيض فترة الانتخابات إلى يوم واحد، وفحص سجلات الناخبين في المحكمة الدستورية العليا في حال الطعون. وكان الوصول إلى هذه التسوية السبب المباشر في مشاركتنا بالانتخابات في ظل القانون الانتخابي الحالي السيئ الصيت..
أخيراً كنا نريد أن نتأكد من وزننا الحقيقي على الأرض من جهة، وكيفية انعكاسه على النتائج من جهة أخرى، ومعرفة حجم الفارق بينهما وأسبابه فما الذي تحقق؟.
1) لقد أثبتت الانتخابات أن هنالك التفافاً شعبياً متزايداً حول خط الجبهة وسياستنا، ورغم أن نسبة التأييد المباشر يمكن أن لا تتجاوز نسبة 25 ــ 30% وهي نسبة جيدة إلا أن أكثرية السوريين يتعاطفون مع هذا الخط ويرون فيه مخرجاً من الأزمة وتأسيسياً لسورية الجديدة التي يريدونها..
لقد كنا الجهة الوحيدة التي قدمت برنامجاً متكاملاً على جميع الصعد واستخدمنا أدوات وأشكالاً جديدة لتقديمه. إلا أننا لم نستطع في أحيان كثيرة أن نترجم ذلك بشكل كاف إلى أصوات ناخبين بسبب عدم تغطية صناديق الانتخابات بشكل كامل لقد نجحت حملتنا الدعائية العامة، وشاب إداراتنا للعملية الانتخابية ثغرات كثيرة يجب دراستها واستخلاص النتائج منها..
2) فيما يخص التسوية ضمن قانون الانتخابات نفسه تبين أن تنفيذها على الأرض هو أصعب من عقدها.. فالقوى الفاسدة في جهاز الدولة إلى جانب حيتان المال يملكون نفوذاً فعلياً على آلية الانتخابات قادراً على تعطيل أي اتفاق، وكذلك نتائجه مهما كان هذا الاتفاق جيداً.. فهم يتصرفون على أنهم المالكون للبلاد والعباد وصناديق الانتخاب. مستندين إلى قوة العطالة وقوة العادة وسلطتهم التي تتزايد بقدر الابتعاد عن مركز البلاد وأموالهم التي تزج بكميات هائلة للتحكم بالنتائج.
3) تبين أن هناك هوة بين وزننا السياسي ووزننا الانتخابي، وهذا الفارق والفاقد له أسباب عديدة:
أ. قصور أدواتنا في العملية الانتخابية.. وخاصة تغطية الصناديق بالوكلاء والناشطين.
ب. قدرة قوى الفساد في جهاز الدولة وأجهزته المختلفة، وكذلك حيتان المال على التلاعب بالنتائج وحتى تزويرها.
ج. حجم المشاركة المتدني في الانتخابات.
وهنا لابد من الإشارة إلى بعض القضايا الهامة:
1- لم تصدر النتائج النهائية للانتخابات حتى هذه اللحظة والأرجح أن بعض مرشحينا الـ 46 وخاصة في دمشق وحلب وريف حلب وحماة وإدلب قد حققوا نجاحات ملموسة وهناك عدد كبير من المرشحين حققوا عدداً كبيراً وهاماً من الأصوات ولو ظهر غيرها في النتائج النهائية الرسمية.
في كل الأحوال لن يعكس عدد مرشحينا في المجلس القادم ولا حجم أصوات مرشحينا رسمياً الوزن الحقيقي للجبهة.. من جهتنا يجب أن نهتم بإعلان أصواتنا الحقيقية وفضح أشكال التلاعب التي تمت.
2- لقد دخلنا الانتخابات وخضناها حتى أخر لحظة بقوائم الجبهة المستقلة إن كان على مستوى المركز أو على مستوى المحافظات، ولم نعقد أي اتفاق مع أية قائمة كانت..
لقد سبب إدخال أسماء بعض مرشحينا إلى بعض القوائم الأخرى تشويشاً وأثار لغطاً. ونحن نؤكد هنا أن ذلك تم دون الاتفاق معنا، ودون أخذ رأينا ومع الأسف فإن قانون الانتخاب لا يلحظ ولا يمنع ممارسات من هذا النوع لقد قام البعض بذلك للاستفادة من وزن بعض مرشحينا مستهدفين تضليل الناخبين من جهة، ومن جهة أخرى من أجل القيام بحملة تشكيك بمصداقية الجبهة كخط وكأشخاص...
لقد دخلنا الانتخابات وخضناها حتى النهاية ليس للوصول إلى مكاسب خاصة ضيقة، وإنما من أجل السير نحو أهدافنا الكبرى في الجبهة الشعبية فما الذي تحقق؟؟!.
الاستنتاجات:
1) لم ولن تتحول هذه الانتخابات إلى نقطة انطلاق للعملية السياسية الشاملة التي نريدها بسبب عقلية القوى التي أدارت الانتخابات على مستوى البلاد، فهي موضوعياً تساهم في إدامة الأزمة وتعميقها..
2) تبين أن هذا النظام الانتخابي فاسد ومعطل للحياة السياسية الحقيقة، وهو غير قابل للإصلاح ومطلوب استبداله فوراً.
3) عوضاً أن تقوم هذه الانتخابات بزيادة اللحمة الوطنية فإنها رفعت من منسوب الاستياء الشعبي وفي «الموالاة» قبل «المعارضة».
4) عززت من مواقع حيتان المال وقوى الفساد في المجلس القادم... رغم أن قوى المال لم تبذخ هذه المرة كما في المرات السابقة فهي أكثر حذراً وترقباً.
استناداً لكل ذلك نرى أن مصلحة البلاد في هذه اللحظة التاريخية تقتضي:
- إلغاء نتائج الانتخابات أو حل مجلس الشعب الجديد فوراً.
- تغيير النظام الانتخابي واستبداله بنظام جديد يقوم على النسبية الشاملة باعتماد البلاد دائرة واحدة، وذلك خلال فترة زمنية قصيرة جداً.
- انتخاب مجلس شعب جديد خلال أقصر مدة ممكنة.
ونقترح على أساس ذلك إعطاء قيادة الجبهة حق التصرف مع نتائج الانتخابات التي ستعلن قريباً.