بين فكين
الخطر الكبير اليوم على سورية وعلى الشعب السوري هو في كونها بين فكين، الفك الأمريكي، وفك النظام المخترق..
المخترق اقتصادياً، مما جعل الليرة تهبط، والمستويات المعاشية ترتفع وتؤلف عبئاً ثقيلاً على الأغلبية الساحقة من السوريين، والهدر يلتهم ما في البلاد من ثروة..
والمخترق أمنياً، ممل جعل مرتزقة الإدارة الأمريكية تتسلل، وتتمركز في مناطق واسعة من سورية، وجعل الأسلحة تتهرب بكثافة إلى الداخل السوري، وجعل أسراراً خطيرة تتسرب إلى العدو.
الجيش السوري جيش وطني ولن يسمح لمرتزقة الإدارة الأمريكية بالسيطرة على البلاد، ولكن مع الاختراق الحاصل ستكون خسائر الشعب والبلد كبيرة جداً.
ويتساءل المرء، لماذا يحرص النظام على عباءة اللصوص المعادية له، الذين يهربون، ويتحولون إلى منشقين؟ هناك في البلد يساريون وطنيون، وديمقراطيون وطنيون (طبعاً وديمقراطيون أمريكيون)، فلماذا لا يمد النظام يده إلى الوطنيين ويتعاون معهم على تجاوز الأزمة؟.
يستطيع النظام أن يسأل الحليف الروسي، الذي يعرف بالتفصيل علاقات السياسيين غير الوطنيين، الذين يطعنون البلد والنظام في الظهر، ويعرف الوطنيين في الساحة السياسية.
سورية تمر بالظرف نفسه الذي مرت به أفغانستان قبلاً، لقد تراجع النظام الأفغاني أمام مرتزقة الإدارة الأمريكية فتحول اللين تدريجياً إلى هزيمة منكرة أمام المرتزقة، وقام هؤلاء بتدمير البلد إلى أن عادت الولايات المتحدة الأمريكية وغزته.
الآن مطلوب من النظام، ومن الحليف الروسي، الضرب بصرامة وبدقة للمنافذ الأمريكية التركية واللبنانية والأردنية، ومن دون ذلك تتحول المرتزقة إلى سيل عرمرم يضرب البلد، وينهي وضعه الاستراتيجي كحلقة أساسية في المثلث: إيران ــ سورية ــ حزب الله، وكعائق للاستراتيجية الأمريكية في التمدد العدواني ضد روسيا الاتحادية، وفي بناء حصار خطير على الأخيرة. إن استهداف سورية ليس استهدافاً لنظامها بمقدار ما هو استهداف استراتيجي إقليمي ضد الشرق الأوسط، واستهداف استراتيجي دولي ضد روسيا وضد دول أخرى ترفع رأسها في مواجهة الإدارة الأمريكية.