الحل السياسي ترياق مكافحة الفاشية الجديدة!
شهد الأسبوع الماضي تقدماً إضافياً لقوى الفاشية الجديدة ممثلة بـ«داعش» في كل من سورية والعراق، فسقطت الرمادي وسقطت تدمر، بعد إدلب وقرى ونواح عدة فيها على التتالي. وهذا يعيد التأكيد، بما يتعلق بالحالة السورية، وبدم الشعب السوري للأسف، على أنّ كلّ تأخير إضافي في الذهاب نحو الحل السياسي الشامل والناجز لم يؤد، ولن يؤدي، إلاّ إلى الأمور التالية:
أولاً: تعطيل إمكانية توحيد السوريين في مواجهة الإرهاب، الوحدة التي تشكل الحد الأدنى الضروري داخلياً، بالتكامل مع الجهد الخارجي لحلفاء الشعب السوري، وفي مقدمتهم روسيا والصين وإيران، لمواجهة ضد الإرهاب، فعلية وجدية ومجدية.
ثانياً: رفع إضافي ومتزايد في درجة تدويل الأزمة السورية، وضمناً في توسيع قوى الفاشية الجديدة، بما يؤدي إلى إضعاف الداخل السوري أكثر فاكثر، ضمن المعادلة السورية نفسها، وبما يعني مزيداً من الخسائر التي تدفعها الأطراف السورية جميعها، والشعب السوري قبل أي طرف.
ثالثاً: إن عدم خروج منطق العسكرة الصرف من حلقته المفرغة والتباطؤ في الانتقال السريع نحو حل سياسي حقيقي، واستمرار العمل بمنطق «الحسم والإسقاط» سيؤدي إلى استدامة الحريق السوري، وإنهاك الجميع، ويفتح الباب أمام احتمال قدرة واشنطن وحلفائها، على فرض وتثبيت الوقائع القائمة على الأرض والتي تهدد وحدة سورية أرضاً وشعباً.
رابعاً: إن تأخير الحل السياسي يعني عدم الاستفادة من التوازن الدولي الجديد، سورياً. فوفقاً لهذا التوازن، فإنّ الخاسرين هم واشنطن والصهيونية وحلفاءهما وأدواتهما، وفي مقدمة تلك الأدوات تنظيم «داعش» وأشباهه.
خامساً: تأخير الحل السياسي يعني استمرار الكارثة الإنسانية وتعميقها، واستمرار إحراق سورية وشعبها، وارتفاع درجات استنزاف جيشها، أي المؤسسة الضامنة لوحدة أرضها وترابها وشعبها. ولكنّه يعني أيضاً، أنّ أولئك المتشددين الداخليين والإقليميين المسؤولين عن هذا التأخير، والذين لا يزالون يغامرون بمستقبل البلاد انطلاقاً من حساباتهم الأنانية الضيقة، إنما سيضيق عليهم الخناق بشكل مطرد، وستتقلص حظوظهم في لعب أي دور جدي لاحق في الساحة السورية المحكومة بانتصار الحل السياسي فيها بناء على إرادة الشعب السوري، وعلى التوازن الدولي الجديد.
وفي هذا الصدد فإنه على المجتمع الدولي، ممثلاً بمنظمة الأمم المتحدة، تحمل مسؤولياته فوراً ودون إبطاء، في مواجهة الأخطار الكبرى التي يواجهها الشعب السوري، إنسانياً و«داعشياً»، بما يتجاوز الحدود السورية في كل الأحوال.
إنّ مختلف الوقائع المأساوية التي تعيشها سورية وشعبها، تجعل من الذهاب الفوري نحو الحل السياسي واجباً وضرورة وطنية قصوى، بوصفه الترياق الوحيد الشافي من الإرهاب ومن الكارثة الإنسانية، بما يعني البدء سريعاً بتنفيذ بنود «جنيف-1»، وما يلزم من ملحقات له تتعلق بمحاربة الإرهاب، وبما يؤدي إلى تنفيذ «المهمة الثلاثية رقم1»: (وقف التدخل الخارجي، وقف العنف، وإطلاق العملية السياسية).
لا يجوز ترك مصير سورية بيد 200-300 سياسي سوري من هذا الطرف أو ذاك، لم يثبتوا بالمحصلة حتى الآن أنهم على مستوى جسامة الأحداث، بل ينبغي فتح أفق الحل السياسي سريعاً بما يسمح للشعب السوري بتوحيد كلمته وقواه لمواجهة التحديات الكبرى الماثلة أمامه، من محاربة للإرهاب إلى إعادة إعمار وإلى تثبيت موقع سورية الإقليمي واستعادة دورها الوظيفي في مواجهة «إسرائيل» وواشنطن ومخططاتهما، وتفعيل ذلك الدور وصولاً لتحرير جميع الأراضي المحتلة.