عرفات لـ«توب نيوز»:الدعوة لـ«جنيف» لا تتم دون توافق روسي- أمريكي
بثت قناة «توب نيوز» يوم الأربعاء 6/5/2015 حواراً أجرته مع الرفيق علاء عرفات أمين حزب الإرادة الشعبية وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، تناول آخر تطورات المشهد السياسي وخاصة التحضيرات الجارية باتجاه «جنيف-3» والآفاق المتوقعة..
احتمالات النجاح أعلى من السابق
بدأ الحوار بسؤال عن الجديد في تركيبة اللقاءات الممهدة لـ«جنيف-3»، وفيما إذا كان تغير التركيبة يسمح بالتفاؤل بإحداث اختراق جدي في المشهد السوري. في إجابته أكد عرفات أنّ: «الاختراقات لها علاقة أولاً: بميزان القوى الدولي الذي يتغير خلافاً لمصلحة الأطراف التي تدفع العالم نحو تسعير الصراع، أي أنّ قوى الأمريكيين الذين يشعلون الحريق في العالم تنخفض، وبالتالي فإمكانية تحقيق نجاحات في إطفاء الحرائق ومنع إشعال المزيد منها هي إمكانية جدّية ترتفع حظوظها». وتابع: «احتمال الوصول إلى اتفاق– والتوافق موجود برأيي- في الجهود التي يقوم بها السيد دي ميستورا في التحضير لـ«جنيف3» هو احتمال مرتفع مقارنة بتجربة «جنيف-2» الفاشلة، حيث شكّل اجتماعا موسكو التشاوريان تحضيراً لهذه الانطلاقة، وقد جرى من خلالهما إيجاد ذلك الطرف المعارض الذي سيشارك في «جنيف-3»، وهذه المسألة كانت واحدة من المسائل الإشكالية في مؤتمر «جنيف-2». ويعزز احتمالات النجاح أن موضوع حضور إيران قد تم حله، ليس في موسكو بطبيعة الحال، بل في إطار تطورات الملف النووي الإيراني».
المهزومون هم من يخفض التوقعات!
ومتابعة لنقاش سقف التوقعات المتعلق بتحضيرات «جنيف-3» وتقييمات الأطراف المختلفة، أشار المحاور إلى ما قاله المتحدث باسم الأمم المتحدة أحمد فوزي من أن التوقعات بالتوصل إلى شيء ما «منخفضة للغاية». حول هذه النقطة علّق عرفات: «إنّ أنصار الحسم العسكري في الطرفين كليهما، سواء في الداخل أو في الخارج، هم مهزومون الآن. والأصوات التي تخفض سقف التوقعات هي أصوات المهزومين، بغض النظر عمن يطرح ذلك، حتى ولو كان طرفاً من أطراف الأمم المتحدة. الوقائع على الأرض تقول: أنه ليس من الممكن حسم المعركة عسكرياً لأي طرف من الأطراف، والمسألة التي تفعل فعلها في هذا الجانب هي ميزان القوى العالمي بالدرجة الأولى، هذه التوازنات لا تسمح بحصول حسم، وهذه النقطة كانت واضحة منذ أمد بعيد، لدرجة أنه كان يمكن الذهاب إلى حل سياسي في لحظات مبكرة وكان يمكن أن نتفادى الكثير من الخسائر التي تعرضت لها البلد». وأضاف:«الوضع في سورية على الأرض، والوضع الإقليمي والدولي، يسمحان بالذهاب إلى حل. والحديث خلافاً لذلك هو نوع من محاولة ابتزاز أو تثبيت للمواقع من بعض الأطراف، عسى ولعل أن تتمكن من تأخير الحل، وعبر التأخير تقوم بتحسين مواقعها. الحقيقة ستكون معاكسة، كل من سيعمل الآن على تحسين المواقع بالعمل العسكري والعمل ضد الحل السياسي، سيكون خاسراً أكثر مما هي عليه الخسائر بالنسبة له الآن».
«توحيد المعارضة: إخضاع الوطنيين لغير الوطنيين»!
وفي سؤال حول إذا ما كان الرفيق عرفات يعتبر توصيف المعارضة بأنها معارضات توصيفاً مسيئاً، قال: «على العكس تماماً، هذا توصيف مفيد وصحيح، ونحن فعلاً معارضات، ولا أقبل أن يقال عنّا أننا لسنا معارضات. المعارضة في سورية تعددية، ومحاولة وضعها كلها في سلة واحدة هي محاولة أمريكية أساساً، فهم عندما كانوا يعملون على خلق شيء ليسموه وفد معارضة للتفاوض مع النظام، كان مقصدهم أن يأتوا بالائتلاف ويضعوا الوطنين مع اللاوطنيين بزعامة اللاوطنيين من أجل الوصول إلى نتائج يتوخاها الأمريكيون. المعارضة السورية لها أطراف متعددة، وبرامج مختلفة وطرق مختلفة بالتعامل، وهذا لا يسيء إليها لأن الطبيعي أنّ الحركات السياسية في أي بلد هي حركات متعددة، لأنها تعبر عن مصالح مختلفة لقوى مختلفة في المجتمع، المشكلة أن هناك من يريد أن يطبق علينا طريقة النظام نفسها بوجود حزب قائد عمره أربعون سنة، هناك من يريد أن يوجد حزباً قائداً في المعارضة، وهذا لا مجال له».
وأضاف: «ولكن الصحيح أيضاً أن هذه المعارضات قادرة على الوصول إلى اتفاقات فيما بينها، بدليل أنها تمكنت من الوصول إلى ورقة موحدة في موسكو، تقدمت بها إلى وفد النظام. وبالتالي الحديث عن معارضات بمعنى أنها غير قادرة على الاتفاق غير صحيح، أما توصيف واقع أنها معارضات أطراف مختلفة فهذا صحيح تماماً».
لا طائل وراء «تحسين المواقع»!
سأل المحاور بعد ذلك عن التصعيد الميداني الجاري، ودرجة ارتباطه بالآمال المرتفعة المعقودة على مسار الحل السياسي الراهن، فأوضح عرفات: «الموضوع هنا بسيط، بما أننا ذاهبون إلى مفاوضات وحل سياسي، فإنّ بعض الأطراف تريد أن تحسن موقعها التفاوضي كما تعتقد، وبعض الأطراف تحلم بأن هذا التطور يمكن أن يرفع مستوى التفاؤل عند حلفاء لهذه الأطراف يمكن أن يُعتمد عليهم، أي جبهة «النصرة» مثلاً. هناك من يتكلم أن النصرة ممكن أن تدخل إلى دمشق وحلب، هذا الكلام دعائي أكثر منه وقائع حقيقية على الأرض. الوقائع تقول أنه ليس هناك إمكانية لتحقيق انتصار عسكري حاسم في هذه الحرب، وهذه الوقائع تقولها أربع سنوات مضت. ثانياً: الطرف أو الأطراف التي تفكر بتوسيع رقعة الحرب وما تزال تفكر بإسقاط النظام، تلعب بالنار، لأن هذا السعي يمكنه أن يدفع المنطقة إلى حرب إقليمية كبيرة، وهذه إمكانية لا تزال موجودة على الأرض. وبالتالي الأحلام حول إمكانية الإسقاط الراهن في هذه اللحظة عند أطراف المعارضة المسلحة هي وهم، بل ووهم كبير.. أقصى ما يمكن تحقيقه هو تحسين ظروف عسكرية على أمل صرف ذلك على طاولة المفاوضات». وتابع: «مع ذلك أقول أن هذا لن يحدث، لأن موضوع التنازلات من عدمها ليس مرتبطاً كثيراً بموضوع تحسين الوضع العسكري، بل هو مرتبط عملياً بموازين قوى على نطاق إقليمي ودولي. لا شك أن التقدم العسكري لهذا الطرف أو ذاك له تأثير ما في عملية التفاوض، ولكنه ليس بالتأثير الكبير. ثانياً: إنّ هذا الذي يسمى بتحسين الظرف على طاولة المفاوضات أو فيما بعد، سينقلب إلى عكسه! فتلك الأطراف التي دفعت إلى العمل العسكري في الأزمة السورية، سيحاسبها الشعب السوري وسيجعلها تدفع الثمن، لذلك فإنّ أية محاولة لرفع مستوى العسكرة الآن، والتي يعتقد البعض أنها تحسين لمواقعه ستتحول إلى نقيضها وعكسها في المرحلة اللاحقة، ففي النهاية نحن ذاهبون إلى الحل السياسي، والسوريون سيقولون كلمتهم لأولئك الذين أسالوا الدم السوري بشكل كبير، لذلك لا ينبغي أن يفرح كثيراً دعاة العسكرة، لأنهم إن حسبوها سياسياً فهم يخسرون».
معطيات إقليمية ودولية
عن المعطيات التي تستند لها «قاسيون» بالقول بتقدم المسار السياسي على العسكري، قال عرفات: «أولاً: دعنا ننظر إلى المسألة الأساسية، إن الدعوة لمؤتمر جنيف لا يمكن أن تتم دون توافق روسي- أمريكي، بمعنى وجود توافق دولي كبير، وهذه واقعة. ثانياً: إن نظرنا إلى الدول الإقليمية، عندما ذهب خالد خوجة إلى أمريكا ووجهت له دعوة لمباحثات جنيف، وافق رغم أنه خرج ببيان سيء يحتوي على تمترس على بعض المواقف، ولكنه وافق على الذهاب، الأمر الذي يعكس موافقة الأتراك عملياً. السعوديون كانوا يدعون المعارضة لتشكيل وفد مفاوض. حسناً، من يدعي طرف المعارضة لتشكيل وفد مفاوض، هذا الوفد أين سيفاوض؟ هذا يعني أنه أصبح مقتنعاً دون إعلان أن هذه المسألة ذاهبة إلى حل سياسي. ثالثاً: إذا أخذنا الأعمال العسكرية، وأدركنا أنهم يعلمون بعدم إمكانية الحسم فإنهم يفكرون بتحسين وضعهم، ومن يحسن وضعه عسكرياً يعني أنه يريد أن يثمرها بالمعنى السياسي، وهذا يعني أن الأطراف وصلت إلى قبول أن الوضع لن يذهب إلى حسم عسكري بل إلى حل سياسي. وبالتالي كل الأطراف الإقليمية تقول أن الأمور ذاهبة إلى حل سياسي خلافاً لما يقوله الآخرون، الآخرون يسمعون صوت السلاح وأصوات القذائف وينطلقون من هذه النقطة، وليس من الوقائع السياسية على الأرض. الوقائع السياسية تقول أن المسألة ذاهبة إلى بداية حل سياسي على الأقل».
عن مناطق تركيا «الآمنة»
في سؤال عن المناطق الآمنة التي يدعو لإقامتها الأتراك على لسان الخوجة، قال عرفات: «التركي متمسك بالطروحات التي كان متمسكاً بها سابقاً، ويحاول أن يؤجل التنازل عنها ليقوم بصرفها مادياً في التفاوض، لأنه سيأتي الوقت الذي يقال فيه للأتراك وغيرهم وكل من دعم بالسلاح والمال وأدخل المسلحين، أنكم كنتم خارجين عن القانون الدولي وينبغي إيقاف هذه المسائل، وعندما يعقد اتفاق في جنيف بين السوريين أنفسهم، فإنّ هذا القرار سوف يعمّد بقرارات من مجلس الأمن الدولي تمنع التسليح والتمويل وإدخال المسلحين». وأضاف: «نحن ذاهبون إلى جنيف لتحقيق ثلاث مسائل: وقف التدخل الخارجي ووقف العنف وإطلاق العملية السياسية. وقف التدخل الخارجي بمعنى أن الدول التي تتدخل ينبغي أن يوضع حد لها في المرحلة المقبلة».
«معركة دمشق»!
في سؤال عن تجدد الحديث عن «معركة دمشق»، قال عرفات: «اسطوانة معركة دمشق منتهية ومشروخة، وأصحابها يعلمون أنها منتهية وغير صالحة ولم تعد قابلة للصرف، ولا أحد يصدقها، والسوريون لا يصدقون هذا الكلام، وكل هذا الحديث عبارة عن تلك التجاذبات التي لابد منها قبل الذهاب إلى جنيف وطرح الأمور على طاولة المفاوضات. هناك من يقول: نحن جاهزون لدخول العاصمة دمشق، ومع ذلك قدمنا تنازلاً وذهبنا إلى حل سياسي. هذا كلام في البروباغندا السياسية التي لابد منها قبل الذهاب إلى حل سياسي. الأساس اليوم هو تقدم موضوعة الحل السياسي، الحلول العسكرية أثبتت عدم جدواها وإفلاسها، وأنها لا تستطيع أن تقدم شيئاً لا للسوريين ولا للمنطقة ولا للعالم، وأصبحت عبئاً على الجميع».
وللميادين: بنية النظام لم تتغير حتى الآن.. ولا نرى إيجابية في أي نشاط سعودي
وفي لقاء إعلامي آخر، استضافت قناة الميادين يوم الخميس الماضي ضمن برنامجها «حديث 2015» كلاً من الرفيق علاء عرفات أمين حزب الإرادة الشعبية والكاتب والصحفي اللبناني أمين قمورية، إضافةً إلى د.مهدي دخل الله وزير الإعلام السابق. ودار النقاش حول التحضيرات الجارية لمؤتمر «جنيف-3» وآفاق تلك التحضيرات. ونورد هنا جزءاً من المداخلات التي قدمها الرفيق عرفات خلال النقاش..
«الانقسام مسؤولية من»؟
في إجابته عن سؤال حول هل تتحمل الدولة السورية مسؤولية الانقسام السوري، ومن ثم عدم تجميع السوريين حولها في عملية مكافحة الإرهاب، قال عرفات: «بالدرجة الأولى ومنذ بداية الأحداث، الدولة السورية تتحمل المسؤولية الأساسية عن الانقسام، حيث لاحت مجموعة فرص لردم الهوة بين السوريين، أولها في تموز 2011 في الاجتماع التشاوري والتوصيات الثمانية عشر التي صدرت عنه، والتي بدأت في اليوم التالي بعض شخصيات النظام الهجوم عليها، ولم تنفذ هذه التوصيات. ثم أتت فرص أخرى وتمت إضاعتها. فيما بعد، ومع دخول قوى خارجية بشكل غير مباشر، أصبحت مهمة تجميع السوريين أو بعثرتهم ليست مهمة النظام وحده، بل أصبحت مسؤولية مشتركة بينه وبين القوى الخارجية. الآن مطلوب تجميع السوريين، على أي أساس؟ هناك وثيقة واحدة دولياً وإقليمياً وإلى حد بعيد داخلياً هي بيان جنيف1، وهي الوثيقة الوحيدة المتوافرة لبناء حل عليها، لا يمكن حل الأزمة السورية دون تنفيذ بيان جنيف1، والشكل المطروح حالياً لتنفيذ هذا البيان هو جنيف3 الذي كان قد سبقته مجموعة إجراءات في موسكو تحضيراً لفتح الباب أمام جنيف، ولم يبقَ إلا أن ندخل هذا الحل».
البنية لم تتغير!
وتعقيباً على ما قاله د.دخل الله حول انتهاء المرحلة الانتقالية، وحدوث تغييرات في بنية النظام، قال عرفات: «في الحقيقة جرت بعض العمليات الشكلية التجميلية التي لا يمكن اعتبارها مرحلة انتقالية أو مرحلة حلّت المشكلة، لم تتغير بنية النظام. البنية القانونية والسياسية والاقتصادية الاجتماعية لا تزال باقية، هناك بعض الرتوشات التجميلية التي جرى صياغتها خلال الفترة الماضية، وحتى الآن يتم تنفيذ المادة الثامنة القائلة بالحزب القائد، ليست موجودة في الدستور لكنها مطبقة على أرض الواقع، القوانين التي بنيت على الدستور القديم لا تزال سارية المفعول حتى الآن. أعطى الدستور مرحلة لتعديل هذه القوانين ولم يجرِ تعديلها حتى الآن، لا يزال الوضع في سورية على ما هو عليه. وضع توزيع الثروة في سورية لا يزال كما هو، مستوى الفساد والنهب لا يزال كما هو بل وارتفع، ما الذي تغير في بنية النظام إذاً؟!»
مصلحة السوريين أن يتفقوا
وتابع عرفات: «بالتأكيد لا يحدث التغير في يوم وليلة، لذلك نقول أنه ينبغي البدء بهذه العملية بمشاركة السوريين. كل الأطراف السورية صاحبة العلاقة وصاحبة المصلحة ينبغي أن تقوم بهذه العملية. ما أريد قوله هنا أن بيان جنيف الذي جرى الحديث عن أنه أساس للتطبيق، فيه التباسات ينبغي على السوريين أن يتفقوا على تفسيرها، وإلا سيأتي أحد آخر ليفسرها. لذلك مصلحة سورية والسوريين في العمق أن يعملوا على الاتفاق وأن يصوغوا اتفاقاً استناداً إلى بيان جنيف1»
عن تغيير الوظيفة وتغيير البنية
كما عقب أمين حزب الإرادة الشعبية على الضيف الآخر من دمشق بأنّ النظام تغير بالشكل، ولكن السعودية تسعى لتغيير وظيفته الإقليمية، قائلاً: «تغيير وظيفة النظام هو مطلب خارجي، ولكنّ تغيير بنية النظام هو مطلب سوري داخلي. السوريون يريدون تغيير بنية النظام، ويجب عدم الخلط بين المسألتين».
محاربة الإرهاب سياسية أولاً
وأكد عرفات في مداخلته على حديث السيد قمورية حول آلية مكافحة الإرهاب، فقال: «لا يمكن هزيمة الإرهاب إلا بعد الحل السياسي، وللدقة، ينبغي أن تسير المهمتان بالتوازي، محاربة الإرهاب والتغيير السياسي السلمي الشامل والجذري والعميق».
عن الدور السعودي
وفي سؤال عن تقييم التحرك السعودي على جبهة تجميع المعارضة السورية فيما إذا كان أمراً إيجابياً، قال عرفات: «نحن لا نرى في النشاط السعودي بأي طريقة من الطرق نشاطاً إيجابياً. السعودية تسلك عملياً سلوك دعم كل أشكال العنف وحتى الإرهاب، بالمعنى المباشر أو غير المباشر. وهي إلى فترة ليست بعيدة كانت تدعو إلى موضوعة إسقاط النظام والسير بالعمل المسلح إلى نهايته، الآن في حال حدوث تغير عند الجهة السعودية في هذا الطرح، وسعيها لدفع القوى التي تمون عليها للانخراط في الحل السياسي، بمكن أن نرى في هذه المسألة جانباً إيجابياً، رغم عدم قناعتي بذلك»