لقاءات مكثفة لوفد رئاسة «الإرادة الشعبية» في تونس الأزمة السورية قاطرة.. وحلها سيؤثر إيجاباُ على المنطقة برمتها
قام وفد من هيئة رئاسة حزب الإرادة الشعبية، يضم كلاً من الرفاق: د.قدري جميل، وحمزة منذر، وعلاء عرفات، الأعضاء في هيئة الرئاسة، بزيارة إلى الجمهورية التونسية في الفترة بين 30/3-1/4/2015، أجرى خلالها سلسلة لقاءات مكثفة مع طيف واسع من القوى الوطنية واليسارية التونسية.
وتناولت الاجتماعات مختلف الأوضاع والتطورات الجارية في كل سورية وتونس ودور القوى الوطنية واليسارية فيها، إلى جانب تبادل الخبرات والمعطيات وتطوير العلاقات الثنائية والمهام المشتركة، بما فيها الدفع نحو بلورة الحل السياسي للأزمة السورية الطاحنة، وضرورة مواجهة الإرهاب المنتقل إلى الجوار التونسي، وإيجاد النموذج الوطني الاقتصادي الاجتماعي والديمقراطي، الذي يخدم المصالح الجذرية والعميقة لشعبي البلدين ضمن خصوصياتهما.
ففي مقر حزب الجبهة الوطنية التقى وفد الإرادة الشعبية بقادة وممثلي كل من: حزب العمل الوطني الديمقراطي، يمثله الأمين العام الرفيق عبد الرزاق الهمّامي، والحزب الاشتراكي، يمثله الأمين العام الرفيق محمد الكيلاني، وحزب الوحدة الشعبية، يمثله منسق الحزب الرفيق حسين الهمّامي، وحزب الجبهة الوطنية، يمثله مسؤول الإعلام في الحزب الرفيق الشاذلي الكريمي، وحزب الطريق، يمثله عضو قيادة الحزب الرفيق عبد القادر حمدوني، في حين جرى في مقر حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي لقاء مماثل مع وفد موسع من قيادته، ممثلاً بمجموعة من أمنائه وأعضاء مكتبه السياسي، ومن ثم لقاء منفصل مع قيادة حزب العمل الوطني الديمقراطي، وعلى رأسهم الأمين العام عبد الرزاق الهمامي، بينما التقى د.جميل في 1/4/2015 بالرفيق حمة الهمامي الأمين العام لحزب العمال الشيوعي التونسي، ومرشح الانتخابات الرئاسية السابقة، وكذلك بوفد من قيادة حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، برئاسة أمينه العام زياد لخضر، الذي تم انتخابه بعد اغتيال الأمين العام السابق الشهيد شكري بلعيد في شباط 2013.
علاقات تاريخية
وخلال الاجتماعات التي اتسمت بالحفاوة والود والصراحة الرفاقية، رحبت قيادات الأحزاب التونسية بالدور الذي يلعبه حزب الإرادة الشعبية في جمع وتوحيد جهود المعارضة الوطنية السورية، من أجل التغيير الجذري الشامل في البلاد وإنجاز الحل السياسي للأزمة في سورية، على أساس الحوار من أجل الحفاظ على وحدة سورية أرضاً وشعباً، ومواجهة الإرهاب ومخططات القوى الاستعمارية كافة، مع التأكيد على أن هناك تغييراً كاملاً في الخارطة السياسية في المنطقة، وعلى القوى الديمقراطية الحقيقية في سورية أن تدافع عن وجود سورية، وتتحمل مسؤولياتها في مواجهة التدخل الخارجي.
كما أكدت الأحزاب التونسية على حقيقة أن الحركة الوطنية في تونس كانت على علاقة جيدة بالحركة الوطنية السورية تاريخياً، وأن هذه اللقاءات الجديدة تسهم في توضيح الصور أكثر حول مجريات البلدين. وفيما شددت على ضرورة التضامن للدفاع عن سورية كدولة في مواجهة الإرهاب والتدخل الخارجي، أكدت الأحزاب التونسية على أن اليسار التونسي لعب، وما يزال، دوراً فاعلاً في الحراك الشعبي التونسي، وهو يناضل لإعطاء الحدث في تونس بعداً اجتماعياً وديمقراطياً، لأن من أكثر ما يهدد تونس اليوم هو استمرار النظام الليبرالي المرتهن للمؤسسات المالية الدولية، ما يستدعي خلق البدائل عبر بناء جبهة وطنية توجد البديل الوطني، الذي يكسر الثنائيات الوهمية، عبر تجذير دور قوى اليسار الحقيقي، التي ينبغي أن تعرف كيف تثمر انتصاراتها بعيداً عن النمطين الانتهازي أو الإصلاحي.
استشراف مبكر
بدورهم قدم أعضاء هيئة رئاسة الإرادة الشعبية عرضاً شاملاً ومكثفاً للوضع في سورية والمنطقة، والتوازن الدولي الجديد المبني على الاستنتاج التاريخي للحزب منذ أوائل الألفية الجديدة، ببداية انسداد الأفق التاريخي أمام الرأسمالية، وبداية انفتاحه أمام الشعوب، بالإضافة إلى استعراض العناوين المفصلية في أزمة الحركة الشيوعية العالمية، بما فيها السورية منها، وكيف تعاطى الحزب مع هذه المسألة معرفياً ونظرياً وتنظيمياً وسياسياً، بهدف استعادة الدور الوظيفي للشيوعيين السوريين والحركة الشيوعية السورية، والتخلص من حالة الموت السريري التي عانت منها البنية السياسية للأحزاب بعد الحرب العالمية الثانية، وصولاً، على سبيل المثال، إلى الاستشراف المبكر لعودة الحزب إلى الجماهير، وعودة الجماهير إلى الشارع، وضرورة ملاقاة درجة النشاط السياسي العالي المديد لديها بأشكاله وتجلياته المختلفة، وتفكيك الثنائيات الوهمية وطرح الخيار الوطني والالتزام به، والذي يقضي برفض كل أشكال التدخل الخارجي بالتوازي مع النضال في سبيل التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والعميق والشامل عبر تجميع القوى الوطنية الشريفة في المعارضة والنظام، لإنجاز هذه المهمة على المستويات الوطنية والاقتصادية الاجتماعية والديمقراطية، كسلة استحقاقات مترابطة ومتكاملة.
الليبرالية الاقتصادية ممنوعة في بلدان المواجهة
وأكد وفد الإرادة الشعبية أن بداية التغير بميزان القوى على المستوى الدولي في غير مصلحة قوى الامبريالية والاستعمار الجديد، انعكس على الأزمة السورية منذ الفيتو الروسي الصيني الأول والذي منع التدخل العسكري المباشر وتكرار السيناريو الليبي وهذا ما فتح آفاق الحديث عن الحل السياسي في سورية عبر الحوار، حيث تأتي لقاءات موسكو متوافقة اليوم مع الوقائع الجديدة. ففي اللقاء الأول جرى اجتماع غير مسبوق لقوى في المعارضة مع وفد النظام، وفي اللقاء الثاني سيكون هناك جدول عمل تمهيداً لجنيف3 استناداً لبيان جنيف1 بتاريخ 30 حزيران 2012، حيث من المهم جداً الآن اعتراف جميع الأطراف بالحل السياسي للأزمة في سورية، خارج إطار مقولات «الحسم والإسقاط».
أكد وفد هيئة رئاسة «الإرادة الشعبية» أن حجم التدخل الخارجي في سورية غير مسبوق، ولكنها بلد مواجهة ومن غير المسموح لها بتجريب الليبرالية الاقتصادية، لأنها أحد جوانب تنفيذ مقولة كيسنجر حول «حرق سورية من الداخل»، مشددين على أهمية التمييز بين مفهومي النظام والدولة، وأن الأزمة السورية هي قاطرة، وأن حلها سيؤثر إيجاباُ على المنطقة برمتها، بما فيه إيجاد السبل الكفيلة بمواجهة الفاشية الجديدة، التي تعد أداة حكم العناصر الأشد رجعية وإجراماً في رأس المال المالي العالمي. وأعرب وفد رئاسة الحزب عن اعتقاده بأن عام 2015 سيشهد بداية الحل في سورية، ولا بد تالياً من إحداث التغيير الجذري الشامل في سورية، الذي يستحقه وينشده عموم السوريين.