الحقيقة وصناعة الوهم الثنائيات الحقيقية والوهمية واستعادة الدور الوظيفي..!؟
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية،حدثت بلبلة فكرية كبيرة،أمام الدعاية الرأسمالية،وادعاء انتصارها المطلق،وأنها أصبحت القطب الأوحد، وهي نهاية التاريخ.فتخلّى الكثيرون عن أفكارهم ومبادئهم ومواقفهم،وحتى عن أحلامهم واعتبروا أنها كانت وردية..!
أكثر هؤلاء تجاهلوا (حقائق) التاريخ وحركته،وغرقوا في (الأوهام) التي صنعتها الرأسمالية وبدؤوا بجلد الذات وتوجيه الاتهامات، التي وصلت إلى حدّ الاتهام بالجنون، لكل من يحاول أنّ يقرأ ما حصل، ويستشفّ المستقبل، بقراءة معرفية علمية تبين الحقائق وتكشف زيف الأوهام..؟
المنصة المعرفية..
حزب الإرادة الشعبية، الذي هو تتويج لعمل اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، ويعتبر نفسه، وريثاً لحركة التحرر الوطني والحركة الشيوعية والثورية واستمراراً لها ،في سورية وفي العالم، خلال القرن العشرين. ويستند إلى (الماركسية اللينينية) كمرجعية فكرية له، ويعمل على تطبيقها بشكل خلاّق،من خلال التجربة والمراجعة الدائمة،والعمل بين الجماهير، منطلقاً في بناء(رؤيته)بأنه (ينتصر في النهاية من ينتصر معرفياً) والتي سعى لبنائها،بإعادة قراءة الحركة الثورية في القرن العشرين، وسير الصراع ومآلاته، لتحديد مواقفه عبر الربط بين النظرية والواقع الملموس.
الثنائيات الحقيقية..
حدد الحزب منذ البداية، وفي مشروع برنامجه وضمن رؤيته (الثنائيات الحقيقية) التي استند إليها وانطلق منها، وأكد ترابطها وشموليتها، عالمياً وإقليمياً وداخلياً وحزبياً، وحدد مواقفه من خلالها وأهمها:
انغلاق الأفق وانفتاحه
إنّ حركة التاريخ والمجتمعات تسير بموجات متصاعدة،متسارعة ومتناوبة، وفي صراعٍ بين الحركة الثورية العالمية والرأسمالية.
وقد شهد النصف الأول من القرن العشرين موجة انفتاح الأفق أمام الحركة الثورية العالمية، والتي حققت انتصارات عديدة أبرزها: ثورة أكتوبر والانتصار على النازية وظهور منظومة الدول الاشتراكية وانطلاق حركات التحرر وانتصاراتها بتحقيق الاستقلال في غالبية الدول التي كانت مستعمرة، وانغلاقه أمام الرأسمالية ومراكزها القديمة، وفي النصف الثاني تراجعت الحركة الثورية العالمية، لأسباب موضوعية وذاتية ومنها، أنها حققت الاستقلال الوطني لكنها لم تنجز مهامها الاقتصادية الاجتماعية بحكم طبيعتها الطبقية،ولم تطور ديمقراطيتها الشعبية التي تسمح للشعوب بالدفاع عن مصالحها وحقوقها، وبسب سيادة مفاهيم تحريفية، كنظرية التعايش السلمي مع الرأسمالية، ونظرية التطور اللارأسمالي،والتخلي عن الثورية اللينينية وحتى عن قوانين الماركسية،واعتبارها منهجاً فقط، مما سمح للرأسمالية بأن تتقدم وكان ذروة تقدمها انهيار الاتحاد السوفييتي، ومحاولة الولايات المتحدة زعيمة الامبريالية العالمية الجديدة التفرد بالعالم باعتبارها القطب الأوحد،وهذا ما يتناقض مع حركة التاريخ والمجتمعات والطبيعة.
كما أكد أنّ الرأسمالية المحكومة بالأزمات، بحسب بنيتها الاستغلالية ونهبها للشعوب لا يمكن أن تستمر بهيمنتها المطلقة، وقرأ الحزب أزمة الرأسمالية منذ بداية القرن الحادي والعشرين،قبل حدوثها، وحدوثها يعني انغلاق الأفق أمامها وانتهاء القطبية الواحدة، وتحوله إلى تعددية أقطاب. وانفتاحه أمام الحركة الثورية العالمية ، ونتج عن هذه الثنائية الحقيقية، ثنائيات أخرى لا تقل أهميةً تفعل فعلها عالمياً وإقليمياً وداخلياً، وأبرزها أن الصراع القادم سيشهد نزول الشعوب إلى الشوارع، وعلى القوى الوطنية والثورية ملاقاتها وفق ثنائية (الشعوب والرأسمالية) وثنائيات فضاء سياسي يموت وفضاء سياسي يولد، والعمل بعقلية الانتصار وليس الهزيمة في مواجهة الامبريالية وأذنابها وأدواتها، وإعادة الاعتبار للوحدة العربية كجزء مهم من اتحاد شعوب الشرق، ويناء المواقف وتمييزها على أساس وطني ولا وطني وليس وفق ثنائيات وهمية أخرى تحرف الصراع الرئيسي عن جوهره..
الثنائيات الوهمية
وكما بنى الحزب رؤيته وفق ثنائيات حقيقية وتبناها، حدد مواقفه أيضاً اتجاه الثنائيات الوهمية التي أطلقتها الرأسمالية وقوى الثورة المضادة، لإخفاء الصراع الحقيقي بينها وبين شعوب العالم ولإحداث انقسام عمودي في المجتمعات، عبر ليبراليتها الجديدة المتوحشة وأدواتها النازية والتكفيرية والليبرالية التابعة لها وسياساتها، وخاصةً في الأطراف، وعمل على كشفها وتعريتها وتفكيكها، عبر الفرز المستمر في الدولة والمجتمع، وورقة عباد الشمس في ذلك هي البرامج السياسية والاقتصادية الاجتماعية والوطنية والديمقراطية..ومن هذه الثنائيات الوهمية في هذا الجانب: علماني ومتدين، وليبرالي وإسلامي، ومعارض وموالي، ومعارضة ونظام..
وكذلك مواجهة محاولات ضرب التيارات الشعبية الثلاث الدينية والقومية واليسارية، والثنائية الوهمية المرافقة لهذه المحاولات، ومنه يساري قومي، ويساري إسلامي،وقومي إسلامي، والعمل إعادة الصراع وفق انقسام أفقي بين مضطَهَدين ومضطهِدين..
الدور الوظيفي للحزب..
إنّ التمسك بالثنائيات الحقيقية، وكشف وتعرية ومواجهة الثنائيات الوهمية، يسمح للحزب باستعادة ثقة الجماهير الكادحة ودوره الوظيفي بينها، وهذا ما جسده الحزب في مواقفه قبل الأزمة في سورية وأثناءها ؛ حيث أكد على ضرورة التغيير الجذري والشامل والعميق لكل البنى والسياسات، وأيد الحراك الشعبي السلمي ورفض العنف من أي طرف، ووقف ضدّ القوى التكفيرية الفاشية وقوى الفساد في الدولة والمجتمع، وضدّ التدخل الخارجي ودعا للحل السياسي عبر الحوار، ووقف ضد الثنائيات الوهمية التي نتجت عن الأزمة كالحسم والإسقاط بقوة السلاح وغيرها لإنقاذ وحدة سورية شعباً ووطناً.. وقد كثّف ذلك في شعارات رئيسية (كرامة الوطن والمواطن فوق كلّ اعتبار) و ( السلطة للشعب والثروة للجميع والكرامة للوطن) و ( نمشي ونكفي الطريق) ....