عرفات: من هزم في معركة «عين العرب» هي أمريكا وحلفاؤها

عرفات: من هزم في معركة «عين العرب» هي أمريكا وحلفاؤها

أجرت إذاعة ميلودي إف إم لقاءً مع الرفيق علاء عرفات، أمين مجلس حزب الإرادة الشعبية، يوم الخميس 30/10/2014 ضمن برنامج «إيد بإيد» حول آخر المستجدات السياسية، وتركز النقاش حول معركة عين العرب- كوباني والدور التركي، إضافة إلى قراءة عامة لتطورات المشهد الدولي العام فيما يخص الأزمة السورية، ونعرض فيما يلي أبرز النقاط التي تمت معالجتها:

حول الموقف التركي
في سؤال عن السلوك التركي في مسألة «عين العرب»، قال عرفات: «إن السلوك التركي منذ بداية الأزمة هو سلوك معاد لسورية ولمصالح الشعب السوري، ليس سراً أو خافياً على أحد أن للدولة التركية -سواء بحكومتها الحالية أو الحكومات السابقة- مطامح تتعلق بنفوذ في البلدان المجاورة، سورية والعراق وحتى اليونان. وتقدير القيادة التركية هو أن الوقت قد حان لتتحول هذه المطامح إلى واقع قابل للتحقيق.. الدولة التركية خلال 10 – 15 سنة الماضية تمكنت من تحقيق نوع من التطور في المجال الاقتصادي، وهي تشعر أن وزنها في هذا المجال أصبح يسمح لها بأن تتمدد أكثر من السابق على حساب الجوار، ولديها أطماع في سورية تمتد من نفوذ سياسي واقتصادي إلى مطامح بأراض، لذلك فإن السلوك التركي خلال كامل الأزمة بقي بهذا الاتجاه، وما نراه اليوم في «عين العرب» يدخل في هذا السياق، خصوصاً مع الأخذ بعين الاعتبار المسألة الكردية المتأزمة والمتفاقمة على مدى عشرات السنين منذ اتفاق سايكس بيكو وحتى الآن، والتي عبرت عن نفسها بصدامات مسلحة أكثر من مرة، آخرها في الـ 30 سنة الماضية كان الصدام المسلح بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي الذي ذهب ضحيته ألوف القتلى. بالمحصلة فإنّ الرهان السياسي الذي دخلته الحكومة التركية ببناء سياساتها في الإقليم على أساس إسقاط النظام في سورية وعدم تحقق هذا الرهان أدخلها في مأزق كبير».
محاولات سرقة انتصار عين العرب
في استكمال للنقاش، وفي إجابة عن سر التباينات بين الأرقام الأولية لمقاتلي البيشمركة الذين كان من المفترض دخولهم إلى عين العرب (بين ألفين وثلاثة آلاف مقاتل) ومن ثم الأرقام الفعلية القليلة حوالي 150 مقاتلاً، قال عرفات: « بغض النظر عن الأرقام، فالمعركة هي معركة سياسية. الـ(150) مقاتلاً من «الجيش الحر» هو رقم رمزي يمثل تركيا، والـ(150) مقاتلاً من البشمركة هو رقم رمزي يمثل مسعود البرزاني.. القضية كلها هي أن الأتراك والأمريكان أيضاً كانوا يراهنون على سقوط (عين العرب) خلال أيام وكان ذلك واضحاً من خلال التصريحات، فوجئ الجميع بصمود عين العرب، ودخل التحالف والأتراك والجميع بحالة حرج، وخصوصاً المتواطئين في هذا الموضوع، بمن فيهم مسعود البرزاني. وتابع: «شكلت (عين العرب) نصراً بمواجهة داعش، نصراً لا يقف خلفه لا التحالف ولا تركيا. ما يمكن أن نقوله عن (عين العرب) إن مقاومتها ذات طابع شعبي بالرغم من أن وحدات الحماية هي الجزء الأساسي فيها ولكن هناك مقاتلين من أبناء كوباني وهناك مقاتلين عرب وبالتالي أخذت طابع المقاومة الشعبية، المقاومة الشعبية تخيف الأمريكان وتخيف الأتراك وتخيف آخرين كثر، لذلك أصبح المطلوب من معركة عين العرب أن تنتهي (بتعادل)، الحقيقة هي أن النصر تحقق وانتهى، عدم سقوط عين العرب يعني أن النصر قد تحقق، هذا العملاق الذي ضخموه لنا (داعش) تبين أنه بأول معركة جدية يخوضها لم يقدر على فعل ما فعله بأماكن أخرى. إذاً، معركة حقيقة ضد الإرهاب لأول مرة، لأن المعارك التي تنفذها واشنطن وحلفاؤها هي معارك وهمية، معركة عين العرب تقول إن هناك نصراً على الأقل بالمعنى السياسي لأنه بالمعنى العسكري قد لا يكون انتصاراً ساحقاً، وهذا النصر هو مشكلة لكثير من القوى، لذلك كان لابد من إخراجه بطريقة فنية بحيث يظهر (تعادلاً) يعني العمل على القول إن من انتصر في عين العرب ليس أهاليها والمقاومة الشعبية بكل مكوناتها، بل هؤلاء بالإضافة إلى الجيش الحر الذي أرسلته تركيا وبشمركة مسعود البرزاني، وهي محاولة لسرقة الانتصار ومحاولة لإخراج المعركة كنوع من (التعادل)، أعود وأقول «داعش» صنيعة الأمريكان بغض النظر عن الأيادي المباشرة (السعودية – تركيا وغيرهم) أمريكا صنعتها من البداية، لأن داعش هي القاعدة والقاعدة صناعة أمريكية، ومن هزم في هذه المعركة هي داعش أي أمريكا وحلفاؤها في نهاية المطاف، لذلك هناك عمل جدي (لتأريض) هذه العملية عبر إدخال الجيش الحر والبشمركة، أما مسألة أعداد المقاتلين فهي مجرد محادثات كان تجري في الجلسات من أجل تخريج هذه العملية. ونحن الآن نشهد أواخر الشق الحامي جداً من معركة عين العرب». 
التراجع الأمريكي مستمر
وفي سؤال عن موقع روسيا من المشهد العالمي، بدأ عرفات بتوضيح الخطوط العامة في أزمة الولايات المتحدة: «واشنطن تتراجع، ولا أقصد في منطقتنا فقط وإنما بشكل عام، أتكلم الآن عن محددات ذات طابع اقتصادي وسياسي وعسكري، اليوم الولايات المتحدة الأمريكية إذا أردنا أن نأخذ الأرقام، لديها 18 تريليون دخل وطني، الصينيون لديهم 17.6 تريليون، وفي حال جمعنا الحلفاء بالطرفين نجد أن هناك تعادل ولكن الفارق بين الطرفين أن أحدهما يتقدم ببطء شديد والآخر يتقدم بسرعة، أي إذا أخذنا نسب النمو بالصين فإن أخفض نسبة حققوها هذه السنة هي 7.4%، هذه النسب والأرقام بالنسبة إلى رقم مثل 17.6 تريليون هي قفزات بالمعنى الاقتصادي، وفي النهاية فإنّ من يتقدم بالاقتصاد يتقدم بالسياسة وبالجانب العسكري، وبالتالي مغزى الصراع العالمي اليوم هو من سيكون رقم واحد. الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تتراجع  منذ 2008 بشكل ملحوظ، وهذا التراجع كان قديماً ويعود إلى بداية التسعينيات وأوائل القرن الجديد، ولكنه كان بطيئاً وغير منظور، إلى أن أتت الأزمة في أيلول عام 2008 وانهيار البورصات وما تلاها، وانهيار البورصات كان انهياراً مالياً تبعته الآن أزمة اقتصادية عامة وليس مالية فقط، لذلك فإن الأمريكان واقعون بمأزق، فمن يريد أن يعمل بالسياسة والجانب العسكري يجب أن يستند بالدرجة الأولى إلى العامل الاقتصادي، والولايات المتحدة الأمريكية بالمعنى الاقتصادي لم تعد قادرة على رفع هذا الحمل الثقيل السياسي الذي كانت تقوم به، لذلك هي تبحث عن مخارج، وأحد هذه المخارج هو الحرب. ولكن أن تخوض هي الحرب فإن العامل الاقتصادي سيشكل عائقاً أمامها، وبالتالي الذهاب إلى تفجير حروب تقوم هي بإدارتها، ولكن من قال إن هذه الحروب تكون مضمونة النتائج؟ ليس بالضرورة، فالخصم أيضاً قادر على أن يساهم ويدير القضية، وأفغانستان وسورية مثال على ذلك، عندما بدأت المشكلة وبدأت العسكرة كان الجميع يقولون إن إسقاط النظام سيكون خلال ثلاثة أو أربعة أشهر، ونحن الآن بعد ثلاث سنوات ونصف ولم يسقط النظام كما قالوا، وعقدوا الأمور في سورية ودمروها، ولكن الهدف الذي كان موضوعاً لم ينجح.
الروس ضمن المشهد
وأوضح عرفات بعد ذلك موقع الروس ضمن المشهد: «سألتني ماذا فعل الروس، هذا ما فعله ويفعله الروس، يعرقلون خطط الأمريكان هم وحلفائهم، هذا بالمعنى العام وخطوة بخطوة. وأعتقد أن أطرافاً مثل الطرف الروسي الصاعد ليست مضطرةً أن تذهب إلى حرب تدفعها إليها واشنطن، حرب تستنزف وتعيق تقدمها. وبالمختصر فإنّ الدور الذي تقوم به روسيا والصين وحلفاؤهم الآخرون في العالم، هو دور الإطفائي على مدار 24 ساعة، الأمريكان يفجرون منطقة، فيأتون هم ويعملون على إطفائها وإعادة الأمور إلى مجلس الأمن. وفي منطقتنا وفيما يتعلق بالجغرافية السياسية، فالروس قولاً واحداً مستعدون أن يمضوا حتى النهاية، فمن غير المسموح لسورية أن تكون تحت رحمة الأمريكيين، ومعنى هذا الكلام أن الروس في هذه المسألة مستعدون أن يدخلوا حرباً.
صرح الروس منذ يومين بأنهم يحاولون الآن أن يعيدوا الأمريكيين والأزمة السورية إلى جنيف، وبالتالي مصلحة روسيا هي الذهاب إلى حل سياسي ووقف مسألة العنف وهذا يتقاطع مع مصالح الشعب السوري والمنطقة ومصلحة السلم العالمي، بينما الأمريكان يتحدثون عن تمويل وتسليح المعارضة المسلحة وتدريبها بالسعودية أو تركيا وتسير الأمور عندهم باتجاه معاكس، باتجاه ازدياد العسكرة بسورية وزيادة العنف، وإحياء آمال الإسقاط والحسم. إن ما يتجلى في سورية اليوم- بنهاية المطاف- هو ميزان القوى العالمي، وميزان القوى العالمي محصلته صفر، لذلك لن ينتصر اليوم أحد الطرفين وينبغي الذهاب إلى حل سياسي والتفاهم ولا يوجد طريقة أخرى ومع الأسف لقد تعقدت الأمور ولا يمكن حلها إلا عبر مؤتمر دولي، وليس بين السوريين فقط.

آخر تعديل على السبت, 01 تشرين2/نوفمبر 2014 20:34