عرفات: معركة سياسية كبرى على الأبواب و«داعش» ابنة أمريكا
أجرت إذاعة «ميلودي إف.إم» غداة قيام واشنطن بتوجيه ضربات جوية على الأراضي السورية لقاءً مع الرفيق علاء عرفات أمين مجلس حزب الإرادة الشعبية وقد تركز النقاش على الضربات العسكرية لتحالف واشنطن على الأراضي السورية، وفيما يلي أبرز ما جاء فيه:
في توصيف أولي لما جرى ويجري في مسألة الضربات الأمريكية قال عرفات: كان الأمريكيون خلال الفترة الماضية يقولون إنهم سيضربون مواقع داعش والنصرة في سورية، وكان النقاش دائراً حول ضرورة التنسيق أو أخذ موافقة الحكومة السورية على هذه الضربات، أو أخذ قرار في مجلس الأمن أو تفويض منه. ومن الواضح أن واشنطن كانت طوال الوقت تحاول التنصل من هذا الموضوع. البارحة - كما ورد حسب وزارة الخارجية السورية- جرى إبلاغ مندوب سورية الدائم في مجلس الأمن الدكتور بشار الجعفري، كما أبلغت وزارة الخارجية السورية عبر وزير الخارجية العراقي بأنهم سيقومون بضربات على الأراضي السورية ونفذوا ذلك اليوم صباحاً. الآن تجري ردود الفعل الأولية، أعتقد أن الصورة ستتضح خلال 24 ساعة، لذلك ينبغي عدم الاستعجال كثيراً في التحليلات، لابد من وضع رؤية أولية ولكن ينبغي أخذ الوقت كاملاً، الأطراف كلها تأخذ وقتها لأن الموضوع كبير ومعقد ويحتاج لإمساك كل خيوط العملية حتى يتم توضيحه. الشيء الواضح حتى الآن أن الأمريكيين حاولوا أن يلتفوا على الجوانب القانونية، (موافقة الحكومة السورية والتنسيق معها و موافقة مجلس الأمن وضرورة أخذ تفويض منه بهذا العمل) عبر قولهم بأننا أبلغنا الحكومة السورية.
ردود الفعل الأولية..
وتابع عرفات: ردود الفعل بدأت، الأول منها والمهم أن الخارجية الروسية قالت إن الإبلاغ لا يعني التنسيق ولا يعني الموافقة، وينبغي أخذ موافقة الحكومة السورية أو موافقة مجلس الأمن، وهناك لهجة تحذيرية في هذا البيان بأن الذين قاموا بهذا العمل سيتحملون مسؤولية أفعالهم. وأعتقد أنه ستكون هناك ردود أفعال مشابهة، لأن حدثاً مثل هذا قد يؤدي إلى رفع مستوى التوتر في المنطقة ككل، وهو ما بدأ به الأمريكيون عملياً وأعتقد أنّ ردود الأفعال ستحاول احتواء هذا التوتر ومحاولة تخفيضه ودفع واشنطن للطريق المطلوب، ومن الواضح أن الأمريكيين يأخذون مواقف الدول والأطراف الأخرى على محمل الجد، وإلا لما لجؤوا إلى هذا الالتفاف أي إبلاغ الحكومة السورية، أي أنهم لم يتجاهلوا الحكومة السورية ولكنهم أيضاً لم يقوموا بما ينبغي القيام به حسب القانون الدولي، إذا فهم الآن خارجون عن القانون وأعتقد أن أطرافاً دولية عديدة ستتعامل معهم على هذا الأساس..
معركة سياسية كبرى على الأبواب
وأضاف عرفات: أعتقد أن الساعات والأيام القادمة ستشهد معركة سياسية كبرى داخل مجلس الأمن والأمم المتحدة وفي أروقة السياسات الدولية المختلفة، وستكون روسيا غير منفردة في هذا الموضوع، باعتقادي سيكون إلى جانبها حتماً الصين وإيران ودول بريكس ودول أخرى، لأن الصف الأوروبي بدأ يتصدع في هذا الموضوع بما فيها ضمن إطار التحالف، لأن الدول الأوروبية غير موافقة على المشاركة في الضربة حتى الآن، والذين شاركوا هم بعض الدول العربية.
داعش ابنة أمريكا
في إجابته على سؤال عن تصريحات كيري يوم الاثنين الفائت قال عرفات: أعتقد أن تصريح كيري بالأمس لم يتعرض للسلاح بل للتمويل، وهو قال إن هناك دولاً كانت تمول داعش ولم تعد تفعل ذلك، وهذا ليس صحيحاً، وقال أيضأ إن هنالك أشخاصاً يقومون بتمويل هذا التنظيم، ولا أعلم من أين يأتي هؤلاء الأشخاص بالنقود، فهم حتما تابعون لأجهزة ودول وبالتالي السياسات التمويلية اتجاه داعش انتقلت من العمل الواضح والعلني إلى العمل (من تحت الطاولة)، حيث تحاول أمريكا الآن تبرير موقفها في هذه المسألة باعتبارها معادية لداعش، هذه هي السياسة الأمريكية التبريرية تجاه مجموعة من المسائل. والحقيقة أن داعش والتنظيمات الإرهابية هي ابنة الولايات المتحدة الأمريكية، هي مخلوق كونته الولايات المتحدة الأمريكية، ليس بالضرورة بشكل مباشر ولكن عبر أدوات عديدة، فالأمريكيون طوروا أدواتهم ووسائلهم، ويظهرون بأنهم ليس لهم علاقة بهذا، ولكن الجميع يعلم حقيقة الأمر.
أنّ نعرف الحقيقة
فذلك يغير كثيراً!
وفي تعقيب للمحاور على كلام عرفات تساءل حول أهمية معرفتنا بعلاقة واشنطن بداعش وكان العالم قبل ذلك يتكلم كثيراً عن علاقتها بالقاعدة وغيرها ولم يحدث شيء، قال عرفات: أولا هذه المعرفة في نهاية المطاف تتحول إلى عامل ضاغط على مواقف الدول والحكومات، بمعنى أن هذه المعرفة تتحول إلى مواقف ملموسة، برأيك ما سر موقف الروس والإيرانيين والصينيين وغيرهم من الدول الأخرى التي تقول إن مقولة محاربة الإرهاب هي «مهزلة»، أي أنهم يقولون بشكل غير مباشر إن أمريكا هي التي تصنع الإرهاب، وبالتالي هذه الفكرة التي نتكلم عنها تحولت إلى مواقف ملموسة لدول مؤثرة.. وأضاف: حاول البعض أن يبرر أفغانستان بأن بن لادن فعلاً صنيعة أمريكية ولكنه انشق عنها، واليوم هنالك من يقول إن داعش صنيعة تركية أو سعودية أو أمريكية ولكنها تجاوزت الحدود التي رسمها لها مصنعوها، هذا كلام فارغ.
المطلوب أمريكياً
وأضاف عرفات: دعنا نر ما هو المطلوب لمكافحة داعش دون الولايات المتحدة الأمريكية، القليل من الدعم والسلاح للجيشين العراقي والسوري فقط وسينتهي الأمر، لماذا كل هذه التهويل (طيران أمريكي– 40 دولة حليفة) لذلك فإنّ المقصود من هذا العمل شيء آخر وليس مكافحة داعش.. كما تتحدث التقارير الأمريكية الحكومية، فإن وزير الخزانة الأمريكية يتحدث أنه بعد الضربات الأمريكية لداعش ازداد تمويلها، واحد آخر أيضاً من الإدارة الأمريكية يقول إنه بعد إعلان الضربات الأمريكية ازداد عدد المتطوعين في داعش، قلنا سابقاً إن الضربات الأمريكية لداعش سوف تقويها، الطريقة الأمريكية بضرب داعش ستقوي داعش، اليوم ومن 50 عاماً في المنطقة العربية هناك كره شديد للأمريكيين، الآن يصنعون داعش بصفتها عدوة للأمريكيين وبالتالي فإنّ محدودي الأفق سيعتقدون أن داعش تقوم بعمل جيد بمحاربتها لأمريكا، وإن طبيعة الضربات لا تزيل داعش، ربما تقتل القليل ولكن لا تجتثها، ويبدو أن هذا هو المطلوب أمريكياً لأن هناك سيناريو للمرحلة المقبلة..
الحل السياسي أداة أساسية
في مكافحة الإرهاب
ورداً على سؤال حول استعراض قائمة بالحلول الداخلية المتوافرة للأزمة السورية ذكّر عرفات أنه بعد اللقاء التشاوري في تموز 2011 وبعد عدم نفيذ توصياته تطورت الأزمة وبرز فيها على نحو كبير دخول العامل الخارجي عبر الأتراك والسعوديين والأمريكيين الذين أصبحوا جزءاً من الأزمة، وبالتالي بقي موضوع الحوار الداخلي بين السوريين مهماً ولكنه لم يعد كافياً بحكم أنه أصبحت هناك ضرورة لوقف التدخل الخارجي وهو ما جرى التعبير عنه عمليا تحت عنوان المؤتمر الدولي لحل الأزمة السورية فكان جينيف واحد ومن ثم ما سمي بجينيف2، بمهماته الثلاث حسب وجهة نظرنا المعروفة، والتي تفتح بتسلسلها وترابطها الباب لوقف العنف، وطبعاً هذا لا يشمل قوى الإرهاب مثل داعش ونصرة فهؤلاء لا علاقة لهم بموضوع الحل السياسي فهم سيبقون في متناول العمل العسكري قولاً واحداً، بدءاً بالعملية السياسية وحكومة وحدة وطنية الذهاب إلى حوار وطني شامل بمعنى حل المشاكل بين السوريين ووجود قناعة عند السوريين إلى أن البلد ذاهبة إلى تغيير حقيقي فهذا يسمح ببناء أو رفع مستوى الوحدة الوطنية بما يسمح برفع القدرة على المجابهة القائمة بالمعنى العسكري! وهذه تدعى بالمرحلة الانتقالية تديرها حكومة الوحدة الوطنية يجري فيها حوار وطني ويتم إحداث التغيرات الأساسية الناتجة عن الحوار الوطني والتي لا بد منها وتشمل تعديل دستوري وقوانين وصولاً إلى انتخابات في نهاية هذه المرحلة وبعد هذه الانتخابات يحكم البلد من يحصل على الأكثرية، وبالتالي ذهبنا إلى مرحلة جديدة انتقل فيها المجتمع ككل إلى مرحلة جديدة. وأوضح عرفات أن هذا الأفق يسمح بتغيير الجو والعقل، وعلى سبيل المثال: قبل مؤتمر جنيف وبمجرد ما تحدد موعد جنيف2 بدأ الجو يتغير في سورية وبدأت تنشأ ما تسمى اليوم بالمصالحات تحت هذا التأثير، أي أن الكثير من الناس بمن فيهم حملة السلاح أصبح عندهم رأي أو أمل بالذهاب إلى حل فذهبوا باتجاه مصالحات انتظاراً لهذا الحل، وبالوضع الاقتصادي انخفض سعر صرف الدولار وتحرك السوق وعاد بعض رجال الأعمال، وبالتالي فالسوريون كلهم متلهفون على أمل بوجود حل سريع وخاصة إذا كان حلاً سياسياً يضمن تغيرات ترضي جميع السوريين أو غالبية السوريين. هذا هو تصورنا عن الحل.
قوى الحل السياسي
وفي سياق متصل أوضح عرفات: واشنطن تقوم بتوتير الوضع، فإذا استمرت بتنفيذ ما تريد فإنها ستؤخر الحل السياسي وتعيقه ليطول أمد الأزمة أكثر، إضافة إلى أنّ هذه الضربات ستسهم بإعطاء زخم لقوى خارجية كثيرة من حيث أن تطورات الوضع بهذا الشكل في سورية ومنطقة الشرق الأوسط يمكن أن يكون له امتدادات كبرى وحريق يشمل مناطق أخرى وبالتالي الكثير من هذه المناطق تعيد حساباتها وتدفع الأمور باتجاه الحل، والسؤال الآن ما هو حجم القوى التي تريد الحل السياسي في سورية وما هو وزنها على ميزان القوى العالمي. أنا أرجح انتصارهم فوزنهم يتزايد أكثر فأكثر ويمكن أن يقوموا بمهمة الضغط على الأمريكان لوقف مستوى التوتر ودفع الأمور باتجاه الحل السياسي..