عرفات: التسويات ستتحول قنابل موقوتة ما لم يفتح أفق الحل السياسي الجدي
استضافت إذاعة «ميلوديFM» يوم الخميس 3/7/2014 أمين مجلس حزب الإرادة الشعبية وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، علاء عرفات، ضمن برنامج «إيد بإيد» من إعداد وحوار جورج حاجوج، للوقوف على آخر تطورات المشهد السوري والإقليمي والدولي.
ما العمل؟
في رده على سؤال حول ماذا تفعل جبهة التغيير والتحرير الآن وعما اعتبر المحاور خبواً في حضورها قال عرفات إن طبيعة الحراك السياسي، ظهوره من عدمه، وارتفاعه أو انخفاضه، هو ما يؤدي بالدرجة الأولى إلى ظهور أو عدم ظهور هذه القوة السياسية أو تلك، وما حدث في الأشهر القليلة الماضية هو نوع من البرود في الحراك السياسي خاصة بعد مؤتمر جنيف. وتساءل عرفات: ما العمل بالمعنى السياسي بعد مؤتمر جنيف، في ظل حديث كالتالي: الأمريكيون يقولون إن مؤتمر جنيف فشل بسبب النظام، وأن النظام مدعوم من الروس والصينيين والإيرانيين، وبالتالي فإن الأمريكيين يحمّلون الروس مسؤولية فشل جنيف، والروس يقولون إن الأمريكيين هم المسؤولون عن هذا الفشل نتيجة دعمهم للائتلاف الذي أصر على أن لا يتقدم أي خطوة للأمام في مجال الحل السياسي؟ وأوضح: كل القوى السياسية والأطراف المختلفة التي لها علاقة بالأزمة السورية تحاول أن تبحث عن بدائل، بدءاً من الحلفاء الحقيقيين (روسيا والصين وإيران)، وصولاً إلى خصوم سورية الذين يسمون أنفسهم «أصدقاء سورية» (دول الخليج وتركيا وغيرها)، حيث أنهم يفكرون بالنقلات اللاحقة. وأضاف: كما يتبين، فإن لدى الأمريكيين وحلفائهم نهجاً نحو السير أكثر فأكثر في مجال العسكرة.
ورداً على تعقيب بأن أوباما نفسه قال مؤخراً بعدم وجود معارضة معتدلة قادرة على إسقاط النظام، أجاب عرفات: سأتوقف عند هذه المسألة بمقاربتين، الأولى إني أشفق على من يصدق الأمريكيين، فهم سادة التصريحات المتعاكسة والكاذبة، والثانية أن تصريح دعم المعارضة بالأموال قد حصل، حيث تقدم أوباما بالطلب وبالتالي فهو أصبح فعلاً بينما الآخر بقي تصريحاً. وأوضح أن الأمريكيين ماضون بتسليح المعارضة ولا يخرج عنهم أي كلام حول الذهاب إلى حل أو أنهم سيطرقون باب النظام السوري ليقولوا له تعال نضع يدنا بيدك من أجل مكافحة الإرهاب، خلافاً لما تم تدبيجه من مقالات لكتاب مشهورين في العالم العربي بهذا الخصوص. وقال العمل المطلوب اليوم هو جملة من المسائل. فالدول ذات العلاقة بهذا الملف تعمل على مبادرات وحلول في المجال السياسي، وأيضاً القوى الداخلية سواء في النظام أو المعارضة تحضر اقتراحات ومبادرات، وتبحث ما يمكن إنجازه فعلياً من أجل السير خطوة أو خطوات ما باتجاه حل الأزمة السورية. بغض النظر عن دوافعها، فإن كل القوى السياسية تتحرك اليوم، بعضها يثير ضجة إعلامية وبعضها لا يثير لأن طبيعة الخطوات تحتاج لهدوء وتبصر وإعمال للعقل أكثر.
عن المعارضة و«وحدتها»
وعن طلب المحاور لجواب شفاف على سؤال حول السبب وراء غرابة تصريحات كل أطياف المعارضة السورية الداخلية منفردة ومجتمعة أن الخطوط مفتوحة فيما بينها كما أنها متفقة على جميع القواسم المشتركة والخطوط العريضة وعلى ما يسمى بالعمل الوطني، ولكنها لا تستطيع أن تتفق على قضايا تفصيلية، أوضح عرفات: الاتفاق على القضايا التفصيلية موجود لدى قوى وغائب عند أخرى، وهنا ينبغي التوقف عند جملة من المسائل أولها طبيعة القوى المعارضة، فهناك قوى معارضة ذات طابع إصلاحي بالمعنى السياسي، أي أن سقفها بالمعنى السياسي هو إجراء بعض الإصلاحات في البلد وفي النظام وجهاز الدولة، بينما هناك قوى تملك سقفاً أعلى وتريد تغييراً عميقاً للنظام، وهناك قوى سقفها أعلى وتريد إسقاط النظام، إذن فهي قوى مختلفة البرامج، وبالتالي من هنا ينشأ الاختلاف بين أطراف المعارضة وهذه الأطراف تعرف ذلك.
وحول سؤال عما اعتبره المحاور «نمواً سريعاً لنشاط هيئة العمل الوطني» التي يتزعمها السيد محمود مرعي، أوضح عرفات: الأساس هو الوزن الحقيقي في البلد والمجتمع، والمشكلة هنا هي عدم وجود انتخابات دقيقة وحقيقية في سورية لتحدد الوزن الحقيقي لكل قوة. والمقياس الحقيقي هو عندما تذهب إلى انتخابات حقيقية وتحصل على نسبة تمثيل معينة ووقتها يمكن التحدث عن تمثيل هذه الشريحة أو تلك، وإلا فهو مجرد كلام يحتاج إلى إثبات.
حول جدّية النظام
ورداً على سؤال حول عدم منطقية تنظيم النظام لأكثر من طاولة حوار في ظل عدم وجود رؤيا موحدة لدى المعارضة بوفد قد يضم عدداً مختلفاً من الأشخاص لكي يحرج السلطة الجاهزة للحوار، أوضح عرفات: هناك نقطتان، الأولى أنه ليس مطلوباً توحيد المعارضة حيث أن هذا الطلب كان طلباً أمريكياً بالأساس من أجل تقسيم المعارضة بأكبر قدر ممكن واستخدامها كحجة لتثبيت اعترافها بكيان واحد هو ائتلاف الدوحة، وطالما أن القوى السياسية والمجتمع السوريين هما تعدديان بالمعنى السياسي فمن الطبيعي أن تكون المعارضة تعددية. أما النقطة الثانية، فمنذ بداية الأزمة السورية لم تكن وحدة المعارضة هي المشكلة، بل كانت المشكلة دائماً موجودة في مستوى نوايا النظام لعقد حوار حقيقي. هناك تجربة وحيدة هي اللقاء التشاوري الذي انعقد في تموز من عام 2011، رغم أن هناك أطرافاً من المعارضة لم تأت، إلا أن النظام تنكر بعد يومين لنتائج هذا الحوار، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن لم يُعقد أي حوار جدي، والحوار الذي كان يجري الحديث عنه هو حوار النظام مع النظام، أي تتم الدعوة لحوار يأتي إليه اتحاد الطلبة وشبيبة الثورة الخ. عندما قامت المبادرة الرئاسية في العام الماضي، تشكلت لجان لمقابلة القوى السياسية والبحث معها وكانت تضم هذه اللجان أمين الفرع وقائد الشرطة والمحافظ، والمشكلة كانت وما زالت بمدى جدية دعوات الحوار.. ولقد شاركت في جلسات حوارية عدة، وعندما أدخل أرى ممثلي النظام الذين أعرف بعضهم في الحياة العامة، فأسأله ما هو تفويضك فيجيب بأن ليس لديه أي تفويض، إذن لماذا أتيت إلى حوار يفترض أن تخرج عنه قرارات وتوصيات واتفاقات؟ بالتالي وقبل الكلام عن المعارضة وأن عليها تجميع صفوفها هنالك كلام كثير عن مدى جدية النظام.
«جنيف»..
وحول ما إذا بات مؤتمر جنيف مرتبطاً بوريث للإبراهيمي وحول التصريحات الروسية ذات الصلة قال عرفات: إنّ جوهر تصريح غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي لا علاقة له بوجود مبعوث من عدمه، بل يُفهم منه أن الروس ما زالوا يعملون على عقد مؤتمر جنيف، وما زالوا يرون أن حل الأزمة السورية عبر مؤتمر دولي هو أمر واجب وممكن وأنهم سيبذلون جهدهم في هذا الإطار. أما موضوع إيجاد بديل للإبراهيمي فله علاقة بتصريح لأوباما قال فيه أنه لا داعي لتعيين مبعوث دولي جديد، وبالتالي فالتصريح الروسي هو نوع من الرد يفيد بأن الروس ما زالوا متمسكين بالتوجه ذاته وبأنه ينبغي تعيين مبعوث جديد. كما أعتقد أن كلام الروس يعني أن الأزمة السورية ما زالت على الطاولة وعلى جدول الأعمال وينبغي حلها سياسياً والإبقاء على مؤتمر جنيف بوصفه مؤسسة.
وحول أوجه التقاطع بين مؤتمر جنيف3 فيما لو عقد ومؤتمر حوار وطني داخل سورية، أجاب عرفات: إن مؤتمر الحوار الوطني الداخلي هو نقطة مهمة جداً وعقده قبل جنيف3 يساعد المؤتمر الدولي بشكل جدي، لكن الأفضل بالمعنى العملي هو أن يُعقد بعد جنيف. بالحديث عن المساعدة التي يقدمها، إذا جلس السوريون اليوم وبحثوا أسباب الأزمة وسبل الخروج منها وتمكنوا من رسم صورة سورية الحديثة، فإن طرحاً كهذا يساعد جدياً في لملمة جراح الوحدة الوطنية في البلاد حتى لو لم يحل الأزمة. ولكن مهما وصل هذا المؤتمر إلى نتائج وحتى لو نُفذت، فلن يستطيع حل الأزمة لأن لها شقها الخارجي الدولي الذي لا يمكن حله إلا عبر مؤسسة دولية أو نشاط دولي. فما الذي يمكن أن يوقف الدعم الأمريكي أو السعودي أو التركي للمعارضة المسلحة؟!
«داعش» والعراق
ورداً على سؤال أن إحدى تداعيات الأزمة في سورية هي امتداد داعش باتجاه العراق، وهل يمضي العراق إلى التقسيم خاصة مع التصريحات الأخيرة للبرزاني الذي يدعو لاستفتاء حول الانفصال قال عرفات أعتقد أن تصريحات البرزاني تحمل قدراً كبيراً من الابتزاز لتحصيل ما هو أقل. وأوضح أن انقسام العراق لا يمكن أن يتم بقرار من شخص كالبرزاني بغض النظر عن قوته وآرائه، حيث أن تقسيم العراق يحتاج إلى قبول ودعم إقليمي ودولي غير موجود حتى الآن. وأضاف أنه ربما مما يأمله البرزاني هو الحصول على كركوك والمحاصصة في الحكومة العراقية وربما لديه طموحات ليصبح رئيساً عراقياً. ولا يمكن نفي خطر التقسيم ولكنه غير وارد حالياً. وأوضح أنه في حال حدوث التقسيم فستتوسع رقعة الصدامات العسكرية والأهلية في المنطقة وبين الإقليم والجوار، على الأقل بين الإقليم والبلد الذي انفصل عنه. وستصبح التناقضات الداخلية في الإقليم أكثر نشاطاً مما ينذر بصدامات داخله، بين القوى الكردية نفسها. وقال عرفات إن عدد القتلى الأكراد في الصراعات التي دارت بين الأكراد كان أكبر بكثير من عدد أولئك الذين قُتلوا خلال الصراع مع صدام حسين، وهذا يشير إلى وجود كمية كبيرة من التناقضات في إقليم كردستان، ويمكن أن يجري تفعيل هذه التناقضات في حالة «إعلان استقلال» الذي هو نمط من أنماط الانقسام.