إلى حين انعقاد «جنيف».. ما العمل؟!
هشام الأحمد هشام الأحمد

إلى حين انعقاد «جنيف».. ما العمل؟!

يغيب مؤتمر «جنيف» عن اللحظة الراهنة. إلا أن مهامه لا تزال باقية، ولا تبرح مكانها سواء في الداخل السوري، أو في أروقة الحل والعقد على المستوى الدولي. فما الذي يمكن انجازه في هذا الوقت لتقريب الوصول إلى «جنيف» كمدخلٍ لا بد منه للحل السياسي؟

لا ينبغي الركون إلى حقيقة أن الغرب يسعى إلى منع الحل السياسي للأزمة السورية. لا بل سيكون الردّ الأقصى على هذا الغرب، وأدواته بالطبع، بإفشال مساعيه تلك، والعمل على فرض الحل السياسي عليه فرضاً. 

ومما لا شك فيه، أنه من الصعب إجبار القوى الغربية على المجيء إلى طاولة الحل، ولاسيما في اللحظة الراهنة، التي تبذل فيها تلك القوى جهداً حثيثاً لتوسيع «خارطة الحريق» على المستوى العالمي، من خلال تفعيل مختلف الصراعات الثانوية ودفعها إلى السطح. ولكن في المقابل أيضاً، فإن الوقوف بأيدٍ مكتوفة أمام واقعٍ كهذا، وتضييع الفرص المختلفة التي من شأنها أن تخلق تراكماً ضرورياً للوصول إلى الحل الشامل للأزمة، لا يعدو عن كونه خدمة مجانية أمام الغرب وأدواته في المنطقة.

وإلى جانب الغرب، تروّج قوى الفساد، في الدولة والمجتمع، وفي الموالاة والمعارضة، إلى فكرة مفادها أنه وفي ظل غياب رغبة «الكبار» بحل الأزمة، ستبقّى فزّاعة «الحلول العسكرية» تغطّي الفراغ الذي يتركه غياب «جنيف» المؤقّت. ويحل منطق «عض الأصابع» بدلاً عن تحقيق التقاربات والتفاهمات التي تمهد للوصول إلى الحل الشامل. ولكن ما إن نتملّى ببساطة الواقع، حتى نرى أن الكثير من الخطوات يمكن القيام بها، لتحقيق هدفين اثنين، مترابطين مع بعضهما أشد الارتباط، وهما: أولاً التخفيف من آثار الكارثة الإنسانية التي تصيب البلاد، وثانياً تسريع الوصول إلى الحل السياسي. فما هي تلك الخطوات؟

سياسياً، كان لتغييب المعارضة الوطنية، والتضييق عليها، ومصادرة دورها الوطني، دور متعاظم بنقل مركز ثقل الأزمة السورية إلى الخارج؛ فالكثير من الرصيد الذي تمتلكه المعارضة اللاوطنية القابعة في أحضان الغرب كان قد بُني على آلام وجراح المعارضة الوطنية بالإضافة إلى أجزاء واسعة من القوى الشعبية والأهلية. وبدلاً من أن تأخذ المعارضة الوطنية دورها في خلق التوازن الضروري مع النظام القائم، والمساهمة بعملية تغييره، ونتيجة لمصادرة هذا الدور من جانب القوى المتشدّدة والفاسدة في النظام، صار الغرب لاعباً أساسياً في الأزمة ومعطّلاً جدياً للحل السياسي من خلال المعارضة اللاوطنية التي صنعها ووزع عليها الأدوار. 

لا شيء اليوم يمنع التوقف عن إنكار دور المعارضة الوطنية وتجاهل وزنها الحقيقي، سوى خوف قوى الفساد الكبير من الحل السياسي، وقيامها بنتيجة ذلك بإعطاء الغرب ذريعة تعطيل ذلك الحل.

ميدانياً، تتوفّر إمكانية القيام بالعديد من الخطوات التي تسهل سبيل الوصول إلى حل شامل، كالتوسّع في إجراء المصالحات، وتعميقها وترسيخها، وعزل القوى المعادية لها من الطرفين. بالإضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ومن لم يثبت بحقّهم أية إدانات. وحل مشكلة المهجّرين. والتخفيف من آثار الأزمة وبالأخص الاقتصادية والاجتماعية، من خلال ضرب الفاسدين وتجار الأزمة.

إن التصدي لكل تلك المهام من شأنه أن يساهم بقطع الطريق على الغرب وأدواته بالمنطقة، ويعيد مركز ثقل الحل إلى الداخل السوري، ما سيجعل من أي إعاقة للحل السياسي باطلة المفعول، ويمهد الطريق للوصول إلى الإجماع الدولي على تنفيذ ثلاثية «جنيف» المتمثّلة بوقف التدخل الخارجي، ووقف العنف، وإطلاق العملية السياسية.

آخر تعديل على الثلاثاء, 08 تموز/يوليو 2014 12:27