لكي لا يذهب تخفيض سعر المازوت سدى..
تخفيض سعر ليتر المازوت كان مطلباً شعبياً اقتصادياً بامتياز، وما هذا القرار الحكومي بتخفيض سعره بنسبة 25%، وذلك من 20 ل.س إلى 15 ل.س لليتر إلا خطوة في الاتجاه الصحيح، وتصحيح العلاقة بين الإجراءات الاقتصادية والمواطن، ولكن لا بد أن يترافق هذا القرار مع الكثير من الهواجس وأهمها:
هل سينعكس هذا الانخفاض في سعر ليتر المازوت على المواطن السوري إيجاباً، كما أثر ارتفاعه سلباً؟! أم أن هنا المعادلة تختلف، وسيجري «تطنيشها» من المعنيين بعملية الانخفاض بدءاً من سائق السرفيس وصولاً إلى الصناعي في معمله، بما لا يحقق أي انعكاس لهذا القرار على المستهلك النهائي..
فتخفيض سعر المازوت أول إنجازات الحكومة الحالية، والذي يجب أن ينعكس بشكل مباشر على المواطن السوري، كما يجب أن ينعكس إيجاباً على الصناعة والزراعة السورية، وهذه أولى ثمار إصلاح «تخبيصات» الفريق الاقتصادي في الحكومة السابقة، فتكلفة الدعم الجديد على مادة المازوت لن يزيد عن 40 مليار ليرة، وهذا ليس بكثير قياساً بتراجع الزراعة التي خسرت نحو 100 مليار ليرة بعد ارتفاع أسعار المازوت في 2008، ومما سببه ذلك من تراجع الإنتاج الزراعي، ولا بالخسائر التي منيت بها الصناعة، ولا بتراجع مستوى معيشة المواطن، إذا القرار الحالي ومنعكساته الايجابية على الزراعة وحدها سيؤمن دون شك تكاليف فاتورة دعم مادة المازوت الجديدة بالحد الأدنى، وبهذا يعني أن لا خسارة اقتصادية من تخفيض أسعار هذه المادة الهامة..
«أسعار ليتر المازوت في لبنان 35 ل.س، وسعر الليتر في الأردن 40 ل.س، بينما في سورية بات سعره الآن 15 ل.س»، وهنا يتساءل الكثيرون، كيف سيتم ضبط الحدود؟! وهل ستكون أجهزة الرقابة الحدودية الفاسدة (الجمارك وسواها) قادرةً على منع التهريب؟! خصوصاً وأن عمليات التهريب زادت في الشهور الأخيرة الماضية، وهذا يحتم ارتفاع وتيرتها بعد خفض سعر ليتر المازوت لدينا اليوم، وذلك بعد ارتفاع الفارق مع أسعاره مقارنة بدول الجوار!.
فضبط التهريب مسؤولية الدولة، ولكن هذا لا ينفي أن ضبطها هو مسألة وطنية أولاً وأخيراً، وهذا يعني أن على كل مواطن سوري أن يتولى مسؤوليته الاقتصادية – الاجتماعية، وأن يكون جزءاً من عملية مكافحة التهريب كما هو جزء من محاربة الفساد، خصوصاً وأن هذه الأمراض الاقتصادية – الاجتماعية قد تجذرت في أعماق المجتمع السوري، وباتت ثقافة يتوجب على المجتمع مكافحتها، لأن البعض في الجهاز الحكومي قد يسوق الكثير من الأعذار لتبرير استمرار التهريب «الحدود الطويلة، أعرق الدول لا تضبط حدودها بالكامل، ضعف الإمكانات اللوجستية..إلخ»، وجزء من هذا صحيح، ولكنه لا يبرر استمرار التهريب أبداً..