كلمة الرفيق حنين نمر السكرتير الأول للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري
أيتها الرفيقات، أيها الرفاق الأعزاء:
يسرني أن أنقل إلى اجتماعكم هذا، تحيات المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري وتمنياته لكم بالنجاح.
ينعقد هذا الاجتماع في ظل أعقد وأدق الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تمر بالبلاد، وفي المنطقة العربية. إن المشروع الإمبريالي الأمريكي والصهيوني الذي وُجِّهت إليه ضربة قاسية في تموز 2006 على يد المقاومة الوطنية اللبنانية، وقبل ذلك على يد المقاومة الوطنية العراقية المناهضة للاحتلال، هذا المشروع لم ييأس ولم يستسلم، وها هو يستعد لشن عدوان جديد على لبنان ويوتر الأوضاع فيه، ويستخدم قضية المحكمة الدولية المسيسة كمقدمة لهذا العدوان، ويواصل ضغوطاته المتعددة الأشكال ضد سورية لكسر صمودها الوطني والقومي، وإن رائحة البارود تغطي سماء المنطقة العربية، ويلجأ ربابنة هذا المشروع إلى أساليب جديدة مثل زرع الفتن الطائفية والمذهبية لتفتيت المنطقة وتحويلها إلى كانتونات ممسوخة قائمة على أساس عرقي أو مذهبي. وها هو السودان يدرَج على قائمة الدول المرشحة للتفتيت، وتستعر في مصر روائح الفتنة الطائفية، ويتم تقاسم السلطة العراقية على الأسس الطائفية والمذهبية ذاتها. كما تتخذ الولايات المتحدة وإسرائيل تدابير مسبقة لتهيئة المناخ لضرب إيران.
كل ذلك يجري في ظل تفاقم أزمة النظام الراسمالي العالمي التي برهنت على صحة الفكر الماركسي اللينيني، كما برهنت على أن الراسمالية لا تقدم إلا الخراب والدمار والحروب لشعوب العالم، وأن الحل الاشتراكي، مهما انتكست بعض تجاربه، يظل هو الخيار الوحيد الذي ينقذ شعوبنا من الهيمنة والاستعباد.
إن إدارة أوباما، مثلها مثل سابقاتها من الإدارات الأمريكية التي لا تمثل إلا مصالح الطغم المالية والنفطية والعسكرية التي تحكم أمريكا، تسن سكاكنيها الآن للانقضاض على قوى الممانعة والصمود، لإنقاذ مشروع الشرق الأوسط الجديد من الفشل. وهي تنفذ اليوم في فلسطين أخطر مشروع استعماري وصهيوني لتهويد أرض فلسطين العربية وتحقيق الحلم الصهيوني المخطط له منذ أكثر من مائة عام.
إن الحركة الشعبية العربية ليست في أحسن أحوالها اليوم، نتيجة تشتتها ونتيجة الضغط الذي يمارَس عليها من أغلب الأنظمة العربية الرجعية التي تسخر ثرواتها لإنقاذ الاقتصاد الرأسمالي العالمي، بدلاً من تنمية وتطوير أوضاع شعوبها.
إن استنهاض الشارع العربي هو المهمة الأساسية الملقاة على عاتق الأحزاب والحركات الوطنية والتقدمية العربية وفي القلب منها اليسار العربي الذي يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في هذا الاستنهاض إذا ما أمسك بالحلقة الأساسية التي هي إسقاط المشروع الإمبريالي ـ الإسرائيلي وفق برنامج متكامل للتغيير الديمقراطي والاجتماعي.
وفي الوقت الذي تقف فيه سورية العربية، وقفة مشرفة ضد هذا المشروع وتشكل عقبة كأداء أمام نجاحه، فإنها تتعرض لمحاولات من القوى الليبرالية والبورجوازية الريعية والطفيلية والبيروقراطية، لجرها نحو اقتصاد السوق الحر، والعودة بالبلاد إلى الوراء. وقد جرت وتجري تحولات من هذا القبيل على أرض الواقع، دفعت الجماهير الشعبية أثماناً باهظة لها، فتردَّت أحوالُها، واغتنت فئات قليلة بشكل فاحش جداً على حساب الاقتصاد الوطني، وعلى حساب الجماهير، وهي تحاول نسف البنية الاقتصادية الإنتاجية للبلاد، وهي البنية التي كانت أساساً في صمود سورية السياسي، وتهيئ هذه الفئات نفسها للتأثير في القرار السياسي للبلاد كنتيجة طبيعية لازدياد وزنها الاقتصادي.
إن الوضع بهذا الشكل، يتطلب من كافة القوى الشعبية، من عمال وفلاحين وحرفيين وفئات وسطى، ومن الصناعيين الوطنيين ومن القوى السياسية الوطنية كافة، توحيد جهودها للحيلولة دون تحول البلاد نحو اقتصاد السوق، واعتماد الاتجاه القائم على التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمتوازنة، وفق خطة تقودها الدولة والقطاع العام، وتوزيع الدخل الوطني بشكل يتلاءم مع مصالح الجماهير الكادحة.
إن هذه المهمة تفترض بشكل أساسي تفعيل دور اليسار، وخاصة دور الشيوعيين السوريين، الذين قدرهم الأساسي أن يتوحدوا مهما كانت خلافاتهم، ومهما كانت الصعوبات الماثلة أمامهم.
ومن جانبنا، يسعى الحزب بشكل مخلص وصادق لإنجاح الحوار والجهود المشتركة الجارية معكم من أجل التوحيد، لأن نجاح أية تجربة وحدوية سيكون أمثولة حسنة أمام كل الشيوعيين السوريين، وسيزيد من احترام الجماهير الشعبية لهم، وتساعد على تقوية ومنعة الوحدة الوطنية، وتدعيم جبهة اليسار. عاشت الاشتراكية، عاشت الشيوعية.