بمناسبة صدور العدد 500ستبقى قاسيون الأغلى على قلوبنا
بسرور وشغف بالغين قرأت نص المقابلة التي أجريت مع الرفيق الشاعر محمد علي طه بمناسبة بلوغ عمر جريدتنا قاسيون خمسمائة عدد، وقد حفزني لأكتب بهذه المناسبة العزيزة ما لم يتم التطرق إليه في المقابلة إياها..
بعد انتخاب اللجنة المنطقية لدمشق في صيف عام 1986 كنت في عدادها، وتم بعدها تكليفي بمساعدة الرفيق أبو حسام بإصدار قاسيون، وأصبحت محرراً فيها ومشرفاً عليها وكانت تصدر بشكل دوري ومتواتر، وقد باشرت العمل في العدد 81 على ما أذكر، وكما قال الرفيق أبو فهد، فقد تم توزيع مسؤوليات الصفحات على الرفاق، وبدأنا بكتابة المقالات تمهيداً لإصدار العدد، وكانت الأدوات المتوفرة بين أيدينا متخلفة وليست كما هي اليوم، حيث الكومبيوترات والطابعات الحديثة والملونة، بل مجرد آلة كاتبة صغيرة استعرتها من أحد الرفاق، وكنا نكتب العدد على ورق حرير، ثم نقوم بسحب وطبع الصفحات على آلة السحب باللون الأسود فقط، ثم نرتبها ونقوم بخرز كل عدد على حدة، وكم كنا نعاني حتى يرى النور أي عدد جديد، فقاسيون كانت نشرة دورية، ولكنها كانت تفتقد التواتر في صدورها، لذلك لم تكن تصدر شهرياً تماماً، بل حسب استطاعتنا في التغلب على الصعوبات التي كنا نواجهها، وأهمها طبعاً كتابة المقالات على ورق الحرير حيث كان يجب اتخاذ الحيطة والدقة الضروريتين حتى لا نخطئ بكتابة أية كلمة فنضطر لاستعمال نوع خاص من دهان الأظافر النسائي ذي اللون الأحمر لتعبئة الفراغات التي تشكلها كتابة الكلمة الخطأ، ثم نعود لكتابة الكلمة الصحيحة فوقها، وكانت معاناتنا مضاعفة عند الكتابة على الصفحة الأولى التي كان يرسم عليها «لوغو» الجريدة وهو «المطرقة والمنجل» واسم الجريدة ورقم العدد وتاريخه، وكانت ترسم يدوياً، لذلك يجب ألا تتعرض الصفحة للتلف كي لا تعود لترسم من جديد نظراً للدقة الضرورية والوقت الطويل الذي يحتاجه هذا العمل، وكم كنا نسعد ونشعر بالراحة والاطمئنان عند صدور كل عدد، لنعود ونشعر بالقلق مجدداً حتى ننجز العدد الجديد، وهكذا حتى 1989.
في أواخر عام 1989 تم انتخاب لجنة منطقية جديدة، وتم تشكيل هيئة تحرير رأسها الرفيق د. قدري جميل، وضمت الرفاق الأعزاء محمد علي طه وأيمن بيازيد وياسر نجار وفايز برشة والمرحوم كمال مراد، الذي كان يساعدنا برسم لوغو الجريدة، وقد قمنا بتطوير طباعة الجريدة حيث صدر العدد الجديد رقم 116 على ورقة واحدة مطبوعة آلياً وبصفحتين طبعاً، مع الصور التي كانت تفتقدها الطباعة بآلة السحب، ثم بعد ذلك بورقتين وأربع صفحات، وأذكر أنني كنت أكتب زاوية تحت أسم «حكايا أبو محمود» لاقت استحساناً من الرفاق، ولم تقتصر الكتابة على هيئة التحرير فقط، بل كان رفاق آخرون يكتبون فيها، كالرفيق محمد محسن أيوبي وكان سكرتيراً لمنطقية دمشق، والرفيق المرحوم سهيل قوطرش والرفيق وليد معماري، والرفيق د. نبيل مرزوق ورفاق آخرون، ولكن لم نكن نذكر الأسماء الحقيقية للرفاق، وكانت هذه القضية متفقاً عليها.. واستمر ذلك حتى أواخر عام 1991 حيث توقف صدورها مؤقتاً بعد المؤتمر السابع في أيار 1991 بسبب انتقال كل كادرها إلى الجريدة المركزية «نضال الشعب».
وفي منتصف التسعينيات أعيد صدورها، وتم تشكيل هيئة تحرير جديدة ضمت رفاقاً لهم باعهم الطويل في الصحافة، وتم تطويرها شكلاً ومضموناً حيث تم إصدارها بأربع أوراق و8 صفحات ثم 3 أوراق و12 صفحة، وأخيرا بـ4 أوراق و16 صفحة، وأصبحت هيئة التحرير أكبر، وصار لها مراسلون جدد في كل المحافظات.
ومنذ العدد 149 الذي صدر في 12/4/2001، صدرت باسم اللجنة المنطقية بدمشق، وترأس تحريرها الرفيق د. قدري جميل مجدداً حتى الاجتماع الوطني التاسع الذي انعقد في 26/11/2010، وبعد المؤتمر الاستثنائي في 18/12/2003 أصبحت ناطقة باسم الشيوعيين السوريين. وبعد تشكيل اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين وضعت الصحيفة نفسها تحت تصرف اللجنة، وفي الاجتماع الوطني الثامن أصبحت الناطقة الرسمية باسمها.
ولابد من الإشارة إلى أن قاسيون صدر لها عدة أعداد تحت اسم «قاسيون الثقافي» في أواسط التسعينيات، وكان الرفيقان توفيق البطل وشبلي خيزران مشرفين على إصدارها، ولكنها لم تكن تصدر بتواتر قاسيون نفسه.
وأكرر ما قاله الرفيق «أبو فهد»، فأؤكد اعتزازي أنني ساهمت مع العديد من الرفاق الذين ذكرتهم في إصدار الغالية على قلوبنا «قاسيون»، وها أنا مجدداً جزء من جهاز تحريرها المكوّن من رفاق شباب يافعين بعضهم مختص بالصحافة، ولا نألو جميعنا جهداً كي تصدر قاسيون بأحلى حلة وأكثر عمقاً وأمتع قراءة وأكثر قدرة على مواكبة الأحداث التي تجري داخلياً وعربياً ودولياً، فتحية عطرة لكل من عمل بها سابقاً، وأتمنى التوفيق للرفاق الذين يقومون اليوم بإصدارها، وإلى الأمام أيها الرفاق.. وشكراً لكم.