الشيوعيون السوريون في وسائل الإعلام: التلويح بالتدخل الدولي يتصاعد.. ولابد من ملاقاة مطالب الجماهير استعداداً للمواجهة!
أجرت محطة «روسيا اليوم» في أوقات مختلفة، عدة حوارات مباشرة مع عدد من أعضاء مجلس اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين، وسألتهم عن الوضع في سورية واتجاهات تطوره..
وفيما يلي بعض ما جاء فيها..
د. قدري جميل:
يجب الاتجاه سريعاً نحو مطالب الشعب لمواجهة المخططات المعادية
أجري هذا اللقاء الأربعاء 27/4/2011
التطورات متسارعة في سورية.. إلى أين نحن ذاهبون؟
التلويح بالتدخل الدولي يتصاعد في الأيام الأخيرة، والأرجح أن تصاعده سيستمر، لذلك أعتقد أنه يمكن توقع الكثير في هذا المجال، بل يجب توقع الأسوأ، فسورية بحد ذاتها منذ عقد من الزمان على الأقل، وتحديداً في السنوات الخمس الأخيرة، تتعرض لهجمات متتالية كونها ضمن جبهة المقاومة والممانعة ضد مخططات الأمريكية- الإسرائيلية، وقد جرت محاولات عديدة لأخذها من الخارج أو من الداخل، ولكن هذه المحاولات لم تنجح، لذلك يمكن القول إن محاولة أخيرة تجري الآن، وهي محاولة كسر عظم.
انطلاقاً من هذه الفرضية التي تعرفها سورية قبل غيرها، ألم يكن الأجدى أن تستوعب ما حصل في الداخل لتتجنب التدخلات الدولية التي باتت متسارعة وكبيرة في الآونة الأخيرة؟
الوضع معقد، والحلول كما تبين للوضع المعقد لا تكون بسيطة، وإنما يجب أن تكون مركبة، وإذا أردنا تحليل الوضع المعقد فعلينا وضع ثلاثة مستويات، الأول هو الاقتصادي- الاجتماعي، فالسياسات الاقتصادية- الاجتماعية خلال السنوات الخمس الأخيرة كما حذرنا مراراً وتكراراً، يمكن أن تؤدي إلى خلخلة في البنية الاجتماعية وصولاً إلى اللااستقرار السياسي، وهذا الذي حدث مع الأسف الشديد. وأعتقد أن معالجة هذا الجانب في الظرف الحالي يجب أن تتم كما تقول جماعة اقتصاد السوق: «بالصدمة».. وأنا أقترح علاجاً بالصدمة باتجاه سياسات اجتماعية قوية لمصلحة غالبية المجتمع، فالمشكلة اليوم هي أن جزءاً كبيراً من المجتمع السوري همّش نتيجة السياسات الاقتصادية التي اتبعت، وهؤلاء المهمشون يلعبون دوراً هاماً في الحراك الذي يجري، والجزء الآخر ينضم أو لا ينضم، يتفرج أو يتردد، والبعض يتصرف بناءً على مصالحه المتضررة آنياً، ولذلك أعتقد أن حزمة إصلاحات اقتصادية- اجتماعية تأخذ شكل صدمة في المرحلة الحالية ضرورية، ومن هذه الحزمة مثلاً تخفيض أسعار الكهرباء بنسبة 30% وإعادة دعم المازوت الذي سبب مشاكل كبيرة حين تم رفعه.
لماذا الأمن هو العنوان الأكبر والأبرز بالنسبة للنظام، وهو ما يستفز الجميع؟ هل تعتقد أن التعاطي مع المشكلة والأجندات الخارجية هو تعاط حكيم؟
أنا لست ضد المعالجة الأمنية من حيث المبدأ عندما تظهر خلايا نائمة هنا أو هناك، ولكن ليس المبالغة بالمعالجة الأمنية، فالمعالجة الأمنية لها حدود ولا يمكن أن تحل القضايا الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية، وأنا لا أنفي أن هناك معالجة أمنية كما لا أنفي أنه قد يكون هناك مبالغة في هذه المعالجة، ولكن هناك حقيقة تكشفت في الفترة الأخيرة، فالإعلام العالمي والفضائي بالدرجة الأولى يلعب دوراً هاماً في حرب تسمى اليوم «الحرب البسيكترونية»، وقد قامت (روسيا اليوم) بالتركيز على ذلك بلقاء مع أحد الأكاديميين، تحدث عن القناصة ودورهم في الثورات، فهذه الحرب البسيكترونية التي تتبع والتي تستهدف سورية، لا يوجد من ينتبه إليها ليتعامل معها، وثمة تخلف في التعامل مع هذا الجانب، صحيح أن هناك جانباً أمنياً، وقد لا أكون متفقاً معه بهذا الشكل، ولكنني في الوقت نفسه أرى أن الإعلام العربي والغربي يبالغان بهذا الجانب بشكل كبير جداً من أجل إحداث انطباع مضلل.
عندما يصبح هناك ضحايا مدنيون، وقتلى وجرحى، ألا تسقط مثل هذه الفرضيات عندما يشاهد المواطن السوري أن مواطناً آخر يقتل دون أي سبب غير المطالبة بالإصلاحات؟ صحيح أن النظام قام بإصلاحات تعتبر مهمة، ولكن لم يطبق شيء منها، هل تعتقد أن ثمة من يحاول عرقلة تطبيق هذه الإصلاحات؟
ثمة من يحاول عرقلة تطبيق الإصلاحات، وهذا الذي يحاول العرقلة جالس في الخارج بالدرجة الأولى، ويعمل على رفع درجة التوتير. فماذا يعني الذهاب إلى مجلس الأمن؟ وماذا يعني اتخاذ عقوبات جديدة تجاه سورية؟ أنا مختلف مع النظام في سورية ليس حول اتجاه الإصلاحات السياسية التي أوافق عليها من رفع حالة الطوارئ وقانون الأحزاب وغيره، وإنما أنا مختلف معه حول الوتيرة، ولكن لا خلاف بالجوهر حول الإصلاحات السياسية فهناك إجماع وطني في سورية حولها.. الكل متفقون حول هذا الموضوع، وقد يكون الخلاف فقط حول الوتيرة والآجال الزمنية. فإذا كان النظام يسير باتجاه الإصلاحات التي يريدها الشارع، وأنا أتحدث عن الإصلاحات السياسية وليس الاقتصادية، فما الذي يعنيه التصعيد في مجلس الأمن؟ ألا يعني محاولة فرملة النظام ليؤجل الإصلاحات السياسية إلى أجل غير مسمى؟ إذا مضى النظام إلى الإصلاحات السياسية فأعتقد أن التوتر في الشارع السوري سينخفض إلى درجة كبيرة، لكن النظام لا يعطى هذه الفرصة حالياً. من المفترض أن يجتمع مجلس الشعب في الثاني من الشهر القادم ليقر هذه الإصلاحات، ولكنني أرى أن هناك تصعيداً ملحوظاً ومقصوداً ومرتفع الوتيرة لمنع الوصول إلى هذه اللحظة.
هذا بالنسبة للخارج، ولكن يقال إن هناك انقساماً وتمايزاً داخل النظام نفسه يعكر صفو التطبيقات؟
أنت قلتيها.. «يقال».. ما المقصود بـ«يقال»؟ هذا يعني إشاعات، والفرضيات قد تكون خيالية، ومن يتحدث بهذه اللغة لا يعرف النظام في سورية، قد يكون هناك وجهات نظر، ولكن القرار شديد المركزية في النظام، والخلافات في التطبيق غير موجودة، وقد يكون هناك خلل في التطبيق ليس إلاّ.
هل تخشون على سورية اليوم أن يصبح وضعها شبيه بما يحدث بدول عربية أخرى؟
هذا الخطر موجود، وأعتقد أن الأمريكيين يدفعون الأمور باتجاه النموذج الليبي على الطريقة السورية المخففة، أي حل معضلة الشرق الأوسط عن طريق شل سورية وهزيمة حزب الله وتوجيه النيران الأساسية إلى إيران، أي فك مفاصل جبهة المقاومة والممانعة، لذلك الحفاظ على الوحدة الوطنية مهم جداً، وهي تعني بالظروف الحالية الاتجاه سريعاً نحو مطالب الشعب إحداث فرز نهائي، وعزل ذلك السلوك الذي يقوم به بعض المتطرفين من هنا وهناك من أجل تشويه الحركة الشعبية وحرفها عن مطالبها المشروعة.
علاء عرفات:
ما تقوم به الحكومة والنظام
أبطأ مما هو مطلوب منهما
أكد الرفيق علاء عرفات عضو رئاسة مجلس اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين في تصريح له لفضائية «روسيا اليوم» أن ما تقوم به الحكومة والنظام أبطأ مما هو مطلوب منها في هذه المرحلة الحساسة.
وقال عرفات: إن «الحركة الجماهيرية الشعبية في سورية تحركت تحت تأثير مجموعة من التناقضات الطبقية الموجودة في المجتمع، هذه الحركة التي من دون شك لها مطالب محقة وهي تتحرك من أجلها، والتحركات لم تعد مرتبطة بيوم الجمعة، لأنها تتحرك في الأيام الأخرى أيضاً، وهي تتعاظم وهذه المطالب يجري الموافقة عليها من الدولة، وتصدر قوانين ومراسيم لتحقيقها، لكن هذه الحركة الجماهيرية ترى أن تلبية مطالبها يتم بشكل بطيء، من هنا فإن هذه الحركة لا تتوقف بل في تصاعد مستمر».
وأوضح عرفات أن «مشكلة الحكومة في سورية أنها ما تزال تعمل على أجندتها السابقة، وعلى حركة بطيئة كما كانت في السابق، وهذا ما تحدث عنه السيد رئيس الجمهورية سابقاً، فاللحظة الآن استثنائية، بينما التحركات التي تقوم بها الحكومة والنظام أبطأ مما هو مطلوب منها في هذه المرحلة، لأن النظام حتى يستطيع أن يحقق مطالب الحركة الجماهيرية المتصاعدة ينبغي عليه أن يسبق مطالبها، وهي مطالب (سياسية واقتصادية واجتماعية)، وحتى وطنية فيما يتعلق بالجولان».
وفي رده على سؤال فيما إذا كان من إمكانية لتحقيق هذه المطالب بين ليلة وضحاها في هذه المرحلة التي تحتاج لبعض الوقت قال عرفات: «هذا شيء مؤكد في حال تطبيقه، لكن على الحكومة أن تعمل على ملاقاة هذه المطالب، ولا بد من أخذ القرارات بشأنها، وفتح الأقنية بين الحكومة وبين الحركة الجماهيرية، ولا بد من نشوء درجة عالية من الثقة بينهما حيث توجد مشكلة في هذه المسألة في سورية، والثقة ضعيفة بين النظام وبين الحركة الجماهيرية، مما يعني ضرورة نشوء مستوى عال من الثقة، وهذا يتطلب أخذ إجراءات استثنائية وسريعة».
وتساءلت «روسيا اليوم» عن البيان الذي صدر باسم الناطق الرسمي باسم اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين، وجاء فيه إن هناك قوى مشبوهة تريد أن تركب حركة الجماهير وتدفعها باتجاه الشحن الطائفي، وما إذا كانت اللجنة الوطنية توافق على الرواية الرسمية حسب البيان الذي أصدرته وزارة الداخلية وأكدت فيه بوجود مخربين ومؤامرة خارجية؟
أشار عرفات إلى إنه « ينبغي عدم استبعاد المؤامرة الخارجية في هذه اللحظة، طالما الولايات المتحدة الأمريكية المعادية لحق الشعوب موجودة، وإسرائيل موجودة، فأمريكا تحاول أن تحل أزمتها وتخرج منها على حساب الشعوب، أما ما يتعلق بالقوى المشبوهة فهي للأسف موجودة في المجتمع وفي جهاز الدولة وتعمل على الشحن الطائفي، وهي نفسها التي تلجأ للعنف المسلح، وهدفها حرف الحركة الجماهيرية عن أهدافها المشروعة، بحيث تخرج الحركة عن مسارها الصحيح والحقيقي».
وفي رده على ما حدث في درعا قال عرفات: «ليس هناك من معطيات بوجود سلفيين في درعا، بغض النظر عما قيل حول هذا الموضوع في حمص وبانياس، لكن ما حدث في درعا من استخدام للعنف يرتبط بشكل مباشر بما قام به المحافظ ورئيس الأمن السياسي، وهنا كانت بداية انطلاقة المشكلة في درعا، وتحويلهما للقضاء من قبل السلطات يشير إلى مسار ما جرى».
جهاد أسعد محمد:
المطلوب التسريع بتنفيذ الإصلاحات وتوسيعها اقتصادياً واجتماعياً
أجري هذا اللقاء في 20/4/2011
لابد من التأكيد على أن الحراك الشعبي الموجود في سورية منذ أكثر من شهر له كل مبرراته الموضوعية؛ اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً. ولكن غياب أي دور أو تأثير للقوى السياسية بسبب المناخات التي فرضتها حالة الطوارئ تاريخياً، جعلت إمكانية امتطاء هذا الحراك من أي كان أمراً متاحاً، وهو ما حصل حتى الآن.
وأعتقد أن المطلوب حالياً هو التسريع بتنفيذ الإصلاحات، فالمرحلة خطيرة وتتطلب إدراك المسألة بشكل عميق.
أعتقد أن الشعب السوري بتاريخه الحضاري الكبير والموغل في القدم، بتنوعه المنسجم تاريخياً، لم يحصل أن وصل إلى هذا المستوى الخطير، المتمثل بوصول هذا الحراك إلى مرحلة التناحرية. هذا الأمر بغاية الخطورة ويجب العمل على منع الوصول إلى الاقتتال الأهلي، وهذا يتطلب قطع الطريق على كل القوى التي «تمتطي» هذا الحراك وتدفعه باتجاهات تخدم مصالحها بعيداً عن مصالح الشعب، وفي هذا الشأن لابد من الكف النهائي والفوري عن استخدام السلاح، وعلى السلطة أن تتعامل مع الاحتجاج السلمي بطريقة أكثر نضجاً، لمنع القوى التي يمكن أن تدخل على هذا الخط من أن تحدث شرخاً فئوياً يؤثر على الوحدة الوطنية في سورية.
لاشك بأنّ هذا الحراك وطريقة التعاطي معه حتى الآن على أنه حدث عابر قد أعطى لكل القوى على الأرض، وخاصةً القوى التي يمكن أن تكون مرتبطة بالولايات المتحدة أو بالصهيونية وبعض الأنظمة الرجعية العربية أو المرتبطة بها أو التابعة لها، إمكانية أن تدخل على الخط وتوسع الشرخ الموجود، وتوسّع حالة انعدام الثقة بين المحتجين والنظام السياسي وجهاز الأمن.
يجب أن نعترف بأن الإصلاحات مطلوبة، ومطلوب ما هو أكثر جذرية وعمقاً مما تم إقراره حتى الآن.. فالمطلوب تحقيق كل المطالب التي رفعها المحتجون، بل والمضي إلى تحقيق المطالب التي سترفع لاحقاً، فعلى النظام أن يثور بنفسه على نفسه، ويمضي إلى الأمام سريعاً كي يقطع كل المحاولات التي تستهدف زيادة موجة الاحتجاجات الناشئة من القوى المعادية في سورية، وأعتقد أن المطالب كثيرة في سورية، وإلى الآن المطالب المرفوعة ليست بالعمق المطلوب أيضاً، لأن هذا الحراك الشعبي لا دخل أو تأثير للقوى السياسية الوطنية في إدارته، ولم يرفع الشعارات التي ترفعها هذه القوى. الآن يجب استباق كل الشعارات التي سيقوم الحراك برفع المزيد منها، يجب أن نسير إلى الأمام بإصلاحات حقيقية وجذرية في كافة النواحي الاقتصادية- الاجتماعية- السياسية، ويجب العمل من الآن على وقف النهب الكبير، الذي ازداد لفترة طويلة، كما يجب وقف كافة أشكال تدخل الجهات التنفيذية في دور وصلاحيات بقية السلطات، ويجب العمل الفوري على قطع الطريق على كلّ من يعمل على تحويل الحراك الشعبي إلى اقتتال دموي. إنّ على النظام السياسي في سورية وعلى كل القوى الوطنية العمل الجدي والسريع و«الطوارئي»، إذا صح التعبير، لوقف كل احتمال في دفع الحراك إلى نهايات مظلمة ومعضلة.
وفي لقاء ثان لروسيا اليوم صبيحة يوم الجمعة 22/4/2011 مع الرفيق جهاد أسعد محمد، جرى الحوار التالي:
هناك إصرار للخروج فيما يسمى بالجمعة العظيمة، هل يعني هذا أن التظاهرات ستشهد تصعيداً أكبر للضغط على الحكومة لتنفيذ المطالب المرفوعة؟
يجب الاعتراف بداية أن سورية تمر بأزمة وطنية حقيقية، أبعادها سياسية واقتصادية- اجتماعية، والحقيقة أن حزمة المراسيم التي صدرت حتى الآن يمكن أن يقال عنها إنها جيدة لكنها غير كافية، وإذا ما أردنا أن نحيط بكل جوانب الأزمة فيجب العمل بالسرعة القصوى على توسيع حزمة هذه الإصلاحات، لتشمل جملة من القضايا الاقتصادية الاجتماعية التي تختبئ حتى الآن خلف الشعارات المرفوعة.
في هذا السياق أعتقد أن المطلوب هو المبادرة بسرعة لتشكيل لجنة حوار وطني يديرها مجموعة من الشخصيات الوطنية التي لم تتورط بالقمع أو بالنهب أو بالفساد.
في ظل ما تطرحه السلطات من قرارات وإصلاحات سياسية واقتصادية، لماذا لا تجلس قوى المعارضة على طاولة حوار وطني مع المسؤولين للوصول إلى حل؟
أولاً المسألة ليست بيد قوى دون غيرها، بل تحتاج إلى مبادرات مشتركة، وفي جميع الأحوال الأمر الآن ليس مطروحاً وليس هناك قوى أطلقت مبادرة من هذا النوع، ثم إن مصطلح «قوى المعارضة» هو مصطلح مشوش، ففي سورية ليست هناك قوى تدير الحراك الاجتماعي، ولكن هناك حراك عفوي تحاول بعض القوى ركوب موجته أو الزعم والادعاء أنها مؤثرة فيه، ومن هنا أقول إننا بحاجة لمبادرة سريعة لتجنب تفاقم الأزمة.. المطلوب أن تقوم الدولة بطرح مبادرة سياسية وتجمع فيها الشخصيات الوطنية والقوى الوطنية في الداخل، والمنظمات الشعبية والمثقفين الوطنيين، والبحث في عمق هذا الحراك، لأن الأزمة على ما يبدو ماضية إلى المزيد من التصاعد.. الحزمة التي جرى البحث فيها حتى الآن طابعها سياسي، لكن الأزمة أعمق وأكبر من ذلك بكثير، لذلك يتطلب الأمر أن نبحث في جذر المشكلة الاجتماعية وفي جذر الاحتقان الاجتماعي الذي مازال يتراكم في صدور السوريين منذ عقود طويلة.
لكن بالعودة لقانون السماح بالتظاهر السلمي.. والإصرار على التظاهر بعد صدور هذا القانون، ألا يمكن أن يضع المتظاهرين في خانة الخارجين عن القانون؟
المسألة لا يمكن رؤيتها من جانب شرعي أو غير شرعي، فطالما التظاهر موجود وقائم، فهذا يعني أن هناك مطالب كبرى يصر عليها السوريون، وهذا يتطلب البحث في عمق هذه المشكلة وليس التعاطي معها بسطحية.. أنا أوكد أنه طالما هناك احتجاج يعني أن هناك مطالب عميقة لا يجري التطرق إليها، وهذا ما يجب أن يعترف به ويتعاطى معه الجميع، بما يلزمه من الجدية والتفهم والتواضع، وقبول أن هناك ما هو أكبر من الإصلاحات التي جرت حتى الآن، وأعتقد أن هذا الأمر يتطلب البحث في ما لم تستطع الشعارات الاحتجاجية التعبير عنه حتى الآن: مثل النهب والفساد الكبير، والمسألة الوطنية بعمقها وامتداداتها.. نحن في سورية لدينا أرض محتلة لم يجر إشراك الشعب السوري في البحث في طريقة حلها أو الوصول إلى تحرير الأرض، وهناك مشكلة لها علاقة بتسلط الجهات التنفيذية على باقي السلطات، وهناك مشكلة كبرى اقتصادية – اجتماعية تتلخص بالبطالة والفقر، وازدياد انحدار المجتمع إلى ما تحت خط الفقر، ورفع الدعم عن المحروقات والمواد الغذائية، وثمة مشكلات كبيرة في الصحة والتعليم.. يجب البحث في هذه المشكلات بالسرعة القصوى ، فالاحتجاجات سوف تستمر طالما أن القضايا الأساسية لم يجر التطرق إليها بحلول سريعة وجذرية، وحتى الآن لم تظهر سوى النوايا في هذا الإطار.