الموضوعات.. والظفر بالجماهير
قرأت ببالغ الاهتمام مشروع الموضوعات البرنامجية، وأعجبني التحديد الدقيق للمرجعية الفكرية، والتحليل الصائب للأزمة الرأسمالية واعتبارها أزمة عميقة وبنيوية، ومن ثم طرح النضال المشترك كحل وحيد أمام شعوب الشرق العظيم في مواجهة المخططات الإمبريالية، وتأكيدها على خيار المقاومة لمواجهة التحديات الوطنية الكبرى، وتوجيهها النار على سياسة التيار الليبرالي الاقتصادية التي ضربت البلاد والعباد.
واستخلصت الموضوعات المهام المنتصبة أمام الشيوعيين السوريين لكي يستعيدوا دورهم الوظيفي!
وما دامت الموضوعات قد حددت في هذه الفترة الحلقة الخاصة في السلسلة التي يجب علينا التمسك بها بكل قوانا من أجل عدم إضاعة السلسلة كلها، والتحضير للانتقال إلى الحلقة التالية.. وما دامت هذه الموضوعات قد وضعت استناداً للماركسية اللينينية، وفسرت الواقع بشكل علمي دقيق كونه لا يجوز بناء التكتيك الماركسي على المجهول، فالسؤال هنا هو: ما الذي يمنع من أن تظفر هذه الموضوعات ورؤية وخطاب اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين بأوسع التفاف جماهيري حولها!!
حسب رأيي المتواضع، هناك عدة أسباب تقف عائقاً أمام تحقيق هذا الهدف ولو مؤقتاً.
1 - أن الكثير من الرفاق تربوا على اعتبار أنفسهم ثوريين من دون القيام بأي عمل ثوري، إذ من المعروف أن انتقال المرء من الرغبة في أن يكون ثورياً ومن الأحاديث عن الثورة إلى العمل الثوري الفعلي، هو انتقال عسير جداً وبطيء جداً ومؤلم جداً كما يقول لينين.
2 - إن إعداد قادة حزبيين محنكين وفائقي النفوذ هو قضية عسيرة وطويلة، وبدونها يغدو الكلام عن التغيير لا معنى له، وواقع الحال أنه لدينا بعض القادة الحزبيين مازالوا يعملون وفق العقلية القديمة، مما يبعد الرفاق المخلصين والأصدقاء القريبين عن الحزب.
3 - اتباع الفصائل الشيوعية الأخرى سياسة ثورية شكلاً، إصلاحية فعلاً وجوهراً، وبالتالي ابتعاد معظم الجماهير عن الشيوعيين، علماً أن قسماً من هذه الجماهير وهو غير قليل، بدأ يدرك ويميز بين سياسة هذه الفصائل وسياسة اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين.
وهنا أذكر بأن الموضوعات لم تتطرق إلى السياسات الإصلاحية ولاسيما أن خطرها كبير، كون عدم قيام هذه الأحزاب الحالية بواجبها إنما يعني موتها سياسياً وتنازلها عن دورها، وانتقالها إلى جانب الأحزاب البرجوازية عملياً.
4 - رتوب الجماهير وهمود همتها وعدم انتظامها سياسياً، وهو أمر ناجم عن تجريف الحياة السياسية.. هذا من جهة، والتحديات والمهام الكبيرة المنتصبة أمامها من جهة أخرى، كون هذه المنطقة تلقى القسم الأعظم من اهتمام الإمبريالية العالمية، والذي يهدف إلى استعبادها واستغلالها وتفتيتها.
- إن رسم سياسة مبدئية وصحيحة قد يكون أمراً سهلاً أو ممكناً، ولكن تطبيق هذه السياسة في الواقع أمر بالغ الصعوبة في ضوء ما ذكر أعلاه من عوائق.. يقول لينين «الإسكافي يصنع الحذاء، ولكن منتعله هو الذي يعرف من أين يضايقه»!.
5 - عزوف هذه الأجيال عن القراءة، إذ يكفي الاطلاع على بعض الإحصائيات المتعلقة بذلك لندرك حجم هذه المشكلة، وفي هذا الإطار أرى اختصار الموضوعات إلى الفقرات المطبوعة بأحرف كبيرة، بحيث يقع على عاتق الكادر مهمة شرح مضمونها.
6 - الكم الهائل من التضليل الإعلامي المعادي والتواطؤ بين بعض الأنظمة العربية والتيار السلفي.
7 - يؤكد لينين على أنه «إذا أفلح الحزب واجتذب إلى النضال أناساً من غير أعضائه، إذا أفلح وهز اللا حزبيين أيضاً، كان هذا بداية الظفر بالجماهير».
- إن غنى المشاركة في مناقشة مشروع الموضوعات البرنامجية كماً ونوعاً، وخاصة من أناس لا ينتمون إلى أي من الفصائل الشيوعية، وأذكر على سبيل المثال المقالة المنشورة في العدد /457/ والمذيلة باسم رمزي «فاطمة الزهراء».. إضافة إلى الكم الهائل من الطلاب، والمقالات التي ترد إلى جريدة قاسيون والعدد الكبير من زوار الموقع الالكتروني للجريدة من أناس ليسوا شيوعيين، إن هذا يشجعني على القول بأن الرؤية والخطاب الذي تطرحه اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين في مشروع الموضوعات هو بداية الظفر بالجماهير.