لكي تكون السلطة للشعب...
يجري العمل بشكل حثيث على تشويه الحركة الشعبية السلمية والإساءة لها من جميع أطراف الأزمة في سورية (النظام – المعارضة اللا وطنية)، وكلٌ من حيث موقعه وتخوفه من سلوك هذا المارد الوليد ومنحى تطوره الطبيعي، بما يمثله من تهديد لجميع قوى التطرف في النظام والمعارضة المدعومة من الخارج، والحديث هنا لا يسعى إلى إلقاء اللائمة على هذا الطرف أو ذاك، فكلاهما أثبت بالتجربة سعيهما إلى تعميم لغة السلاح والرصاص وهو ما يلقي بالبلاد إلى التهلكة، وإنما المطلوب بلورة المهام الملقاة على عاتق الحركة الشعبية السلمية باعتبارها الضامن الأساسي لتحقيق التغيير الجذري الشامل..
لعل أبرز ملامح نضوج الحركة الشعبية في إطار تطورها بالمعنى السياسي بروز أشكال تنظيمية جديدة ناضجة سُمي بعضها بـ «لجان السلم الأهلي» من داخل هذه الحركة في بعض الأماكن، وهي تختلف عن لجان النظام والمعارضة مسبقة الصنع ( تنسيقيات - لجان شعبية..)، إلا أن انتشارها مازال ضيقاً بحكم تأخر تطور هذه الحركة نتيجة الانتكاسات والانحرافات التي أصيبت بها، والمرشح تعميم هذه التجارب في إطار صعودها وانتقالها من حركة عفوية إلى حركة سياسية، لذلك يرتدي العمل على توسيع مهامها أهمية كبيرة في هذه الظروف الحرجة من الواقع السوري، خاصة في ظل انتشار الفوضى على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية في كثير من المناطق نتيجة للتراجع الواضح لدور الدولة أو لممارستها لدورٍ سلبي، وهو انعكاس لدرجة العجز عن إيجاد حلول حقيقية وسريعة في هذه المجالات، وهو ما ينعكس على حياة الشعب السوري كله دون أي استثناء، يترافق ذلك مع غياب الحسم النهائي الناجم عن التوازن الصفري في ميزان القوى الدولي..
كل ذلك يدفع بـ «لجان السلم الأهلي» باتجاه العمل على ملء الفراغ الحاصل بالأخص في المناطق المتوترة، من خلال إيجاد المخارج المناسبة للمشاكل الموجودة على الأرض، والحديث هنا يبدو للوهلة الأولى أن مهام هذه اللجان مرتبطة بقضية تنظيم التظاهر وبلورة الشعارات المرفوعة ...إلخ، وإن كان ذلك على درجة ما من الأهمية، إلا أن مهامها تتعدى ذلك لتشمل الدفاع عن الوطن من خلال الدفاع عن لقمة المواطن وكرامته، فهاجس تراجع مستوى المعيشة نتيجة فلتان الأسعار والصعوبة المستمرة في تأمين بعض المواد كالغاز والمازوت والخبز، بات يفرض على هذه اللجان خلق الآليات المناسبة من خلال المجتمع لمراقبة الأسواق وكسر احتكار التجار للسلع والعمل على تأمين المواد الناقصة فيها، زد على ذلك الخطر اليومي المتمثل بالتعرض للعنف من المليشيات الطائفية المسلحة «الجماعات المسلحة المعارضة للنظام - الشبيحة المسلحين» يحتم إيجاد الصيغ الملائمة للعمل مع الجيش (الضامن الوحيد لوحدة البلاد) لحماية أشكال الحراك السياسي الجديدة المطلوبة لتطور الحركة الشعبية، وإيجاد لجان مقاومة شعبية بالتعاون مع الجيش لحماية الحدود من أي عدوان خارجي محتمل..
إن تنفيذ هذه المهام وتطبيقها على أرض الواقع ينضوي على صعوبات عديدة، إلا أن أدوات تجاوزها تنطلق من الإجماع الناشئ في الشارع السوري في كل مكان سواء كان جغرافياً أو سياسياً على تحقيق التغيير السلمي الأمثل، والذي من شأنه حل القضايا الشاملة باتجاه ترسيخ الاستقرار السياسي والاقتصادي وحماية الوطن من الأخطار المحيقة به، هذا الإجماع هو الأداة الأساسية لدفع سورية إلى الطريق الجديد وتحقيق إرادة الشعب..