انعقاد المؤتمر التأسيسي لائتلاف قوى التغيير السلمي في سورية  «خلي التغيير حقيقي...»

انعقاد المؤتمر التأسيسي لائتلاف قوى التغيير السلمي في سورية «خلي التغيير حقيقي...»

افتتح المؤتمر بالنشيد الوطني السوري، تلاه كلمة تقديمية قدمها ممثل رئاسة الجبهة الشعبية للتغير والتحرير عادل نعيسة جاء فيها:

«هناك قول تاريخي: إن اللحظة التاريخية أو التحولات التاريخية تقع بين أخدودين أو تلين: عندما لا يعود الحاكم قادراً على الاستقرار فيما كان عليه، وعندما لم يعد الناس يقبلون اليوم ما كانوا يقبلونه بالأمس، في هذه اللحظة التاريخية إذا توفر الحامل والفاعل والمفجر حصلت المعجزة..

في هذا الإطار بدأ الحراك الشعبي في قاعه على أرضية المعاناة المشروعة والمطلوبة والمنتظرة والمباركة، وكان تعبيراً شعبياً حقيقياً،يسوغه ويفسره واقع قائم على عقود من الزمن، واقع يقول إنه كان هناك شرطي في رأس كل مواطن، وأن هناك علق يمص لقمته، وكان هناك المحسوبية والفساد والرشوة والبطالة والجوع والفقر، وليس هناك قضاء يحمي الناس ولا صحافة تتحدث باسمهم، ولا برلمان ينقل قضاياهم، فهل يقيم صلاة الشكر؟ كانت صلاته حرية وكرامة!.

من هنا بدأنا، وعلى هذا بنينا الآمال العريضة الواسعة البيضاء، لكن معسكر الغيلان والحيتان سرعان ما ذعره هذا الحراك الشعبي الحقيقي المبشر بالتغيير، فتحركت حيتان الداخل والغيلان على الحدود من كل نوع وجنس، وبكل لسان، واختاروا كلهم أن يروا بعين واحدة، ويتكلمون بلسانين مختلفين، وبينهما كان الحراك شيئاً فشيئاً يفقد الكثير من طهريته وإمكاناته، ويكاد يضيع ونضيع معه في زحمة هذا الصراع.

مضت شهور وما زلنا نتفاءل، وعندما نتحدث عن ائتلاف قوى التغيير نعني تماماً أنه رغم الحديد والدماء التي تسيل ورغم القوى التي تلعب على الشبكة ذاتها، بأن هناك طريقاً واحداً للخروج من الأزمة وهو الطريق السليم والذي نأمل شيئاً فشيئاً أن تجتمع حولها أطر بعد أطر، وبخاصة القوى التي ما تزال صامتة أو تتفرج، لأن التاريخ لن يغفر يوماً لنا أن نقف نتفرج وبلدنا تحترق، فحقوق الأوطان لا تموت بالتقادم.

ممكن أن الغيلان والحيتان ستتبادل المصلحة، إنهم متشددون في النظام يقول أحدهم، ويقول آخر إنهم متشددون في الحراك، وتحول الحراك في جانب منه مع الأسف إلى قتل وسلب وخطف ونهب، وأتاوات.. وكان لابد من استعمال المقاييس ما قبل الوطنية من العشيرة إلى الطائفة والعرق، حتى كدنا نصل إلى الحرب الأهلية.

لقد عبرنا حتى وصلنا هنا محطات عديدة، تحركت في البداية الجامعة العربية، وأنا أحد أولئك الذين اعتقدوا- وكانوا على صواب- بأن تحرك الجامعة العربية في حينه والمبادرة العربية في حينها ليسا سوى محطة وخطوة للوصول إلى مجلس الأمن، وتحت ذريعة حماية المدنيين سيذبح المدنيون.

في الداخل، قد نختلف أو نأتلف، قد نختار التغيير السلمي وقد نختار طرقاً أخرى، هذه كلها أمور يمكن أن تجري لأنها تستند إلى وجهات نظر، لكن ما لا يمكن أن يؤخذ به هو الأسلوب، فهل هو الأسلوب الذي يبنى على الحوار والتفاوض والخروج الآمن والانتقال السلس ووضع العلاج الجذري والشامل للمجتمع؟ هذا لا يستدعي لا حساسيات حزبية ولا طروحات حزبية. وإنما يستدعي، ويتطلب وبإلحاح التعامل مع اللحظة الراهنة الخطرة وكل ما يجري من منطلق أن الوطن الآن في الرهان.

هناك ثنائية مزعومة وكاذبة: إما أن تكون مع هذا المعسكر أو أن تكون مع النظام.. إن من هو فوق النظام وفوق الحراك وفوق المعارضة وفوق القوى هو الوطن، إننا جميعاً نعرف طريقنا إلى الوطن، ويعرفنا الوطن جيداً، وعهداً علينا ألا ننسى جيلاً بعد جيل أن كل من جرح هذا الوطن في جسده أو في كرامته ووجوده، سيدفع الثمن ذات يوم، فهو الوطن».

بعض الإجابات في المؤتمر الصحفي:

د. قدري جميل:

لتمييز الفرق بين الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير وبين ائتلاف قوى التغيير السلمي في سورية، أوضح أولاً أن لدى الجبهة برنامجاً قصير المدى وآخر متوسط وبعيد المدى هو البرنامج الاقتصادي- الاجتماعي السياسي، أما الائتلاف فيهدف للخروج الآمن من الأزمة، وبرنامجه تكتيكي وقصير المدى، وهو بين قوى تآلفت لتحقيق أهداف آنية، بينما الجبهة والقوى المكونة لها متوافقة حول أهداف أبعد، أي أهداف ما بعد الخروج الآمن من الأزمة.

وفيما يخص انسحاب كتلة الجبهة من جلسات مجلس الشعب، لا أدري كيف نقل الإعلام الموضوع، ولكن الذي سبب خروج كتلة الجبهة الشعبية من الجلسة الأولى هو رفض رئيس المجلس إعطاء حق الكلام على أساس نقطة نظام لأحد أعضاء الكتلة من النواب، وفي الجلسة الثانية رفض إعطاء هذا الحق نهائياً من أجل الحديث حول محضر الجلسة الأولى وضرورة تدقيقه لأنه لم يعكس ما جرى في الجلسة الأولى، لذلك واحتجاجاً على منع أعضاء الجبهة نواب مجلس الشعب من حق الكلام تحت قبة البرلمان انسحبنا من الجلسة، وأعتقد أن تقاليد الديمقراطية في هذا البلد، وبالذات في البرلمان، بحاجة إلى جهد وترسيخ وعادات وتقاليد جديدة، وشيئاً فشيئاً سنتعلمها جميعاً بالتجربة.

د. مازن مغربية:

إذا قبلنا دائماً أنه ليس هناك تظاهرات سلمية وأن كل التظاهرات فيها مندسون يطلقون الرصاص على الأمن والمتظاهرين، فعلينا إذاً أن نتقبل الرواية الأخرى من متطرفي المعارضة التي تقول إن الجيش الحر أو ما يسمى بالجيش الحر يندس بين المتظاهرين ليحمي المتظاهرين السلميين. نحن كطرف ثالث نرى بعينين ولا نرى بعين واحدة، لذلك لم نكن مع طرفي الصراع حتى الآن.

ليست غاية الائتلاف توحيد المعارضة، ولكن نحن أطياف معارضة تتفق تكتيكياً على الثوابت التي أعلناها، وليست الغاية أبداً أن نكون بديلاً عن أية معارضة، وإنما توسيع الروابط الموجودة في مواقفنا.

طارق الأحمد:

الحقيقة أن في شعبنا الكثير من الناس المثقفين والمعارضين والخيرين، وهذا الائتلاف هو فتح للباب ولليد للتعاون مع كل فئات الشعب، وهذه هي الغاية، ونحن نعتقد أن هناك الكثير من الناس غير المستقطبين في الهيئات المعارضة المعروفة حالياً، وبالتالي هذا الائتلاف يريد فتح يد نعتقد أنها تدل على الطريق للخروج من الأزمة الراهنة، ونريد أن ندخل في عمق التفاصيل وليس فقط في الشكليات.

د. علي حيدر:

من الواضح أن هناك فهماً خاطئاً لدى البعض حول مفهوم الحوار الوطني، وكأن الحوار هو لإقناع طرف بحجة طرف آخر، الحوار ليس آلية ينتصر بها طرف على طرف، وإنما هو تفكير بصوت مرتفع لتبادل الآراء والأفكار والخروج بمخرج أقرب إلى الاتفاق بين جميع الأطراف على توصيف الأزمة وحلها، وبالتالي ليس هناك من داع حين ذلك لإيجاد قوى تفرض نتائج هذا الحوار، لأن قواه منه وفيه من خلال التوافق الذي سيحصل بين جميع الأطراف.

آراء في مناقشة الوثيقة البرنامجية..

د. مقداد عبود:

السؤال المركزي المطروح علينا هو: من أين تأتي قوة ائتلاف قوى التغيير السلمي؟ في الحقيقة قوته تأتي من رؤيته السياسية والموقف الذي تبناه، وهذه هي الضمانة الفعلية الحقيقية لممارسة عمل سياسي في سورية ضمن الظروف المعقدة التي يعيشها المجتمع السوري، ومن هنا أود أن أصل إلى مفارقة وهي أن قوة الموقف السياسي التي كنا قد ساهمنا بأشكال متفاوتة في إعداده واشتقاقه من علاقة رؤيتنا الثقافية والسياسية بالواقع، وصياغته بالشكل الذي أنتم رأيتموه فيه، المفارقة هي أن الرؤية قوية ولكن كان تنسيق البنود بطيئاً، أي إن الجانب السياسي الثقافي متقدم جداً، والجانب التنفيذي العملي اعترته مشكلات كثيرة، وهذا قصور، ونحن نتحمل مسؤولية هذا القصور، وكل ما أرجوه لكي ينجح هذا المشروع بقوته الآتية من كونه يتلاقى مع طموحات فئة واسعة وعريضة جداً في المجتمع السوري تريد لسورية الخلاص وأن تتجاوز هذا الاستحقاق الكارثي الذي نعيشه، وما أريد أن أقوله هو إنه يجب علينا أن نخرج بتوصية مركزية ونهائية وهي كيف نجترح آلية عمل نشطة تترجم هذا الإمكان لتحويله إلى قوة بالفعل على أرض الواقع.

زهير مشعان:

يقول الثوري تشي غيفارا: إذا كنا واقعيين علينا أن نطلب المستحيل.. والتغيير السلمي والجذري والشامل بتصوري لن يكون مستحيلاً طالما أن هناك إرادة للتغيير.

أعتقد أننا مقبلون في المرحلة القادمة على موجة جديدة من الحراك السلمي، ويجب الاستفادة من ذلك، خاصة أن الحلول الأمنية والقمعية أثبتت الأيام فشلها، وأيضاً أثبتت الأيام أن العنف لن يحل الأزمة بل إن الطرفين بعنفهما فاقما من الأزمة، وبالتالي فإن مخرج الأزمة هو ما طرح بالائتلاف عبر الحوار الديمقراطي وعبر الحراك السلمي.

حسن حسيني:

من المفترض أن الائتلاف هو خطوة تكتيكية، ويفترض أن قالب الحلوى يؤكل لقمة تلو لقمة، ولا يؤكل لقمة واحدة، أي لا يمكننا أن نطرح كل مشاكل سورية ضمن هذا الائتلاف، ونحل اليوم مشكلة تحرير الأراضي والنظام الاقتصادي، أرى أن البرنامج الموضوع هو عبارة عن مواقف أكثر مما هو مهام، فكل خطوة فيه تحتاج جهود حكومة بكاملها لتنفيذها.. أرى أن الأساس هو أن لدينا حالات عنف يجب تحويلها إلى حالات سلمية، ولذلك أرى ضرورةً في التركيز على التخلص من العنف الموجود، و لاسيما أن له حاضناً اجتماعياً، وذلك قبل أن نطرح الحلول الجذرية التي يجب أن تأتي لاحقاً، أي يجب التركيز على مهمة إنهاء العنف أولاً وكيفية إجراء عملية المصالحة الوطنية، وكيفية معالجة أحوال الحاضن الشعبي للعنف.

هذا وأقر المؤتمر الوثيقة البرنامجية ومشروع اللائحة التنظيمية واختتم جدول أعماله بنجاح