المقاومة الشعبية الشاملة كخيار موضوعي للتحرير
خالد عليوي خالد عليوي

المقاومة الشعبية الشاملة كخيار موضوعي للتحرير

ورد في مشروع البرنامج المقدم للمؤتمر الحادي عشر فيما يتعلق بالمرحلة ومهامها - الجانب الوطني (وبما أن تاريخ الصراع مع الكيان الغاصب أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الألعاب السياسية والدبلوماسية ليست إلا «طبخة بحص» لا تنتج شيئا فإن خيار المقاومة الشعبية الشاملة والمسلحة كأساس تحول إلى خيار وحيد)

يعتبر التغيير مقدمة للتحرير ولا يمكن للتحرير أن يتم إلا عبر المقاومة الشعبية الشاملة وبما أن الإنسان هو غاية التغيير والمنطلق الأساس له فالأجدر أن تؤمن له كافة المعلومات والحقائق التي تؤثر إيجابا في زيادة وعيه بالضرورة الموضوعية للمقاومة.. وهنا تبرز عدة تساؤلات حول ماهية المقاومة والغرض منها ووسائلها وشروط قيامها ودور الثوريين فيها؟..

المقاومة حق إنساني مشروع وهادف تتجلى في المجموعة من الأفعال المناهضة للمحتل بهدف تحرير الأوطان وهي ليست فعلاً فردياً منعزلاً بل هي حراك جماهيري يمتلك برنامجاً وطنياً شاملاً وعادة ما تستثمر المقاومة الذاكرة الجمعية للناس بما تحتويه هذه الذاكرة من صور لممارسات الاحتلال الفظيعة ومايرافق هذه الصور من مشاعر معادية للاحتلال وذلك في سياق تعبئة شاملة تستلهم تجارب حركات المقاومة عالمياً وتضيف تراكماً معرفياً يخلق منصة للوصول إلى التوظيف الأمثل للوسائل النضالية الداعمة لهدف التحرير 

أما الغرض من المقاومة فهو العمل على تعديل موازين القوى والسعي لإضعاف العدو وكسر إرادته وتحطيم روحه المعنوية وبالتالي تمهيد الطريق لطرده من الأراضي المحتلة بأقل الشروط والالتزامات ولتحقيق هذا الهدف يتم اللجوء إلى توليفة من الوسائل النضالية السلمية والمسلحة السياسية منها والاقتصادية والثقافية مع الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الإقليمية والعالمية.

وبناء على ماسبق يتم وضع سياسات مرحلية تتفاعل إيجاباً مع الأوضاع المتغيرة هذه السياسات تحدد الثابت والمتحول وتتميز بالمرونة وكل هذا بمجمله يؤدي إلى الوصول للهدف الأسمى المتمثل في التحرير.

أما عن شروط قيام المقاومة ونجاحها في تحقيق أهدافها فهي:

أ- شروط سياسية:

- داخلياً: تتجلى في إطلاق العملية السياسية وإنجاز المصالحة الوطنية ومن ثم العمل على تشكيل تحالف واسع من الأحزاب الوطنية والهيئات والجمعيات والأفراد المؤمنين بضرورة التغيير السلمي وتكون مهمة هذا التحالف العمل على وضع فكرة المقاومة في التطبيق العملي أي ربط النظرية بالواقع.

- خارجياً: الاستفادة من حالة التوازن الدولي باتجاه الضغط على الدول التي تدعم الكيان الغاصب بغية تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

ب- شروط اقتصادية:

تتمثل في صياغة نموذج اقتصادي يقطع نهائيا مع الليبرالية ويحقق العدالة في توزيع الثروة إضافة إلى قطع العلاقات الاقتصادية مع الغرب الرأسمالي والتأسيس لعلاقات جديدة مع الشرق (بريكس -ألبا) وبالتالي خلق اقتصاد مقاوم.

ج- شروط اجتماعية:

نتيجة لممارسات سابقة صدرت عن تحالف قوى الفساد مع رأس المال الطفيلي فقد تشوهت البنية الاجتماعية وسادت حالة من السلبية واللامسؤولية والانعزالية لذلك فإن النموذج الاقتصادي الجديد المنحاز للكادحين سيؤدي بالنتيجة إلى تغيرات بنيوية تنعكس إيجاباً على البنية الاجتماعية مما يؤدي إلى تعميق الشعور بالمسؤولية ويفتح الافق واسعاً أمام أفراد المجتمع ليمارسوا دورهم في بناء مجتمع جديد تزدهر فيه فكرة المقاومة.

د- شروط علمية وفكرية وقانونية:

استناداَ إلى مقولة البرنامج (ينتصر في نهاية المطاف من ينتصر معرفيا) لذا يتوجب على المنضوين تحت راية المقاومة العمل قدر الإمكان على الاستفادة من الثورة العلمية - التكنولوجية وخصوصاً في مجال التسليح والاتصالات، أيضاً يتوجب على النخب الفكرية إيصال رسالة التغيير والمقاومة إلى المتلقي بالشكل الذي يحفزه على التفكير بعيد المدى ويجب الانتباه إلى دور النخب في شرح فكرة المقاومة والتمييز قانونيا بين المقاومة باعتبارها فعلاً إنسانياً هادفاً وراقياً وبين الإرهاب وخاصة الإرهاب الأصولي الذي يحاول منظريه قرنه بقضية عادلة.

أما عن دور الثوريين باعتبارهم الطليعة الواعية فالمطلوب منهم الربط الموضوعي بين النظرية والتطبيق وأن يأخذوا القيادة الإمساك بزمام المبادرة وإحداث التغيير المطلوب ونقل هذا التحدي لكل فرد في المجتمع فالناس بحاجة لإطار جديد من القيم والرؤى الأساسية والأهداف.