د.جميل: الأمريكيون لا يتبنون حضورنا بجنيف فهم لا يريدون حلاً جذرياً شاملاً للأزمة
توجهت إذاعة الصين الدولية عبر مراسلها بدمشق السيد غسان يوسف في مستهل الشهر الجاري بمجموعة من الأسئلة المكتوبة للرفيق د.قدري جميل أمين حزب الإرادة الشعبية، وعضو قيادتي ائتلاف قوى التغيير السلمي والجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، للوقوف على رأي قسم من المعارضة الوطنية السورية بتطورات الأزمة في سورية ومجريات مؤتمر «جنيف2» وآفاقه، حيث كان الحوار التالي:
السيد قدري جميل تحياتنا لكم ونتمنى لكم العودة إلى أرض الوطن بالسلامة قريباً، ونقدم لكم أسئلة إذاعة الصين الدولية، نتمنى الإجابة بالسرعة الممكنة، ولكم جزيل الشكر..
بداية كيف تنظرون إلى ما تمخضت عنه الجولة الأولى من مؤتمر جنيف؟
في البداية تحية لكم ولإذاعتكم وجمهوركم الكريم.
وفيما يتعلق بالسؤال أرى أن الجولة الأولى ومن تسميتها لا يعول عليها بأن تخرج مباشرة بالشيء الكثير. ما يهمنا كحزب الإرادة الشعبية هو انطلاق مؤتمر جنيف2 الذي نعتبره نقطة تحول جوهرية في مسار الصراع السوري من الشكل الميداني إلى الإطار السياسي بهدف وقف كل أوجه الكارثة الإنسانية المستفحلة في سورية على مدار السنوات الثلاث الماضية وذلك عبر وقف التدخل الخارجي ووقف إطلاق النار وإطلاق العملية السياسية بإدارة من السوريين أنفسهم لتحديد مستقبلهم وإنجاز التغيير الجذري العميق الشامل والتدريجي والسلمي الذي يستحقونه.
كيف تنظرون إلى استبعاد المعارضة الداخلية ومن بينها الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير وائتلاف قوى التغيير السلمي من جنيف؟
نعتقد أن هذا خلل كبير إذا ما أريد للمؤتمر أن يكون ناجحاً وناجزاً بالإطار الذي تحدثت عنه آنفاً. وها أنتم ترون تصريحات متتالية من مختلف الأطراف المعنية بالمؤتمر وبالأزمة السورية تذهب باتجاه تصويبه، بمعنى إشراك قوى المعارضة الوطنية السورية في «مؤسسة جنيف»، كوننا نرى أن هذا المؤتمر، وعلى الأقل من وجهة نظر الأصدقاء الحقيقيين للشعب السوري، أُطلق لينجح وليصل إلى نتائجه المرجوة.
كنتم اجتمعتم مع الروس والأمريكيين، ألم يعطوكم ضمانات لحضور مؤتمر جنيف أم أنهم تراجعوا عنها؟
المسألة ليست ضمانات.. الروس والأمريكيون هم الراعون الرئيسيون لمؤتمر جنيف، وعلى هذا الأساس نحن التقينا الجانب الأمريكي مرة واحدة لنضعه بصورة رأينا وتصوراتنا لحل الأزمة، في حين أن لدينا لقاءات متواترة مع الجانب الروسي للقيام بالأمر ذاته. من الطبيعي أن الأمريكيين لا يتبنون حضورنا فهم لا يريدون حلاً جذرياً شاملاً للأزمة، وبهذا المعنى هم يتخوفون من برنامجنا، ونحن بالمقابل لا نقبل بهذا التبني. بالمبدأ ذاته، ولكن من منظور آخر، لا الروس ولا نحن نقبل بعلاقة تبعية. وها هي التطورات بعد إطلاق المؤتمر جاءت لتؤكد، كما أسلفت، الأهمية الموضوعية لمشاركة كل طيف المعارضة الوطنية السورية بالمؤتمر.
ما سبب إقامتكم في موسكو؟ وهل ستعود إلى سورية وتمارس نشاطك السياسي وتحضر جلسات مجلس الشعب وأنت عضو مجلس شعب؟
وجودي في موسكو حالياً، بتكليف من قيادة حزبي وائتلاف قوى التغيير السلمي، هو بسبب التحضيرات لمؤتمر جنيف ومتابعة مساره وفعالياته، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مركز الثقل الحالي لحل الأزمة السورية هو خارج البلاد، ومع بدء تبلور النتائج الرئيسية للمؤتمر وانتقال مركز الثقل للداخل، فاعتقد أنه من الطبيعي لهذا التكليف السياسي والحزبي أن يتعدل لأن مكاني الطبيعي حينها سيكون بدمشق، بما فيه ممارسة نشاطي السياسي العام وتحت قبة مجلس الشعب. وفي نهاية المطاف فإن المساهمة بإنجاز حل سياسي للأزمة السورية يخدم مصالح الشعب السوري ويعزز سيادة سورية ووحدتها هو فهم وتنفيذ مستمر لواجب أساسي تجاه هذا الشعب، سواء مع الصفة البرلمانية أم بدونها.
هل تفكرون بإقامة تحالفات جديدة مع هيئة التنسيق وتيار بناء الدولة أو الائتلاف الوطني بعد خروجكم من الحكومة؟
كنا وما زلنا نتحدث عن أن ثمة فضاءً سياسياً جديداً يتكون بسورية بحكم الأزمة ومفرزاتها وضرورات الخروج منها. وبهذا المعنى فإن الفضاء السياسي الذي كان قبل الأزمة هو شيء، وخلالها هو شيء آخر وما بعدها هو شيء ثالث، أي أن ثمة قوى ستذوي، وقوى ستنشأ، وقوى ستكون قادرة على التكيف والتطور، ليكون الصراع فيما بينها على أساس البرامج السياسية. وفي كل الأحوال همنا الأساسي اليوم هو إيجاد حل سياسي لهذه الأزمة ينهي الكارثة الإنسانية على قاعدة رفض التدخل الخارجي بكل أشكاله ووقف العنف من أي طرف كان وتحقيق التغيير الجذري في بنية النظام، سياسياً واقتصادياُ اجتماعياً وديمقراطياً، بهدف ضمان عدم إنتاج الأزمة. وعلى هذا الأساس نرى وجوب بناء التحالفات الوطنية التي تلغي كل الفرز على أسس الثنائيات الوهمية والحسابات الحزبية أو السياسية الضيقة وتكون منسجمة مع الواقع التعددي الموضوعي لسورية، وهذا كان ولايزال موقفنا، قبل وخلال وبعد مشاركتنا بالحكومة التي جاءت لتقديم المثل للنظام والمعارضات على حد سواء. وأذكر هنا تصريح السيد وزير الخارجية الروسي مؤخراً بأنه ثمة من لا يريد التمييز بين مفهومي الولاء للنظام والولاء للوطن وذلك في معرض حديثه عن ضرورة إشراك المعارضة الوطنية في جنيف.
كيف تنظرون إلى بقاء حليفكم الدكتور علي حيدر رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي في الوزارة بعد خروجكم منها وهل يعني أن التحالف بينكم صار من الماضي؟
بالأساس جاءت مشاركتنا، د.علي وأنا، بالحكومة على أساس قرارات حزبية وليست من الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير. وهذا يعني أن أي تغيير في الموقع الحكومي يختاره أحد الطرفين أو يفرض عليه هو غير ملزم بالضرورة للطرف الآخر. وأجدد هنا القول إن هذه المشاركة هي أداة للوصول إلى الهدف وليست هدفاً بحد ذاتها. وثانياً فإن التحالف بيننا والحزب السوري القومي الاجتماعي كان ضرورة وطنية موضوعية أكثر منه رغبة ذاتية إرادوية مصطنعة. وضمن منطق الفضاء السياسي الجديد قيد التكون والذي ذكر تواً، سنرى ما إذا كانت تلك الضرورات ستتغير..
كيف تنظرون إلى دور كل من الدول الآتية في الأزمة السورية.. الصين، روسيا, إيران؟
نقطة الانطلاق لدينا تجاه هذه المسألة هي إدراك طبيعة ميزان القوى الدولي الجديد المتشكل على الساحة الدولية وامتداداته الإقليمية، وهو يتسم بهبوط الوزن النوعي للمركز الامبريالي الأمريكي ومن يدور في فلكه بحكم تفاقم الأزمة الرأسمالية العالمية في مراكزها الأساسية والذي كنا أول من قرأه منذ عام 2005، مقابل الصعود النوعي لمجموعة دول البريكس، بما فيها الصين وروسيا، وإيران بالنتيجة. حيث جاء تفجر الأزمة السورية مع بدء تشكل هذا الميزان. وجميعنا يذكر الدور الذي فاجأ البعض والذي لعبه الفيتو الروسي الصيني المزدوج لثلاث مرات متتالية، حيث لم تدرك كل الأطراف حينها أنه انعكاس مباشر لهذا التحول في ميزان القوى الدولي، بما أسهم في لجم القوى الكبرى في المعسكر المعادي من استسهال تنفيذها للتدخل العسكري المباشر في الوضع السوري، كما درجت عليه عادتها منذ يوغسلافيا وحتى ليبيا. لتضطر للجوء إلى أشكال التدخل غير المباشرة و«تحت الطاولة»، عبر التسليح والتمويل وتسهيل مرور المسلحين، لمفاقمة الأزمة. وإن هذا الميزان هو ما يفعل فعله اليوم، ليس في القضية السورية فحسب، وإنما في مجمل القضايا الإقليمية والدولية الشائكة والعالقة، بما يعيد اصطفاف التوازنات الدولية والإقليمية ومواقع النفوذ، كلٍ حسب وزنه الاقتصادي والعسكري والسياسي، ودائماً علينا أن نلحظ هنا التراجع الأمريكي العام. وعليه ليس مصادفة مثلاً أن تجري حلحلة الملف النووي الإيراني في جنيف تزامناً مع تحضيرات مؤتمر جنيف الخاص بالأزمة السورية. ومن هنا اعتقد أن الدور الذي لعبته كل من الدول المذكورة يندرج في إطار رغبتها بالحفاظ على الدولة السورية ووحدة الشعب والأراضي سورية بالإطار الذي نعرفه لليوم مقابل الرغبة الأمريكية العامة بالتقسيم والتفتيت، الذي تدرك هذه الدول أنها إذا ما سمحت به بسورية فسوف يصل لداخلها، على اعتبار أن المتشددين والفاشست الجدد داخل المؤسسة الأمريكية يتعاملون مع منطقتنا كساحة حرب واحدة، مما يستدعي من دولها وشعوبها الرد بالمثل. اليوم، وبغض النظر عن أي جدل يدور حول طبيعة الدور الإيراني بسورية، فإن استبعادها عن مؤتمر جنيف، هو قرار من هؤلاء الفاشست ووكلائهم الإقليميين وأدواتهم في سورية لمحاولة عرقلة أي حل سياسي حقيقي بسورية. فما معنى استبعاد دولة إقليمية من وزن إيران من الحل السوري؟ من حيث المبدأ هذا إجراء غير موضوعي، ومن حيث النتيجة هو ببساطة دعوة لها لكيلا تلتزم ولو أخلاقياً بأية نتيجة تخرج عن جنيف2.
كيف تنظرون إلى تسليح الولايات لجماعات تسميها معتدلة, وهل تفرقون بين المجموعات المسلحة وعلى أي أساس؟
هو ببساطة محاولة أمريكية لوضع العصي في عجلات جنيف2 كونها لا تريد له النجاح بمعنى إنجاز حل حقيقي، وإنما هي اضطرت إليه في ظل ميزان القوى الدولي آنف الذكر. وثانياً إن مجرد إطلاق جنيف وبدء تبلور نتائجه الرئيسية لجهة وقف التدخل الخارجي ووقف العنف، وظهور بصيص امل بعملية سياسية جدية، سيدفع بقسم من المسلحين السوريين، ولاسيما أولئك «الثأريين»، للتساؤل عن جدوى استمرار حملهم للسلاح، وسيجعلهم عوضاً عن حمله بوجه الدولة ينخرطون في مواجهة المسلحين التكفيريين والإرهابيين الوافدين إلى سورية ومن بحكمهم من السوريين والذين لا يوجد لديهم أي مشروع سياسي لسورية، بل هم مرتزقة وسلفيون خارج التاريخ وبيادق بأيادي الفاشية الجديدة ووكلائها الإقليميين والمحليين والموجودين كأمراء حرب في الدولة والمجتمع. وهؤلاء لن يكون لديهم أي خيار سوى مغادرة سورية أو الفناء فيها على أيدي مشروع وطني يضم كل الوطنيين السوريين أينما كانت مواقعهم السابقة.
برأيكم لماذا تدعم الدول الغربية الإرهاب في سورية وتخشى منه على أراضيها كبريطانيا وفرنسا وما سر الهجوم الغربي على سورية؟
تصنيع الإرهاب ورعايته وتصديره هو أحد الأدوات الاستعمارية المألوفة لبسط السيطرة والهيمنة، وبطبيعة الحال فإن سورية بموقعها الجغرافي السياسي ونموذجها الاجتماعي وثرواتها والمواقف الوطنية لشعبها كانت هدفاً مستمراً على الدريئة الغربية. ولكن لا بد من توسيع دائرة الفرجار في الحديث عن الإرهاب وتعريفه وتحديد مصادره، حيث أظهرت سنوات الأزمة الثلاث أن السوريين لا يعانون من الإرهاب المصدر إليهم من الخارج فقط، بل من ممارسات إرهابية من جانب بعض أجهزة الدولة والميليشيات غير الشرعية التي تشكلت خلال الأزمة. وقد أسهم كل ذلك في الإساءة لمؤسسة الجيش العربي السوري، وتضحياته وشهدائه، وهو يواجه حرباً دولية إقليمية بالوكالة من أكثر من ثمانين بلداً، علماً بأنه الضامن الوحيد للوحدة الوطنية السورية.
أقامت بعض الأحزاب الكردية هيئة حكم ذاتية في بعض المناطق التي تسيطر عليها, كيف تنظرون إلى هذه الخطوة, وهل ترون ذلك بداية إقامة دولة كردية أو كيان كردي, أو بداية لتفكك سورية؟
نعتقد أن الأداء العام للأكراد وللقوى السياسية الكردية بسورية لا يخرج عن الإطار الوطني العام والضرورات التي أملاها غياب الدولة في المناطق التي يعيشون بها. وسواء أكان لدى بعض الأحزاب الكردية، وهم قلة منها، نزعات انفصالية أم لا، فإن تحول ذلك إلى أمر واقع تفتيتي وتفكيكي وتقسيمي على الصيغة الأمريكية سيخضع بنهاية المطاف إلى توازن القوى الإقليمي والدولي المتشكل، والذي لا يذهب بهذا الاتجاه، ناهيك عن أن طبيعة النسيج الوطني السوري، والذي يشكل الأكراد جزءاً أساسياً منه، أثبت خلال سني الأزمة أنه لا يقبل الحلول التقسيمية والتفتيتية على أساس مكونات ما قبل الدولة الوطنية، ولكننا نحذر في الوقت ذاته من أن الأمريكيين سيحاولون رعاية وإنجاز صفقة تحاصصية بين الفاسدين في النظام والمعارضة على أساس هذه المكونات، وليس على أساس المكونات السياسية.
أنتم كحزب الإرادة الشعبية هل لديكم خطة لحل الأزمة السورية؟ وكيف تنظرون إلى معالجة النظام للأزمة منذ بدايتها وحتى الآن؟
أولاً، لا بد من الإشارة إلى أن مجرد انعقاد مؤتمر جنيف2، وبغض النظر عن تغييبنا عن جولاته الأولى، هو انتصار سياسي لنا، بمعنى بدء تحول أول نقطة برنامجية لدينا إلى واقع. أما خطتنا لحل الأزمة فهي معلنة في وثائقنا كحزب وكجبهة شعبية للتغيير والتحرير وائتلاف قوى التغيير السلمي، وهي تقوم على تكامل الجوانب السياسية والاقتصادية الاجتماعية والديمقراطية، مع مختلف القضايا المطلوبة إجرائياً وقانونياً وتشريعياً، وكذلك مختلف البنود الكفيلة بتحقيق المصالحة الوطنية. وهذه الخطة لا تختزل الأزمة بـ«استلام السلطة» أو «الامتناع عن تسليمها»، أو الاتفاق والخلاف على «مكافحة الإرهاب» وكأنها مكون منفصل للأزمة، كما نسمع من النظام والمعارضة اللاوطنية إلى الآن. وفيما يتعلق بالنظام، فنحن كنا من أول القائلين بأنه بطل الفرص الضائعة، من نمط الحلول الأمنية في مواجهة الحالة الثورية التي تكونت في سورية وانفجرت في آذار 2011 إلى تجاهل توصيات اللقاء التشاوري في تموز من العام ذاته إلى شكل إنجاز الانتخابات البرلمانية والمحلية على أساس استمرار عقلية المادة الثامنة في الدستور السابق رغم تغييره وتغييرها، إلى الاصرار على الحلول العسكرية رغم استعصائها في ظل التوازنات المتشكلة، إلى التقليل من أهمية جنيف2، ومن ثم التوجه إليه، إلخ.. كنا ولازلنا نقول إن أية معالجة أحادية الجانب للأزمة لن تحلها جذرياً، والمطلوب إدراك كل الضرورات والوقائع والتعامل على أساسها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الواقع التعددي السوري يقول بوجود معارضات، ويقول أيضاً بأن النظام بالمقابل ليس كتلة واحدة متجانسة في الرؤى والممارسة، وإلا بماذا تفسر الانشقاقات والاختراقات؟
كيف تنظرون إلى مواقف دول الجوار والإقليم كالسعودية والأردن وقطر وتركيا؟
إن سلوك هذه الدول مشتق من الأزمة الرأسمالية العالمية في مركزها الأمريكي، وهي لإدراكها لطبيعة الخطر الذي تمثله الانزياحات بالتوازنات الدولية، والإقليمية بالتالي، سعت لتحقيق مكاسب مسبقة لها على حساب الأزمة السورية ومفاقمتها على حساب دماء الشعب السوري. ولكن كما قلت إنه مع إعاقة الأصدقاء الحقيقيين للشعب السوري للتدخل الخارجي المباشر بسورية، من جهة، وصمود الجيش السوري والشعب السوري بوجه حرب الاستنزاف المريرة المفروضة على البلاد، من جهة ثانية، واتجاه ميزان القوى الدولي نحو الحل السياسي، من جهة ثالثة، بدأت مواقف هذه الدول بالتذبذب والتأرجح لجهة اضطرارها للقبول بالتوجه لهذا الحل، دون أن يعني ذلك بالضرورة تخليها عن أهدافها السابقة. ونحن في هذا الإطار نؤكد أن كل القوى والدول التي أسهمت في دمار سورية هي من ينبغي تحميلها فاتورة إعادة إعمارها، لا أن يجري مكافأتها عبر تلك العملية، وهذه مهمة كل الوطنيين السوريين بمواجهة كل الفاسدين الذين تستدعي مصالحهم القيام بذلك.
هل تعتقدون أن الازمة السورية سوف تنتقل لدول الجوار طبعا غير العراق ولبنان يعني كتركيا ودول الخليج؟ وفي حال فشل مؤتمر جنيف هل تتوقعون صدور قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع يلزم جميع الأطراف ويكون باتفاق الدول الخمس الدائمة العضوية؟
إن الفوضى والإرهاب والتلويح بالتدخل الخارجي لا يعرفون حدوداً بالمعنى الجغرافي، لا الداخلي ولا الإقليمي ولا الدولي. وهناك فرق بين موجبات التغيير الموضوعية في العالم، ودول المنطقة ضمناً، لمصلحة الشعوب، وبين محاولات العديد من القوى ركوب وتوجيه هذه الموجبات في غير مصلحة الشعوب. واليوم، فإن عدم حل الأزمة السورية، أي مساهمة كل المتضررين من هذا الحل بعدم وصول جنيف2 لنتائجه لن يعيد الأزمة إلى مربعها الأول بل سيفضي إلى انتقال ملف الأزمة السورية إلى مجلس الأمن ليفتح الباب أمام التدخل العسكري المباشر، ولكن ضمن الاحداثيات المتشكلة لأزمة صار عمرها اليوم ثلاث سنوات. ولكننا متفائلون بأن التحول في المشهد الدولي والإقليمي والداخلي سيكون منسجماً مع إرادة الغالبية العظمى من الشعب السوري اليوم، موالاة ومعارضة، والتي باتت تقول كفى، نريد العيش بأمن وسلام وسيادة وضمن واقع جديد يضاهي تضحياتنا وآلامنا!