مشروع البرنامج.. العمل انطلاقاً من الضرورات!
إن مشروع برنامج حزب الإرادة الشعبية، مشروع جدير بالدراسة المتأنية، كمشروع لحزب من طراز جديد وهو برنامج نضالي، لقوة ثورية، ذات إرث وتاريخ نضالي مجيد، رغم تراجع القوى الثورية التقليدية المعروفة عن القيام بدورهم الوظيفي الملقى على عاتقها بحجة الإمكانيات
فالحزب مدعو للعمل حسب الضرورات، وعلى هذا الحزب العمل والنضال لاستعادة ثقة الجماهير الشعبية الكادحة في زمن حصلت فيه هوة بين الأحزاب القائمة وهذه الجماهير. وهي دعوة لزيادة النضال والنشاط السياسي والجماهيري والعمالي اللاحق كي يقوم بدوره الوظيفي الكامل. ويحصل على اعترافهم كقوة ثورية طليعية ممثلة لمصالحهم. وليؤكد بذلك بأنه الوريث الحقيقي لأجيال المناضلين من الحركة الشيوعية والثورية في سورية وفي العالم واستمراراً لها.
باستناد المشروع على رؤيتنا العلمية بانغلاق الأفق التاريخي نهائياً أمام الرأسمالية العالمية كنظام، وبالتالي انفتاح الأفق أمام الشعوب والحركة الثورية العالمية. هذه الرؤية العلمية كرست في عقول كوادرنا قضية التفاؤل التاريخي للشيوعيين بحتمية انتصار الاشتراكية، التي اهتزت كثيراً عند الكثيرين نتيجة انهيار الاتحاد السوفيتي ودول المعسكر الاشتراكي السابق، في مرحلة سميت مرحلة «النضال العالمي الجديد» وانتشرت أفكار ومقولات لفلاسفة الرأسماليين «نهاية التاريخ» العصر الأمريكي القطب الأوحد، وانتشرت المفاهيم والمشاريع الأمريكية لرسم خريطة العالم على حسب مصالحها منها مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد تحت ستار الديمقراطية وحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الأهلية التي تكاثرت وتمولت من جهات خارجية لنشر القيم الأمريكية ولتنفيذ مخططها الهادف إلى تفتيت المفتت وتجزيء المجزأ وتوريط الكل ضد الكل بتأجيج الفوالق والثنائيات الوهمية الطائفية والقومية والدينية والمذهبية فكان مشروعنا في اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين ومن ثم في حزب الإرادة الشعبية هو مشروع الشرق العظيم، واعتبار قطب الشعوب هو القطب النقيض للقطب الأمريكي، بحيث تتقدم مصالح الشعوب في المنطقة على مصالح الإمبريالية الأمريكية للسيطرة والنهب واستغلال الشعوب، متنبئين بأن المشروع الأمريكي محكوم بالحرب ومحكوم بتوسيع رقعة الحرب وبالتالي محكوم بالفشل. فشعوب هذه المنطقة جغرافياً وتاريخياً وسياسياً واقتصادياً تمثل وحدة جغرافية يمكن أن تشكل فضاء اقتصادياً وسياسياً بذاتها وأن لا تناقض حقيقياً بين مصالح شعوبها بل تتكامل وتتآزر وأن حدود سايكس بيكو التي رسمتها الإمبريالية هي حدود زائلة ولا ندافع عن قدسيتها إلا بحدود الاعتداء الخارجي على السيادة الوطنية لأي بلد من بلدان المنطقة. ولتحقيق مشروع الشرق العظيم دعونا لوحدة حركات تحرر شعوب المنطقة من عربية وكردية وتركية وفارسية وغيرها والاعتراف بالحقوق القومية لكل القوميات المتواجدة، في جو من المساواة وحقوق المواطنة الكاملة والعدالة الاجتماعية وبالانتقال إلى الأزمة الوطنية السورية الشاملة والتي طالب الحزب بضرورة التغيير الجذري السلمي الشامل والانتقال بسورية إلى عقد اجتماعي جديد، مبيناً شرعية الحراك الشعبي السلمي والأسباب الحقيقية التي أدت إليها وضرورة معالجتها معالجة جذرية إلا أن تطور الأحداث بيّن أن الأطراف المتشددة في الجانبين تسبب في نقل الحراك الشعبي السلمي الحقيقي إلى مكان آخر لحرفها عن هدفها الأساسي وباجهاضها، وكان نتيجة لذلك سفك دماء السوريين والخراب والدمار الهائل للبنى التحتية ولمساكن المواطنين والتهجير الداخلي والخارجي والكوارث الإنسانية على مستوى الوطن والتي لم تشهد بلادنا مثيلاً لها وبالتالي تدويل الأزمة السورية بعد فشل التوصل إلى حلول سورية داخلية نتيجة إضاعة الفرص العديدة من قبل النظام والمعارضة، وبقي صوت حزب الإرادة الشعبية متميزاً في رفض الانحياز إلى طرف، ورؤية اللوحة بشكل شمولي وكامل والدعوة إلى ثنائية حقيقية بدل الثنائية الوهمية (نظام ــ معارضة) فالثنائية الحقيقية هي بين المشروع الوطني الديمقراطي التقدمي وبين نقيضه ولذلك تم العمل على الفرز في المعارضة والمجتمع وجهاز الدولة فانبثقت الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير ومن ثم ائتلاف قوى التغيير السلمي في سورية الداعية إلى رفض التدخل الخارجي ورفض العنف والسلاح والمطالبة باعتبار الجيش العربي السوري الجهة الشرعية الوحيدة لحمل السلاح، لضمان وحدة الوطن، واللجوء إلى الحوار السياسي والاحتكام للشعب السوري لحل جميع المشاكل التي يعاني منها شعبنا السوري.
كان مشروع البرنامج تتويجاً لهذه السياسة رغم أنه بحاجة إلى تكثيف أكثر وعدم التكرار وربما التدقيق والإغناء بمشاركة واسعة من قواعد الحزب ومن المهتمين بالشأن السوري من وطنيين وشرفاء، لنرتقي بعملنا الحزبي والوطني إلى مرحلة أعلى ومتطلبات أكبر، ونحن واثقون من تحقيق خطوات عملية على طريق تحقيق كرامة الوطن والمواطن والتي هي فوق كل اعتبار.