وفد واحد للمعارضة.. طوق النجاة لقوى بلا برامج
تتحول آلية تمثيل المعارضة في مؤتمر جنيف إلى واحدة من أهم المعيقات التي تقف في وجه انعقاد المؤتمر، بتاريخه المقر في 22 كانون الثاني 2014، وتوافدت إلى موسكو التي تحولت إلى نقطة استقطاب الحل السياسي، وفود جديدة من المعارضة السورية كان آخرها وفد المنبر الديمقراطي، بالإضافة إلى إعلان أطراف من (الائتلاف الوطني السوري) أن وفد الائتلاف قد يصل إلى موسكو بين 13-14 شهر كانون الثاني
ومقابل موسكو أي الروس كطرف دولي يشكل قطب الحل السياسي الذي يجمع حوله كل القوى النافرة، لم يعد يوجد قطب واضح بمعاداته للحلول السياسية، ودعمه لاستمرار العسكرة والعنف، وإنما تجرجر كافة قوى التطرف ومن طرفي الصراع أذيال الهزيمة، باتجاه المنطق الجديد الذي سيسود في التعامل مع الازمة السورية، مقاومة بشراسة في ضربات أخيرة تحاول أن تكون قدر الإمكان مركزة، أي عنيفة أولاً وتصعد كافة الفوالق ثانياً وترفع مستوى اليأس من الحلول السلمية، في محاولة لتخفيف التوافق الذي يظهر دولياً وإقليمياً باتجاه نقل الصراع إلى المستوى السياسي.. وهذا ما يفسر فتح معارك كبرى قبل المؤتمر مثل (معركة القلمون)، والهجوم الذي تم على منطقة عدرا العمالية، واستثماره للحد الأقصى ومحاولة تحويله إلى (فزاعة) لدعاة الحل السياسي، يضاف إليها ما جرى في حلب من تصعيد كبير طال المدنيين بشكل أوسع من قبل..
تجهيز روافع للقوى الواهية
كل هذا السلوك لا يفسر فقط بمحاولات إعاقة المؤتمر، أو إلغائه حيث أن المتطرفين أنفسهم في طرفي الصراع يمتلكون الحد الأدنى من الرؤية السياسية ليعلموا أن العتبة الجديدة التي سندخلها بعد المؤتمر الدولي قادمة وأن المسألة حسمت دولياً، وعلى المؤتمر أن ينجح بتحقيق عملية الانتقال من العنف إلى السياسة..
لذلك فإن الإعاقات والتأخير قد تستخدم للتجهيز بالحد المطلوب لمحك العملية السياسية التي لا تمتلك القوى المتطرفة فيها أدنى مصداقية شعبية أو حد ادنى من الطروحات الجدية، عدا الجمل الفضفاضة التي يناورون بها..لتفقد مقولة (الحسم العسكري) مغزاها، وكذلك مقولة (حماية الشعب السوري وتخليصه وإغاثته.. وتتصدر مقولة (وقف الحرب).. فإحدى أهم مسببات تأخير عقد المؤتمر، بالنسبة للراغبين في إفشال نتائجه والمرغمين عليه، هو منع أي تنوع في الطروحات ووضع ممثلي طرفي الأزمة فقط على طاولة طرح الحلول في جنيف، حتى تكون العملية السياسية اللاحقة خالية من تمايزات جدية في الرؤى والبرامج، ويستمر خطاب الاستقطاب أو توافق المحاصصة، عسى أن يستمر التأجيل والعنف، وهذا ما يدفع إليه دعاة الحل العسكري سابقاً وهم الأمريكان بالدرجة الاولى، مستخدمين مقولتهم الجديدة وهي (وفد المعارضة الموحد)..
وهذا ما تسير به عن وعي أو بغير وعي بعض أطراف المعارضة من دعاة الحل السياسي والذين يجهزون أيضاً للعملية السياسية، بطريقة وحيدة وهي البحث عن حوامل تغطي غياب البرامج والمصداقية..وهذه الحوامل يرونها في ضمهم بأي شكل ودون شروط مسبقة، إلى قوى المعارضة الأخرى المدعومة إقليمياً والتي قد تملك فرصة كسب "ميليشيات مسلحة" أكثر من غيرها..
هيئة التنسيق مثالاً
فهيئة التنسيق الوطنية المعارضة على الرغم من إصرارها على أسبقية تأييدها للحل السياسي.. فإنها تضع إلى جانبه اليوم ضرورة أخرى وشرط هو (التمثيل الوازن للمعارضة)..!! كما يرى هيثم مناع الذي يقول في تحفيزه (أطراف المعارضة الأساسية) بحسب تعبيره للاستجابة لنداء هيئة التنسيق لاجتماع مصغر في القاهرة، يشمل كل من (الائتلاف الوطني) وهيئة التنسيق الوطنية والهيئة الكردية العليا أن الهدف هو: ( تشكيل وفد وازن في تمثيله يتمتع بالكفاءة ويستطيع دخول المعركة السياسية بالمستوى الذي تفرضه علينا تضحيات الشعب السوري. وقد اعتبرنا هذا الإعلان الأساس لهذه المباحثات دون أية شروط مسبقة)..
ومن هنا فإن إدعاء هيئة التنسيق الوطنية المعارضة، أو أي طرف من الأطراف تباينه عن طروحات العنف في المعارضة والنظام، يبقى هباء إذا لم ينتهز فرصة تمثيل برنامجه ورؤيته المستقلة -إن وجدت- في وفد مستقل في المعارضة معتمداً على قوة طرحه..
لذلك فإن الاستجداء والنداء والدعوات التي تركز على وفد المعارضة الواحد، لا تتعدى ان تكون ذرائع لقوى واهية بلا رؤى مستقلة وتحتاج إلى روافع دولية في مؤتمر الحل السياسي السوري..