د.قدري جميل لـ«شام FM» هناك من يحاول تحويل غضب الشعب باتجاه أعداء وهميين والمهم استعادة استقرار الأسواق والأسعار واسترجاع الثقة بالليرة السورية
أكد د. قدري جميل أمين حزب الإرادة الشعبية في حواره الأسبوعي مع إذاعة «شام FM» بتاريخ 18/7/2013 أن سعر الدولار وهبوطه المستمر هذا الأسبوع أكد الفرضية التي نوهنا إليها أكثر من مرة، وهي أن سعر الدولار وهمي ولا يعكس القيمة الحقيقية لليرة السورية،
وأن أسعار المضاربات التي تبالغ جداً بسعر الليرة السورية لم تصمد بعد أن انهارت المضاربات وأدت لخسارة بعض المضاربين لملايين الليرات السورية بعد أن اشتروا بأسعار مرتفعة واضطروا لبيعها بفارق يصل إلى 140 ل.س. هبوطاً من 300 ل.س سعر شراء الدولار، ليستحقوا ما جنوه على أنفسهم من خلال مضاربتهم على لقمة عيش المواطنين. وجدد التأكيد على أن المهم اليوم هو عودة الليرة لقيمتها الحقيقية حسب الفرق العلمي بين الكتلتين السلعية والنقدية بسعر يترواح بين 100-120 ل.س مقابل الدولار.
تدخل معقول من «المركزي» وخطوات حكومية
وأوضح د. جميل أن نجاح العملية، إلى جانب النمط التدخلي المعقول بمستواه السابق من المصرف المركزي دون زيادة ضخ واستنزاف الاحتياطي من العملات، كان بسبب التدخل الحكومي القوي والإيجابي في السوق مؤخراً حيث بدأت التدخل بالمستوردات الأساسية وتحولها إلى تاجر كبير في المواد الأساسية وهذا التحول يجري مع فتح خطوط ائتمانية لا تحمّل الخزينة السورية أعباء آنية وهي عبارة عن قروض آجلة الدفع من أصدقائنا بخطوط أموال وبضائع حقيقية، الإيجابي فيها أنها تؤمن بضائع للسوق دون الضغط على احتياطي العملات الصعبة، وهذا ما يسمح بزيادة معروض الكتلة النقدية السورية بسبب وجود بضاعة حقيقية بمقابلها بما يحسن من توازن الليرة السورية.
النقطة الثانية إعلان الحكومة توسيع حجم الدعم تباعاً للمواد الغذائية مع إضافة أربع مواد أخرى للدعم حالياً إضافة إلى السكر والرز.
ثالثاً زيادة دور مؤسسات ومنافذ الدولة في التدخل الإيجابي من خلال عرضها لكم هائل من المواد غير المدعومة بصالاتها.
رابعاً زيادة عدد المنافذ المفعلة للمؤسسة الاستهلاكية والخزن والتسويق وسندس وتفعيل الجمعيات التعاونية التي يقدر عددها بنحو ثلاثة آلاف جمعية والاتفاق مع المحافظين والنقابات بفتح نوافذ إضافية التي ستؤمن من خلالها جميع المواد الغذائية، وليس المدعومة فقط.
خامساً إصدار قانون العقوبات الذي صدر الثلاثاء الماضي وهو رادع من ناحية تسعير كل المواد الأساسية كافة بعد أن فقدنا طيلة الفترة السابقة هذه الميزة وكانت الأسعار دون تحديد أي معيار لها، أي سعر حر، فكيف تمكن المحاسبة دون مراقبة، كيف تمكن المراقبة دون تسعير!!
آليات تسعير ورقابة
ونحن نتجه الآن لتسعير إداري واقتصادي لجملة من المواد الاستراتيجية بالتزامن مع حملة مراقبة شديدة على الأسواق، وتأهيل المراقبين التموينيين وزيادة عددهم وتقصير مدد عملهم درءاً لفسادهم اللاحق المحتمل ومنح المحافظين ومجالس المحافظات سلطة المراقبة. وأشار النائب الاقتصادي إلى أن الجهات الأمنية صادرت مؤخراً عدداً من المستودعات المشبوهة فيما قامت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بإعفاء عدد من المدراء فيها وإحالتهم للتحقيق بسبب تورطهم في تهريب عدد من المواد، ومن بينها الطحين، الذي أعيد للمخابز، موضحاً أن الرقابة ليست الأداة الرئيسية في ضبط الأسعار إنما من أدواتها الأخيرة لأن الأدوات الأساسية تتمثل في ضبط التوازن بين الكتلة السلعية والكتلة النقدية في الأسواق!!
ولفت د.جميل إلى أن من بين العوامل التي ربما ساعدت في تراجع سعر الصرف ولم تكن ظاهرة للسطح هي أن الضخ المالي للمسلحين في سورية والذي تراجع نسبياً مع تراجع الوعود الغربية بالتسليح كان يجري بالليرة السورية، أي أنه كان يشكل عنصر مضاربة آخر عليها.
ورداً على سؤال حول احتمال عودة الدولار لسعر 300 ل.س. قال د. جميل إن هذه معركة فيها فر وكر والمهم فيها امتلاك إرادة وأدوات مواجهة وتكتيف مراكز الفساد وزج المجتمع بهذه المعركة، واستعادة استقرار الأسواق والأسعار واسترجاع الثقة بالليرة السورية.
انعطاف في مسيرة الاقتصاد السوري
وعد د.جميل قانون التسعير والتمويل الذي أقره مجلس الوزراء في جلسته السابقة هو انعطاف تاريخي في مسيرة الاقتصاد السوري لأنه ألغى جزءاً هاماً من تحرير التجارة الداخلية وافتقادها للأدوات الرقابية ولاسيما في ظروف الحرب الحالية، مشدداً على أهمية حصر التسعير واحتساب هوامش الربح بيد الدولة وليس بفواتير التجار المفبركة مع الموردين الخارجيين بالتواطؤ مع الفاسدين في الجمارك.
وأكد أن سعر الصرف هو إحدى الجبهات الأساسية التي تجري عليها معركة مستقبل سورية ليس بالمعنى السياسي والعسكري فقط، وإنما اقتصادياً ومالياً وبما هو مرتبط بلقمة الناس، لذلك لابد من استعادة حقوق المواطن السوري الذي خسر جزءاً هاماً من القيمة الشرائية للأجر، وهذه الاستعادة لن تتحقق بعصا سحرية لأننا بمعركة فيها كر وفر، ومن خلال مسؤولياتي كوزير وعضو قيادي بالجبهة الشعبية للتغيير والتحرير وقيادي بحزب الإرادة الشعبية، سنسعى من أجل إعادة مستوى الأجر وقيمته الشرائية إلى مستواه الذي كان قبل التدني المريع الذي جرى بالفترة الأخيرة لكن هذا بحاجة لسياسات وإجراءات تتجاوز البيان الحكومي الحالي الذي نعمل على أساسه.
السوريون يقولون: كفى لكل شيء!
وتعليقاً على اتصال من أحد المواطنين بخصوص اعتقال ابنه على أحد الحواجز على مداخل مخيم اليرموك بدمشق قال أمين حزب الإرادة الشعبية إن السوريين تعبوا ويقولون كفى وينبغي التوجه للحل السياسي كون الوضع لا يطاق ولاسيما في ظل الأوضاع المعيشية الخانقة وأنه ينبغي إيقاف «المسلسل الكابوسي» للاعتقال والخطف والقتل وسقوط الضحايا موضحاً أن احد أسباب الهجوم على وزراء المعارضة في الحكومة الحالية يتمثل في أن من لا يريدون الحل السياسي يريدون استمرار هذا المسلسل لتستمر سرقاتهم بعد تحميلنا مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي الذي له أسبابه المركبة والممتدة زمنياً، لافتاً إلى أن انحياز بعض وسائل الإعلام الخاصة والعامة في هذا الصدد إنما يعبر عن مصالح قوى محددة داخل النظام، وأن الهدف من الهجوم عليه شخصياً هو تسليط النار والضوء باتجاه المكان الخاطئ حتى يسمح بهروب المسؤول الحقيقي، والمضارب على الدولار والأسعار وهروب الفاسد بجهاز الدولة الذين يريدون الهروب من ضربات الشعب، لذلك هناك من يحاول تحويل غضب الشعب باتجاه أعداء وهميين وأهداف وهمية بالوقت ذاته متوقعين أن الشعب السوري قاصر لا يفهم بينما هو عكس ذلك تماماً وهو أصبح يفهم كل هذه القضايا.
النعامة والتراب
وحول التطورات السياسية الخاصة بتراجع الغرب الأمريكي والبريطاني عن وعوده بتسليح فصائل من المعارضة السورية وتلاشي الحديث عن الحراك السياسي بخصوص الأزمة السورية قال د. جميل إن هناك متشددين في المعارضة وفي الغرب وفي النظام ممن يرفضون الحل السياسي وانعقاد مؤتمر جنيف ويعملون على تحويل ذلك إلى قناعة كالنعامة التي تطمر رأسها بالتراب، وإن كل التصريحات المتناقضة تثبت أن الحل السياسي وجنيف قادمان لا محالة وإلا سيستمر النزيف وشظف العيش وأن المكابرة لا تجدي كون ثمنها غالياً من الدماء وصنوف العذاب.
«كردستان سورية» احتمال مبالغ به
وحول الانتخابات الكردية البرلمانية وتشكيل حكومة في شمال سورية قال د. جميل: لا أعتقد ذلك، لأن المسلحين الأكراد حرروا مدينة رأس العين من جبهة النصرة وهذه نقطة إيجابية، أما الحديث عن انتخابات فإنها أجريت سابقاً في ظل الأوضاع الأمنية العادية، وما يجري على الأرض هو تسمية المواطنين الممثلين لهم غير رسميين فليكن، وهذا لا يعني أن هذه الانتخابات أصبحت رسمية وتعطي لتلك السلطات صفة الشرعية في حالة سورية الموجودة.
وعن مفهوم كردستان سورية أوضح د. جميل أن هذا خطر مبالغ به وهو احتمال صعب، وسورية غير العراق، ونحن نرفض كل تشكيل مسلح كردي أو عربي ويجب الانتهاء من ظاهرة المسلحين، لكن يبدو أن النظام قد وجد لغة تفاهم معينة مع المسلحين الأكراد، ومنعوا من جهة أخرى المتشددين والمتطرفين الجهاديين من التوسع في منطقة هامة من مناطق سورية المشهورة بالنفط والقمح، لكن موضوعياً وجغرافياً وسكانياً لا يمكن إنشاء دولة كما يشاع، لأن الحلم القومي موجود ومشروع في تركيا وفي المناطق ذات التجمعات السكانية الكردية واضحة المعالم جغرافياً، ومعظم الأحزاب الكردية لا تطرح أكثر من سقف الحدود الثقافية والمدنية، بمن فيهم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بالجوهر، وهو لديه مشروع بالمنطقة هو وحدة شعوب الشرق «الأكراد والعرب والأتراك والفرس» أي ليس من أجل التقسيم بل التوحيد من أجل حل جميع المشاكل بين هذه الشعوب.
وعن إعلان دولة العراق والشام المرتبطة بتنظيم القاعدة عن دولة إسلامية في الشمال أشار د. جميل أن هذا يمكن أن يكون مدخلاً إعلامياً لفرض أمر واقع لاحق يستفيد منه الغرب الإمبريالي الذي سيجد الحجة والمبرر للتدخل المباشر بعد أن فشل بالتدخل غير المباشر ضد النظام في دمشق يلاقي الحجة بالتدخل من خلال دولة الشام الإسلامية، مشيراً أنه لن يجري اتفاق بين النظام والغرب لإسقاط هذه الدولة إن قامت والتجربة الباكستانية وتحالفها مع الأمريكان انفرط عقده بسبب تدخل الأمريكيين في الأراضي الباكستانية بحجة القضاء على طالبان، ونحن في الأصل لسنا متعاونين مع الأمريكيين وإذا تدخلوا بحجة دولة الشام الأمور ستتعقد وسورية ليست سهلة مثل باكستان والظرف الدولي تغير بوجود الروس والصين والإيرانيين ووجودها القوي على الأرض.