المؤتمر العاشر.. حكمة الشيوخ وحيوية الشباب
منذ بداية نشاطه كان حزب الارادة الشعبية قد وضع نصب عينيه مهمة ذات أهمية استثنائية وهي مهمة توسيع صفوف الحزب في الأوساط الشبابية وتقديمهم بجرأة الى الهيئات القيادية، باعتبارإن الشريحة الشابة بما تمثله من طاقة وحيوية وقدرة على الابداع هي ضمانة استمرار الرسالة التاريخية للشيوعيين السوريين
في بناء نظام العدالة الاجتماعية، الحضور الشبابي اللافت في المؤتمر لم يكن حضوراً كمياً فحسب بل انعكس في جانبه النوعي بالعديد من المداخلات التي تجمع بين الفهم العميق للخط السياسي والروح العملية الكفاحية... وننشر هنا بعض هذه المداخلات
الرفيق هاشم يعقوبي
أنا إنسان شيوعي بالفطرة، ونحن كشباب دمشقي ثوريون ويوجد في داخلنا رغبة في التغيير، وقد تخبطنا كثيراً في العقد الماضي، حيث كنا نبحث عن تمثيل حزبي وطبقي ما ليدافع عنا ويمثلنا ونعمل معه من داخله. أنا من الناس الذين بحثت عن أحزاب شيوعية لأكون فيها بحكم شيوعيتي بالفطرة وبحكم موقعي الطبقي، وكنت أواجه مشكلة في هذا الخصوص إلى أن التقينا بشباب من اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين. وما دفعنا لنكون معهم هو الأرضية المعرفية التي يمتلكونها، والقيادات المهمة لديهم، ووضوح برنامجهم وخطهم السياسي، وجديتهم في استعادة دورهم الوظيفي. لقد تعلمنا الكثير منذ دخولنا إلى اللجنة، وأعتقد أن أفكارنا بدأت تنضج مع الوقت، وبدأ الحزب يستعيد دوره الوظيفي.
أثناء غزو العراق، كنا نخرج في مظاهرات أمام السفارة الأمريكية. وعند اندلاع حرب تموز كنا أيضاً في الشارع. لقد كنا ثوريين لكننا لم نكن نعرف إلى أين نتجه أو من يمثلنا ويدافع عنا. لقد كنا جزءاً من شريحة واسعة في المجتمع، وهذه الشريحة ما تزال بحاجتنا اليوم كما نحن بحاجتها. وأنا أحب أن أقول من تجربتي الشخصية للرفاق الذين سبقونا في العمل الحزبي والذين نتعلم منهم بأننا بدأنا فعلاً نستعيد دورنا الوظيفي الحقيقي الكفيل بإيصالنا للتغيير الذي ننشده، وأتمنى أن تكون هذه الفكرة في أذهان الرفاق جميعاً.
أحب أيضاً أن أوصل لكم تحية من فريق شعبي تطوعي باعتباري أحد أعضاءه ومباركته لكم بعقد مؤتمركم وهو فريق لقمة الشعب خط أحمر، وهذا الفريق يطلب منكم ألا تتخلوا عن الشعار الذي يحمله.
الرفيقة عشتار محمود
سأتوقف عند موضوع الضرورة والإمكانية وعلاقتها بخلق الحلول الثورية.ربما لم يكن لدينا أثناء الأزمة الوقت الكافي، لكن عندما يتوفر هذا الوقت، فعلينا أن نوثق مجموعة الحلول الابتكارية الإبداعية الثورية التي قمنا بها خلال الأزمة كما قمنا سابقاً بتوثيق مجموعة الفرص التي أضاعها النظام. وسأتحدث في موضع حلولنا عن مشاركتنا في الحكومة تحديداً. عند دخولنا الحكومة، قمنا بسؤال القيادة عن توقعاتنا، وكانت هذه التوقعات كبيرة، إلا أن القيادة أخبرتنا أن الحد الأدنى من هذا الدخول هو عملية استطلاعية لكن الموضوع أكبر من هذا بكثير. على سبيل المثال لقد كانت لدينا القدرة في الأزمة الوطنية وتحديداً في الأزمة الاقتصادية في المستوى الثاني التي نتجت عنها، على أن نقوم بحلول إبداعية لم تجد طريقها بعد للتنفيذ بسبب توازن القوى، لكن وعلى الأقل، فنحن نمتلك برامج بديلة جاهزة لا تنصر فقط ببرنامجنا السابق، بل تشمل استحقاقات خطيرة جداً ناتجة عن الأزمة.
وهنا أتحدث عن موضوعتين أساسيتين وهما الدعم والاحتياطي وسعر الصرف. نحن لدينا برنامج بديل لمواجهة هذه الاستحقاقات، وهذا لا يعني عدم وجود استحقاقات أخرى، وكنا نتمنى لو أن الوقت ساعدنا قبل المؤتمر للبحث في وضع هذه الاستحقاقات في البرنامج، إلا أن البرنامج جرى تأجيله. وأنا أعتقد أنه يجب علينا خلال فترة الست أشهر الواقعة بين هذا المؤتمر والمؤتمر القادم، أن نقوم بإضافة جملة الاستحقاقات والمساهمات الجدية في الموضوع الاقتصادي إلى برنامجنا، بحيث نقوم بتفصيل موضوع الدعم ورؤيتنا له وموضوعات الاحتياطي وسعر الصرف وإعادة الإعمار، إضافة لمواضيع أكبر كربط البلاد اقتصادياً واجتماعياً، وأتوقع أن هذه مهمة يجب أن نعمل عليها جميعاً في الفترة الفاصلة بين مؤتمرينا.
الرفيق محمد ذياب
قبل الأزمة كنا نتحدث عن الإصلاح الجذري الشامل، أما بعد الأزمة أصبحنا نتحدث عن التغيير الحقيقي، وصار لدينا قطع متمايز عن جماهير المعارضة والنظام، حيث اعتبر البعض أننا تغيرنا أو اختلفنا أو أصبحنا خطاً ثالثاً بين القوى السياسية الموجودة على الساحة السورية. إن الشيء الوحيد الذي اختلف هو أن العمل السياسي الحقيقي قد بدأ، وبدأ (التخاطب مع الملايين) بحسب تعبير لينين، لقد كان العديد من رفاقنا متكيفين مع خطنا السياسي عندما كان يوجَّه للمئات أو الآلاف من الأشخاص، أما عندما بدأنا نخاطب الملايين، فقد تسبب هذا الأمر بحدوث بعض الإربكات.
يعتبرنا البعض اليوم أننا خط ثالث يريد أن يصلح بين طرفين، وهذا الاعتبار هو حقيقيةً اعتراف ضمني بالثنائية الوهمية والتي عملنا على تفكيكها وإحداث الفرز داخلها على أسس وطنية خلال الثلاثة عشر عاماً الماضية. نحن لسنا خطاً ثالثاً، نحن الخط الأول من حيث أننا نمثل غالبية السوريين. إن الوصول لهذه النتيجة خصوصاً في هذه المرحلة التي تعد مرحلة انعطاف باتجاه الحل السياسي يعني أمراً واحداً وهو ضرورة النتقال من الدفاع إلى الهجوم، وأريد أن أفسر معنى الهجوم، إن الهجوم كما أفهمه هو الانفتاح بالمعنى التنظيمي، وهذا أمر ممكن في هذه اللحظة التي تُثبت فيها صحة خطنا السياسي ورؤية الحزب وبأننا قادرون على إحداث الفرز وتمثيل الفقراء من الطرفين في المعارضة والنظام.
الرفيق مهند دليقان
أريد أن أتكلم عن موضوع الحكومة وقضية بقائنا فيها من عدمه ودخولنا إليه والهجوم علينا وجملة التعليقات المرتبطة بهذا الموضوع. أعتقد أن الأسباب العامة لدخولنا الحكومة وبقائنا فيها قد تم شرحها بالمعنى العام، إلا أني أريد أن أذكر فكرة بسيطة ومباشرة. نحن كشيوعيين موجودين هنا، هل يجب علينا أن ننزعج عندما نسمع بأحد القرارات الصادرة عن الحكومة أم لا؟ وعندما يُسأل أحد رفاقنا عن موضوع ما، ولا يكون جوابه كما نريده، بحيث يمكن أن نسميه جواباً ديبلوماسياً فما معنى هذا؟ هل شعورنا بالانزعاج والحساسية خاطئ أم صحيح؟ أن أعتقد أنه صحيح، من الصحيح أن ننزعج عندما يضطر رفيقنا أن يكون ديبلوماسياً في بعض الحالات. السؤال هنا، كيف نستطيع أن نصرّف هذا الإنزعاج؟ إن التصريف الحقيقي لهذا الانزعاج يبدأ بفهم معناه، ومعناه هو أننا لم نصل بعد إلى القوة الكافية لكي نفرض رأينا، وبأن تنظيمنا لم يبلغ القوة المناسبة التي يمكننا من خلالها أن ننفذ ما نريده وليس ما هو موجود اليوم من توافق كالتوافق على الحد الأدنى الموجود في الحكومة. زياد الرحباني يقول أنا لاأعطي رأي أنا أفرض رأيي، وهكذا يجب ان يكون الثوريين لا يعطون رأيهم، الثوريون يفرضون رأيهم » ببساطة لأنهم يمثلون الشارع، وبالتالي فإن المطلوب هو أعمق وأوسع عمل تنظيمي لكي نتمكن من أن نفرض رأينا.
الرفيق معن خالد
سأبدأ من شعار المؤتمر (نحو التغيير والتحرير)، ففي أواخر ستينيات القرن الماضي، كان يوجد تقاطعات كبيرة بين مهمات التحرير ومهمات التغيير، لكن ونتيجة كون تلك مرحلة تراجع ثوري حيث بدأت الجماهير تتراجع وعملها يقل في ظل تراجع شامل لقطب الشعوب أمام مرحلة انتصار للرأسمالية، فقد انعكس هذا الأمر على الوضع الداخلي في كل مكان. لذلك فإن مهمات التحرير لم تُستكمل عملياً، ومهمات التغيير الاقتصادي والاجتماعي ذهبت باتجاه آخر نحو الليبرالية والقطب الرأسمالي انتصر. والسؤال : أين نحن اليوم؟ نحن اليوم في ذات الموضع تقريباً لكن بشكل أرقى. حيث أننا اليوم أمام اندماج بين مهمات التحرير والتغيير لكن مع وجود فارق نوعي، هذا الفارق يتجسد بانفتاح الأفق أمامنا من خلال مرحلة التقدم الثوري التي نعيشها وصعود قطب الشعوب. لذا، فإن تقاطع المهمات اليوم يستدعي منا أن لا نرى كل من هذه المهمتين لوحدها، حيث أنهما متماهيتان إلى الحد الاندماج ولا يمكن الفصل بينهما.
الفكرة اليوم هي البحث عن أدوات تنفيذ هاتين المهمتين، بالنسبة لأدوات التحرير فهي معروفة وقد تكون أسهل نسبياً. إلا أن أدوات التغيير هي التي تحتاج لاكتشافها لأنها أدوات مركبة ومعقدة وتحتاج لإنضاج. فالمهمة الأساسية اليوم والتي باتت واضحة للجميع تتلخص باندماج هاتين المهمتين، وأي فصل بينهما سيوقعنا في مغالطات كما حدث مع بقية القوى السياسية الأخرى.
وبالعودة إلى فترة النكسة وما قبلها 1965 – 1970، فقد كانت معدلات التنمية والنمو في أعلى مستوياتها بسبب الاستعداد السابق للحرب الذي كان موجوداً، وحتى في فترة الحرب، فقد كانت معدلات النمو تسير بأعلى وتيرة ممكنة. وهذا مؤشر على أن موضوع التماهي بين هاتين القضيتين قد يفتح المجال لتقدمهما سوياً.
النقطة الثانية التي أريد الحديث حولها، لقد تعودنا على الجملة التي تقول (العقل السليم في الجسم السليم)، وقد أثبتت العشرة سنين الماضية صحة رؤيتنا السياسية وبهذا تحقق الشطر الأول من هذه الجملة العقل السليم، وحضوركم اليوم في هذا المؤتمر يثبت أن هناك نواة حقيقية للجسم السليم أيضاً. وبالتالي، فإذا أردنا إكمال المقولة وإكمال مهمات التغيير والتحرير، فإن هدفنا اليوم هو استكمال بناء الجسم السليم عبر العمل التنظيمي.