التقريـر الـعام الـمقدم لمؤتــمر «حــزب الإرادة الشعبية» الـدوري الـعاشر (الأول بـعـد الترخيص)
في مستهل أعمال المؤتمر العاشر، الأول بعد الترخيص، لحزب الإرادة الشعبية المنعقد بدمشق في الفترة بين 6-7/6/2013 ألقى الرفيق د.قدري جميل التقرير العام المقدم للمؤتمر حول التطورات السياسية والتنظيمية بين مؤتمرين، وهذا نصه:
الرفيقات والرفاق، الضيوف الأعزاء، ممثلو السلك الدبلوماسي، الرفاق في قيادة إئتلاف قوى التغيير السلمي، الرفاق في قيادة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير شركاؤنا في السرّاء والضرّاء...
انقضى عام ونصف على انعقاد مؤتمرنا التاسع الاستثنائي الذي أعلن ولادة حزبنا في 3/12/2011، باسم حزب الإرادة الشعبية، والذي أعلن استمرار هذا الحزب على نهج الثوريين والشيوعيين السوريين في كل تاريخهم.
أعلنّا في تلك اللحظة الأولى، أننا إذا كنا قد أعلنّا الحزب فهذا كان يعني بالنسبة لنا الإعلان عن بداية تحقيق دورنا الوظيفي التاريخي الذي ابتعدنا عنه لعقود.
وانطلاقاً من ذلك قرر مؤتمرنا السابق، تحولنا إلى حزب وأقر تسميته الجديدة. اليوم بعد عام ونصف، أين نحن على طريق دورنا الوظيفي- التاريخي وما هي المسافة التي قطعناها، والمطلوب أن نقطعها لاحقا،ً كي يصبح هذا الدور أمراً واقعاً لا رجعة فيه؟
الشيوعيون السوريون يستعيدون دورهم الوظيفي
نستطيع التأكيد أن نضالات جميع الشيوعيين والثوريين السوريين على مدى عشرات السنين لم تذهب سدى، فهي تثمر اليوم على الأرض عبر حزب جدي يلعب دوره الوطني والطبقي ويحظى باعتراف متزايد لدى قطاعات واسعة من شعبنا لم يكن سابقاً من السهل الوصول إليها.
لقد قطعنا طريقاً وشوطاً هاماً على طريق استعادة دورنا الوظيفي وعلى مؤتمرنا اليوم أن يقيّم هذه المرحلة وأن يضع ملامح المستقبل، وأن يصيغ خطتنا اللاحقة للسير إلى الأمام قدماً.
وبالفعل، فإن فترة عام ونصف فترة ليست بطويلة، ولكن جرى فيها الكثير... وإذا أردنا أن نقيّم ما أنجزناه فلنضع المهمات العاجلة التي قررها مؤتمرنا السابق أمام طاولة بحثنا، ما تحقق وما لم يتحقق فيها... لقد وضع التقرير الذي أقره المؤتمر التاسع الاستثنائي المهام التالية العاجلة أمامنا حرفياً.
حكومة وحدة وطنية فوراً ذات صلاحيات واسعة
تجنيد الجماهير، الحرس الشعبي الوحيد للدفاع عن الحدود والوحدة الوطنية.
القطع النهائي مع السياسات الاقتصادية - الاجتماعية السابقة والانعطاف باتجاه برنامج اقتصادي ــ اجتماعي ــ ديمقراطي ثوري.
البدء بالحوار الوطني الشامل تحت قيادة حكومة الوحدة الوطنية.
إن عاماً ونصف العام بالنسبة لأية حركة سياسية هي فترة قصيرة جداً، ولكن أن تنتقل مهامنا التي هي برنامجنا الآني والمستعجل إلى مجال التطبيق بهذه السرعة فهذا دليل على صحة ودقة وبعد نظر الخط الذي اعتمدناه.
فحكومة الوحدة الوطنية الشاملة التي كنا من أوائل الذين نادوا بها هي قيد التطبيق الفعلي خلال الأسابيع القليلة القادمة، وجاءت الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية المتتالية كي تنضج بسرعة فكرة المقاومة الشعبية كحل وحيد لتحرير الأراضي المحتلة ولتجعل فكرة تجنيد الجماهير قيد التداول العملي، هذه الجماهير التي جندت بهذا الاتجاه تصبح قادرة على حماية وحدتها الوطنية وشل تأثير كل المتشددين الذين يتلاعبون بمصير البلاد.
كما أن الحصار الاقتصادي ينضج فكرة القطع النهائي، بشكل كامل، مع السياسات الليبرالية ولكن هذا الموضوع لم ينضج، ويتقدم بقدر النقطتين الأوليتين اللتين أصبحتا على جدول الأعمال المباشر. إن نضج فكرة حكومة الوحدة الوطنية وتجنيد الجماهير الشعبية للدفاع عن الوطن قد دفعا قدماً قضية الحوار الوطني الذي أصبح أيضاً على جدول الأعمال وهنالك شبه إجماع على ضرورته.
العوامل المحيطة بتحقيق الدور الوظيفي
إن تقدمنا على طريق تحقيق دورنا الوظيفي، وكذلك في تحقيق مهامنا التي رسمناها أمامنا يتطلب تحليل الظروف التي أحاطت بهذه العملية والتي سمحت لنا بالوصول إلى ما وصلنا إليه:
1 - الظرف الدولي والإقليمي:
لقد مرت السياسة الأمريكية خصوصاً والغربية عموماً بمراحل عدة تجاه منطقتنا وبلادنا منذ بدء الأزمة الوطنية الشاملة حتى الآن. تميزت المرحلة الأولى بمحاولة التدخل العسكري المباشر على النسق الليبي والعراقي، ولكن التوازن الدولي الناشئ مجدداً والمعبر عنه بالفيتو الروسي الصيني المتكرر، والذي يعكس صعود قوى دولية جديدة وانهيار سياسة القطب الأوحد المستمرة منذ 1991 بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة القطبية الثنائية المتكونة غداة الحرب العالمية الثانية، إلى جانب انفجار الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية كل ذلك أجبر الولايات المتحدة على التراجع عن مشروع التدخل المباشر الذي ميّز العام الأول من الأزمة السورية، مما اضطرها إلى الانتقال إلى المرحلة الثانية من تدخلها دون أي تغيير في الأهداف التي كانت تسعى إليها ألا وهي إلغاء الدور الوظيفي لسورية إقليمياً كحد أدنى أو إلغاؤها هي كوحدة جغرافية سياسية كحد أعلى، وميّز هذه المرحلة التي نشهد الآن خواتمها: السعي إلى التدخل العسكري غير المباشر عبر تدفق السلاح والمال والمقاتلين عبر الحدود... لقد استطاع الجيش العربي السوري الحامل الشرعي الوحيد للسلاح في البلاد أن يمنع تحقيق أهداف التدخل غير المباشر خلال العام الثاني من الأزمة، وهو في مواجهته للمسلحين إنما كان يواجه عملياً امتداداتهم الدولية التي كانت تغذيهم وتغطيهم، وهو في منعهم من تحقيق أهدافهم إنما كان يجبر القوى الدولية التي تقف وراءهم إلى الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الأزمة السورية والتي سيكون المؤتمر الدولي القادم فاتحة لها... ما سيميز هذه المرحلة الجديدة هو انتقال مركز الثقل من الصراع المسلح إلى الصراع السياسي، أما الطرف الذي لن يفهم هذه الحقيقة وهذه المعادلة الجديدة فسيحكم على نفسه بالخروج نهائياً من الحياة السياسية وإن كان ذلك لا يعني أن الصراع المسلح سيتوقف فجأة وبعصا سحرية بل أنه سيتراجع خلال المرحلة القادمة بقدر تقدم العملية السياسية التي ستشهد صراعاً شديداً حول مستقبل سورية...
إن بدء العملية السياسية يعني الانتقال التدريجي من العنف إلى الحوار كأداة في حل الخلافات السياسية، وعلى طاولة الحوار ستنشب تلك المعارك التي ستحدد مصير سورية لعشرات السنين القادمة..
إن الإمبريالية الأمريكية وحلفاءها الغربيين والصهاينة لم يتخلوا عن أهدافهم تجاه بلادنا وإن تباينوا في اللهجة وحتى في الأدوات المستخدمة لتحقيق الأهداف... أما حلفاؤهم الإقليميون، فيلعبون دوراً تابعاً ومشتقاً ومأموراً ويُكلفون عملياً بتغطية انسحاب معلميهم من اللاعبين الكبار، وهم لا يتمتعون عملياً بأية استقلالية ولو نسبية عن المراكز التي تديرهم تاريخياً... وهي مستعدة إذا تطلب الأمر تحت ضغط التوازنات الناشئة مجدداً دولياً وإقليمياً ومحلياً أن تتخلى عنهم ضمانة لسلامة المركز الرئيسي، فقد عوّدت الولايات المتحدة الجميع عبر تاريخها أنها تتعامل مع عملاء يمكن التخلي عنهم في أية لحظة وليس شركاء يُعاملون ندياً...
إن الهدف على طاولة الحوار سيبقى بالنسبة للإمبريالية الأمريكية وحلفائها هو تحقيق الفوضى الخلاقة عبر تهيئة كل الظروف لتفتيت المنطقة وبلادنا.
إن المشروع الأمريكي (للديمقراطية) هو ديمقراطية مكونات ما قبل الدولة الوطنية وديمقراطية المحاصصة الطائفية. لذلك تنتصب أمام القوى الوطنية السورية مهمة صياغة مشروع تفصيلي للديمقراطية الوطنية السورية الذي يؤمن كل الشروط الضرورية للتغيير الجذري الشامل والسلمي والتدريجي المطلوب في البلاد...
لقد وضعت وثيقتنا البرنامجية في المؤتمر التاسع الملامح العامة لهذا التغيير والمطلوب اليوم أن نصوغ برنامجنا على هذا الأساس ولا بأس أن نأخذ الوقت الكافي لذلك خلال ستة الأشهر القادمة حتى المؤتمر العام المطلوب على أساس قانون الأحزاب المعمول به حالياً...
ليس لدينا أي وهم ولن يكون لدينا أي وهم حول جوهر السياسة الأمريكية المعادية للشعوب ولو تغيرت أشكالها... لقد توقعنا باكراً التراجع في السياسة الأمريكية الذي تمليه الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العظمى، وجاء انتخاب أوباما لدورة ثانية ليؤكد ذلك على لسان وزير خارجيته الذي أوضح منذ اللحظة الأولى لتعيينه «أن السياسة الأمريكية الخارجية مرتبطة أكثر من أي وقت مضى بالسياسة الاقتصادية» كما أوضح «أن الأولوية أن ننظم وضعنا الاقتصادي في الداخل كي نكون أقوياء في الخارج» بينما كانت السياسة الأمريكية تاريخياً عكس ذلك تماما، وكذلك: «الدور الذي كان علينا أن نؤديه بعد 11 أيلول هو دور أقحمنا به» والذي نحن نتوقعه نتيجة استمرار وتعمق الأزمة الرأسمالية العظمة مزيد من التراجع المترافق مع ازدياد عدوانية الإمبريالية الأمريكية التي ستصبح فعاليتها أضعف فأضعف مع مرور الوقت خلال الأعوام القليلة القادمة... لذلك وانطلاقاً من هذه النقطة المركزية التي انطلقنا منهاً مراراً وتكراراً، فنحن ننظر إلى المستقبل بتفاؤل ونقول إننا محكومون بالانتصار... وعلى هذا الأساس نصوغ رؤيتنا للوضع الداخلي في البلاد.
2- الوضع الداخلي:
أهم ما ميز المرحلة الماضية بين مؤتمرين هي المحطات التالية:
- إقرار الدستور الجديد.
- انتخابات مجلس الشعب في أيار الماضي.
- تشكيل الحكومة في حزيران الماضي على أساس بيان وزاري توافقي محدد.
- انعقاد مؤتمري قوى المعارضة الوطنية في أيلول الماضي.
- تكوين ائتلاف قوى التغيير السلمي.
- بيان الجبهة الشعبية بمناسبة 100 يوم على تشكيل الحكومة.
- زيارات وفود الجبهة والائتلاف إلى موسكو.
- المبادرة الرئاسية والبرنامج الحكومي للحل السياسي.
- المعركة الدائرة حول رفع الدعم وأسعار المحروقات والليرة السورية.
- ردود الفعل المختلفة حول المؤتمر الدولي المزمع عقده في جنيف.
- رغم ملاحظاتنا العديدة على مشروع الدستور الجديد إلا أن قيادة الحزب قررت الدعوة بالتصويت عليه بنعم انطلاقاً من أن الحلقة الرئيسية فيه هي تغيير المادة الثامنة القديمة واستبدالها بالمادة الثامنة الجديدة التي تقول بالتعددية الحزبية والسياسية في المجتمع. لأن ذلك يعني استبدال الأساس الدستوري والقانوني للبنية السياسية السابقة في البلاد مما سيفتح الآفاق رحبة للنضال من أجل الانتقال الحقيقي، الواقعي من الوضع القديم إلى الوضع الجديد، لأن هذه العملية مرتبطة ليس فقط بنص دستوري، وإنما بالدرجة الأولى بميزان القوى السياسي والاجتماعي الذي يُعاد تكوينه وبمنظومة العادات والتقاليد التي يتم الخروج منها إلى منظومة جديدة. وواضح الآن أنه يجب الاستعداد لتحضير ملاحظاتنا على الدستور المقر منذ عام والذي سيصبح بعد قليل قديماً، من أجل الإعداد لصيغة الدستور الجديد التي ستنبثق عن مؤتمر الحوار الوطني...
- فيما يخص انتخابات مجلس الشعب، فرغم أن الجبهة الشعبية قد فازت بخمسة مقاعد وهو ما لا يعكس وزنها الحقيقي في البلاد، فإن الانتخابات لم تخرج عن إطار العقلية التي كانت تدار بها الانتخابات تاريخياً وسابقاً على أساس المادة الثامنة القديمة من الدستور، وهو ما أضاف فرصة ضائعة جديدة إلى مجمل الفرص الضائعة السابقة التي كان يمكن لو استخدمت في حينه من النظام بشكل صحيح، أن تخفف من حدة الأزمة في البلاد وأن تسرع طريق الخروج منها.
إن اقتراب الحوار الوطني يطرح علينا أولية إعادة النظر بالنظام الانتخابي وهو أمر تحدثنا فيه كثيراً، والانتقال إلى نظام انتخابي نسبي شامل وهو الأمر الذي طالما طالبنا به، مما يقتضي من الحزب والجبهة وضع تصور تفصيلي سريعاً حول هذا الموضوع والقيام بالاتصالات الضرورية للتعبئة حوله.
- على أساس انتخابات مجلس الشعب وافقنا على الاشتراك بالحكومة السورية الجديدة... وخلال المشاورات تم الاتفاق على النقاط التي نرى أنها أساس لتوافق في البيان الحكومي، وعلى رأسها موضوع المصالحة الوطنية والحل السياسي والحوار... وبقيت القضايا الاقتصادية - الاجتماعية المتوسطة والبعيدة المدى خارج إطار البحث والاتفاق لعدم راهينتها في ظل تعقد واشتداد الأزمة الوطنية الشاملة التي انعكست في ارتفاع منسوب الدم وتدمير الاقتصاد الوطني.
قبول تحدي المشاركة بالحكومة
لقد كنا نريد من دخولنا إلى الحكومة تسريع الانتقال من المادة الثامنة القديمة في الدستور إلى الجديدة منها، وكذلك من جهة أخرى فتح الطريق وتسريعها نحو حكومة الوحدة الوطنية الشاملة كاملة الأوصاف. لقد كان لدينا مهمتان، الأولى كسر قوة العطالة الناتجة عن المادة الثامنة القديمة. أما الثانية فكنا نريد أن نُري بقية قوى المعارضة أنه يجب عدم الخوف والسير بجرأة باتجاه حكومة الوحدة الوطنية الشاملة، ورغم خطر أن لا نُفهم تماماً من هذا الطرف أو ذاك فقد خاطرنا بهذا الموضوع، ودخلنا. وسيسجل التاريخ أن الجبهة الشعبية لعبت دوراً بحلحلة الجليد الذي كان متشكّلاً.
لقد لاقينا وحتى اليوم انتقادات حادة ومستمرة من طرفين تجاه موقفنا هذا. طرف معارض يعتبر أن دخولنا الحكومة ينفي صفة المعارضة عنا، متناسياً أنه هو نفسه بانتظار دخولها على أساس منطق حكومة الوحدة الوطنية الشاملة ومن طرف موال لم يتحمل فكرة وجود معارضة في الحكومة، وهو يريد متسرعاً امتصاصها وتحويلها إلى موالاة.. نحن لم ننطلق في موقفنا المبدئي من محاولة الحصول على مكاسب حزبية ضيقة، بل على العكس كنا نعي تماماً حجم المخاطرة جرّاء هذه الخطة التي لم يكن هنالك بديل عنها لكسر الحلقة المفرغة التي كانت تدور فيها الحياة السياسية في البلاد، ولتحريك الركود الانتظاري لكل من الموالاة والمعارضة.
الأمر هكذا، يحاول البعض تحميلنا مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية ــ الاجتماعية في البلاد متناسياً الأمور التالية:
1 - إن هذه الأوضاع هي نتيجة للأزمة السياسية ولا تحل إلا بحلها، اللهم إلا إمكانية تخفيفها بإجراءات سريعة ومؤقتة في الظروف الحالية.
2 - إن هذه الأوضاع لا يمكن تجاوزها وإلغاؤها إلا بتجاوز الحصار الخارجي الجائر والأوضاع الأمنية ــ العسكرية وخاصة على الطرقات.
3 - وأخيراً، يتناسى هذا البعض الذي يهاجمنا أن الأكثرية في الحكومة ليست كتلة الجبهة الشعبية (المؤلفة من وزيرين من أصل 30 وزيراً)، وأن الأكثرية مازالت هي أكثرية الحزب الحاكم وعندما يحصل تباين في وجهات النظر، فإن الرأي الذي يسود في الحكومة هو رأي هذه الاكثرية، لذا أعتقد أنه من الظلم تحميل الأقلية مسؤولية القرارات المتخذة من الأكثرية
إن التقييم الموضوعي لنشاط الحكومة يسمح لنا بالقول إن أكبر إنجاز حققته هو ذهابها نحو البرنامج الحكومي للحل السياسي بما يتضمن من مصالحة وطنية وحوار، ونحن بكل تواضع يمكن أن نقول إن لنا حصة ما ولو صغيرة بهذا الإنجاز...
فالكل اليوم يتكلم عن حكومة الوحدة الوطنية والمصالحة والحوار والحل السياسي وهذا يعكس تغييراً هاماً في المناخ العام وفي توازن القوى داخل البلاد.
تحالفاتنا وأوزانها
- إن أحد تجليات تغير ميزان القوى في البلاد كان تكون ائتلاف قوى التغيير السلمي وتوسع صفوفه المستمر، وما يعنيه ذلك من ازدياد وزن قطب المعارضة الوطنية الديمقراطية في الداخل التي ما فتئت تحتل مساحات جديدة يوماً بعد يوم.
لقد كان للزيارات التي قامت بها وفود الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير والائتلاف إلى موسكو أهمية كبرى في توضيح مواقفنا على الساحة الدولية وفي صياغة البديل المطلوب للسياسات الدولية التي كانت تستهدف وحدة سورية أرضاً وشعباً...
لقد احتلت الجبهة والائتلاف مواقعهما المرموقة ولا يمكن الحديث اليوم عن أي حوار جدي أو أي مؤتمر دولي بتجاهلهما أو إقصائهما، لأنهما ببساطة أصبحا يمثلان قوة هامة على الأرض لها وزنها وتأثيرها على سير الأحداث.
أيها الرفاق والرفيقات، أيها الضيوف الأعزاء:
تنتظرنا معارك كبرى ستحدد وجه ومصير سورية لعقود مقبلة.
المعركة الأولى هي معركة الحل السياسي الذي شق طريقه، والذي سيرتفع منسوبه ليزيح العنف جانباً بالتدريج، وخطوتنا الأولى باتجاهها هي إنجاح المؤتمر الدولي المزمع عقده في جنيف.
المعركة الثانية هي معركة الحفاظ على لقمة الشعب من التدهور أمام وقاحة قوى الفساد والليبرالية التي لا ترى في الظروف الحالية إلا دخول الفئات الدنيا كمصدر لتمويل خزينة الدولة من جهة، عوضاً من أن يجري تمويلها، في هذه الأوضاع الصعبة التي تتناقص فيها الواردات، من موارد الفساد وأصحاب الدخل اللامحدود.
المعركة الثالثة هي معركة تحرير الجولان التي فرضت نفسها، وتدق الباب بقوة والتي فرضت الأوضاع شكلها الذي طالما نادينا به ألا وهو المقاومة الشعبية، والتي ستضطلع ألويتنا ألوية الجبهة الشعبية للتحرير بدورها الطليعي في هذه العملية.
المعركة الرابعة هي معركة القضاء على المسلحين غير السوريين ومن بحكمهم، والتي سيتصدى لها جميع السوريين معارضة وموالاة مسلحين وغير مسلحين من أجل استعادة دور سورية الطليعي في المنطقة..
إن سوريا اليوم تشق طريقاً جديدة أمام الشعوب العربية، محبطةً المخططات الإمبريالية ــ الصهيونية، وفاتحة طريق التغييرات الديمقراطية الجذرية اقتصادياً ــ اجتماعياً ــ سياسياً.
الرفيقات والرفاق
سيبحث المؤتمر الحالي المواضيع التنظيمية التي تصبح شيئاً فشيئاً مركز الثقل الأساسي لعملنا كي نستطيع تحقيق التقدم السياسي اللاحق، إن مهمة توسيع منظماتنا ورفع مستوى أدائها تبقى مهمة أساسية أمامنا خلال الفترة القادمة.
إن صفوف الحزب تتوسع بسرعة مما يتطلب بالسرعة نفسها تأمين الكوادر التي تستطيع قيادة المنظمات الحزبية على أساس خطنا المقرر وفي ظل التعقيدات الموجودة.
إن مهمات كبرى بانتظارنا، ومازال علينا بناء ذلك الحزب الثابت على المبادئ والمبدع في الحلول محافظين على تقدمنا المعرفي ــ الفكري ــ السياسي ــ الجماهيري والتنظيمي.
إن كل السوريين الشرفاء ينظرون إلينا فلنكن عند ثقتهم وحسن ظنهم وشكراً.