«الشيوعي اللبناني»:أوضاع لبنان رهينة لمصير أوضاع سورية
الرفاق الأعزاء، يشرفني أن أمثّل حزبي لأحضر مؤتمركم وأكون بينكم حتى أنقل لكم خالص تحيات رفاقكم في الحزب الشيوعي اللبناني متمنين النجاح لأعمال مؤتمركم في رسم الخيارات السياسية التي تمكن حزبكم من لعب دوره التاريخي والوطني المطلوب الذي يعمل على إخراج سورية من محنتها ويُبعد عن الشعب السوري المآسي والويلات والحروب.
أيها الرفاق، نحن نتحدث إليكم من القلب إلى القلب ونساهم في النقاش معكم كأننا جزءٌ منكم ولسنا ضيوفاً، ليس لأننا الحزب التوأم أو لأن أهدافنا وقضايانا مشتركة فحسب، بل لأن الأوضاع في بلدنا لبنان باتت رهينة لمصير الأوضاع في سورية. كل شيء عندنا معلقٌ بانتظار نتائج الأحداث التي تمرون بها، فلا حكومة عندنا ولا انتخابات ولا استقرار قبل جلاء غبار الحرب الجارية في سورية، لا بل إن مجرى الأحداث عندنا بات يجري مجرى الأحداث عندكم، والكثير من عناصر الأزمة يتمدد تمدداً طبيعياً إلينا ويكفينا مثالاً على ذلك الاقتتال اللبناني - اللبناني على الأراضي السورية.
أيتها الرفيقات أيها الرفاق، قدر سورية أن تكون على خط النار والتقاطع بين محورين، المحور الأمريكي الغربي الذي تكيّف مع الثورات العربية في محاولة منه لقطف ثمارها ولحرفها عن السير إلى نهاية تتحقق بها طموحات الشعوب العربية في الحرية والتقدم والاستقلال. فأقام تحالفاً مع الإسلام السياسي أحزاباً ودولاً ليمكّنه من الإبقاء على سيطرته على مقدرات المنطقة وليساعده في تحقيق مصالحه وتعزيز نفوذه في المنطقة والعالم.
إن هذا التحالف الممتد من المغرب العربي إلى الخليج مروراً بتركيا، وجد في سورية (موقعاً ودوراً وعلاقات) عقبة أمامه تمنع اكتماله وتمدده، لذا فكان لا بد من إزالة هذا العائق والحيلولة دون إقامة محور بديل يمتد من إيران إلى لبنان يكتمل بانضمام العراق إليه بعد انسحاب الاحتلال الأمريكي منه.
وقدر الحراك الشعبي السلمي السوري أيضاً، الذي بدأ منذ سنتين ونيّف مطالباً بالتغيير والإصلاح والحرية والعدالة الاجتماعية أسوةً ببقية الشعوب العربية، أن تمتد إليه سريعاً يد ذلك التحالف لاستغلاله واستخدامه. وكان واضحاً منذ البداية أن هذا التحالف إذا لم يتمكن من الإمساك بسورية سريعاً، فسيقوم بإدخالها في دوامة العنف والحرب الأهلية لتدمير طاقاتها وإمكانياتها وتفتيت مجتمعها وإلغاء موقعها ودورها. وها هي النتائج تمثل أمامنا اليوم في الخسائر الكبيرة والفادحة التي لحقت بسورية والتي تعلمون أكثر منا حجمها ومخاطرها على بلدكم.
أيها الرفاق، الحرب هي الحرب ونحن ندرك معانيها جيداً ونعرف مآسيها فهي لا تعني سوى الدمار والقتل والتشريد وتفتيت المجتمع، وتحتاج لعشرات السنين لترميم ما تخلفه من آثار وخراب. فإذا كانت الثوابت الوطنية والتقدمية الكبرى في الحفاظ على السيادة والاستقلال وتحرير الأرض لا تمس، فإن وقف الحرب والاحتكام إلى الحوار السياسي والديمقراطي أيضاً هو ثابتة وطنيةٌ كبرى.
وفوق كل ذلك، يشكل تحقيق مطالب الشعب السوري في التغيير والإصلاح والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، القاعدة التي تُبنى عليها كل الثوابت الوطنية والتي لن تقوى أي سلطة أو أي نظام مهما كانت قوته على الصمود دون تحقيقها.
أيها الرفاق، سورية اليوم تحتاج إلى خطة وطنية شاملة للإنقاذ، تحتاج إلى إخراجها من دوامة الحرب والتدمير، وتحتاج إلى وضع خطةٍ لإعادة إعمار ما تهدم وبناء لحمتها الاجتماعية، وفوق ذلك كله، تحتاج إلى تحقيق آمال الشعب السوري بالعيش الكريم في ظل عدالةٍ اجتماعية وكرامةٍ إنسانية.
سورية بحاجة إليكم، بحاجة إلى الشيوعيين ودورهم الطليعي في تجميع قوى اليسار والقوى التقدمية لرسم هذا الطريق ووضع كل الخطط اللازمة والعمل على تنفيذها، وكلنا أمل في أن تكونوا على قدر المهمات الوطنية مع تمنياتنا مجدداً بنجاح مؤتمركم وشكراً.