جنيف وجدل الأولويات
يعود الحديث مجدداً عن الأولويات التي يجب أن تكون مطروحة على جدول الأعمال في مفاوضات جنيف، وكالعادة يصر النظام على وضع محاربة الإرهاب على رأس جدول الأعمال، دون وضوح الموقف من قضية التغيير، في حين يضع وفد الرياض الانتقال السياسي كمهمة أولى، تخضع لها القضايا الأخرى.. فما الذي ينبغي أن يكون أولاً:
- الحل السياسي للأزمة السورية، حزمة متكاملة من المهام والإجراءات، تتضمن «شكل الحكم اللاحق، وصيغته الانتقالية ومحاربة الإرهاب، وإيقاف الكارثة الانسانية» كل واحدة منها تمد الأخرى بالزخم، وتوفر الأرضية لنجاح الثانية، وتهميش إحداها تهميش للأخرى، ومنح الأولوية لإحداها دون أن تخدّم الثانية يعني تمييع الأخرى، فلا يمكن محاربة الإرهاب والحاق الهزيمة به بدون توحيد بنادق السوريين ضده، ولا يمكن توحيد هذه البنادق، دون مشاركة المعارضة في السلطة، ولا يمكن لأحد أن يشارك في السلطة دون موقف واضح وصريح وعملي من الإرهاب، ولا يمكن ايقاف الكارثة الانسانية دون هذه وتلك.
- إن تجربة سنوات الأزمة تؤكد، بأن طريقة النظام في التعاطي مع موضوع محاربة الإرهاب لم تكن مجدية، لا بل كانت تساهم أحياناً في توسيع دائرة تأثيره، وفاعليته، وفي الوقت نفسه، كان الصراع المسلح الذي تبنته معارضة الرياض، لإسقاط النظام أحد أدوات «شرعنة» الإرهاب، بمعنى آخر، إن أداء الطرفين خلال سنوات الأزمة لم يكن أداءً مسؤولاً من وجهة نظر مصالح سورية وشعبها، ووضع البلاد في مأزق وجودي، يكاد يطيح بالكل، نظاماً ومعارضة، ووحدة جغرافية وسياسية، مما يفترض تغيير طريق التعاطي مع مكونات الأزمة، سواء كانت قضية تغيير النظام، أو قضية مكافحة الإرهاب.
- ينبغي التأكيد مجدداً، إن قبول الحل السياسي، يعني التراجع عن الخيار العسكري، والتراجع عن الخيار العسكري يعني قبول التوافق، والتوافق يعني تقديم تنازلات متبادلة، والتنازلات المتبادلة تتطلب إطاراً متفقاً عليه، والإطار الدولي القانوني للتوافق، هو القرار 2254 ، وعليه فإن قبول الحل السياسي يعني تنفيذ هذا القرار ، كما هو، ودون اجتهادات وتأويلات، وما عدا ذلك صدى لأوهام الحسم والإسقاط.