زلّة «نيومالتوسية» لنائبة بايدن: علينا الاستثمار في «تقليص السكان»

زلّة «نيومالتوسية» لنائبة بايدن: علينا الاستثمار في «تقليص السكان»

زلّ لسان كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال إلقائها كلمة في مؤتمر حول مكافحة تغير المناخ، فحثّت على «تقليص عدد السكان» من أجل الأجيال القادمة.

وقالت هاريس: «عندما نستثمر في الطاقة النظيفة ووسائل النقل الكهربائي ونقلص عدد السكان، سيتمكن المزيد من أطفالنا من تنفس الهواء النقي وشرب الماء النظيف» على حدّ زعمها.

وسارع البيت الأبيض إلى تدارك زلّة هاريس وتحريف كلامها الأصلي فيما يفترض أنه «نص مصحح» لتصريحات نائبة الرئيس، نشر على موقع البيت الأبيض، حيث زعم أنّ ما قصدته ليس تقليص «السكان» (depopulation) وإنما تقليص «التلوث» (de-pollution) على الرغم من التباعد الواضح في طريقة اللفظ بين الكلمتين.

تصريح هاريس هذا يعيد إلى الأذهان تصريحات مشابهة يطلقها من وقت إلى آخر عدد من السياسيين الغربيين وكبارات الطغمة المالية العالمية في مناسبات ومؤتمرات عديدة، بشكل أكثر أو أقل صراحةً، والتي توجه إليهم انتقادات بتوجهاتهم المؤيدة لما بات يعرف بنهج «المالتوسية الجديد» أو النيومالتوسية، بمعنى الدعوة الرأسمالية الحديثة إلى تقليص عدد سكان كوكب الأرض من البشر بوسائل متعمّدة (من الحروب إلى نشر الأوبئة والأمراض والتعقيم القسري وغيرها) بدعوى أنّ عدد ثروات الكوكب وناتجه الإجمالي الاقتصادي "لا يكفي" لجميع البشر، بينما يتم تجاهل الظلم الكبير في توزيع الثروة.

من هو مالتوس؟

توماس روبرت مالتوس (1766 – 1834)، مُنظِّر برجوازي واقتصادي-سياسي إنكليزي. كانت الفكرة الأساسية لديه هي أنّ الزيادة السكانية تحدث بمتوالية هندسية (1، 2، 4، 8 ...)، وأنّ الغذاء يزداد بمتوالية حسابية (1، 2، 3، 4 ...). وبالتالي لا بدّ من تقليص عدد السكان باستمرار لكي يبقى ضمن حدود التوازن مع «المحدودية الطبيعية» لوسائل المعيشة. وقد عرضها لأول مرة في كتابه «مقالة في مبدأ السكان، وتأثيراته على مستقبل تحسين المجتمع»، الطبعة الأولى، لندن 1798، ص13–17، ومما ورد فيها:

«وهكذا، وإذا قبلنا بمسلَّماتي، أقول إنّ قوّة السكّان هي بالتأكيد أكبر من قوّة الأرض وقدرتها على إنتاج المعيشة للإنسان. عندما لا يُضبَط عدد سُكَّان الأرض فإنّه يزداد بمتوالية هندسية، أمّا وسائل المعيشة فتزداد بمتوالية حسابية فقط. وأدنى معرفةٍ بالأرقام ستُظهِرُ ضخامةَ القوة الأُولى بالنسبة للثانية. وبفعل قانون طبيعتنا الذي يجعل الغذاء ضرورياً لحياة الإنسان، لا بد أن يتم الحفاظ على التساوي بين تأثيرَي هاتين القوَّتَين غير المتساويتين. وهذا يقتضي عملية ضبط قوية ومستمرّة تمارَسُ على السكان مِن جانب صعوبة المعيشة. ويجب أن تقع هذه الصعوبة على مكان ما؛ ويجب بالضرورة أن يَشعُرَ بها بشكل محموم قسمٌ كبير من البشرية... تحت هذا القانون الحاصر العظيم يتقلّص الجنسان النباتي والحيواني، ولا يستطيع الجنس البشري أن يُفلِتَ منه بأيّ جَهدٍ يتصوَّرُه عقل. قانونٌ تأثيراته وِسط النبات والحيوان ضياعُ الطعام، وحلولُ السقام، ومُعَجَّلُ السام [المَوت الباكر]. ووِسطَ الآدميّين الشقاءُ والرّذيلة... إنّي لا أرى طريقاً يمكن للإنسان عبره الهروب من وطأة هذا القانون الذي يجتاح كلّ الطبيعة الحيّة. لا عدالةَ موهومة، ولا تنظيمات زراعية، مهما بلغ مداها، يمكن لها أن تزيل ضغط هذا القانون ولو لقرنٍ واحد. وبالتالي يبدو أنّه حاسمٌ ضدّ إمكانية وجود مُجتمعٍ يعيش أفراده في يُسرٍ وسعادةٍ ورفاهٍ متناسبٍ بحيث لا يشعرون بالقلق حيال تأمين وسائل المعيشة لأنفسهم ولعائلاتهم».

معلومات إضافية

المصدر:
وكالات + قاسيون