النص الأصلي لتصريحات لافروف يوم أمس
تناقلت وسائل إعلام عديدة يوم أمس تصريحات منسوبة إلى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف حول الشأن السوري، وقد تخلل كثيراً منها قدر غير مفهوم من عدم الدقة يصل إلى حد «الاختراع».
فيما يلي الترجمة الكاملة لإجابة لافروف على السؤال الذي طرح عليه ضمن المؤتمر الصحفي بما يخص سورية:
ترجمة: قاسيون
أنا أتفق معكم تماماً أن سورية وللأسف تبقى ضحية للألعاب الجيوسياسية، منذ أن بدأ كل هذا عام 2011 مع ما يسمى "بالربيع العربي"، حيث الأمريكيون وأيضا الدول الأوروبية الأساسية، وعلى خلاف ما جرى عام 2003 عندما وقفت فرنسا وألمانيا ضد العدوان على العراق، فالربيع العربي كان مقاداً في معظم الأحيان من قبل أوروبا، أما الأمريكيون وكما قال أوباما ذات مرة (نحن نقود من الخلف). عندما شارك الفرنسيون بشكل نشط في العدوان على ليبيا، في تلك المقامرة العدوانية.
أما فيما يخص سوريا..... تذكرون تونس، ثم سوريا، ليبيا، وغيرها، وطبعاً مصر عندما تم التخلي عن السيد حسني مبارك من قبل حلفائه، الذي وعلى مدار عشرات السنين ساعدهم على الاحتفاظ بالاستقرار في المنطقة. لقد كان هذا مؤشراً واضحاً للغاية. حسناً منذ ذلك الحين لم يعد الأمر مفاجئاً، تماماً كما تخلوا عن القيادة الأفغانية في نصف ساعة، وتركوها لمشيئة الأقدار، وكثرٌ آخرين ممن ربطوا مصيرهم السياسي لا بل مستقبل بلادهم برمتها بالولايات المتحدة الأمريكية. إنها دروس والدروس تعلّم، لكن يبدو أنّه ليس الكل قد تعلّم بعد، فالآن هناك موجة جديدة من التودد ومحاولات إقناع الكثيرين بأننا – أي الأمريكان – سنقوم بدعمكم وتمويلكم ولن تعانوا، فقط انضموا إلى العقوبات وتقدموا.
في سوريا تتواجد قوى مسلحة لدول عديدة، من ضمنهم من قامت القيادة السورية بدعوتهم ومنهم من لم يقم أحد بدعوتهم أصلاً. إذا ما أخذنا بالحسبان العلاقة الخاصة، وتاريخ العلاقات بين سوريا وتركيا، فقد قمنا ومنذ بضع سنوات خلت وبالأخذ بعين الاعتبار حجم التأثير الإيراني في سوريا، عندما قامت جامعة الدول العربية بتجميد عضوية سوريا فيها ورفضت وما زالت ترفض الاعتراف بخطئها هذا، كنا مقتنعين بأن أولئك الذين يؤثرون في الأحداث بشكل حقيقي على الأرض، عليهم أن يجتمعوا وأن يتحدثوا مع الرئيس الأسد وحكومته. هكذا نشأت ثلاثية " أستانا" روسيا تركيا وإيران، ورغم كل حساسية موقف دمشق من التواجد التركي، فإن هذا التواجد وإنشاء ثلاثية أستانا تم قبوله كانعكاس للواقع، وانعكاس لضرورة الانخراط في حوار عملي. وفي هذه الثلاثية تم تحقيق العديد من الاتفاقات في أطر مختلفة بما فيها بين روسيا وتركيا بموافقة القيادة السورية ومن ضمنها أعني الاتفاقيات حول مناطق خفض التصعيد، التي تم تنفيذها عملياً بشكل سريع بما فيه الكفاية. الآن تبقّى ومنذ مدة طويلة منطقة واحدة، هي منطقة إدلب لخفض التصعيد، والتي بخصوصها لدينا اتفاقيات محددة بين رئيسي روسيا وتركيا تتعلق بالفصل بين أولئك الإرهابيين المتواجدين هناك كهيئة تحرير الشام وتفرعاتها، وبين المعارضين الطبيعيين المستعدين للحوار، أما مع الإرهابيين فلا مجال للحوار. هناك أيضاً اتفاق على فتح الطريق الدولي "إم 4" بين اللاذقية وحلب، واتفاقية الدوريات المشتركة واتفاقيات حول عدد كبير من المسائل ذات الطبيعة العسكرية.
حتى الآن لم يتم تنفيذ هذه الاتفاقيات بشكل تام، لقد تحدثنا عن هذا بشكل علني منذ مدة قصيرة، وزملاؤنا الأتراك يعترفون بهذا، في الحقيقة إنهم يؤكدون أنه سيتم تذليل العقبات، وهم بدورهم يذكرون بالاتفاق الذي تم على مستوى رئيسينا أيضاً، فيما يتعلق بشمال شرق سوريا، حيث تنشط بشكل أساسي التشكيلات الكردية كقوات سوريا الديمقراطية والواي بي جي أو أيا تكن التسميات، هذه التشكيلات تصنف لدى الأتراك ككيانات معادية حتى أن بعضهم مصنف كقوى إرهابية في الجمهورية التركية. لكن ما يجمع هذه التشكيلات أنها كلها تستخدم الغطاء الأمريكي، من خلال التواجد غير الشرعي للقوات الأمريكية على الضفة الشرقية لنهر الفرات، وهناك وبخلاف سنوات من الوعود ما تزال موجودة قاعدة التنف بنطاق 50 كم والتي لا أحد يعرف ماذا يجري في داخلها، لكن ووفق المعطيات التي لدينا فإن الإرهابيين يشعرون هناك بالراحة التامة، تماماً كما في مخيم الركبان ومخيم الهول، والتي جرى منها منذ مدة ليست بالبعيدة "عمليات هروب للإرهابيين". إنَّ هذا يقلق تركيا أيضاً، حيث يقوم الأمريكيون بتغذية النزعة الانفصالية لدى الكرد، كما يقلق الدول الأخرى التي تتواجد على أراضيها أقلية كردية، لأن المشكلة الكردية شديدة الخطورة. لهذا السبب تحديداً فإن واحدة من أهم موضوعات نقاشنا مع دمشق هو فكرة إقامة حوار بين الكرد ودمشق، لكي يعي الكرد حتمية القطع مع الدعوات التحريضية على الانفصال والاتفاق فيما بينهم على آلية استمرار العيش في دولة واحدة، حيث عاشوا دائماً مع العرب وغيرهم من القوميات في سوريا، لكن الأمريكيين يقنعونهم برفض هذا الأمر.
الأمريكيون يقولون مثلاً أنّهم غير مهتمين بتقسيم روسيا لكنّهم في حقيقة الأمر مهتمون، وفي بعض الأحيان تقوم حتى بعض الوجوه الرسمية لديهم بالحديث عن ضرورة إضعاف روسيا، وعلى نفس المنوال فهم مهتمون بمساعدة الكرد لإقامة دولة منفصلة، إن هذا منطق قديم لديهم في التقسيم، منطق أنغلوساكسوني. لذا فهم يقومون بكل الجهود الممكنة لثني قيادة قوات سوريا الديمقراطية عن القيام بحوار جدّي مع دمشق، وللأسف فإنّ هذه التشكيلات الكردية ما يزالون يعوّلون على الأمريكان كشركاء موثوقين. فليتذكروا مصير حسني مبارك وما حدث مع القيادة الأفغانية منذ وقت ليس بالبعيد. هم يقررون بأنفسهم بالطبع، لكننا سنقوم بالعمل بكل قوة كي لا تحدث أي تطاولات على وحدة الأراضي السورية. هذا بالمناسبة هو موقف ثلاثي أستانا، حيث تمّ منذ مدة قصيرة تأكيده في بيان ختامي لنتائج اجتماع دوري لأستانا، وفي سياق هذا الفهم وهذه الاتفاقات نحن مهتمون بأنّه وعلى أساس اتفاقية أضنا التي ما تزال سارية المفعول بين سوريا وتركيا، أن يتمكن هذان البلدان من استئناف الحوار – وعلى ما يبدو أن الظروف قد نضجت بهذا الاتجاه – لحل قضايا محددة متعلقة بتوفير الأمن على الحدود، مع الأخذ بعين الاعتبار المخاوف الشرعية لتركيا والتي كانت سوريا ومنذ عهد حافظ الأسد قد اعترفت بها والآن أيضا تعترف.
معلومات إضافية
- المصدر:
- وكالات