افتتاحية قاسيون 751: جنيف3 هو آخر جنيف!
إنّ قراءة تطورات حلحلة الأزمة السورية خلال الأسابيع القليلة الماضية، وخلال الجولة الثانية من جنيف3 وحتى ما قبل مباحثات لافروف- كيري، الخميس 24/ آذار تتلخص بالخطوط التالية:
وقف إطلاق النار يتعزز على الأرض يوماً بعد آخر.
محاربة الإرهاب تمضي قدماً.
الخطاب التصعيدي يتراجع لدى الأطراف السورية المتشددة، والأفق ينقتح باتجاه التوصل إلى توافقات.
الجولة القادمة لن تتأخر هذه المرة بل ستكون في أوائل نيسان.
ورغم أنّ هذه الخطوط العامة تفضي بمجملها إلى القول بأنّ حل الأزمة السورية يمضي إلى الأمام بشكل متسارع، إلّا أنّ ما نتج عن لقاء لافروف- كيري الأخير، والذي يمثل في جوهره انعكاساً للتوازن الدولي الجديد وتطوراته، يضيف إلى هذه الحقيقة وضوحاً أكبر وأشد، فالحل السياسي في سورية قد وصل نقطة اللاعودة، وضمن أساسيات هذا الحل الأمور التالية:
الطريق باتت سالكةً أمام تنفيذ الأجندة الزمنية المنصوص عليها في القرار 2254 بشكل نهائي بعد اتفاق لافروف- كيري، بما في ذلك البنود المتعلقة بالجسم الانتقالي وبالدستور.
الجسم الانتقالي سيكون توافقياً وسيضم الجميع، ولن يكون من نمط «مجالس قيادات الثورة» التي كانت تصدر البلاغ رقم واحد بعد انقلاباتها.
المفاوضات القادمة يجب أن تكون مباشرة.
وفد المعارضة يجب أن يكون موحداً على أساس توافقي عادل.
حضور الأكراد في الجولة القادمة ضروري، ولا يحق لأحد منعه.
سورية سيحكمها الشعب السوري وليس أحداً ممن يظنون أنهم يمثلونه مسبقاً ودون أخذ رأيه.
لن يفيد أي طرف من الأطراف تلاعبه وتذاكيه، وما سينفذ هو توافق الأطراف السورية فيما بينها، وعلى أساس القرارات الدولية التي تعكس توازناً دولياً تتراجع فيه واشنطن وحلفاؤها.
عملية تقليم الأدوار الإقليمية الضارة تتعزز وتتوسع، ويشير إلى ذلك دخول أزمة اليمن طريق الحل باتفاق وقف إطلاق النار في العاشر من نيسان وبدء المفاوضات في 18 منه، وكذلك في تطورات الأزمة الليبية التي بدأت تتلمس الطريق إلى الحل.
تشير الوقائع المختلفة إلى أنّ حل الأزمة السورية حتى قبل اكتماله قد بدأ بالتحول إلى نموذج لحل بقية الأزمات في المنطقة، والطريق المخطوط لحل الأزمة في اليمن يشير إلى ذلك بوضوح.
كما تشير الوقائع ذاتها إلى حقيقة أساسية هي أنّ جنيف الحالي، جنيف الثالث بجولاته الثلاث، هو جنيف الأخير. وليس كما يظن أو يروج أو يتمنى البعض، بأن يكون هنالك «جنيفات» أخرى كثيرة. وما سينجم عنه بخطوطه العامة هو سورية موحدة أرضاً وشعباً، علمانية وديمقراطية وبباب مفتوح على عملية التغيير الجذري العميق والشامل اقتصادياً- اجتماعياً وسياسياً بيد الشعب السوري ولمصلحته.
إنّ عداد الكارثة الإنسانية في سورية الذي أخذ بالتباطؤ منذ وقف إطلاق النار، لن يستغرق وقتاً طويلاً حتى يتوقف نهائياً.