خالد: دي ميستورا لم يقدم لأي طرف خطة ملموسة وكل الحديث عن ذلك هو إعلامي وليس رسمياً
نشرت صحيفة «البعث» السورية يوم الأربعاء 16/9/2015 تحقيقاً صحفياً تحت عنوان «هل يبحث دي ميستورا عن حل سياسي أم يطيل أمد الأزمة» غطى آراء عدد من القوى السياسية السورية في الداخل بالمساعي الأخيرة للمبعوث الدولي إلى سورية. وينشر موقع قاسيون فيما يلي نص إجابات الرفيق معن خالد، المستشار لدى حزب الإرادة الشعبية، على أسئلة الصحيفة، كما تم تقديمها وتبادلها أساساً.
الصحيفة:
قدم المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا تصوراً للحل السياسي في سورية وتنفيذ "بيان جنيف" مدعوماً بتشكيل مجموعة اتصال دولية ـــ إقليمية، مقترحاً عملية سياسية من ثلاث مراحل تتضمن تشكيل ثلاثة أجسام.
1- هيئة انتقالية تتمتع بصلاحيات تنفيذية كاملة عدا "الصلاحيات البروتوكولية".
2- تشكيل «مجلس عسكري مشترك» ينسق عمل الفصائل المسلحة من قوات نظامية وفصائل معارضة ويشرف على إصلاح أجهزة الأمن مع احتمال «إلغاء» بعض هذه الأجهزة.
3- عقد مؤتمر وطني وصولاً إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية بـ «رعاية» الأمم المتحدة.
كما تناول ديميستورا آلية عمل مجموعات العمل الأربع التي اقترح تشكيلها من الحكومة السورية والمعارضة والمجتمع المدني، بدءاً من منتصف الشهر المقبل لمدة ثلاثة أشهر. والأسئلة...
هل خاطبكم دي ميستورا بشأن مبادرته، وماهو موقفكم من المبادرة والتي جاءت عبر بيان رئاسي من مجلس الأمن؟
أولاً، ينبغي التأكيد على أن المبعوث الدولي إلى سورية، ستافان دي ميستورا، لم يقدم لأي طرف خطة أو مبادرة، وكل الحديث عن ذلك هو إعلامي وليس رسمياً، بدليل تصريحات المتحدث الرئاسي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف يوم الخميس الماضي، وبالتالي لا يمكن إعطاء موقف أو رأي بشيء غير موجود أصلاً. وكل ما يمكننا التعليق عليه هو مسألة البيان الرئاسي ومجموعات العمل، وهذه المسألة لا ينبغي خلطها بمسألة خطة غير موجودة، قائمة على تداول إعلامي من منابر مختلفة، ولغايات مختلفة.
في الأحوال كلها، سبق لنا في جبهة التغيير والتحرير، وحزبنا ضمناً، أن التقينا مع السيد دي ميستورا مرات عدة في إطار زياراته إلى سورية، وكذلك خلال مشاوراته في جنيف، وكان لنا معه نقاشات هامة حول تصوراتنا للحل السياسي في سورية. وبالنهاية جاءت أفكار دي ميستورا المعبر عنها في البيان الرئاسي ومجموعات العمل الأربع، كمحصلة لضغط ميزان القوى الدولي الجديد باتجاه إلزام الأطراف كلها، بما فيها المعيقة والمعرقلة للحل السياسي، باتجاه الذهاب إليه بخطوات عملية، وبالتالي كمحصلة لمجمل لقاءاته مع الأطراف المعنية سواء النظام أم المعارضة بأطيافها، أم القوى الدولية والإقليمية. ونرى في ذلك اقتراحات من الممكن أن تساهم في تسريع حل الأزمة، لذلك سنشارك فيها بالقدر الذي ندعى للمشاركة فيها.
هل لديكم من تحفظات على المبادرة وخصوصاً فيما يتعلق اللجنتان السياسية والأمنية وصلاحياتهما؟
نعتقد أن المطلوب من هذه اللجان هو الجلوس والنقاش بغض النظر عن النتائج التي ستتوصل إليها فهي ستصل إلى نقاط توافق ونقاط خلافية، وطالما أن ليس من مهمتها اتخاذ القرارات، فهي معنية بتأمين الأرضية الضرورية للنقاش اللاحق في جنيف3، أي أنها ستساعد في اختصار مراحله فهي ورشات عمل تؤمن المادة الخام لأخذ القرارات النهائية في جنيف3، ولذلك فإن عملها وصلاحياتها محصوران في التمهيد للمؤتمر ولا مجال لأن تعيق هذا اللجان عمل المؤتمر.
هل أنتم كحزب إرادة شعبية مع الاستفتاء الشعبي في نهاية الاتفاق السياسي والذي يصر عليه الجانب الحكومي، أم لديكم مقترحات أخرى؟
لا أحد يمانع إجراء استفتاء شعبي على الاتفاق السياسي النهائي من حيث المبدأ، ولكن من الناحية العملية ينبغي تهيئة الظروف التي تسمح بالقيام بمثل هذا الاستفتاء وغيره مثل عودة المهجرين، وتأمين أن يشمل الاستفتاء من هم في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة، ومنع تأثير الأطراف المسيطرة في أي مكان على إرادة الناس، وهذا بكل تأكيد يتطلب وقتاً وجهداً كبيراً ليصير أمراً ممكناً، وفي حال تأمنت هذه الظروف فنحن بالتأكيد سنكون مع أي استفتاء يسمح بالتعبير الحقيقي عن إرادة الشعب. أما محاولة فرض أي استفتاء من دون تأمين الشروط الرئيسية لتعبير الناس فهو أمر سيدفع لمزيد من الانقسام وهو ما ينبغي الابتعاد عنه كلياً.
لاقت طول المدة الزمنية لمسار العمل المقترح العديد من الانتقادات من أطراف المعارضة ماهو موقفكم منها؟
بغض النظر عن المدة المحددة فقد أصبحنا في طور التحضير الجدي لجنيف3، فمع وجود بيان رئاسي من مجلس الأمن ومجموعات العمل التي أقرها البيان ومجموعة دولية ستجتمع في أكتوبر فنستطيع القول أن جنيف3 بات على الأبواب. بكل الأحوال كنا ومازلنا نعمل على أن تتم الأمور بأسرع ما يمكن فكل تأخير دقيقة واحدة هو زيادة في فاتورة الدماء والخسائر البشرية والمادية التي تضاف على كاهل السوريين، وإن أي عمل لتأخير الحل يعني إسهاماً في الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب السورية، فالمطلوب العمل بأقصى سرعة للخروج من الأزمة بحل سياسي على أساس جنيف1 ووقف الكارثة الإنسانية، ومواجهة الإرهاب، وتحقيق التغيير الوطني الديمقراطي الجذري الشامل.
كما لاقت عملية اختيار الشخصيات التمثيلية المشاركة في اللجان الأربعة تحفظات وخصوصاً من جانب "الائتلاف" ما هو موقفكم من ذلك، وهل أنتم مع مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في اللجان وفق المقترح المقدم من دي ميستورا؟
إنتقادات الإئتلاف تأتي بفعل قوة العطالة للوضع السابق الذي كان يرى فيه نفسه ممثلاً شرعياً ووحيداً للمعارضة السورية وحتى للشعب السوري كله. اليوم هذا الوضع تغير وتم تثبيت فكرة تعددية المعارضة. ولا ينبغي فتح باب اعتراض طرف على أسماء طرف آخر، فهذا يفتح الباب أمام صراعات ثانوية ولا يبشر بمستقبل ديمقراطي واعد ينشده السوريون، والمهم في هذا الموضوع ليس الأشخاص بقدر امتلاك الأطراف المختلفة للإرادة السياسية باتجاه الحل. وفي الأحوال كلها، نحن نؤمن أن حجم الكارثة الإنسانية التي تمر على الشعب السوري لا تسمح وطنياً وأخلاقياً بأية طموحات سياسية أو حزبية ضيقة. والشعب السوري لا ينسى. المهم إطلاق العملية، ومسألة الأشخاص ليست معطى حاسماً أو نهائياً، لأن هذا منطق الأمور ولأن الشعب السوري لم يعد يقبل بأشخاص/ أقدار تفرض عليه. تجربة السنوات الخمس مع الأطراف كلها تثبت ذلك، بما فيها تجربة النظام أو حتى الائتلاف ذاته، مثلاً.
في ظل غياب التوافق الدولي حتى الآن، هل لديكم أمل في نجاح مساعي دي ميستورا، وهل يكفي برأيكم الاندفاع الروسي لحل الأزمة؟
ما نشهده، ومنذ فترة لا بأس بها، في ظل ميزان القوى الذي لا يسير في مصلحة واشنطن تباعاً، هو وجود توافق دولي للذهاب إلى حل سياسي على أساس جنيف1 رغم ممانعات أطراف هنا أو هناك، والأمور تسير في هذا الاتجاه. وما تراه اندفاعاً روسياً نرى فيه أنه العمل الضروري الثابت والمستمر بشكل واضح منذ بداية الأزمة دون أي تغيير، حيث تقوم موسكو بالعمل على إيجاد حل جدي ودرء أخطار استمرار الأزمة السورية، وهذا سيفرض على باقي القوى الدولية الذهاب للحل السياسي. وأي تثاقل من هذه القوى في سيرها باتجاه الحل فهو ناتج عن عطالة الفترة السابقة التي كانوا فيها مأزومين بمستوى أقل من أزمتهم الحالية. معارضوا الحل السياسي، في كل طرف كانوا، مأزومون اليوم أكثر مما سبق، لذلك ستتلاشى ممانعتهم للحل تدريجياً، أنظر إلى حال السعودية وتركيا على سبيل المثال. نرى أن الدور الروسي مع حلفائه الآخرين كفيل بتبريد الرؤوس الحامية في الأطراف المختلفة التي لا تزال تتعامى عن الكارثة الإنسانية التي ضربت سورية لأجل مصالحها الضيقة.
برأيكم هل مبادرة دي ميستورا الجديدة ستحل محل اجتماعات موسكو والتي دأبت الخارجية الروسية على عقدها، أم لا بد من عقد اجتماع جديد لموسكو3 قبل الذهاب إلى جنيف3؟
نستطيع القول أن مهمة لقاءات موسكو بالدفع لجنيف3 تحققت ولا داعي لعقد موسكو3 قبيل جنيف3 طالما أن الأمور تسير قدماً، وفي حال وجدنا أن هناك ضرورة لحلحلة بعض الأمور قبيل جنيف3 فلا مشكلة بعقد لقاء في موسكو لأجل تذليل العقبات حتى نصل إلى حنيف3، أي أن موسكو هو محطة للوصول لجنيف3، ليست ضرورية حتى اللحظة، ولكن لا ضير فيها فيما لو استدعاها عقد جنيف3. بالحقيقة إن مبادرة دي ميستورا جاءت نتيجة اجتماعات موسكو فعندما سعى الروس لتحريك مياه الحل الراكدة بعد فشل جنيف2 بغية دفع الأمور إلى الحل بجنيف3، عملوا على عقد اجتماعين في موسكو كانا كفيلين بجعل الأطراف الدولية الأخرى العمل للحاق بالحل السياسي، فجاءت مبادرة دي ميستورا تعبيراً عن رغبة دولية، ومن موقع الاضطرار للمضي في الحل السياسي.