أهمية ولادة محطة الفضاء الدولية الصينية

أهمية ولادة محطة الفضاء الدولية الصينية

أكملت الصين منذ فترة وجيزة بنجاح إرسال ودمج آخر الوحدات المكونة لمحطتها الفضائية، وصرّحت رئيسة هيئة أركان القوى الفضائية الأمريكية بأن التقدم السريع في القدرات العسكرية الصينية يشكّل مخاطر متزايدة على التفوق الأمريكي في الفضاء الخارجي. يزداد فهمنا للخوف الأمريكي إذا علمنا أن العمر الافتراضي لمحطة الفضاء الدولية الحالية التي تشارك فيها الولايات المتحدة مع روسيا وبلدان أخرى على وشك الانتهاء عام 2024، وسط التوتر الهائل مع روسيا واحتمالات العجز الأمريكي عن مواصلة مشاركتها بها، وقد تتفاقم عزلة أمريكا فضائياً إذا واصلت سياستها الحالية بحظر التعاون بين وكالة ناسا والصين.

وفقاً لما تداولته عدة وكالات أنباء، قالت نينا أرماغنو رئيسة قوّة الفضاء في الجيش الأمريكي، في 28 تشرين الثاني الماضي 2022، إنّ بكين أحرزت تقدماً كبيراً في تطوير تكنولوجيا الفضاء العسكرية، بما في ذلك مجالات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية التي يمكن إعادة استخدامها، والتي تسمح للدول بتوسيع نطاق برامجها الفضائية بسرعة. وأضافت في فعالية في سيدني نظّمها معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي البحثي: «أعتقد أنّ من الممكن تماماً أن يتمكنوا من اللحاق بنا والتفوق علينا بالتأكيد»، مشيرةً إلى أنّ «التقدم الذي أحرزوه كان مذهلاً وسريعاً».
وشبّه يي بيجيان، رئيس البرنامج الصيني لاستكشاف القمر، القمر والمريخ بالجزر المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، التي تطالب بكين بالسيادة عليها.
ونجحت الصين بإطلاق مركبة الفضاء «شنتشو-15» إلى محطتها الفضائية، في آخر مهمّة ضمن خطة الصين لاستكمال محطتها الفضائية المدارية المأهولة. وقالت الوكالة، في مؤتمر صحافي، إنّ المركبة تحمل 3 رواد فضاء، وسيقوم رواد الفضاء الثلاثة الذين وصلوا إلى هناك في أوائل حزيران/يونيو الماضي بتسليمهم المحطة الفضائية في غضون أسبوع.

ما الذي دفع سباق الصين لبناء محطة فضاء؟

وفقاً لموقع Chinapower تتعدد مزايا تطوير القدرات الفضائية. الأقمار الصناعية تسهل الاتصالات العسكرية والمدنية. تكتسب رحلات الفضاء البشرية مكانة دولية، مع توفير فرص لإجراء أبحاث متطورة. أدت التجارب التي أجريت في الفضاء إلى العديد من الاختراقات التي تم استخدامها لمواجهة التحديات الطبية والبيئية والتكنولوجية على الأرض.
ونجحت الصين مؤخراً باختبار محرك مخصص للصواريخ قابل لإعادة الاستخدام، صمم للعمل 10 مرات على الأقل، ما يسمح بخفض كلفة الإطلاق.
تسعى الصين إلى تعزيز قدرتها على الابتكار العلمي والتكنولوجي من خلال بناء محطة فضاء معيارية كبيرة. يأمل القادة الصينيون أيضاً أن تدعم الأبحاث التي أجريت على محطة الفضاء الصينية (CSS) أهدافهم طويلة المدى لاستكشاف الفضاء، بما في ذلك البعثات إلى القمر والمريخ.

الصين تحقق رحلاتها المأهولة بنفسها

لدى أكثر من 80 دولة برامج فضائية تشارك في أنشطة تتراوح من تطوير الأقمار الصناعية ذات الاستخدام المزدوج إلى استكشاف القمر. ثلاث دول فقط من هذه الدول أرسلت البشر بشكل مستقل إلى الفضاء. حقق الاتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة رحلات فضائية بشرية في عام 1961 على خلفية سباق الفضاء في الحرب الباردة. بعد أربعة عقود، انضمت الصين إلى مجموعة النخبة هذه بإطلاق اللفتنانت كولونيل يانغ ليوي في مدار الأرض في عام 2003 على متن السفينة شينجو5، وتعني «المركبة الإلهية». دار يانغ حول الأرض 14 مرة على مدار 21.5 ساعة.
أطلقت الصين رسمياً برنامج الفضاء المأهول، المعروف باسم المشروع 921، في سبتمبر 1992. وتشمل الأهداف الرئيسية للمشروع متعدد المراحل 921 تحقيق رحلات الفضاء البشرية وتطوير وتشغيل «ما وو بينغ»، نائب مدير وكالة الفضاء المأهولة الصينية.
كان أحد الجوانب الحاسمة لمشروع 921 هو تطوير مختبرات الفضاء Tiangong (قصر السماء) التي كانت بمثابة قواعد اختبار مهمة لاكتساب المعرفة الفنية لتشغيل CSS. أطلقت تيانغونجغ-1 بوزن 8.5 طن متري في سبتمبر 2011 ومكنت رواد الفضاء الصينيين من التدرب على مناورات الالتقاء والالتحام والقيام بمهام قصيرة المدى في الفضاء. فقدت الصين الاتصال بالوحدة الفضائية في مارس 2016، وفي 2 أبريل 2018، سقطت تيانغونغ1 عبر الغلاف الجوي للأرض، مما أدى إلى نثر الحطام فوق جنوب المحيط الهادئ.
تعلّم المهندسون الصينيون دروساً من تجربة Tiangong-1 لتحسين تصميم خليفتها، Tiangong-2 التي تم إطلاقها في سبتمبر 2016. تميزت Tiangong-2 بقدرة أكبر على إجراء التجارب العلمية، وبالتالي وصفه Wu Ping بأنه مختبر «بالمعنى الحقيقي للكلمة». وفقاً للكتاب الأبيض الصيني لعام 2016 حول الأنشطة الفضائية، قدمت Tiangong-2 منصة للصين لإتقان القدرات الرئيسية، مثل نقل البضائع اللازمة لتشغيل محطة فضائية دائمة وتجديدها.

تشبه «مير» السوفييتية

بناءً على نجاح مهام Tiangong، قامت الصين ببناء الوحدة الأساسية لـ CSS. يبلغ طول الوحدة الأساسية، التي يطلق عليها اسم تينهي-1 (تناغم السماوات) 18.1 متراً وكتلتها 22 طناً مترياً. تم التخطيط أصلاً للدخول إلى المدار في وقت ما في عام 2018، لكن المسؤولين أعلنوا في مارس 2018 أن الإطلاق سيتأخر. تشير التقارير إلى أن التأخير كان بسبب فشل إطلاق صاروخ لونع مارش 5 الثقيل في عام 2017، وهو أمر ضروري لرفع الوحدة إلى المدار.
جهز المهندسون الصينيون محطتهم بعدد من الميزات منها إمكانية إطلاق تلسكوب فضائي صيني إلى مدار بالقرب من محطة الفضاء الصينية حوالي عام 2024 بحيث يكون مجال الرؤية أضخم بـ 300 مرة من مجال تلسكوب هابل الفضائي التابع لناسا الأمريكية.
محطة الفضاء الصينية هي الأخف حتى تاريخه على الإطلاق: سدس كتلة محطة الفضاء الدولية (ISS) ونصف حجم محطة الفضاء الروسية مير التي تم إيقاف تشغيلها. ففي حين تبلغ كتلة المحطة الصينية ما بين 60 و70 طناً، تبلغ كتلة المحطة الفضائية الدولية 420 طناً، بينما كانت كتلة المحطة مير حوالي 130 طناً.
من حيث التصميم، تشبه محطة الفضاء الصينية محطة مير السوفييتية. تم تصميم كل من المحطات الفضائية الصينية والروسية لتضمين وحدة أساسية ومكونات ربط متعددة. كان لدى مير كتلة أساسية أصغر قليلاً تم إطلاقها في شباط 1986. عندما تم تجميعها بالكامل، أظهرت مير خمس وحدات إضافية - كل منها بكتلة تتراوح بين 11 و19.7 طناً - لإجراء البحوث العلمية والبيولوجية وأنشطة المراقبة على الأرض. على النقيض من ذلك، فإن محطة الفضاء الدولية الحالية تحمل «هيكل تروس متكامل» يدعم عشرات الحمولات التي تنقلها أكثر من اثنتي عشرة دولة شريكة.
قد يفسح الحجم الأصغر لـمحطة الفضاء الصينية نفسه للكفاءة التشغيلية وتوفير التكاليف، بينما لاحظ المهندسون الصينيون أنه يمكن توسيع المحطة من خلال التعاون الدولي لتقليل سلبيات الحجم الصغير نسبياً، وتم تصميم المحطة لاستضافة ثلاثة أشخاص لفترات تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر (أو أطقم من ستة أشخاص لفترات أقصر)، بينما يمكن لمحطة الفضاء الدولية الحالية استضافة ستة رواد فضاء، أو ما يصل إلى تسعة رواد فضاء على فترات زمنية أقصر.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1100