كيف يمكن تحقيق المساواة المكانية في دمشق وريفها؟ (3/3)

كيف يمكن تحقيق المساواة المكانية في دمشق وريفها؟ (3/3)

تحت عنوان «سياسات التخطيط الحضري المستدام، ودورها في تحقيق المساواة المكانية-دراسة حالة مدينة دمشق» قدمت المهندسة نيفين رياض الزيبق، في مجلة جامعة تشرين للعلوم الهندسية بحثها.

 

السياسات التنموية نحو تحقيق مساواة مكانية فاعلة في مدينة دمشق 

لابدَّ من أن تترافق التوجّهات التنموية بمجموعة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والعمرانية القادرة

على مواجهة التحديات التي تعاني منها مدينة دمشق، ولاسيما فيما يتعلق بتأمين الاحتياجات الأساسية لحياة الأفراد وتحسين مستوى معيشتهم ومن أهمّ السياسات:

- سياسة الإحياء الحضري من خلال الارتقاء بالبنية التحتية الأساسية والبنية العمرانية للعديد من الفراغات

المهملة وتلك ذات الطابع التاريخي، إضافة إلى المناطق الطبيعية ضمن المدينة وهي كثيرة في دمشق وريفها وخاصة ضمن المدن القديمة والتاريخية في المدينة وريفها، على سبيل المثال: ضفاف نهر بردى، عشوائيات جبل قاسيون والمناطق العشوائية الأخرى التي تطوق مدينة دمشق، وتتضمن هذه السياسة العزم على إنجاز عدد من المشاريع الترميمية التأهيلية ضمن مدىً زمني طويل.

- اتّباع نظام الموازنة التشاركية حتى تتمكن كل منطقة من تحديد أولوياتها من خدمات أساسية ومشاريع إسكان

ومراكز صحية وبنية تحتية مما يحقّق احتياجات السكان وخاصة في المناطق الفقيرة والعشوائيات، ولا يمكن أن ينجح نظام الموازنة التشاركية إلّا من خلال لامركزية إدارية إقليمية.

- سياسات المعونات الاجتماعية والتضامن الاجتماعي من خلال تقديم مبالغ مالية مناسبة للأسر الفقيرة لتأمين

احتياجاتهم الأساسية على أن ترتبط هذه السياسة بضرورة تعليم الأطفال والنساء بما يحسّن الموارد البشرية الموجودة.

- استبدال المساكن العشوائية بمساكن شعبية وبأقساطٍ مريحةٍ تمتدُّ لسنواتٍ طويلةٍ ، وتتوضع بالقرب من الأقطاب التنموية المقترحة للتوسع العمراني في الأطراف بعيداً عن مركز المدنية، مع وضع قوانين حازمة لمنع إنشاء أي سكن عشوائي جديد.

- قروض زراعية صغيرة يتم تقديمها للفلاحين في المناطق الشمالية الغربية والقلمون والغوطتين من أجل التنمية الزراعية والريفية والتخفيف من هجرتهم باتَجاه العاصمة بما يحمي ما تبقى من الغوطة ويوفّر فرص عمل ويؤمّن الاحتياجات الغذائية الأساسية.

إن التوجّهات التنموية والسياسات المقترحة هي مقاربة للوصول إلى خطة تنموية مستدامة تتكامل فيها الجوانب

الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في المدينة، بهدف الوصول إلى نمو اقتصادي تتوزع موارده بشكل عادل بين الأقاليم على مستوى سورية، وبين مدينة دمشق وريفها، وبين المناطق على مستوى المدينة، من أجل تقليص التباينات المكانية على المستويات كافة وتحسين مستوى معيشة الأفراد وتأمين احتياجاتهم الأساسية وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة المكانية.

مواجهة التحديات المعيقة للتنمية

بعد الدراسة النظرية والعملية توصل البحث إلى النتائج الآتية:

- يجمع التخطيط الحضري المستدام بين التنمية الريفية والحضرية، أي بين الريف والمدينة وعلى 

المستويات كافة، ويدرس العلاقة فيما بينهما، لذلك تُعدُّ سياسات التخطيط الحضري المستدام هامة لمواجهة التحديات التي تعيق التنمية في المدن الكبرى والتي من ضمنها مدينة دمشق.

- يُعتبر حصول الأفراد على متطلباتهم الأساسية من سكنٍ مناسبٍ وخدماتٍ صحيةٍ وتعليميةٍ وفرص عملٍ من

أهم مؤشرات تحقيق المساواة المكانية في المدن.

- نظراً للواقع الراهن والتحديات التنموية التي تواجه مدينة دمشق، وتبعاً للمعطيات والخصائص المحلية لها، فإنَّ

سياسات التخطيط الحضري المستدام قادرة على الارتقاء بالمناطق المهمّشة والمهملة ضمن المدينة وريفها وتنميتها بما يضمن توزيع الموارد الاقتصادية بشكلٍ عادلٍ وصولاً إلى تحقيق المساواة المكانية.

- لا يمكن الفصل بين مدينة دمشق وريفها عند وضع أية خطة تنموية، فالريف ملتصق بالمدينة ويحيط بها،

حيث يؤثر في المدينة ويتأثر بها، فلا بدَّ لسياسات التخطيط الحضري المستدام من الاستفادة من نقاط القوة والإيجابيات الموجودة في الريف لضمان تكامله مع المدينة بما يخفف الضغط عنها.

الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية

خلص البحث إلى تفعيل العمل بالتوصيات الآتية:

- أهمية تفعيل العمل بأسلوب التخطيط الحضري المستدام، كونه استراتيجية متكاملة تهدف إلى تحقيق تنمية

حضرية متوازنة، تتكامل فيها الأبعاد المكانية مع الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والإدارية، وصولاً إلى تحقيق المساواة المكانية.

- التأكيد على أن تكون المساواة المكانية من أهمّ أهداف أية خطة تنموية وينبغي أن يرتبط تحقيقها بحصول

الأفراد على متطلبات حياتهم الأساسية بما يضمن لهم حياة كريمة.

- أهمية دراسة وتحليل الوضع الراهن لكل منطقة من مناطق المدينة وخاصة تلك التي تتضمن إمكانيات

تخطيطية اجتماعية عديدة لتحديد المزايا النسبية الموجودة كافة، ومن ثَمّ وضع خطة واستراتيجية محلية مناسبة للواقع القائم فيها.

- وأخيرا،ً إنَّ مواجهة التحديات التنموية في مدينة دمشق تحتّم على الحكومة ترتيب الاحتياجات والأولويات

والمشاكل بدقّة لوضع سياسات تخطيطية حضرية تستند على المؤشرات التنموية الدقيقة على أن تشمل هذه السياسات المستويين الإقليمي والمحلي، وأن تتكامل فيها السياسات اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً وادارياً لتحقيق مساواة مكانية مستدامة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
790