وجدتها ..صحة الشعوب

في كانون الأول/ديسمبر عام 2000، التقى 1500 ممثل عن 91 بلداً من شتى أرجاء المعمورة في مدينة داكا في الهند، ضمن إطار تجمّع صحة الشعوب. أما الذي جمع هذه المجموعات المتنوعة القادمة من مختلف أنحاء العالم فكان مطلب: «الصحة للجميع، الآن!».

 

في العام 1978 اجتمع ممثلون حكوميون من البلاد كلها في مدينة آلما آتا في كازاخستان وأعلنوا أنهم سيؤمّنون الصحة للجميع بحلول العام 2000 ميلادي. وقد تم تنفيذ هذا التعهّد المهم بعد عدد من النضالات، إذ شكّل محطة مهمة في النضال من أجل الصحة. إلا أن معظم الوثائق الصحية الحكومية اليوم لا تذكر أنه تمّ الالتزام بهذا التّعهد في العام 1978.

لكن من أين يمكن تمويل الالتزامات الصحية هذه؟ إن نظرة عميقة إلى مصادر التمويل هذه يمكنها الإجابة من خلال مقدار عدم المساواة.

فما مقدار عدم المساواة الذي نتكلم عنه؟

 إن الأموال التي تصرف على العطورات في أوروبا والولايات المتحدة (12 مليار دولار أميركي) تكفي لتأمين الرعاية الصحية الإنجابية للنساء في العالم كله.

إن الأموال التي تصرف على مستحضرات التجميل في بلد واحد ـ الولايات المتحدة ـ تستطيع أن تؤمن التعليم الأساسي للجميع أو تستطيع أن تفي تقريباً بإمدادات المياه ومستلزمات النظافة لشعوب العالم كافة

إن كلفة المشروبات الروحية التي تُشترى في أوروبا لوحدها 105 مليارات دولار أميركي. ما يوازي ضعفي ونصف كلفة توفير الخدمات الاجتماعية الأساسية (الصحة الأساسية بما فيها الصحة الإنجابية والتغذية والتعليم والمياه والنظافة) للعالم كله (هذا يكلف قرابة 40 مليار$)

إن الإنفاق العالمي العسكري البالغ 780 مليار $ هو 20 ضعف الأموال اللازمة لتأمين الصحة والتغذية والتعليم والمياه والنظافة للجميع

يملك الاشخاص الثلاثة الأشد ثراء أصولا أكثر من الناتج المحلي الإجمالي لأفقر 48 بلداً، ويملك أغنى 32 شخصاً أكثر من الناتج المحلي الإجمالي لقارة آسيا كلها.

إذا كانت الاقتصاديات الحالية تقرر مقدار الصحة الممكن تحمل كلفته ـ اليسيرة ـ فهذا لأنه عالم غير متساوٍ حيث لدى قلةٍ القوةَ للتحكم في حياة الأكثرية. لقد حان الوقت ليؤكد الناس ذواتهم ويجبروا عملية صنع القرار على عكس إرادة الأكثرية. الصحة للجميع بحلول العام 2000 ليس برنامجاً يمكن نسيانه بسهولة حين انتهاء مدته. قد تفعل الحكومات هذا لكن يجب على الناس الحؤول دونه، ألا يسمحوا به!