الغابات في سورية  سيناريوهات تأثير تغيرات المناخ عليها

الغابات في سورية سيناريوهات تأثير تغيرات المناخ عليها

التغير المناخي مشكلة معقدة لها آثار على جميع المجالات، رغم أنها ذات طابع بيئي، لكنها تؤثر وتتأثر بقضايا عالمية بما فيها الفقر والتنمية الاقتصادية والنمو السكاني وإدارة الموارد وبالنهاية بالتنمية المستدامة.

يتجه مؤتمر باريس للتغيرات المناخية الذي سينعقد في نهاية هذا العام إلى تثبيت ما اتفقت عليه الحكومات في عام2010على ضرورة خفض الانبعاثات بغية الحد من ارتفاع درجات الحرارة على نطاق عالمي في حدود درجتين مئويتين. وقد أعدت الدول من خلال البلاغات الوطنية الخاصة بتغيرات المناخ عدداً من السيناريوهات المحتملة، نعرض هنا ما جاء في البلاغ الوطني الأول للتغيرات المناخية من سيناريوهات محتملة في مجال الغابات في سورية.
سيناريو ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي
مع زيادة ارتفاع درجة الحرارة بمعدل يزيد عن 2مئوي من الممكن أن تحصل تغيرات كبيرة في الغطاء النباتي تشمل توسع الصحراء وأراضي الأعشاب على حساب الشجيرات الحراجية (الماكي)، كما يتوقع أن تزيد مساحة الغابات المختلطة متساقطة الأوراق على حساب المخروطيات مستديمة الأوراق. ومن المسلم به أن الغابات المخروطية (الصنوبريات) المستديمة الخضرة أكثر كفاءة في تخزين الكربون من الغابات المتساقطة الأوراق ومن الماكي أيضاً، وبما أن 50% من الغابات السورية عبارة عن ماكي و25% عبارة عن غابات متساقطة الأوراق، وبالتالي من المتوقع أن تعاني 75% من الغابات السورية من هذه التأثيرات.
تتوقع الدراسات (Climate Change 2007) أن يزول 60-80 % من الأنواع الحراجية في النظم البيئية المتوسطية الموجودة في الأجزاء الجنوبية من أوروبا وذلك عند زيادة حرارة الغلاف الجوي عن 1,8 مئوي. إضافة لذلك من المحتمل أن يزداد تكرار الحرائق، كما من المتوقع أن تزداد المساحات المحروقة في الغابات الموجودة في البحر الأبيض المتوسط، بشكل عام فإن تكرارية الحرائق أصبحت أمراً ملاحظاً خلال الأعوام 2004-2007 بحيث بدأت تدمر مساحات كبيرة جداً من الغابات تتعدى مساحة 1000 هكتار في الحريق الواحد.
سيناريو انخفاض معدلات هطول الأمطار
بشكل عام يتحكم محتوى الرطوبة في التربة بالنظم البيئية الحراجية إضافة لطرحها ثاني أكسيد الكربون، لكن تأثير الجفاف الذي حصل في بعض المناطق المتوسطية في عام 2003 والذي كان له تأثير كبير على الغطاء النباتي، قد زال هذا التأثير في عام 2004 مع زيادة الهطول.
من المتوقع أن تحصل تغيرات في معدلات الهطول في بعض المناطق المتوسطية، مما سيؤدي إلى تفاقم مشاكل الجفاف.  إن أغلب التحليلات العلمية تشير في القرن الماضي إلى أن زيادة نسبة CO2 في الغلاف الجوي أدت إلى الازدياد في الإنتاجية الصافية للكتلة الحية في حوض المتوسط على الرغم من ارتفاع درجة الحرارة، لكن في الوقت الحالي فإن فائدة العديد من الأنواع المتوسطية الحراجية من ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تبقى محدودة لأنها مترافقة مع جفاف حاد.
ملاحظة: جميع السيناريوهات تشير إلى أن زيادة CO2 في الغلاف الجوي سوف تترافق مع انخفاض معدلات الهطول.
سيناريو زيادة تركيز
ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي
في حال تزايدت نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو فإنه من المتوقع أن تتسبب بزيادة الحرائق بمعدل 40-50 % في بعض المناطق المتوسطية، أو يمكن أن تزداد عن ذلك في مواقع متوسطية أخرى، الأمر الذي يشجع فقط الأنواع التي تتكاثر بالأخلاف (تكاثر خضري) فقط والأنواع الشجيرية الأخرى المتحملة للحرائق، لأن الأنواع المخروطية كالصنوبريات والأرز لا تتكاثر إلا بالبذور بشكل عام. مما سيؤدي إلى انخفاض في إنتاج الكتلة الحية وبالتالي في القدرة على تثبيت الكربون.
النظم البيئية الحراجية
 الحساسة للتغيرات المناخية
من الواضح أن المخروطيات عالية الحساسية للتغيرات المناخية ولارتفاع درجات الحرارة نظراً لاحتوائها على الراتنجيات ومواد تنينية أخرى، ونخص بالذكر هنا غابات الصنوبر البروتي Pinus brutia والتي تشكل القسم الأكبر من الغابات الأوجية في سورية والتي تعتبر الأفضل والأكفأ في امتصاص الكربون، كما أن كتلتها الحيوية هي الأفضل بين الغابات السورية، وبالتالي فإن احتراقها يطلق كميات كبيرة من الكربون المخزن في كتلتها الحيوية. إضافة إلى ازدياد المساحات المحروقة من غابات الصنوبر البروتي فإن الإصابات الحشرية والمرضية تزداد حدتها عاماً بعد عام، وقد تكون هذه الأعراض مرتبطة ببعض التغيرات المناخية ولاسيما انخفاض معدلات الهطول المطري.
إن حساسية الغابات الناتجة عن التشجير الاصطناعي والتي تشكل أكثر من نصف مساحة الغابات في سورية للتغيرات المناخية وخاصة انحباس الأمطار، هي أكثر من الغابات الطبيعية وذلك لأنها تتواجد في المناطق الأكثر جفافاً من المواقع الطبيعية للأنواع (في المناطق الداخلية من سورية)، كما أن بعض المشاجر ما تزال في المراحل الأولى من العمر مما يجعلها أكثر حساسية لارتفاع الحرارة وانحباس الأمطار.   

نقلاً عن موقع greenarea.me