أثر دعم المحاصيل في ريعية القمح والشعير
تحت عنوان «أثر السياسة السعرية في العائد الاقتصادي لمزارعي محاصيل القمح الطري والقمح القاسي والشعير في محافظة الحسكة» قدم كل من د. نواف فريجات ود. شباب ناصر بحثهما في مجلة جامعة دمشق للعلوم الزراعية للعام 2015.
هدف البحث إلى دراسة أثر السياسة السعرية في العائد الاقتصادي لمزارعي القمح الطـري والقمـح القاسي والشعير في محافظة الحسكة، لتحديد مدى تدخل الدولة في دعم أسعارها، باستخدام مقياس معامل الحماية الاسمية الذي يوضح الفرق الفعلي بين الأسعار المحلية والعالمية للمنتّج، ومقياس معامل الحماية الفعال الذي يوضح الأثر الصافي للسياسة على المخرجات والمدخلات. تم اختيار 208 مزارعـاً بطريقـة العينة الطبقية البسيطة من 44 قرية من قرى المحافظة. بينت نتائج التحليـل أن قـيم معامـل الحمايـة الاسمية للقمح الطري والقمح القاسي والشعير بلغت نحو 1.08 و1.21 و1.97 على التوالي، كما بلغت قيم معامل الحماية الفعال 1.17، و1.33 و2.26 للقمح الطري والقاسي والشعير على التوالي، واستنتج وجود تدخل حكومي في دعم أسعار المحاصيل المدروسة، وأن التأثير الكلي في نتائج السياسة يشير إلى وجود دعم حكومي للسعر بالنسبة للقمح القاسي والطري، ودعم أكبر لسعر الشعير خلال عام 2011.
بلغت مساهمة القطاع الزراعي نحو 15% من إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الثابتـة لعام 2010 في سورية. أما فيما يتعلق بتركيبة القطاع الزراعي، فيساهم الإنتاج النبـاتي بما يعادل 61.2% من إجمالي قيمة الناتج المحلي الزراعي لعام 2010. لقي هذا القطاع اهتماماً، لـبعض المحاصيل خاصة كالقمح والقطن والشوندر السكري والشعير والتبغ والعدس، التي أخـذت مكانة هامة ضمن القطاع الزراعي، فعمل على دعم منتجي هذه المحاصيل الاستراتيجية، حيث أخذ هذا الدعم أشكالاً متعددة، إما من جانب مستلزمات الإنتاج، أو من جانب أسعار المنتج أو كليهما.
الأثر السلبي للسياسات الزراعية
جرت العديد من التغييرات في الاقتصاد منذ عام 1987، كرفع الدعم تـدريجياً عـن أسعار مستلزمات الإنتاج، وإشراك القطاع الخـاص فـي بعـض عمليـات الاسـتيراد والتصدير، وانتقلت من الاقتصاد المخطـط إلى اقتصاد السـوق الاجتماعي، وتمت عمليـة الانتقال بشـكل تدريجي، هذه السياسة التي قد تكون ذات أثر سـلبي على المنتجين والمستهلكين، كما هدفت السياسات الزراعية في سورية إلى توفير الحوافز الضرورية للإنتاج الزراعي المطلوب، ولاسيما لصغار المزارعين، والمحافظـة علـى استقرار الناتج الزراعي، وأسعار المدخلات، وحماية المنتجين والمستهلكين من احتكـار الوسطاء نتيجة للبرامج الإصلاحية التي اتبعتها الجهات المعنية في سوية، ظهرت بعض الآثار على الإنتاج الزراعي من خلال الدعم الذي قدمته الدولة خلال الفترة من 1975 وإلى عام 1986 لأسعار المدخلات، وأسعار شراء السلع الزراعية من المنتجين، ومن ثـم إلغـاء الدعم المذكور تدريجياً خلال الفترة من 1987 وإلى 2007. من هنا تكمن مشكلة البحث في تحديد الأثر السلبي لإلغاء سياسة الدعم على الإنتاج الزراعي تدريجياً، مـن خـلال تحديد مدى تدخل الدولة في دعم أسعار المحاصيل الزراعية، والإجابة عن مجموعة مـن الأسئلة، من أهمها هل تقوم الحكومة بمنح المزارعين حوافز تشجيعية، كتأمين مـدخلات الإنتاج بأسعار أقل من تكلفتها الفعلية، أو أن هناك ضرائب مفروضة على إنتـاج تلـك لمحاصيل والتجارة بها، أو شراء المحاصيل من المزارعين بأسعار أعلى من أسـعارها العالمية.
تنتج سورية محصول القمح في الأراضي المروية والبعلية، ويعد المحصول المـروي الرئيسي في سورية، حيث يشغل نحو 67.1% من المساحات المروية في القطر، ونحـو 80.9% من إجمالي المساحة المروية المخصصة للمحاصيل الاستراتيجية، و35.5% مـن إجمالي المساحة البعلية، ويشكل القمح القاسي 46.7% من إجمالي إنتاج القمح، بينما يشكل القمح الطري 53.3% منه.
يعد الشعير المحصول العلفي الأهم في سورية، وتركز الخطط الحكومية على إنتاجه، بهدف تحقيق التكامل بين الإنتاجين النباتي والحيواني، ويستخدم بشكل رئيسي في علـف الحيوانات المجترة، ويدخل بشكل محدود في تركيبة الخلطات العلفية للدواجن، فضلاً عن استخدامه في صناعة البيرة، وتتركز معظم المساحات المخصصة للشعير فـي منـاطق الاستقرار الثانية والثالثة والرابعة، وبلغت المساحة المزروعة بهذا المحصول نحو 1.292 مليون هكتار لعام 2011، وشكلت نحو 51% من مساحة المحاصيل الشتوية في سـورية.
الشعير المستورد
يستورد الشعير لأغراض مختلفة أهمها تغذية الحيوان فضلاً لاستخدامه فـي صناعة البيـرة، وبدأت سورية تستورد الشعير عام 1999 بكمية قدرها 584.7 ألف طن، حيث بلغت قيمتها 59.8 مليون دولار، أما في عام 2009، ارتفعت الكمية المـستوردة إلـى 595.7 ألف طن، وبلغت قيمتها نحو103.7 مليون دولار.
من أهم الأدوات التي استخدمتها الحكومة السورية لتحقيق أهداف السياسة الزراعيـة هو تثبيت أسعار المدخلات (كالبذور والأسمدة ومواد المكافحة والأعلاف)، ودعم أسـعار المنتجات، والتدخل في الخطة الإنتاجية، والتعرفة والضريبة علـى الـواردات المنافـسة للمنتجات المحلية، مع الإشارة إلى مدخلات الإنتاج التي يتم إنتاجها في سورية، كانت تباع للمزارعين بسعر يساوي سعر كلفتها لتشجيعهم على زيـادة الإنتـاج الزراعي، ومن هنا تنبع أهمية تنفيذ هذا البحث لتحديد أثر السياسة السعرية فـي العائـد الاقتصادي لمزارعي محصولي القمح والشعير في محافظة الحسكة، وخـصوصاً أدوات هذه السياسة خلال الفترة من 1998 وإلى 2010.
الاستنتاجات
• انخفاض قيم معامل الحماية الاسمية لسعر محصولي القمح الطري والقاسي تدريجياً بدءاً من عام 1998، وهذا يشير إلى ارتفاع الأسعار العالمية تدريجياً، وثبـات الأسـعار المحلية لهذين المحصولين، حتى أصبحت هذه القيم أقل من الواحد الصحيح خلال الأعوام من 2003 وإلى 2007، أي أن الأسعار المحلية غير مدعومـة، وهـذا بـسبب اعتمـاد الحكومة سياسة تحرير تجارتها، والسماح بالتصدير والاستيراد من قبل القطاع الخـاص إلى جانب القطاع العام، في حين بدأت تتزايد قيم هذا المعامل بعد عام 2007 لتصبح أكبر من الواحد الصحيح، ويعود سبب ارتفاع معامل الحماية عن الواحد الصحيح إلى زيـادة الأسعار الرسمية المحلية عن السعر لعالمي، وهذا يفسر بقيام الحكومـة بـدعم الأسـعار المحلية بعد العام المذكور لهذين المحصولين
• كانت قيمة معامل الحماية لسعر الشعير أكبر من الواحد الصحيح خلال أعوام الفترة المدروسة كافة، ويعود ذلك إلى ارتفاع سعره المحلي عن السعر العالمي، وهـذا بـسبب وجود تدخل حكومي في دعم الأسعار المحلية لهذا المحصول، وتذبذب الأسعار العالميـة للشعير
• استنتج أن المزارعين حققوا أرباحا صافية في ظل الدعم الحكومي المتمثل بـشراء المحاصيل منهم بأسعار تشجيعية (أسعار محلية أعلى من الأسعار العالميـة)، وخاصـة لمحصولي القمح القاسي والطري، والشعير عام 2011. ويجب الموازنة بين نوعي القمح القاسي والطري حسب توليفة تحقق حاجات السوق المحلية، واعتماد الأصناف المحـسنة لزيادة الإنتاجية وتخفيض التكاليف، والاستمرار في دعم أسعار محاصيل القمح الطـري والقاسي والشعير بهدف تشجيع المزارعين على الاستمرار بزراعتها، وتـأمين الإنتـاج المطلوب لسد حاجة السكان من القمح، وحاجة الثروة الحيوانية من الشعير، وتحقيق فائض للتصدير، وتقليل الكميات المستوردة من الشعير.