وجدتها : التعليم المسؤول
عندما تحدث غرامشي عن الفرق بين نوعين للتعليم كان يقصد مدرستين في التفكير، أحداهما تتحدث عن تربية الإنسان والأخرى تتحدث عن تربية العبيد
ففي تربية الإنسان يكون الهدف من التعليم، هو فتح الآفاق أمام ذهن المتعلم حتى يتمكن من الاطلاع على تجارب وخبرة البشرية في أكبر قدر ممكن من العلوم والفنون والآداب، بطريقة تتيح له الإمكانية للاختيار بأكبر قدر ممكن من الحرية التي تنتج إنساناً حراً قادراً على اتخاذ قرارات تؤثر في منحى تطور البشرية. وفي تربية العبيد يكون الهدف من التعليم، هو اكتساب أكبر قدر ممكن من الخبرات في مجال محدد من العلوم أو الفنون أو الآداب، بطريقة تتيح للمتعلم أن يكون خبيراً في القضية التقنية التي تعلمها بكل إتقان، لكنه غير قادر على الخروج قيد أنملة عما تعلمه، ولا يمكنه النظر إلى العالم إلا من خلال هذا المنظار.
وقد استساغت سياسات التعليم فرض النوع الثاني على طرق التدريس لدينا في العقود القليلة المنصرمة، جاعلة أفق المتعلمين من الشريحة الواسعة أضيق فأضيق، ومفسحة المجال في التعلم الكلي بطريقة تربية الإنسان لشريحة أضيق فأضيق من السوريين.
وساحبة البساط بالتدريج من تحت مجانية التعليم وشموليته، وخاصة في المرحلة الجامعية، جاعلة الجامعة «حلماً» على حد تعبير أحد الوزراء آنذاك بكل صراحة، مفسحة المجال أمام ما كان جزءاً من أسباب ما شهدناه في هذه المرحلة.