الدماغ الموسيقي
في البار الذي اعتدت ارتياده أضواء موزعة عشوائياً على السقف المنتفخ، وهو يشبه في أنواره الخضراء حانة رياضة إيرلنديّة، أكثر من كونه باراً للجاز في نيويورك. رغم ذلك، فإنّ بعضاً من أفضل التجارب الموسيقيّة التي خبرتها قد مرّت بي في ذلك القبو المتواضع الذي يبدو بأنّه خارج العالم. عندما كنت أسند ظهري إلى المقعد وأدع إيقاعات الطبول المتناسقة، ونغمات الغيتار البارعة، كنت أشعر بأنّ جسدي هو من «يتلقى» هذه الموسيقى بطريقة لا يمكن لعقلي فعلها. كنت أتفاعل بشكل جسدي مع الفروقات الدقيقة في النسيج الموسيقي قبل أن يتسنى الوقت لوعيي أن يميزها. كنت أتكهن بالحركة التي أداها الموسيقي بعد قيامه بها، لكن في ذات لحظة العزف، فجلّ ما أستطيع هو أن أتفاعل بجسدي معه. إنّ إدراكي لما كنت اسمعه لم يكن إدراكاً واعياً، بل إدراكاً «حشوياً (في الأحشاء) visceral».