التنين: أسطورة تجوب العالم
التنين كائن أسطوري يظهر في أساطير الكثير من الثقافات حول العالم.
- شكل التنين:
- هناك التنين الصيني (ويدعى أيضاً التنين الياباني والكوري)، وهو الموجود في الصين واليابان وكوريا وشرقي آسيا وجنوبها. ويتم تصويره عموماً على شكل أفعى متعرجة ذات مستوى ذكاء يفوق المتوسط، وله أربعة أرجل دون أجنحة.
- وهناك التنين الأوربي المقتبس عن الحكايا الشعبيّة الأوربية، وخصوصاً تلك الموجودة في البلقان وغرب آسيا. ويتم تصوير هذا التنين عادة على شكل زاحف ذو مستوى ذكاء حيواني، ويكون له أربعة أرجل وجناحان منفصلان.
وبات شكل التنين يتعقد كلما تعقدت الأساطير التي تتناوله، فبات يملك أكثر من أربعة أرجل، وتعددت أشكال أجنحة التنين الأوربي.
وهناك كائن أسطوري أوربي على شاكلة التنين، لكنّه يملك فقط قدمين وجناحين، ويدعى هذا الكائن «وايفرن wyvern». ويميل التصوير المعاصر للتنين لجعل جناحيه يمتدان من ظهره إلى قائمتين يستخدمهما كذراعين.
- أصل الاسم:
ورد في لسان العرب: «التِّنِّينُ ضرْب من الحيّات من أَعظمها كأَكبر ما يكون منها، وربما بعث الله عز وجل سحابةً فاحتملته، وذلك فيما يقال، والله أَعلم، أَن دوابّ البحر يشكونه إلى الله تعالى فيرْفَعُه عنها؛ قال أَبو منصور: وأَخبرني شيخ من ثِقاتِ الغُزاة أَنه كان نازلاً على سِيف بَحْرِ الشام، فنظر هو وجماعة أَهل العَسْكر إلى سحابةٍ انقَسَمت في البحر ثم ارتفعت، ونظرنا إلى ذَنَبِ التِّنِّين يَضطرب في هَيْدب السحابةَ، وهَبَّت بها الريحُ ونحن نَنظر إليها إلى أَن غابت السحابةُ عن أَبصارِنا. وجاء في بعض الأَخبار: أَن السحابة تحمل التِّنّين إلى بلاد يَأْجوج ومَأْجوج فتَطرحه فيها، وأَنهم يجتمعون على لحمِه فيأْكلونه».
واللفظ اليوناني واللاتيني «drakon» و «drakontos» الذي اشتقّ منه لفظ «dragon» الإنكليزي، يعني: «الأفعى، وسمك البحر العملاق». ويستخدم هذا اللفظ في لغاته الأصلية للدلالة على أيّ أفعى كبيرة، وليس بالضرورة على المعنى الأسطوري.
- الأساطير:
تعود جذور أسطورة التنين إلى حقبة مبكرة في الحضارات التي سكنت الشرق الأدنى، كالكنعانيين والحتيين وشعوب بلاد النهرين. فالتنين الذي يشبه مزيجاً بين الأسد والأفعى يتكرر ذكره في آداب بلاد ما بين النهرين. ففي ملحمة جلجامش، يُذكر بأنّ حومبابا: الوحش ذو المخالب الذي ينفث النار، يتمّ وصفه بعض الأحيان بأنّه تنين، وبأنّ جلجامش هو قاتل التنين. وكذلك إنانا هي قاتلة التنين كور.
وتتكرر قصّة قاتل التنين في جميع الأساطير الهندو-أوروبيّة تقريباً. ففي معظم القصص هناك بطل يقتل التنين. مثال: إندرا الذي قتل ريغفيدا، وزوس الذي قتل تايفون، وثور الذي قتل أفعى ميدغارد.
وفي عصر البرونز بدأت تتشكّل في الآداب الشعبيّة أسطورة التنين الذي يحرس الذهب. وبدأت أساطير التنين تتضمن نفثه لنار من فمه، أو نفثه للسم.
كما أنّ التنين يملك مكانة روحية لدى الكثير من الأديان والثقافات حول العالم. ففي العديد من الثقافات الآسيوية يتمتّع التنين بالوقار وشغل منصب ممثل لقوى الطبيعة والدين والكون الرئيسيّة. لقد كانت في بعض الثقافات مرآة للحكمة، وهي أكثر حكمة من البشر وذات بعد نظر أكبر. وهي تملك لدى البعض قوى سحرية خارقة تجعلها تتحكم في المطر والآبار والأنهار. وهي تملك قدرة خطابية عالية في بعض الثقافات، حتّى أنّ بعضها يعيد الفضل في تعليم اللغة للإنسان إلى التنين.
وتعكس قصص الكتاب المقدس والأساطير المسيحية الفلكلور الأوربي عن التنين أكثر من الشرقي، فيظهر البطل الذي يقتل التنين، والذي وصل حتّى العصور الوسطى أمثال سيغرد وتريستان ومارغريت العذراء ودبرينيا نيكيتش. حتّى أنّ الكتاب المقدس يظهر آدم وهو يسحق رأس الأفعى، ويقول بعودة المسيح ليكون آدم الأخير الذي سيسحق رأس الشر.
وهناك اختلاف على دم التنين المذبوح بين الثقافات المختلفة، فبعضها يراه كترياق للسموم وللأمراض، وأخرى تراه مدمراً. تراه الأسطورة الألمانية كدواء شافٍ. بينما تظهره الأساطير السلافية على أنّه شرير جدّاً بحيث أنّ الأمّ الأرض تمنت ألّا تستقبله في رحمها، ولهذا يبقى مهرقاً فوق سطح الأرض حتّى الأبدية. وفي بعضها يعمل دم التنين مثل أسيد يخترق الدروع والحديد، فالأسطورة تقول بأنّ هينريخ فون وينكلريد قد مات بعد أن قطر بعض دم التنين الذي ذبحه بنفسه علبه.