«ترامب 2.0» والتغيرات العالمية: كيف ستؤثر على العولَمة والنظام العالمي؟
وانغ وين وهارولد جيمس وانغ وين وهارولد جيمس

«ترامب 2.0» والتغيرات العالمية: كيف ستؤثر على العولَمة والنظام العالمي؟

في 9 كانون الثاني 2025، أجرى وانغ وين، مدير معهد تشونغيانغ للدراسات المالية بجامعة الشعب الصينية، حواراً مع هارولد جيمس، المؤرخ الاقتصادي الشهير عالمياً، والأستاذ بجامعة برينستون، ومؤلف الكتاب الأكثر مبيعاً «سبعة انهيارات». دار النقاش حول تأثير المتغيرات العالمية، ووصول ترامب من جديد إلى الرئاسة الأمريكية «عصر ترامب 2.0» على العولمة والاقتصاد العالمي. إليكم أبرز ما جاء فيه.

ترجمة: عروة درويش

  • وين: الانهيارات التي تحدّثتَ عنها في كتابك، كالتي ظهرت خلال أزمة الأسهم الكبرى عام 1873 التي امتدت إلى الولايات المتحدة، أو فترة التحرر من القيود التشريعية في الثمانينيات، تصف بالفعل تأثير الأحداث الكبرى التي مرَّ بها العالم خلال القرن الماضي. نحن نعلم الآن أنَّ العالَم يواجه تحدّيات جديدة. خلال الشهر الماضي، زرت خمسة دول للمشاركة في منتديات دولية، وكان جميع الأكاديميين والخبراء تقريباً يناقشون ما قد يجلبه (ترامب 2.0) من صدمات جديدة. لا أعلم إن كان من المناسب وصف هذه الصدمات بـ«الانهيارات» كما في كتابك؟ ما نوع الصدمات التي قد يجلبها (ترامب 2.0) للعالَم؟ وما أوجه التشابه والاختلاف مع (ترامب 1.0)؟

جيمس: هذا سؤال مثير جداً للاهتمام. في الحقيقة، بدأت بعض التأثيرات بالظهور حتى قبل تنصيب ترامب. ففي يوم إعلان نتائج الانتخابات الأمريكية، انهارت الحكومة الألمانية، وكذلك الحكومة الكندية، وهذا أدّى إلى مستوى معين من الاضطراب الذي بدأ أولاً بين حلفاء الولايات المتحدة.
يتساءل الناس الآن: هل يمكننا الاعتماد على الولايات المتحدة؟ عندما ننظر إلى سياسة «أمريكا أولاً»، نجد أن النموذج التقليدي القديم -حيث هناك أصدقاء وحلفاء من جهة، وخصوم أو تهديدات من جهة أخرى- قد أصبح مشوَّشاً تماماً، ومن الواضح أننا لا نعرف إلى أيّ اتجاه سيتجه المستقبل.
أرى أنّ هذا يشبه التحالفات داخل الحركات السياسية، فحركة ترامب تضم نوعاً من التحالف أيضاً. هذا التحالف يشمل أولئك الذين يشعرون بأن العولمة قد تخلّتْ عنهم، وهم الأشخاص الذين كانوا يعملون في صناعات تصدير السلع إلى العالم، والآن فقدوا وظائفهم ويشعرون بتهديد المنافسة الأجنبية.
لذلك، يوجِّهُ العديدُ من الفقراء اللَّومَ إلى الصين، خاصةً بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001. ومع ذلك، فإنّ هذا الرأي يخلط بين جميع التأثيرات، فهذه ليست نتيجةً للعولمة فقط، بل بسبب التغيرات التكنولوجية أيضاً.
خلال السنوات العشر إلى الخمس عشرة الماضية، عاد العديد من أنواع الإنتاج فعلياً إلى الولايات المتحدة ودول صناعية أخرى، لكن هذا لم يخلق الكثير من فرص العمل لأنّ معظم العمليات تتم بواسطة الآلات. لذا، التكنولوجيا تؤدي إلى البطالة أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، أعتقدُ أنّ هناك أمراً أصبح أوضح منذ الانتخابات، وهو أنّ العديد من الشركات الأمريكية الديناميكية تتوقّع من ترامب منحَها مزايا خاصة، وهذه الشركات غالباً ما تكون شديدة العولَمة، مثل إيلون ماسك، الذي يبدو الآن وكأنه يظهر دائماً جنباً إلى جنب مع دونالد ترامب.
بالإضافة إلى ذلك، يدّعي ترامب في سياساته الخارجية أنه يريد إنهاء تورُّط الولايات المتحدة في الحروب الدائرة بمناطق أخرى حول العالم. يدّعي أنّ لديه قوة لا يمتلكها بايدن - فهو قادر على ممارسة الضغط على نتنياهو في «إسرائيل» لحلّ قضيّة غزة، أو على الرئيس بوتين لأجل أوكرانيا. لكنني أعتقد أن هذه القضايا ليست سهلة الحل.

  • وين: على عكسك، لا أعتقد أن ولاية ترامب الجديدة ستُحدث تغييرات دولية كبيرة. في رأيي، تأثير (ترامب 2.0) قد لا يتجاوز تأثير (ترامب 1.0). تستند وجهة نظري هذه إلى التغيرات التي شهدها العالم خلال السنوات الثماني الماضية، إذ شهدنا صعوداً جماعياً لما يُعرف بـ«الجنوب العالمي» وغيره من الاقتصادات الناشئة. لم يعد العالم تحت قيادة الولايات المتحدة، ورغم أنها لا تزال أقوى دولة، فإن نفوذها العالمي قد تراجع، وقد اتخذت بعض الدول إجراءاتٍ جريئة لمواجهة الولايات المتحدة، مثل روسيا. لستُ باحثاً مؤيّداً لروسيا، لكنّني رأيتُ بوضوح مرونةَ روسيا وعزمَها الاستراتيجي على مواجهة الغرب. ولا أعتقدُ أنَّ هذه الاستراتيجية ستتوقّف بسبب ترامب.
    ترامب يقول إنه سيحل النزاع الروسي الأوكراني في يوم واحد، لكنني لا أعتقد ذلك. في الواقع، أرى أن النزاع الروسي الأوكراني سيكون حرباً طويلة الأمد وستحدث تأثيرات دولية أكبر. لذلك، أستاذ جيمس، سؤالي الثاني هو: وفقاً لمنطقك، هل يمكن اعتبار هذا «الانهيار» الثامن؟ وكيف تقيّم تأثير النزاع الروسي الأوكراني خلال السنوات الثلاث الماضية؟

جيمس: كما ذكرتَ، أعتقدُ أنّ هذا جزءٌ من الفوضى وعدم اليقين في النظام العالَمي الحالي. من وجهة نظري، يمكن إرجاع العديد من هذه الأمور إلى تفشّي جائحة كوفيد-19 في عام 2020. كشفت الجائحة بوضوح عن أهمّية سلاسل التوريد ومدى سهولة تعرّضها للاضطراب. بالنسبة لدولة مثل روسيا، التي تمتلك موارد قوية، من السهل أن نتصور قدرتها على استغلال مكانتها وقدرتها على التأثير في الدول الأوروبية، خاصة ألمانيا التي تعتمد بشكل كبير على الغاز والنفط الروسيَّين.
إضافة إلى ذلك، خلال الجائحة، اكتشفنا نقصاً في العديد من المواد ذات الأهمية الاستراتيجية. على سبيل المثال، إنتاج أشباه الموصلات يتطلب غاز النيون، وروسيا وأوكرانيا هما المصدران الرئيسيان لهذا الغاز. لذلك، بعد اندلاع النزاع الروسي الأوكراني، واجهت سلسلة توريد أشباه الموصلات مشكلات. الجميع يدرك قدراته، مثال ذلك الجزائر التي استخدمت إمدادات الغاز الطبيعي كورقة ضغط على إسبانيا التي حاولت التدخل في النزاع الإقليمي على الصحراء الغربية. ستلاحظ أن المزيد من الدول بدأت تتبع هذا النهج، خاصة القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين، اللتين تمتلكان ميزة كبيرة في لعبة سلاسل التوريد.
قضية العملة أيضاً تستحق التأمل. تحدّثَ ترامب كثيراً عن تعزيز مكانة الدولار في قلب النظام الدولي، وهو ينظر بوضوح إلى الدولار كجزء من قوة الولايات المتحدة. ولكن من ناحية أخرى، ما تأثير سياسات الرسوم الجمركية، والقيود على الهجرة، وترحيل المهاجرين غير الموثَّقين، والتحفيز المالي الهائل، وتخفيض الضرائب؟ التضخُّم يكاد يكون أمراً محتوماً، ما يجعل الدولار عرضة لقدر كبير من عدم الاستقرار.
يقول بعض الأشخاص إنّ الرسوم الجمركية التي اقترحَها ترامب أو تلك التي لمَّحَ إليها ليست سوى أداة للمساومة، تماماً كما كانت الولايات المتحدة في وضع مشابه خلال الثمانينيات. في ذلك الوقت، كان الهدف الرئيسي هو مواجهة اليابان، إذ كان هناك خوف من تدفُّق المنتَجات اليابانية إلى الأسواق الأمريكية، فهدَّدتْ الولاياتُ المتحدة بفرض رسوم جمركية قاسية جداً ما لم تغيّر اليابان سياساتها. وبالفعل، غيّرتْ اليابان سياساتها، لكن ذلك أدّى إلى تدمير اقتصادها خلال التسعينيّات. أعتقدُ أنّ كثيرين في الصين شهدوا ما حدث مع اليابان، ولا ترغب الصين في تكرار المصير نفسه.
من منظور معيَّن، نحن نعيش الآن في عالَم استقطابٍ ذي طبيعة خاصة. في الولايات المتحدة، هناك قدر كبير من التفاؤل، حيث يمكنك ملاحظة ارتفاع سوق الأسهم بشكل حاد، ويؤمن الكثيرون بأن الذكاء الاصطناعي سيُحدث تحولاً حقيقياً. وعلى النقيض من ذلك، يسود أوروبا، خاصة في فرنسا وألمانيا -وهما المحرِّكان الرئيسيان للتكامل الأوروبي- شعورٌ قويٌّ بالقلق، مع حالة من الجمود السياسي التي تعيق القدرة على حل المشكلات السياسية بفعالية.

1209-29

  • وين: لكنني ما زلت أرغب في معرفة ما إذا كنتَ تعتقد أن السنوات الأربع المقبلة ستشهد «انهياراً» ما، أو كيف سيحدث هذا «الانهيار»؟

جيمس: من وجهة نظري، التغيُّر الأكبر لا يتعلق بترامب أو بأيّ شخصيّة سياسية معيَّنة، بل يرتبط بالسرعة المذهلة التي تحدث بها التحوُّلات التكنولوجية. نحن نعيش في فترة تشهد تطوراً تكنولوجياً سريعاً لم يشهد له التاريخ مثيلاً. والدول التي تدرك الفرص التي توفرها هذه التحولات التكنولوجية ستكون في موقعٍ متقدِّم جداً.
حالياً، يعتقد الكثيرون أنّ الولايات المتحدة ستكون المستفيدَ الأكبر من هذه التغيرات بسبب دورها في دفع الابتكار. لكنني أرى أنّ قصة ثورة الذكاء الاصطناعي ستعتمد على تطبيقاته العملية، وهذه التطبيقات ستُبتكر بالتعاون بين الصينيين واليابانيين والأوروبيين وغيرهم من الشعوب حول العالم.
أحد المجالات التي ستستفيد بشكل كبير هو الابتكار في التكنولوجيا الحيوية وصناعة الأدوية، حيث اكتشف الذكاء الاصطناعي العديد من الاستخدامات المحتملة للأدوية. لذلك، سنشهد تطوير أدوية جديدة وبراءات اختراع جديدة وطرق مبتكرة لمكافحة الأمراض، وهذه المجالات ستكون من أبرز مظاهر التحوُّل.
في المستقبل، سيصبح العالم أكثر ترابطاً، وستصبح التكنولوجيا أكثر تأثيراً في إحداث التحولات. ومثلما كان الحال في العصور السابقة، سنرى التكنولوجيا تتخطَّى الحدود بسرعة. على الرغم من أننا نتحدث كثيراً عن فكرة «الأسوار العالية حول الأراضي الصغيرة»، إلّا أنَّ هذه السياسة غير قابلة للتطبيق فعلياً لأن التكنولوجيا تتطور في جميع أنحاء العالَم.
ومن منظور معين، قد يكون الترابط التكنولوجي أمراً جيداً، لأننا نواجه تحديات مشتركة على هذا الكوكب مثل الأمراض والشيخوخة. باستثناء قارة أفريقيا، فإنّ جميع القارات الأخرى تشهد نمواً سريعاً في أعداد كبار السن، وهو ما يتطلب منا إيجاد حلول فعّالة.
ستصبح رعاية كبار السن قضية تحظى باهتمام متزايد. إضافة إلى ذلك، كيف يمكننا تعليم الشباب؟ هذا أيضاً مجالٌ مفيد جداً لتطبيقات الذكاء الاصطناعي. بعد الجائحة، ظهرت بعض المشكلات التعليمية لدى الشباب في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، مع ارتفاع مخاطر البطالة بينهم. لذلك، نحن بحاجة إلى طرق جديدة لتعليمهم وتدريبهم، وسيقدم الذكاء الاصطناعي حلولاً مبتكرة في هذا المجال.
هناك إحصائية مثيرة للاهتمام يستخدمها البعض لتأكيد أننا نعيش حالة «إلغاء العولمة» أو تباطئها، وهي أن نسبة التجارة العالمية إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي لم ترتفع منذ منتصف العقد الثاني من الألفية، بعد أن شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في الفترات السابقة.
لكن إذا قمت بقياس نسبة التجارة العالمية إلى إجمالي الناتج الصناعي العالمي، ستجد أن هذا الرقم مستمر في الارتفاع. وهذا يدل على أن التجارة لا تزال نشطة، لكن المنتجات الصناعية أصبحت أقلّ بينما ازدادت المنتجاتُ الخدميّة. وسيصبح هذا الاتجاه أكثر وضوحاً مع تقدُّم ثورة الذكاء الاصطناعي.

  • وين: أتفق مع وجهة نظرك. ففي السنوات الأربع أو الثماني المقبلة، لن يكون ترامب هو الشخصية الوحيدة التي تحدِّدُ ملامح التغيرات في العالم. لقد ذكرت أيضاً أن سياسات ترامب تميل أكثر إلى فكرة «الأرض الصغيرة ذات الأسوار العالية»، بالإضافة إلى اتجاه إزالةِ العولمة أو تباطُئِها.
    أرى أنّ هذه وجهةُ نظرٍ حادّة للغاية، لكنّني أرغب في مشاركتك بمصطلح جديد يتعلق بالعولمة طرحتْهُ الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، وهو «العولَمة المتوازية». ويعني أنّ سياسة ترامب القائمة على «الأرض الصغيرة ذات الأسوار العالية» تدفع الاقتصادات الناشئة أو «الجنوب العالمي» نحو مزيد من التكامل، خاصة الصين والهند وغيرها من الاقتصادات الناشئة
    ومن ناحية أخرى، لا تزال العولَمة التقليدية بقيادة الولايات المتحدة، وتتمركز أساساً في إطار النظام الأطلسي. فما هو رأيك حول مفهوم «العولمة المتوازية» هذا؟ هل ترى أنه موجود فعلاً؟ وكيف ستكون ملامح العولمة في المستقبل؟ أعني، هل لديك وجهة نظر جديدة حول العولمة إلى جانب مفهومي تباطُؤِ العولمة أو إلغائِها؟

جيمس: أنا سعيد لأنك طرحت هذا السؤال، لأنني أعتقد أن هذا بالفعل جزء من مسار العولمة. فالعولمة تنتشر عالمياً، وتربط الدول التي كانت مستبعَدة سابقاً من هذا المسار. ولستُ متأكّداً إنْ كان من الصواب التفكير في هذه القضية من منظور «الجنوب العالمي» والعالَم الصناعي التقليدي، لكنني أرى أنّها تتعلّق أكثر بالدول المنفتحة التي لم يكن لها ارتباطٌ كبير بالتجارة سابقاً.
لقد ذكرتَ مصطلح «العولمة المتوازية»، لطالما كانت العولمة مرتبطة منذ سيطرة الغرب وأوروبا على العالم بالمدن الساحلية والموانئ، مستبعِدةً المناطق التي لا تمتلك موانئ بحريّة من الأمل بالاندماج الاقتصادي. لهذا أعتقدُ أنَّ ما يجعلُ مبادرةَ «الحزام والطريق» جذّابة هو أنّها لا تعتمد فقط على الطرق البحرية، بل تشمل أيضاً «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» الذي يَعبُر آسيا. وأرى أن هذا مثال على كيفية عمل العولمة الجديدة، حيث تتيح هذه المبادرة لدول مثل كازاخستان أن تكون جزءاً من هذا النظام.
كما لا أعتقد أن المسألة اليوم يمكن تبسيطها إلى مشكلة بين دول الشمال ودول الجنوب. لنرَ بعض الأمثلة. يشير العديد من المحللين إلى أن التجارة بين فيتنام والولايات المتحدة تشهد توسعاً سريعاً، كما أن صادرات المكسيك إلى الولايات المتحدة آخذة في الازدياد. ومع ذلك، فإن فيتنام والمكسيك تستوردان كميات كبيرة من السلع من الصين والهند، بما في ذلك الأدوية والمستحضرات الصيدلانية من كبرى الشركات المصنعة. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من مكونات الأدوية الهندية تأتي أصلاً من الصين. لذلك، فإن سلاسل التوريد معقدة للغاية، ولا تزال الصين جزءاً أساسياً منها.
كثيرون يتأمّلون في عالَم تتشكل فيه العولمة من قِبل عدة دول، وهذا ما قد يُسمى بعالم متعدد الأقطاب أو متعدد المراكز. إلى حد ما، كان معظم التاريخ البشري على هذا النحو، من دون قوة مهيمنة واحدة. قبل عام 1945، لم يكن هناك سوى ثلاث دول تمتلك صناعة كبيرة لآلات القطع الصناعية: ألمانيا، واليابان، والولايات المتحدة. البريطانيون والفرنسيون لم يكونوا متقدمين في هذا المجال، ولم تكن الصين أو الهند قادرتين على ذلك آنذاك. وبعد هزيمة ألمانيا واليابان، أصبحت الولايات المتحدة في موقع هيمنة فريد. لكن هذا الوضع لم يكن من الممكن أن يستمر طويلاً، وكان من المحتم أن يولِّد استياءً. في الخمسينيات، بدأت الولايات المتحدة تقلق من صعود ألمانيا، وفي الستينيات أصبحت قلقة من تعافي اليابان، وتفاقمت هذه المخاوف أكثر في السبعينيات والثمانينيات.

  • وين: قبل ثلاثة أيام فقط، قال ترامب إنّ التعاون بين الصين والولايات المتحدة يمكن أن يحلّ جميع مشاكل العالم. أستاذ جيمس، أود أن أطرح عليك آخِرَ سؤال: كيف ترى مستقبل التعاون بين الصين والولايات المتحدة؟ وما رأيك في قدرة هذين البلدين على منع «الانهيار» القادم؟

جيمس: أعتقد أن التعاون بين الصين والولايات المتحدة ضروري للغاية، خاصة فيما يتعلق بقضايا مثل تغير المناخ والأوبئة الجديدة، حيث يمكن للتعاون أن يعود بالنفع على الجميع. ومع ذلك، إذا لم يكن هناك تعاون، فلن يحدث أي من ذلك.
لكن، لهذا السبب بالتحديد، نشهد الآن الكثير من النزاعات والتناقضات، مما يجعل الحوار أكثر صعوبة. حالياً، تأتي التقنيات التي تدفع الثورة الخضراء بشكل رئيسي من الصين. ويمكنك أن ترى أن العديد من الدول الناشئة في إفريقيا وأمريكا الجنوبية تستورد الألواح الشمسية الصينية، وهذه الألواح أثبتت جودتها العالية بالفعل.
هذا هو النهج الصحيح بالفعل، لكن كما تعلم، هذا بالضبط ما يثير قلق الأوروبيين والأمريكيين، فهم يخشون فقدان صناعاتهم وفرص العمل لديهم. لذلك، إلى حد ما، فإن الأوروبيين الذين يحاولون مقاومة دخول السيارات الكهربائية الصينية إلى أسواقهم، يعرقلون أيضاً جهود مكافحة تغير المناخ.
تُعَدُّ الصين مصدراً مهمّاً للمعادن الحيوية مثل الجرمانيوم والغاليوم. وأشارتْ تقاريرُ صادرة عن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية إلى أنَّ التحوُّل الأخضر يعتمد بشكلٍ كبير على هذه الموارد. ومن دون التعاون، لن نتمكَّنَ من مواجهة تحدّيات تغيُّر المناخ أو تنفيذ العديد من إجراءات التحوُّل في قطّاع الطّاقة التي تدفع بها الولايات المتّحدة حالياً. ومن هذا المنظور، أعتقد أنّ الوضع بالفعل يدعو للقلق.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1209