«القمّة الإفريقية- الأمريكية» ومخاوف الشعوب الإفريقية
بوكر أومولي بوكر أومولي

«القمّة الإفريقية- الأمريكية» ومخاوف الشعوب الإفريقية

قامت عدد من المنظمات والأحزاب الأهلية الإفريقية باتخاذ موقف مناهض قوي للقمّة الأمريكية- الإفريقية الذي عُقد بين 13 و15 شهر كانون الأول 2022. يوضّح بوكر أومولي، نائب الأمين العام للحزب الشيوعي في كينيا في لقاء معه سبب هذا الموقف الموحد رغم وعود التنمية الكبيرة التي أطلقتها الولايات المتحدة.

ترجمة: قاسيون

تعهدت إدارة بايدن بمليارات من أجل الأمن الغذائي والتغير المناخي والشراكة التجارية وغيرها من القضايا. هل ستفي الولايات المتحدة بوعودها بعد أن شهدنا عدم حصول ذلك بعد قمّة 2014؟

لن تقدّم إدارة بايدن شيئاً جديداً للقارة الإفريقية. إنّ القمّة الأمريكية- الإفريقية التي انعقدت ليست سوى خطوة محسوبة من جانب واشنطن ضمن محاولتها احتواء التأثير الصيني في إفريقيا. لقد فشل المشروع الأمريكي الشهير « AGOAقانون نمو وفرص إفريقيا»، وتبيّن بأنّه مجرّد عصرنة لمخيمات العبودية في إفريقيا. إنّ «مناطق المعالجة الاقتصادية» التي يتمّ تشغيلها من قبل الشركات الأمريكية متعددة الجنسية عبارة عن زنازين للموت. هذا هو المكان الذي تسود فيه الفوضى الرأسمالية التي يقوم ما يسمّى بالصناعيين فيه بالتضحية بمصالح العمّال من أجل الربح. إنّهم يضغطون على الحكومة الفاسدة من أجل الحوافز غير الأخلاقية مثل الإعفاءات الضريبية، وتعليق قوانين العمل، والمياه والكهرباء المدعومة. ليس لدى الولايات المتحدة أيّة سياسة خارجية ليست مرتبطة بمصالح رأس المال الكبير. من سوء حظ الشعوب أنّ الطبقة الكومبرادورية «الرأسمالية المحلية التابعة للرأسمالية الأجنبية» الإفريقية يربطها تحالف شرير مع حكومة الولايات المتحدة المدعومة من الشركات متعددة الجنسيات من أجل تدمير حياة الأغلبية.

لدى الولايات المتحدة تاريخ طويل في استغلال إفريقيا من أجل منتجاتها الزراعية. هل ترى بأنّ الأمريكيين يحاولون عبر هذه القمة أن يقدموا رشوة للقادة الأفارقة للتحالف معها ضدّ الصين؟

الولايات المتحدة قد أتقنت لعبة العصا والجزرة تجاه إفريقيا من خلال البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. تمكنت الولايات المتحدة– بالتعاون مع الحكومات الفاسدة– من إلحاق أسوأ أنواع الأذى بشعوب القارة. واليوم ومع انتخاب دمى للأمريكيين في زامبيا وكينيا، سيتم تصعيد العدوان ضدّ طبقة الفقراء المهمشين لمستويات جديدة. ستجني النخب الإفريقية الفاسدة وشركاؤهم الإجراميون في النظام الأمريكي الاستعماري، ثروات طائلة على حساب الطبقة العاملة المفقرة. نتوقع أن تمضي إدارة بايدن في أجندتها المعادية للصين إلى مستوى جديد، فهذه هي السياسة الوحيدة التي يضعونها في حسبانهم عند التعامل مع الشعب الإفريقي. المنظمات الأمريكية غير الحكومية تقوم بالفعل بما يتقنونه بالفعل: تجهيل الشعب الإفريقي سياسياً وجعل الأغلبية يخرجون من الواقع من خلال السياسات السخيفة الفاشلة عن حرية الشركات. كما يقوم الإنجيليون الذين تستخدمهم الإمبريالية الأمريكية بالاستثمار بشكل هائل في الكنائس الكبرى ويدعون إلى سلام غير مستدام بدون عدالة. بدورها تقوم وسائل الإعلام التي تعمل مثل مصانع للأكاذيب بتحريف الحقائق وتوزيعها بشكل جماعي على الجماهير الإفريقية المطمئنة. لكن يعبّر هذا في الوقت ذاته عن إفلاس السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

سلمت زامبيا وجمهورية الكونغو سلاسل توريد وإنتاج النحاس والكوبالت للسيطرة الأمريكية. كيف سيؤثر هذا على الاقتصاد الإفريقي؟

لطالما كانت هذه هي الخطة التي تدفعهم للتدخل في العملية السياسية الإفريقية والتأكد من انتشار عملاء الولايات المتحدة. في الأماكن التي خسر فيها كلاب الأمريكيين الانتخابات، يسعون إلى رشوة القادة المنتخبين وتعريضهم لثقافة الاستهلاك والتخريب الأمريكية. زامبيا وجمهورية الكونغو هما الآن في القبضة الحادة للإمبريالية الأمريكية. يجب أن تكون الاقتصادات الإفريقية، وفقاً للولايات المتحدة، مورداً للمواد الخام الرخيصة للشركات الأمريكية متعددة الجنسيات. تحتاج الإمبريالية إلى امتصاص دماء الأفارقة من خلال استغلال العمالة وتحويل القارة إلى مكب نفايات للسلع المستعجلة والمنتجات الرخيصة دون المستوى المطلوب. لهذا السبب نحتاج إلى تنظيم مقاومة منسقة من الأدنى إلى الأعلى، فالدكتاتورية في الولايات المتحدة مميتة وقوية للغاية. ليس هناك في واشنطن من يعارض الحرب، تذكروا أنّهم قتلوا باتريس لومومبا، الزعيم الكونغولي الثوري، والآن عادوا كي يسرقوا الكونغو علانية.

تشكل الموارد أهمية قصوى لإفريقيا، وجميع الشركات الرأسمالية تمهد طريقها في القارة لاستغلالها. هل سيؤدي هذا إلى زيادة تمكين عمالقة الغرب الكبار من استغلال الموارد الإفريقية؟

طالما بقيت إفريقيا مرتبطة ارتباطاً وثيقاً باقتصادات الدول الاستعمارية، فالاستغلال لا بدّ أن يتفاقم. نحتاج إلى وحدة قارية إفريقية، وحدة قارية قائمة على الاشتراكية العلمية، سياسات تركّز كما ينبغي على مشكلات الداخل. لن تحصل إفريقيا على الكثير من المساعدة من القوى الأجنبية ما لم تكن قوية بالقدر ذاته. يمكنهم بهذه الطريقة أن يتفاوضوا مع القوى العظمى المعلنة من وجهة نظر قوّة. الظروف الداخلية هي الأساس، فلا يمكن تحقيق موقف خارجي قوي دون البدء من الداخل وعدم إغفاله.

لماذا ترى بأنّ على الأحزاب الوطنية أن تقف ضدّ القمّة الغربية؟ لماذا تقف ضدّها ولماذا تشعر بأنّه من الضروري مقاومة الإمبريالية الأمريكية؟

لا يجب الوثوق بالإمبريالية الأمريكية. القمّة الغربية كانت منتدى للمزايدة على أرض أجدادنا لصالح الشركات متعددة الجنسيات. لقد فتحت جروحاً لم تندمل عبر تذكيرنا بسياسات التسعينيات الفاشلة التي اعتمدتها الولايات المتحدة تجاه كينيا والقارة الإفريقية. كانت تذكيراً مؤلماً بعمليات تقليص النفقات الاجتماعية التي حدثت عندما وضعت الولايات المتحدة– عبر البنك الدولي– شروطاً من شأنها أن تؤدي لاحقاً إلى إجراءات تقشف قاتلة ضدّ الأغلبية المفقرة. كما أعادت القمة الغربية ذكريات حية لقوانين مناهضة الشيوعية في كينيا، وقتل الشيوعيين، والقوانين غير الشرعية التي فرضتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة على الشعب الكيني. لدى الولايات المتحدة دائماً شيء مدمّر في جعبتها. انظر إلى قوانين مكافحة الإرهاب التي دعموها، والتي تمّ استخدامها لحبس النشطاء وتجريم أفعال الناس. إن دعوتنا اليوم هي بسيطة تقول: «إن لم نستطع أن نتحد من أجل الاشتراكية، فيمكننا التوحد ضد الإمبريالية والدولة المارقة». الإمبريالية تعيش أيامها الأخيرة، الأمر الذي يعني بأنّ الإمبريالية ستسقط لا محالة.

ما الفارق الكبير الذي تراه إفريقيا بين السياسات الصينية والسياسات الأمريكية؟

تقدّم الصين فرصاً أكبر للعالم الجديد. لقد شهدنا مع الصين مدى تقليص الفقر الهائل في أنغولا، والتسارع في بناء البنية التحتية في كينيا والعديد من الدول الإفريقية. كما أننا معجبون بالسياسات الرسمية الصينية بعدم التدخل في شؤون الدول الداخلية. هناك الكثير من الأشياء المشتركة بين الصين وإفريقيا. نحن نرى الصين كجبهة جديدة. نحن ننتقد الكثير من الأشياء في الصين، لكن لا نفعل ذلك بالطريقة المتهكمة والعنصرية التي يريدنا الغرب أن نفعلها وفقها.
لن يكون غريباً أن نشير إلى أنّ الولايات المتحدة مع أكثر من 200 عام من التاريخ غارقة في الدم والدموع كمركز للعمل القسري والرقيق. إنّها الدولة التي قادت الانقلابات والغارات الجوية العديدة على الدول لمنعها من التقدم. شعب إفريقيا مدرك لمدى شرّ الولايات المتحدة وقد عانى من هذه الشرور على مدى قرون. هل يمكن الوثوق بهكذا دولة اليوم؟

بتصرّف عن:
‘Why the US-Africa Summit is a Bad Idea?’: An Interview

معلومات إضافية

العدد رقم:
1102
آخر تعديل على الثلاثاء, 03 كانون2/يناير 2023 18:49