العمالة غير المستقرة والاقتصاد السريع وأساليب التلاعب القذرة
 سومونا غوبتا سومونا غوبتا

العمالة غير المستقرة والاقتصاد السريع وأساليب التلاعب القذرة

أثناء الاقتراع الأخير في كاليفورنيا، كانت هناك قضايا هامّة ومثيرة للجدل، منها: فرض الضرائب على الملكيّة «المقترح 15»، ومنها: سياسات المؤسسات العامّة «المقترح 16». ولكن الأمر الذي كانت البلاد بأجمعها ترقب نتيجته هو «المقترح 22»، حيث سيصنّف سائقو سيارات الأجرة وعمّال التوصيل المعتمدين على التطبيقات الرقميّة، كمتعاقدين مستقلين.

كان المقترح 22 «المعروف باسم: Prop22» مرتكزاً على قانون «AB-5»: القانون الذي أقرّته الهيئة التشريعية لكاليفورنيا لإعادة تصنيف عدد من المتعاقدين المستقلين والعاملين لحسابهم الخاص بوصفهم موظفين يستحقون حدّاً أدنى من الأجور، وتأميناً صحياً واجتماعياً وغيرها من منافع العمل. عمالقة الاقتصاد السريع – «gig economy ويترجم أيضاً اقتصاد الغيغ، واقتصاد الأعمال المستقلة والاقتصاد المؤقت: وهو اصطلاح لجزء من اقتصاد العمالة غير المستقرة الذي تستخدم فيه الشركات أشخاصاً لا تعترف لهم بوضع الموظّف، بل بوصفهم متعاقدين لحسابهم الخاص، أمثال شركات أوبر وليفت ودورداش وغيرها، أنفقوا 111 مليون دولار كي يرى المقترح 22 النور، وذلك بهدف الانقلاب على قانون AB-5.
كان هذا أعلى مبلغ يدفع على حملة مبادرة اقتراع في تاريخ الولاية. لكن يجب فهم أنّ الشركات كان لديها الكثير لتخسره إن هي طبّقت قانون AB-5. فإجبارهم على معاملة سائقيهم أو أشخاص التوصيل بوصفهم موظفين، ومنحهم التعويضات التي يستحقونها قد يؤدي، كما زعموا، إلى إفلاسهم. ولهذا قاتلوا بلا هوادة في المحاكم ضدّ AB-5، وهددوا بمغادرة الولاية إن تمّ إلزامهم به.
بأيّة حال، تمّ التصويت في كاليفورنيا لصالح المقترح 22، وقد يعود ذلك جزئياً إلى الحملات الإعلانية التي أمطرت الناس على التلفزيونات ومواقع الإنترنت للتصويت بنعم على المقترح. بأيّة حال حرم التصويت لصالح المقترح عمّال الاقتصاد السريع من تلقي الحدّ الأدنى للأجور والكثير من المنافع، والحقّ في التنظّم والدخول في مفاوضات جماعية.

استقلال إجباري

من أجل التفريق بين المتعاقد المستقل والموظّف، يمكن الاستعانة بقرار للمحكمة العليا في كاليفورنيا في قضيّة ديناميكس. فجميع من يعمل لحساب شركة هو موظّف باستثناء: 1) العامل الحرّ من سيطرة وتوجيه كيان التوظيف في أدائه للعمل. 2) أن يتمكن العامل من أداء العمل خارج المسار المعتاد لأعمال كيان التوظيف. 3) إذا كان العامل منخرطاً بشكل معتاد في مهنة أو عمل تجاري مستقل له نفس طبيعة العمل المنجز لمكان التوظيف.
لكن عندما قام قانون AB-5 بتدوين هذه القواعد، ظهر على الفور ردّ فعل عنيف، حيث شعرت شركات وكيانات عديدة بأنّ المعايير ضيقة للغاية، وستؤدي إلى تصنيف عدد كبير ممّن تستخدمهم كعمّال. ولهذا سرعان ما تمّ إقرار القانون AB-2257 لاستثناء عدد محدد من المتعاقدين المستقلين. بدا بأنّ الأمر قد حُل بما يتناسب مع جوهر وأهداف القانون، فقد تضمنت المجموعات المستثناة الكتّاب والمحررين والمترجمين والفنانين والموسيقيين والمصورين ومصوري الفيديو المستقلين. لكنّ الأمر لم يُحل بالنسبة لشركات الاقتصاد السريع، فهؤلاء لم يتم استثناء عمّالهم من القانون. ارتجفت أوبر وليفت ومن في عدادها من الغضب، واستعدوا للتقاضي، وأطلقوا التهديدات، واستعدوا للقتال.
نما «الاقتصاد السريع» بسرعة على الصعيد العالمي في العقد الماضي ليغطي كلّ مكان تقريباً. يتم تعريف العمل في الاقتصاد السريع بمفهومه الواسع بكونه العمل من خلال منصات تعتمد على التطبيقات الرقميّة، حيث يتولى العمّال تحديد ساعات عملهم ويكملون المهمات المعطاة لهم حسب رغبتهم. يشمل هذا بعض الخدمات الاحترافية والأعمال المكتبية، لكنّه يبرز أكثر شيء في مجال قيادة السيارات وخدمات التوصيل.
بعض شركات الاقتصاد السريع عملاقة، وأشهرها: أوبر. تدّعي أوبر بأنّ لديها 91 مليون زبون نشط و3,9 ملايين سائق على طول العالم. ورغم أنّ إيرادات الشركة ارتفعت، فخسائرها زادت أيضاً. عند طرح الاكتتاب الأولي في 2019، كشفت بأنّها خسرت 2,2 مليار دولار في 2018، بينما خسرت 1,8 مليار في 2019. لكن ما يثير الانتباه بأنّ هكذا أرقام قد تقود عادة إلى تقييم الشركة بشكل سيء، وتؤدي إلى إخافة المستثمرين، بينما كان الاكتتاب العام الأولي في أوبر هو الأكبر في عام 2019.
السبب في ذلك هو إستراتيجية أوبر المبيّنة في نشرة الاكتتاب. فأوبر ترى مستقبلاً تهيمن فيه على مجال القيادة والتوصيل، لتتوسّع في مجال النقل بالشاحنات وعمليات الشحن أيضاً. تخطط أوبر لاستبدال البنية التحتية المتهالكة للنقل العام وبناء بنيتها التحتية الخاصة من السيارات والدراجات الكهربائية والهوائية. مثل هذه الخطّة تتطلّب بعض الخسارات الابتدائية بالتأكيد، وأهمّ وجه لذلك هو تخفيض الأسعار لإخراج منافسيهم من العمل والسيطرة على الأسواق بشكل كلي. لكنّ الشركة تمضي قدماً في خططٍ أخرى، فقد استثمرت أكثر من مليار دولار في تكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة. المفتاح الحقيقي - لتحقيق الأرباح المستقبلية بالنسبة - لأوبر هو في التخلّص من سائقيها وعمّال توصيلها، أي القوّة العاملة الرئيسية لديها.
أجّلت أوبر الكثير من هذه الخطط في أواخر 2020 لأنّ تكنولوجيا الآليات ذاتية القيادة لا تزال غير قابلة للاستخدام على نطاق واسع، والمشاريع التي استثمرت بها لم تكن واعدة عملياً على المدى المنظور. لكنّهم لا يزالون يحتفظون بالأفكار الجوهريّة التي يمكن استخلاصها من نشرة الاكتتاب: محاولة الشركة تحرير نفسها من أيّة مسؤولية تجاه العمّال بهدف البقاء في موقع الهيمنة. فبعد إقرار المقترح 22 في كاليفورنيا وتأثيره كمثال عالمي، ارتفعت قيمة أوبر السوقية لتصل إلى أكثر من 30 مليار دولار.

الاقتصاد السريع جزء من العمالة غير المستقرة

المفتاح في فهم العمالة في الاقتصاد السريع، أنّ المرونة داخله هي سيف ذي حدين بالنسبة للعمّال. بالنسبة للذين يعملون ضمن الاقتصاد السريع بوصفه مصدراً دخلياً تكميلياً فالأمر أقلّ تأثيراً عليهم. لكنّ الأمر مختلف بالنسبة لمن يعتمد على هذا العمل كوسيلة أساسيّة لكسب الرزق. إن نجحت شركات الاقتصاد السريع بتطبيق خططها الاحتكارية، فعدد العمّال الذين يعتمدون بشكل كلّي على العمل فيها سيزيد، وسيستبع ذلك نقص الاستقلالية.
في الحقيقة، الاقتصاد السريع ليس أكثر من طبقة طلاء جديد على ظاهرة قديمة. إنّه واحد من الأشكال الكثيرة للعمالة غير المستقرة، والمعروفة أيضاً باسم العرضيّة أو المرنة. إنّها ممارسة توظيف العمّال على أساس مؤقت أو جزئي، أو حسب الحاجة عوضاً عن توظيفهم بصفة دائمة ومستقرة. يتم اللجوء إلى هذه الممارسة بالرغم من أنّ حجم العمالة المطلوبة لإنجاز العمل فيها كبير بما يضمن التوظيف بشكل كامل.
يفيد هذا الأمر أرباب العمل – فعلى ضوء العولمة والتحوّل للاقتصاد التمويلي، على الشركات أن تنقل إنتاجها وتخفض تكاليف العمالة حتى تبقى قادرة على المنافسة، لكنّ ذلك يضرّ بالعمّال. فالعمالة غير المستقرة مرتبطة بالفقر الدوري، وكذلك بتردي الصحة العقلية والبدنية. يمكن فهم ذلك تبعاً لعدم قدرة العمّال على تحمّل تكاليف الرعاية الصحيّة وأوقات العمل الطويلة والضغط المستمر جرّاء محاولة النجاة دون وجود دخل ثابت. ينتشر العمل غير المستقر في الجنوب العالمي والبلدان الأفقر، وتحديداً بين العمّال المهاجرين والموسميين والنساء. في العقود الأخيرة شهدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي زيادة في عدد العمّال الفقراء – الذين يعملون دواماً كاملاً دون الحصول على دخل يسمح لهم بالحياة. فمع إجبارهم بشكل متزايد على القبول بالأعمال غير المستقرة، تنخفض قدرة العمّال على الإنفاق، ما يؤثر على كامل الاقتصاد ويزيد من اللامساواة على المدى الطويل. لكن جميع هذه الأشياء لا تعني أرباب العمل الذين يتربحون من عدم استقرار العمالة، فهؤلاء يمنحون الأولوية للمكاسب قصيرة المدى.
في 2012 فصّل بحثٌ نشرته جامعة ميتروبوليتان لندن حالة العمالة غير المستقرة في أوروبا. ذكر التقرير بأنّ سمات هذا النوع من العمالة هي نقص الحماية التأمينية، ومعايير الصحة والسلامة المتدنية، ومعدلات الأجور المنخفضة، ونقض الحماية من التسريح. وغالباً لا يكون هناك تناسب بين مؤهلات العامل والعمل الذي يقوم به. ومن السمات المشتركة للعمل غير المستقر غياب الاختيار فيما يخص مكان العمل، وغياب التمثيل الجماعي كالنقابات.
خصص البحث فصلاً كاملاً للتحدث عن «الاقتصاد السريع»، والذي سموه: «العمل الحر المزيّف». ورغم عدم وفائه بجميع معايير العمل التقليدي غير المستقر، فميزته الأساسية عدم استقراره. فرغم أنّ العمّال يبدون وكأنّهم يتمتعون بدرجة عالية من الاستقلالية، إلّا أنّهم يعتمدون تماماً على العلاقة التي تربطهم بأرباب عملهم، وهو ما يميز هذا النمط من العمالة عن العمل الحر الحقيقي، أو عن حالة المقاول المستقل. كما يتم أيضاً تحمّل كامل المخاطر المرتبطة بانقطاع العمل أو انخفاض استهلاك الخدمات من قبل العامل. علاوة على أنّ التطبيقات المستخدمة من قبل شركات الاقتصاد السريع، ليسوا هم روادها الحقيقيين، فقد تمّ تطويرها للاستخدام من قبل سائقي سيارات الأجرة في عام 2010.

1006-18

الأجر بالقطعة وعدم الاستقرار والسياسة

في أيّة مدينة بدأت للتو بالسماح بسائقي الاقتصاد السريع بالعمل، يكون السوق كبيراً وهناك قليل من المنافسة، ما يجعل السائقين يتمتعون بحرية اختيار ساعات عملهم. ثمّ يصبح هناك طوفانٌ من السائقين الجدد، ومع ازدياد عدد الأشخاص الذين يدخلون الاقتصاد السريع بهدف الحصول على عمل دائم، تصبح المنافسة شرسة. يقضي السائقون أوقاتاً أطول وهم يهيمون بانتظار زبائن، الأمر الذي يقود إلى ارتفاع تكاليف الصيانة والوقود. يدفعون أنفسهم للعمل لساعات أطول ونوبات أكثر تبعاً لازدياد عبء كسب حدّ أدنى للأجور، الأمر الذي يقع تحمله على عاتقهم ولا دخل لربّ العمل به.
هذه إحدى السمات المميزة للعمل غير المستقر: تلقي الأجر ليس بناء على نظام الوقت، بل بالاعتماد على عدد الزبائن الذين تمّت خدمتهم. استخدمت هذه الطريقة منذ زمن طويل. كتب ماركس قبل قرنين واصفاً هذا النوع من الأجر: الأجور بالقطعة، بأنّه «المصدر الأكثر خصباً لاقتطاع الأجور وللخداع الرأسمالي». ذلك أنّها تحفّز العمّال لقضاء المزيد من الوقت وصرف المزيد من الجهد في العمل. كما أنّها تجبر العمّال على إطالة أيام عملهم طواعية من حيث الظاهر، لأنّ ذلك قد يزيد من أجورهم اليومية أو الأسبوعية. لكن من غير المطلوب من ربّ العمل تعديل الأجور لتناسب المخرجات المتزايدة للعمّال. فكما كتب ماركس: «للعمل بالقطعة ميل محدد، ففي الوقت الذي يرفع فيه الأجور الفردية إلى ما فوق المعدل الوسطي، يقوم بتخفيض المعدل الوسطي نفسه». وقد أشار باستخدام مثال عن نساجي القطن إلى أنّ العمّال الماهرين الذين كانوا يتلقون أجورهم بالقطعة، باتوا يتلقون أجوراً أقل على مرّ الوقت رغم إطالة يوم عملهم بشكل كبير.
ومن جديد، بينما يبدو أنّ العمّال يتمتعون بمستوى معيّن من الحرية في شكل مسؤوليتهم الفردية عن أجورهم، فليس هذا مربحاً على المدى الطويل. إنّ تأثير أجر القطعة، الذي يدفع العمّال لإطالة وقت عملهم وبذل جهد أكبر دون أن يفيدهم الأمر، موثّق بشكل جيّد في الدراسات المعاصرة عن العمّال الزراعيين. ونجد صداه لدى نموذج أجور الاقتصاد السريع أيضاً.
تستمرّ شركات الاقتصاد السريع بتوسيع أماكن وصولها وتعزيز قوتها، وذلك رغم جهود العمّال لكسب أجور أكثر استقراراً ومنافع أساسية. وكما هي العادة، السياسيون يأتون مفصلين على قياس هذه الشركات. مثال: جو بايدن وكمالا هاريس اللذان تربطهما علاقات وطيدة بالشركات المانحة لحملاتهما، ومن بينها أوبر وليفت. يمكن إهمال كلامهما والنظر إلى فريقهما الانتقالي الذي يشمل سيث هاريس، المسؤول السابق عن العمّال والمشهور بتفكيكه الكثير من قوانين حماية العمّال، وهو الذي ساعد في صياغة المقترح 22. وليس هذا محصوراً في الولايات المتحدة، فشركات الاقتصاد السريع تستخدم قوى الضغط الهائلة التي تمتلكها لتمنع إصدار أيّة قوانين قد تحدّ من حريتها في استغلال العمّال.

الترهيب والترغيب

لا يقتصر انتشار الدفاع عن المصالح الخاصة على المؤسسات السياسية، فقد غزت الوعي الفردي والعام وحاصرته منذ وقت طويل. يمكن أخذ قضيّة حملة المقترح 22 كمثال جيّد، فقد كشفت التحقيقات التي أجرتها الصحفيّة دارا كير عن الحملة وداعميها، تفاصيل تكتيكات الضغط الخبيثة الجديدة التي استخدموها لحشد الدعم وإخفاء حقيقة القضايا المطروحة للتصويت، عبر التلاعب بجوهرها لدى المتابعين.
بعد تمرير القانون AB-5 سابق الذكر، وضعت شركات الاقتصاد السريع أوبر وليفت ودورداش وإنستاكارت وبوستميتس خلافاتها جانباً واتحدت على خطّة للهجوم. بدأوا بعناية بجمع فريق من شركات العلاقات العامة، فبعضها مختصّ بأبحاث معارضة الحملات السياسية، وأخرى مختصة بالترويج الإعلامي. إحداها «بيكر وكاستيلو وفيربانكس» تعلن عن نفسها بأنّها تنشئ «جيوشاً على مستوى القاعدة وتمنح حلفاءها الأدوات اللازمة لتسهيل الإجراءات والتأثير على نتائج السياسات العامّة».
أولاً: دفعوا 4 دولارات مقابل كلّ توقيع للوصول إلى العدد المطلوب لقبول وضع المقترح 22 في الاقتراع. نجحوا بالحصول على مليون توقيع في غضون أربعة أشهر. ثمّ قامت شركة علاقات عامّة بهندسة حملة مضايقات وتبليغات ضدّ أساتذة قانون العمل وغيرهم من المدافعين عن العمال على تويتر. نُشرت أوراقٌ لأكاديميين غامضين على المواقع التابعة والمؤيدة للشركات، والتي تبيّن زيف الكثير منها فيما بعد. بدأت بشكل فجائي مجموعات من مناهضي القانون AB-5 بالظهور على فيسبوك تحوي آلاف الأعضاء. بدأت حسابات متعددة بالظهور على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي يدّعي أصحابها بأنّهم موسيقيون وكتّاب ومترجمون مستقلون يعملون لحسابهم الخاص، وجميعهم يدعمون المقترح 22.
بدأت الحملات الواسعة على جميع وسائل التواصل الاجتماعي بالتسويق للمرونة التي يوفرها العمل في الاقتصاد السريع، وبأنّ حدّاً أدنى للأجور لن يكون كافياً حتّى لصيانة سيارة أحد السائقين، وكلّ ذلك بشهادات من متقاعدين وأمهات مستقلات وغيرهم من المتعاقدين مع الشركات. وكلّ هذه الحملات أغفلت بالطبع أنّ قانون AB-5 لن يقاطع المرونة في العمل، وأغفلت كذلك أنّ معظم عمّال الاقتصاد السريع غير قادرين على جني ما يكفيهم لنهاية الأسبوع، وأنّ من يتعرضون لإصابة أثناء العمل غير مؤهلين للحصول على أيّ تعويض من ربّ العمل.
وكما هي العادة، لا يمكن للحملات الدعائية إلّا أن تستعين بأجندة الحريات الفردية، وخطاب «دفاع المواطنين عن حرياتهم في مقابل الحكومات وبيروقراطيتها». إنّ التكتيكات التي تمّ استخدامها مرتبطة بالحملات الإيديولوجيّة والسياسية المتشابكة التي تستخدم مفاهيم الحريّة المشوهة كسلاح. تمّ استخدام سيطرة القطاع الخاص على الناخبين بشكل عميق، سواء على المستوى الشخصي أو الهيكلي الاجتماعي. يعكس هذا قول ثيودور أدورنو: «لقد تلاعب الناس بمفهوم الحريّة لدرجة أنّه بات يتلخص بحقّ الأقوى والأكثر ثراء بأنّ يأخذ من الأضعف والأفقر كلّ ما تبقى لديهم».

بتصرّف عن: Manipulations of Freedom

معلومات إضافية

العدد رقم:
1006